⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
بعد قليل، اقترب الاثنان من المجموعة متشابكي الأذرع. فقامت السيدات كلهن وانحنين بتحية مهذبة. وإذ بإيان دالتون، وقد نزع قبعته وانحنى بدوره بأدب، يلمح الآنسة بندلتون. ثبت بصره عليها لحظة، ثم سرعان ما صرف نظره وهز رأسه قليلًا.
“هذه الآنسة جوان جنسن. هي مخطوبة لابن خالي تشارلز بندلتون. وهي ابنة بالتبنّي لصديق خالي، السيد برايس.”
لمحها السيد دالتون لحظة عند سماعه اسم “برايس”، ثم نظر إلى بندلتون بعينين فيهما شيء من الغموض، غير أن التعبير مرّ سريعًا فلم تلحظه.
حيّا الآنسة جنسن بفتور، ثم عاد ينظر إلى الآنسة لانس وصديقاتها.
“كنت أبحث عنكن. هل يضايقكن إن انضممت إليكن؟”
وافقت السيدات جميعًا، فانضم إليهن.
منذ انضمامه، انصب الحديث حول الآنسة لانس والسيد دالتون. وكانت صديقات الآنسة لانس الثلاث هنّ من يسيطرن على الحوار.
كان السيد دالتون أحيانًا يوجّه اهتمامه إلى صديقات لانس الثلاث، أو إلى الآنسة بندلتون، أو الآنسة جنسن، لكنه كان يتحدث في الغالب مع الآنسة لانس. لم يكن يتعمّد تجاهل الأخريات، بل فقط لم يشأ أن يعاكس مجرى الحديث.
وكان ذلك حسنًا بالنسبة للآنسة بندلتون، إذ منذ أن وقع نظرها على إيان دالتون، شعرت بوخزة ارتباك. لقد توقعت أن يلتقيا مجددًا يومًا ما، لكنها لم تتوقع أن يحدث الأمر بهذه المفاجأة.
خشيت أن تكون مشاعره كما هي حين يلتقيان مجددًا. لكن تصرفاته أزالت مخاوفها على الفور: لم يُبدِ اهتمامًا خاصًا بها. لم يكن يتجاهلها عمدًا، ولا بدا غاضبًا أو متكلفًا. بدا مرتاحًا تمامًا.
(لماذا؟ ألم يكن سيخطبني في الغابة في أي لحظة؟)
م.م: لورا فهمي روحك بغيته ولالا؟
للوهلة الأولى ظنّت أن الأمر مجرد تصنّع منه بسبب ما جرى بالأمس في الغابة، لكنها سرعان ما خجلت من ظنّها. كانت أفعاله طبيعية تمامًا. الفرق الوحيد أنّ الشخص الذي صار يبادله هذا الارتياح لم يعد هي، بل الآنسة لانس.
بدأت تشك إمّا أن طبيعته هكذا لا تلين، أو أنّها أساءت فهم مشاعره في الغابة. في البداية مالت للاعتقاد الأول، لكن الاحتمال الثاني أخذ يثقل عليها.
هو لم يصرّح قط بما في قلبه. كل ما فعلته أنها افترضت ذلك من عينيه وتعبيراته وصوته. وماذا لو أنه كان يزورها بإصرار بعد النزهة فقط لتصحيح سوء فهمها؟
لمّا خطر لها ذلك، غمرها شعور بالعار. لتخفي ارتباكها، انشغلت بالحديث مع الآنسة جنسن. ولهذا السبب لم تلحظ أن عيني إيان كانتا تتسللان نحوها بين الحين والآخر.
منذ أن وجد نفسه في المكان نفسه مع الآنسة بندلتون، كان إيان يحاول بكل طاقته أن يقمع انجذابه المتواصل إليها. لكن مهما حاول، كان بصره يعود إليها من جديد.
لقد مر وقت طويل. لكنها ما تزال كما رآها آخر مرة: شعرها الأشقر المائل للاحمرار مشدود في شبكة أنيقة. عيناها الرماديتان العميقتان، تحيطهما نظرات رقيقة. رموش طويلة، أنف صغير مستقيم. لكنه لاحظ على الفور أنها صارت أشد شحوبًا، وخط الفك عندها أنحف، ولحم وجهها قد قلّ. شعر بقلق حارق، يكاد لا يُحتمل.
ومع ذلك، لم يكن أحد يدرك مشاعره. لم يعلم أحد أنه جالس هناك فقط من أجل الآنسة بندلتون. وأنه غارق في مراقبتها حتى يفوته أحيانًا ما يُقال. وأنه متحكم بنفسه لدرجة الألم، كي لا يكشف عن مشاعره نحوها.
كل ما رآه الآخرون هو السيد دالتون الوسيم جالسًا إلى جوار الآنسة لانس، وكيف أنهما يبدوان منسجمين.
“سيد دالتون!”
نادته الآنسة لانس بينما كان مأخوذًا بملامح بندلتون.
“أجل، آنسة لانس.”
سألته بخفة:
“تُخمن أي جامعة راهنا عليها؟”
استعاد لباقة حديثه وأجابها:
“أظن الآنسة ويلكس والآنسة أورسون اختارتا أوكسفورد، فإخوانهما خريجوها. لكن لا فكرة لدي عن الآنسة دونوفان والآنسة لانس.”
“الآنسة دونوفان أيضًا اختارت أوكسفورد. فكل عائلتها من جهة الأم خريجو أوكسفورد.”
“إذن لم يبقَ لي سوى أمل واحد… أين راهنت الآنسة لانس؟”
“خَمِّن!”
“أظن أنك اخترتِ كامبريدج.”
