⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
عندما دخلت لورا منزل آل بندلتون ممسكة بيد والدها، لم تشعر في البداية بالوحدة. فقد استقبلتها جدتها، السيدة أبيغيل بندلتون، بذراعين مفتوحتين.
بالنسبة للسيدة بندلتون، التي عاشت سنوات طويلة في عزلة حدادًا على فقدان ابنتها، كانت لورا بمثابة صورة بديلة لابنتها الراحلة.
كان حب جدتها لها دافئًا وعميقًا، ومن خلاله شعرت لورا بحنان أمومي لم تختبره من قبل.
لكن عمها لم يكن كذلك. فقد كانت مغامرات أخته بالنسبة له فضيحة مخزية جلبت العار على عائلة بندلتون، وكان ينظر إلى ابنة أخته، لورا، كنتاج لتلك الفضيحة لا أكثر.
غضب بشدة من قرار والدته باستقبالها في غيابه، وكانا يتشاجران يوميًا.
كان عمها غالبًا يطرد لورا الصغيرة بعيدًا عن مائدة الطعام، وإذا رآها داخل المنزل صاح في وجهها بازدراء، كما لو كانت فأرًا.
اضطرت الآنسة بندلتون للاختباء عن أنظار عمها عند سماع صراخه. حتى وقع خطواته كان يفزعها، وصارت عادة يومية أن تختبئ في غرفة الأطفال لتفاديه. كانت كل يوم بالنسبة لها كالمشي فوق الجليد الرقيق.
ما زالت الآنسة بندلتون تتذكر المشهد المرعب حين قذف عمها بمنفضة سجائر نحوها لأنها تأخرت قليلًا، والضربات الظالمة التي تلقتها بتهمة سرقة حلوى من خزانة لم تكن تعرف مكانها أصلًا. السنوات الثلاث التي قضتها مع آل بندلتون في طفولتها تركت ندبة لا تندمل.
حاولت الجدة حماية حفيدتها، باللين والرجاء وحتى التوسل لابنها، لكن عناد العم لم يلن.
وفي النهاية، صارت الأم وابنها عدوين يتشاجران بلا توقف. شعرت لورا الصغيرة حينها بعبء ثقيل من الذنب، لأنها السبب في هذا الصراع العائلي.
بعد ثلاث سنوات من المعارك، تخلت الجدة عن فكرة إبقاء حفيدتها في المنزل. وفي اليوم الذي ذهبت فيه لورا إلى المدرسة الداخلية، بكت طوال الليل وصَلَّت شكرًا:
«يا رب، شكرًا لأنك أنقذتني من هذا الجحيم.»
لكن المدرسة الداخلية لم تكن جنة كما تصورت.
فقد كانت عائلة بندلتون من أرقى عائلات إنجلترا، وانتشرت أخبار ميلاد لورا بسرعة داخل المدرسة. ورغم أنها لم تتعرض لتنمر مباشر، عاشت سنوات طويلة منعزلة بلا أصدقاء.
ومع ذلك، أتاح لها هذا الوقت أن تركز على دراستها. وبفضل ذكائها الفطري واجتهادها، ظلت دائمًا بين المتفوقين.
جمعت بين الموهبة والعمل الدؤوب، وكانت دومًا طيبة ومستقيمة أمام الآخرين. ومع مرور الوقت، تحسنت سمعتها، وبدأ لقب «ابنة غير شرعية» يتلاشى شيئًا فشيئًا.
لورا الطيبة. لورا الصادقة. لورا التي لا تغضب أبدًا.
هكذا كانوا ينادونها، وهو لقب أفضل بكثير من «لورا اللقيطة».
طوال مراهقتها، جاهدت ألا تُدعى بذلك اللقب. كانت تحرص أن تكون صادقة، طيبة، متماسكة، تكبت مشاعرها وتتحمل.
لم تكن الحياة سهلة، لكنها كانت أفضل من منزل بندلتون، على الأقل كان لجهدها ثمر هنا.
لكن المدرسة مكان مؤقت. وعندما بلغت السابعة عشرة، جاءت جدتها لتأخذها.
ركبت معها العربة المزينة بشعار آل بندلتون، وقلبها يثقلها الخوف من العودة إلى منزلهم. لكنها فوجئت بأن وجهتهم كانت منزلًا في لندن. هناك استقرت مع جدتها، ولم تغادراه منذ ذلك الحين.
لاحقًا، اكتشفت أن مغادرتها لم تُنهِ الصراع بين جدتها وعمها، بل بدأت معركة جديدة. إذ كانت الجدة تخوض دعوى قضائية لسنوات كي تُسجَّل حفيدتها رسميًا باسم بندلتون.
أرادت أن تمنحها اسم والدتها النبيلة بدلًا من والدها الأمريكي الفقير. لكن عمها جيرالد، رب العائلة، عارض بشدة، وتصارعا بعنف في المحكمة.
استخدمت الجدة ميراثها العقاري، ومنزلها في لندن، ومعاشها السخي لتقف ندًا لابنها، لكن القانون البريطاني كان في صفه.
ومع تعنّت ابنها الذي امتلأ كراهية لأخته الراحلة، استأجر أفضل المحامين ليُذل والدته.
وأخيرًا، حين شعرت بالهزيمة، وافقت على شرط: أن تُسجَّل لورا كابنة شرعية لعائلة بندلتون مقابل أن تؤول جميع ممتلكاتها بعد وفاتها لابن عمها، تشارلز.
خرجت محطمة، وأقسمت أنها لا تريد رؤية ظل ابنها ثانية.
ومنذ ذلك اليوم، عاشت لورا رسميًا تحت اسم «الآنسة بندلتون» مع جدتها في لندن. وكان معاش الأرملة يكفيهما عيشًا مريحًا.
وفي العام نفسه الذي أنهت فيه لورا دراستها، قدمتها جدتها رسميًا للمجتمع الراقي.
كانت تأمل أن تحقق حفيدتها ما لم تحققه ابنتها، أن تعيش حياة الطبقة الراقية: فساتين فاخرة، دعوات لا تُحصى، حفلات شاي، عشاءات رسمية، وحفلات موسيقية.
لورا لم تعارض أحلام جدتها، لكنها لم تتوقع الكثير. فقد عرفت أن وصمة ولادتها لن تزول بسهولة.
وكما توقعت، لم ينسَ المجتمع الأرستقراطي في لندن فضيحة والدتها، ولم يقبلها بينهم. قابلت عند ظهورها الأول ازدراءً وإقصاءً يفوق الوصف.
طوال اثني عشر عامًا، عاشت بتواضع، تذكر نفسها دائمًا أنها ليست سيدة مجتمع حقيقية. لم يكن أمامها سوى هذا السلوك لتتحمل البرود والإهانة.
وبينما كانت تحدق بالقلادة من النافذة، غاصت عيناها في الذكريات.
ها هي الآن شابة تقترب من الثلاثين، بينما صورة أمها في القلادة ما زالت لفتاة أصغر منها. عقل لورا، الذي صقلته التجارب والملاحظات، أصبح يميز بوضوح بين الصواب والخطأ.
كانت تعرف كم كان خيار والدتها، دولوريس بندلتون، خاطئًا حين هربت مع رسام معدم في السابعة عشرة. ماتت في نزوة عابرة، وتركت ابنتها تدفع الثمن.
تحولت القلادة بالنسبة للورا إلى درع يحميها من أن تسلك نفس الطريق. ما دامت ترتديها، فلن تسمح لمشاعرها أن تسيطر على عقلها. أقسمت ألا تكرر خطأ والديها، مهما جاشت عواطفها.
أعادت رسالة السيد دالتون إلى الدرج، ونظرت إلى صورتها في المرآة: لورا بندلتون، الابنة غير الشرعية، السيدة المزيفة.
لا يمكنها أن تكون مع إيان دالتون. فالعمر والمهر ليسا إلا تفاصيل ثانوية. المشكلة الحقيقية هي دمها العامي. إن تزوجها، سيتعرض هو وأطفالهما للفضيحة نفسها.
لن تسمح أن يعيش أبناؤها ما عاشته. أو بالأحرى، لن تسمح أن يعيش أبناء السيد دالتون هذه المأساة.
«أحبه. ولهذا بالذات يجب أن أتخلى عنه.»
مع حكم العقل، هدأ قلبها. أغلقت القلادة.
كليك. أُغلق قلبها معها.
أُقيمت جنازة القس زينفيلد في كنيسة صغيرة بوايتفيلد، حيث قضى حياته يخدم. قاد المراسم مساعده القس أوليفر ستار، الذي عمل معه لثلاث سنوات، وحضرها أقاربه ورعيته بملابس الحداد.
حُمل النعش على أكتاف ستة رجال إلى المقبرة، ودُفن تحت تراب أبدي. تفرّق الناس باكين متضرعين.
بقي إيان دالتون وحده أمام قبر معلمه الأول، حزينًا لأنه لم يكن حاضرًا في لحظاته الأخيرة.
وقف صامتًا، أغلق عينيه وصلى بوقار، ثم قبّل شاهد القبر برفق ورحل بهدوء.
أمام الكنيسة، كان المعزون يتحدثون أو يعزون الأسرة. اقترب رجل أنيق في منتصف العمر، يرتدي السواد، يضع يديه في جيبيه ويتبختر بخطوات واثقة. كان روبرت فيرفاكس، صهر إيان دالتون.
خلع إيان قبعته وانحنى قليلًا.
قال روبرت:
«وصلت على عجل الليلة الماضية، أليس كذلك؟»
«نعم.»
«هل أنهيت أعمالك في لندن؟»
«ما زال هناك ما أقوم به. سأعود بعد أن أُنهي شؤون التركة.»
أومأ روبرت وقال:
«لمَ لا تزور أختك بعد أن تنتهي؟ لقد كانت بانتظارك طويلًا.»
«أخبرها أنني سأُنهي عملي أولًا. كيف حالها؟»
«الحُمّى هدأت كثيرًا. لكن السفر الطويل صعب عليها. لا تزال تملك طاقة كافية لتتدخل في شؤون قلبك. هل وجدت فتاة مناسبة في لندن؟»
م.م: مرحبا يا أحلى قراء، تجدون فصول متقدمة من الرواية على الواتباد sel081، التنزيل أسبوعي أي كل يوم خميس
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 25"