⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
في اليوم التالي، زار السيد دالتون عائلة بندلتون. حين طرق الباب، خرجت الخادمة التي اعتادت أن تستقبله كلما جاء إلى القصر، وأخبرته بأن العائلة لا تستقبل الزوار.
كان يتوقع استقبالًا باردًا، فطلب من الخادمة أن توصل رسالة، لكنها ردّت بصرامة أن الزوار غير مسموح لهم بأي شيء.
في النهاية، لم يجد دالتون خيارًا سوى المغادرة، تاركًا بطاقة زائر فقط.
لكنه لم يستطع الرحيل بعيدًا. ظل واقفًا مقابل المنزل، يحدّق في النوافذ لساعات. ومن خلال نافذة بلا ستائر، كان يلمح أحيانًا الآنسة بندلتون تمرّ. ولم يكن يهدأ قلبه إلا بعدما يتأكد من وجودها، فيغادر مثقلًا بمرارة لا تُوصف.
تكرر هذا أيامًا عدّة، حتى بدأ يشعر بالقلق. تسلّل إلى قلبه خوف متزايد من أن تكون الآنسة بندلتون قد أغلقت قلبها دونه إلى الأبد.
لأيام لم يفعل شيئًا سوى تدخين السيجار والتسكّع قرب بيتها، مدركًا أن كل ذلك بلا جدوى.
ثم وصل برقية جعلت من المستحيل تأجيل عودته أكثر. كانت وفاة القس زينفيلد، كاهن رعيته في ضيعته.
وبالنظر إلى سنّه، لم يكن الأمر مفاجئًا تمامًا، لكنه لم يكن متوقعًا أيضًا، خاصة أن الرجل بدا بصحة جيدة عند مغادرة دالتون. عندها فقط أدرك أنه أطال مكوثه في لندن أكثر من اللازم. آن الأوان للعودة إلى وايتفيلد، لمواساة العائلة المفجوعة وتعيين كاهن جديد.
وضع البرقية جانبًا وسارع إلى حجز أسرع قطار. سيغادر بعد ساعة. أعطى خادمه تعليمين:
الأول أن يحزم أمتعته للعودة إلى وايتفيلد، والثاني أن يرسل برقيات إلى كل من وايتفيلد ودنفيل بارك لإبلاغهم بعودته. وتم ذلك فورًا.
جلس على مكتبه في غرفة الضيوف، بينما كان الخدم منشغلين بالتحضير للسفر، وأخرج ورقة وأخذ يكتب رسالة على عجل:
عزيزتي الآنسة بندلتون،
أكتب إليك لأخبرك بظروفي، إذ اضطررت لمغادرة لندن فجأة. لقد توفي القس زينفيلد، وأنا عائد إلى وايتفيلد بصفتي معزّيًا ومالكًا للأرض التي يحق له تعيين قس جديد فيها. أنوي العودة إلى لندن حالما تُسوّى الأمور. لا أستطيع أن أبقى في وايتفيلد من دون إصلاح ما انقطع بيني وبين الآنسة بندلتون.
أعلم أن الآنسة بندلتون تتجنبني منذ النزهة، وليس لي أي عتب عليها في ذلك، ولا أرغب بتوجيه اللوم. كل ما أرجوه هو أن تُمدّ جسور الصداقة بيننا من جديد. وآمل أن أحظى بفرصة واحدة على الأقل لشرح نفسي عندما أعود من وايتفيلد.
خادمك المخلص،
إيان دالتون.
أغلق الرسالة على الفور، ووضعها في جيب سترته، ثم فتح درجًا وأخرج لوحة مؤطّرة. كانت لوحة صغيرة لمنظر طبيعي من وايتفيلد.
فور أن وعد الآنسة بندلتون أن يهديها لوحة، اختار أجمل ما رسمه من عشرات المشاهد الطبيعية في دفتر رسوماته، ثم لوّنها وأطّرها. كان ينوي أن يهديها لها يومًا ما.