“ولماذا؟”
“لو اختار الجميع أوكسفورد فلن يقوم الرهان. ثم…”
“ثم ماذا؟”
“ثم لأنني أرجو أن تكون هناك آنسة واحدة فقط في صفي. سيكون شرفًا لي إن كانت هي الآنسة لانس.”
غطّت الآنسة لانس وجهها المتورد بمروحتها من خجل رده المهذب.
شعرت الآنسة بندلتون بحرارة تخنق حلقها وهي تنصت إلى حوارهما. قالت إنها ستذهب لتجلب شرابًا، وغادرت.
خلف منصة كبار الزوار، كان هناك خيمة مليئة بالمشروبات. شربت عصيرًا باردًا، لكن الضيق في صدرها لم يزُل.
كان من اللياقة أن تعود بسرعة، لكنها لم ترغب. أدارت ظهرها للمقاعد المطلة على التايمز، ومشت نحو المروج الخالية. شعرت بشيء غريب، قلق مبهم. ربما لأنها لم تحضر تجمعًا اجتماعيًا منذ زمن طويل… أو ربما بسبب صورة الآنسة لانس والسيد دالتون جالسين جنبًا إلى جنب التي عادت إلى ذهنها. عضّت شفتها. خفق قلبها حزنًا. لماذا؟ مع أنها تعرف السبب.
يوم رحيله من لندن، اعترفت بمشاعرها لنفسها. لكنها حبستها بعيدًا لاعتقادها أنها ميؤوس منها. فما هذا الشعور الآن؟
وجدت نفسها تعبث بقلادة اللؤلؤ حول عنقها. أدركت أن هذا هو الجواب. قلبها يرتجف. مشاعرها نحوه تريد أن تفتح الباب المغلق مجددًا.
لمست زهور البنفسج، تحاول التماسك.
(لقد أغلق قلبه بالفعل. وهذا من حسن حظي. فدعيني أغلق قلبي مجددًا. الإفراط في الحب يجلب الشقاء. وقد تعلمت ذلك جيدًا. فاهدئي يا لورا بندلتون. اهدئي.)
“آنسة بندلتون.”
التفتت مذعورة، فإذا بإيان دالتون يقف إلى جانبها.
“سيد دالتون…!”
نظرت إليه بدهشة، أما هو فحدق فيها بملامح جامدة. لاحظ أنها فقدت شيئًا من وزنها، فساوره القلق. هل كانت مريضة؟
ظل يحدق في عينيها للحظة، ثم مدّ يده بما كان يمسكه.
“آه.”
احمرّ وجه الآنسة بندلتون. فقد كان يحمل الريشة التي سقطت من قبعتها.
“لا تقلقي. التقطتها قبل أن تصل الأرض.”
أخذت الريشة بسرعة وهي محمرة الوجه من خجلها. نظر إلى احمرارها بابتسامة بالكاد تُرى.
“لقد مضى وقت طويل.”
“نعم، فعلًا.”
“كيف حالك؟”
هزّت رأسها علامة الموافقة، مع علمهما أن الجواب غير صادق.
“الحمد لله. إن السيدات يبحثن عنك لأنك لم تعودي بعد إلى مقعدك.”
أن يقوم بخدمة السيدات… أمر لم تره منه من قبل.
“لقد أثقلت عليك يا سيد دالتون.”
“لا. خدمة السيدات شرف كبير عندي. ألم تخبريني أن صداقتهن قد تكون ممتعة؟”
لم تجب. فمدّ ذراعه مشيرًا أن يعودا. وضعت ذراعها على ذراعه، وسارا معًا نحو مقاعد كبار الزوار.
“كيف كانت أيامك في وايتفيلد؟”
“لم تكن سعيدة. انشغلت بالعمل.”
“الواجب ليس كله سرور. لكن هل مجيئك إلى لندن يعني أنك أنهيت كل أعمالك؟”
“إلى حد ما. لقد اشتقت إلى لندن لسبب ما. وايتفيلد لم يعد مريحًا كما كان.”
“أوه. لماذا؟ لطالما أحببتَ وايتفيلد أكثر من أي شيء.”
“أظن أن حياتي في لندن أثّرت عليّ. مثل لقائي بعائلة مورتون التي عرّفتني بها. بعد أن رأيت ذلك الزوج المتناغم، بدا لي وايتفيلد وحيدًا بشكل لا يُحتمل.”
توقف فجأة وقال:
“لدي طلب. هل تمانعين أن نمشي قليلًا هناك؟”
“لكن السيدات بانتظارنا.”
“لن يستغرق الأمر أكثر من ثلاث دقائق.”
أومأت، فابتعدا قليلًا نحو شارع جانبي تصطف على جانبيه الأشجار. توقّف هناك، ثم قال:
“ظللت أفكر فيما قلتهِ في وايتفيلد. عن الأرواح التوأم، وعن الحياة المتناغمة بين الرجل والمرأة. نعم، ربما كانت كلماتك تلك هي ما لمسني. وايتفيلد بحاجة إلى سيدة بيت. لهذا جئت إلى لندن.”
حبست الآنسة بندلتون أنفاسها وهي تنصت. لم تستطع أن تخمّن ما سيقوله تاليًا. لو لم يكن صارمًا منذ لحظات لظنت أنه سيخطبها ثانية، لكنها الآن لا تدري.
ثم صمت، وحدق فيها بعمق.
“آنسة بندلتون، في صحبتك أدركت كم أنا وحيد. أحتاج إلى زوجة. وأنتِ وحدكِ، آنسة بندلتون، القادرة على أن تعينيني على ذلك.”
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 44"