لفّ اللوحة بورق بسيط وربطها بخيط على شكل صليب، ثم خرج بها. كانت كل أمتعته قد وُضعت بالفعل في العربة. ركب متجهًا نحو قصر بندلتون.
حين توقفت العربة أمام القصر، نزل حاملًا الطرد وقد دسّ الرسالة داخل الخيط. طرق الباب، فخرجت الخادمة الشابة نفسها.
رمقته هذه المرة بنظرة جافة.
قال لها وهو يمدّ الطرد:
“أعلم أنكم لا تستقبلون زوارًا، آنسة خادمة، لكن خذي هذا للآنسة بندلتون.”
ردّت ببرود:
“آسفة، لكن لا يُسمح لي بقبول أي شيء من أي زائر.”
كان الرد نفس ما سمعه سابقًا. تنفّس بقلق وهو يتذكر أن القطار سيغادر قريبًا.
“اصنعي استثناء هذه المرة. الأمر عاجل. يجب أن أعود إلى ضيعتي فورًا.”
“آسفة، لكن هذه مشكلتك أنت.”
“إذن، سأربط الطرد بحجر وأقذفه من النافذة.”
قالت ببرود:
“إذا كان الأمر ملحًّا لهذا الحد، فلماذا لا ترسله بالبريد؟”
“لو كان لدي وقت لفعلت! لكن عليّ أن ألحق بالقطار خلال نصف ساعة!”
تأملته الخادمة لوهلة، ثم شبكت ذراعيها قائلة باسترخاء:
“هذا ليس من صلاحيتي. قد أطرد إن خالفت الأوامر.”
قال لها:
“سأرتب لك وظيفة في بيت آخر بلندن. أو ربما ترغبين بالعمل في يوركشاير؟”
أجابت بلا تردد:
“أنا أكره الريف.”
قال بازدراء:
“أنتِ مجرد حمقاء تعشق المدينة.”
أخرج ورقتي نقد من فئة الجنيهين ووضعهما فوق الطرد. لم يكن هناك وسيلة أسرع لإقناع من تعشق المدينة من المال.
نظرت الخادمة إلى الورقتين ثم أخذت الطرد. ابتعد دالتون عائدًا إلى عربته، لكن صوتها ناداه من الخلف:
“سيد دالتون!”
التفت ينظر إليها، فرأى الخادمة تقترب وتدسّ الجنيهين في جيبه من جديد. عقد حاجبيه.
“ألستِ تريدين المزيد؟”
هزّت رأسها وقالت:
“لا. أريد شيئًا آخر.”
“ماذا؟ صفقة؟”
“نعم. الجنيهان لا يساويان شيئًا عندي. أريدك أن تعود مجددًا إلى لندن… وتفوز بقلب الآنسة بندلتون.”
تجمد مكانه وهو يحدّق بها بدهشة. أكملت بثقة:
“لا يعقل أن تتراجع بعد كل هذا الإصرار. اجمع شتاتك في يوركشاير، ثم عُد لتظفر بها.”
أعادت النقود إلى جيبه وصفقت الباب خلفها.
ركب دالتون العربة مضطرًا بسبب ضيق الوقت، لكن كلماتها ظلت ترنّ في رأسه:
عُد إلى لندن، وفُز بقلب الآنسة بندلتون.
أسند رأسه إلى ظهر العربة المتحركة وزفر تنهيدة طويلة.
“اللعنة… لو كان بيدي لفعلت ذلك فورًا.”
دخلت آن إلى غرفة المكتب وهي تحمل الطرد. عادةً ما كان المكتب يعجّ بأصوات الآلات الكاتبة، لكنه كان ساكنًا اليوم. فالآنسة هايد، التي اعتادت التردد كثيرًا، كانت خارجًا لإجراء مقابلة في دار نشر رتّبها السيد فيرفاكس، فبقيت الآنسة بندلتون وحيدة.
كانت كعادتها تمضي وقتها في ترجمة الكتاب المقدس من اللاتينية، شال دانتيل أبيض على كتفيها.
وقفت آن أمام المكتب وأبرزت الطرد.
قالت الآنسة بندلتون بهدوء:
“ما هذا؟”
“السيد دالتون جاء اليوم.”
احتقن وجه الآنسة بندلتون قليلًا، وقالت بنبرة ممتزجة باللوم:
“قلتُ لك ألا تستقبلي شيئًا منه.”
قالت آن بارتباك:
“لم أستطع منع نفسي. سلّمه إليّ قبل أن أنطق بكلمة، ثم غادر مسرعًا.”
تنهدت الآنسة بندلتون بصوت خافت وأخذت الطرد. فتحت الورق لتجد بداخله لوحة مائية صغيرة مؤطّرة. أمعنت النظر فيها لحظة، ثم أمالت رأسها لترى التفاصيل.
قالت:
“تعالي، آن، شاهديها.”
اقتربت الخادمة تنظر. فإذا بمنظر ريفي بديع يتكشف داخل الإطار الصغير:
بيوت ريفية متجاورة على حقل واسع تحيط به جبال وعرة، وإلى جانبه بحيرة صافية وغابة من أشجار البتولا البيضاء. وعلى جانب اللوحة قصر أبيض جميل.
شهقت آن بدهشة:
“إنها رائعة! من رسمها؟”
أجابت بهدوء:
“السيد دالتون.”
فتحت آن عينيها بدهشة حقيقية:
“حقًا؟ هو من رسمها؟”
“نعم. إنه بارع في استخدام الألوان. لم أكن أعلم أنه موهوب هكذا.”
سألتها آن بفضول:
“وأين هذا المكان؟”
“وايتفيلد. ضيعته.”
لقد قدّم لها لوحة عن منزله. كانت رسالته واضحة: إنه يدعوها إلى مشاركة حياته هناك.
ابتسمت آن لنفسها بدهاء، لكنها لم تعرف إن كانت سيدتها التقطت المعنى أم لا. نظرت إلى ملامحها، فلم يظهر شيء سوى هدوء غامض وهي تحدّق باللوحة.
قالت الآنسة بندلتون:
“آن، اجعلي ليون يعلّقها في غرفة الاستقبال.”
“وأين بالتحديد؟”
“على الطاولة الجانبية الخضراء.”
“في أظهر مكان بالغرفة؟”
“إنها لوحة رسمها السيد دالتون بيده، ومن الطبيعي أن تُعلّق في مكانها اللائق.”
“أمرٌ مطاع، يا سيدتي.”
أجابت آن بأدب وغادرت لتعليق اللوحة.
في المساء، دخلت آن غرفة سيدتها لتصفيف شعرها. كانت الآنسة بندلتون واقفة قرب النافذة، تمسك رسالة في يدها. جلست أمام طاولة الزينة حين دخلت آن، فاقتربت الأخيرة وفكت ضفيرتها وبدأت تمشط شعرها، تراقب انعكاس وجهها في المرآة.
كانت عينا الآنسة بندلتون وملامحها حزينة شاردة. لم تستطع آن أن تمنع نظراتها من التوجه نحو الرسالة الموضوعة على الطاولة.
لقد ماتت فضولًا لمعرفة ما جاء فيها. فمنذ أن عادت سيدتها من النزهة قبل أسبوع بوجه كئيب، وهي منقطعة عن الناس لا تستقبل أحدًا.
تذرعت بحمى أصابتها من طول الجلوس في القارب، لكن آن، التي خدمتها عشر سنوات، كانت تعرف أنها بخير تمامًا. إنها فقط لم تكن تريد مقابلة أحد.
ومع ذلك، ظلّ ذلك الشاب يجيء يوميًا… إيان دالتون، الشاب الوسيم الذي تردّد على باب آل بندلتون طوال الشهر الماضي.
م.م: مرحبا يا أحلى قراء، أتمنى أن تكون أعجبتكم القصة، توجد فصول متقدمة في الواتباد sel081
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات