⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
السيد فيرفاكس، الذي كان قريبًا، قاطع الحديث:
“هاه؟ آنسة بندلتون، عندما تتبارى الآنسة هايد وأنا، فالسيّدة دائمًا تقف في صفّ السيّدة، أليس كذلك؟”
ضحكت الآنسة بندلتون بمرح:
“أنا أعرف براعة السيد دالتون جيدًا. ثم إنني متحيّزة دائمًا لصالح من يملك الأفضلية.”
“آه، كما توقعت! الآنسة بندلتون تقلّل من مهاراتي! لقد عرفت أن الآنسة هايد ستهزمني! هيه، إيان! هيا! هيا وامسح عاري!”
تمتم السيد دالتون ساخرًا:
“مضحك…”
ثم انحنى والتقط حجرًا كان على الأرض، وألقاه مثلما فعلت الآنسة هايد، وسأل:
“أبدأ أولاً؟”
“تفضل.”
فأخذ السيد دالتون وضعه، ثم مال بجسده، ولوّح بذراعه وقذف الحجر نحو النهر.
بلوب، بلوب، بلوب، بلوب، بلوب…
ظلّ صوت الحجر يتردّد على سطح الماء فترة طويلة. أغمضت الآنسة بندلتون عينيها قليلًا لتعدّ القفزات:
“…سبعة وثلاثون، ثمانية وثلاثون… يا إلهي! ثمانية وثلاثون!”
صفّقت له بحرارة:
“هذا مذهل! ثمانية وثلاثون رقم قياسي! ليس على مستوى المقاطعة فحسب، بل وطني أيضًا، يا سيد دالتون!”
شعر السيد دالتون بطفولية وهو يتورّد إعجابًا بتصفيقها.
في هذه الأثناء، كانت الآنسة هايد تضع يديها على خصرها وتتأمل سطح الماء. ثمانية وثلاثون. أليس هذا أكثر بثلاث من رقمها الرسمي (خمسة وثلاثون)؟ صحيح أنها كانت تتجاوز الأربعين أحيانًا في تدريبها الخاص، لكن ذلك كان نادرًا، ولم يحدث يومًا أمام الناس.
غير أن منافسًا بهذا المستوى أيقظ روح التحدي فيها. كيف لكسول من يوركشاير أن يتحدّى رقمها؟ لا يمكنها الخسارة، حتى ولو علّقت شرفها كـ”بطلة وطنية للقفز على الماء” المزعومة.
أدارت كتفها الأيمن بوقار، وأطلقت معصمها، ثم بدأت تختار الحجارة بعناية أكبر من قبل. التقطت أنسبها، الأكثر تسطّحًا، ونظرت نحو الآنسة بندلتون قائلة:
“آنسة بندلتون، حتى لو راهنتِ على السيد دالتون بدلاً عني، فمجد انتصاري سيبقى لك.”
ارتبكت الآنسة بندلتون:
“آنسة هايد، لم يكن الأمر يستحق كل هذه الجدية…”
لكن قبل أن تنهي عبارتها، كانت الآنسة هايد قد قذفت الحجر بخفة ذراعها. لم تستطع الآنسة بندلتون إلا أن تُبدي إعجابها بروحها.
وبالفعل، قفز الحجر: بلوب، بلوب، بلوب…
ساد صمت قصير، لم يُسمع فيه سوى صوت عدّ الآنسة بندلتون.
كان السيد دالتون، الذي وقف متشابك الذراعين، قد بدأ يشعر بالتشاؤم. كان حجر الآنسة هايد يقفز بجنون فوق سطح الماء، كأنه جندب حي لا يعرف التوقف.
“ثلاثة وثلاثون، أربعة وثلاثون، خمسة وثلاثون، ستة وثلاثون، سبعة وثلاثون، ثمانية وثلاثون! واو! تسعة وثلاثون، أربعون، واحد وأربعون، اثنان وأربعون…”
استمر صوتها يعدّ، وقد كتمت تعابير دهشتها. ثم توقفت عند اثنين وخمسين لا لأن الحجر توقف، بل لأنه اختفى خلف الأفق.
حلّ صمت ثقيل بينهم. ثم سرعان ما صفق السادة والسيدة بدهشة، يحيّون الآنسة هايد، البطلة التي كانت تحدّق بفخر بعيدًا.
بعد التصفيق، اعترف السيد دالتون بهزيمته بصوت خافت وتنحّى جانبًا. أما السيد فيرفاكس، فقد انبهر وبدأ يتوسل للآنسة هايد أن تعلّمه طريقتها. وبما أنها كانت غارقة في الفخر، أخذت تلتقط حجرًا آخر وتبدأ بالشرح، حتى كاد الاثنان ينسَيان وجود الآخرين.
مال السيد دالتون نحو الآنسة بندلتون هامسًا:
“يبدو أنهما منشغلان. ما رأيك أن نتمشّى قليلاً؟”
أومأت:
“فكرة طيبة، يا سيد دالتون.”
سارت الآنسة بندلتون خلفه. وقد أبطأ خطواته ليتماشى معها، حتى قادها إلى الممرّ الغابي نفسه الذي مرّ به سابقًا.
قال:
“بالمناسبة، الآنسة هايد هذه… هي إحدى اللواتي خرجن للمجتمع مؤخرًا؟”
“لا.”
“إذن هي الفتاة التي رفضت عرض وليام.”
“نعم.”
“ومع ذلك، أنتما تتنزهان معًا؟”
ابتسمت الآنسة بندلتون بتفهّم:
“كنت أمشي معها، فصادفنا السيد فيرفاكس، وانتهى بنا المطاف نسير بمحاذاة النهر. وهناك همست لي الآنسة هايد بأنها ستلقي بنفسها في النهر لو استطاعت الهرب. ولحسن الحظ، اقترح السيد فيرفاكس القفز بالحجارة، وإلا لربما قفزت بالفعل.”
ابتسم دالتون:
“أما أنا، لكنت قفزت معها أيضًا. التنزه مع من رفضت عرضك أمر ثقيل. من المدهش كيف عادوا للتحدث بعفوية بعد بضع ألعاب.”
“ذلك لأنهما صديقان مقرّبان. إن علاقتهما أقرب للصداقة منها للحب. وأظن أن السيد وليام ربما أراد أن يضمن استمرار هذه الصداقة مدى الحياة، فظنها حبًا.”
“أيعجز عن التمييز بين الحب والصداقة؟ حتى لو كان وليام ساذجًا، لا أظنه بهذا الغباء.”
“أتفق معك، السيد فيرفاكس يعرف جيدًا الفرق. لكن حتى لو تقدّم من منطلق أقرب للصداقة، فليست خطوة حمقاء. كثير من الأزواج يعيشون على أساس الصداقة.”
“أترين أن الزواج المبني على الصداقة يمكن أن يكون سعيدًا؟ مجرد صديق يعيش معك تحت سقف واحد؟”
“نعم، يا سيد دالتون.”
هزّ رأسه:
“لا أفهم. زوجان كصديقين؟ إذن ما الفرق عن زواج من نفس الجنس؟ الزواج شراكة قائمة على المودّة، لا على الصداقة.”
“لكن المودّة قد تسبب نزاعات كثيرة. لقد رأيت أزواجًا أقرب إلى الأصدقاء، ولم يكونوا تعساء. بل بالعكس، كانت علاقاتهم قائمة على التفهّم بدل الخذلان، والرعاية بدل المطالبة.”
“… …”
“الزواج علاقة طويلة، وإن كان سيستمر رغم خفوت الانجذاب، فالثقة المتبادلة أهم من الرغبة. لكي يعيش الزوجان كروحَين متآلفتَين، قد تكون الصداقة أثمن من الشغف.”
“أتظنين أن المودّة تعيق الثقة المتبادلة؟”
“إلى حد ما. المودّة تخلق رغبة، وعندما لا تُلبّى، تتحوّل بسرعة إلى كراهية وخيبة. أما الصداقة فتميل إلى الانسجام لا إلى التطرّف، ولهذا فهي أكثر أمانًا.”
“ظننتك أكثر من يقدّر الحب يا آنسة بندلتون. ألم تسعي دومًا لتوفيق القلوب؟”
ابتسمت بحياء:
“أوه يا سيدي، ألا ترى أنني لست رومانسية كما تظن؟ صحيح أنني ألعب دور الخاطبة، لكنني بدأت هذا لأُنقذ أصدقائي من التعاسة. كان لي صديقة مهووسة برجل، على وشك أن تهرب معه. فنصحتها بأن الحب مهم، لكنه لا يكفي.”
“مثل القول: يفرّ الحب من الباب الخلفي حين يدخل الفقر من الأمام؟”
“بالضبط. الحب لا يعيش في بيت يستضيف الفقر. هو شعور رفيع، لكنه لا يحتمل الحرمان الطويل. ليس الفقر وحده ما يطرده، بل أيضًا اختلاف الطباع والبيئات والمعرفة. جميل أن نقول إن الحب يتجاوز كل شيء، لكن الواقع يطفئ هذا الجمال.”
قال دالتون:
“كلماتك حكيمة، لكنني سأخالفك. الحب شعور يستحق القتال، حتى لو جلب البؤس. أن تختاري شريكًا فقط على أساس الصداقة، فهذا كأنك تتزوجين رفيقة سكنك. لو افتقر الزوجان للشغف، فإن حياتهما، مهما كانت متناغمة، ستظل فاترة وبلا نبض.”
نظرت إليه بندلتون بإعجاب:
“لا أتفق معك، لكنني لن أحاول إقناعك. أفكارك مثالية لكنها صحيحة في جانب. الحب عنصر أساسي بين الرجل والمرأة اللذين سيعيشان معًا. ربما أنا واقعية أكثر من اللازم. لكنك، حتى وأنت تؤمن بالحب، ستتفق أن الشغف له عمر افتراضي. وعندما يذوي، لن يبقى سوى خيارين: الجفاء أو الصداقة. أليس الزواج بداية حب، لكنه نهاية صداقة؟”
ابتسم دالتون:
“حتى لو خبا بمرور الزمن، مجرد وجوده يكفي ليستمر الزواج. ثم إنني لا أؤمن بأن للحب مدة صلاحية حتمية. لا أقول إن هناك حبًا أبديًا، فليس في الدنيا شيء خالد. لكن بعض أنواع الحب لا تنتهي إلا بالموت.”
لم تُجادله أكثر. كان حديثه عن الحب نقيًا، فأحجمت عن إفساده ببرود الواقع.
م.م: أي وجهة نظر تتفقوا معها؟ لورا أو إيان؟ شخصيا لورا
قالت بهدوء:
“أتمنى أن يأتيك قدرك يا سيد دالتون. ستجد حتمًا ذلك الحب.”
سارا في صمت، بين خطوات على الطريق الترابي. قلبه يخفق بشدة مع وجودها إلى جانبه.
كان يستشعرها بكل حواسه: خطواتها، نبرة صوتها، ووقارها الصامت.
ولو كان شخصًا عاديًا، لاكتفى بهذه اللحظات. لكن ذهنه كان مسرحًا لصورة تخيّلها قبل قليل: يضمّها، يحدّق في عينيها، يطبع قبلة على وجهها الحزين.
ثم أخذ الخيال مسارًا أبعد، حتى وصل إلى عنقها الرقيق المكشوف، حيث استقرّ عقد اللؤلؤ الذي اعتادت ارتداءه. بياض بشرتها الناعم يلوح أمامه، يدعوه أن يلمسه… أن يطبَع عليه قبلة.
أدار رأسه بسرعة، وقد اجتاحه ضغط ثقيل في صدره. خاطب نفسه:
“هل جننت يا إيان دالتون؟ أفق! كيف تفكر بهذا تجاه الآنسة بندلتون وهي لم تفعل شيئًا؟”
لكن الجسد لا يسير دائمًا وفق العقل. وكان جسده، كرجل، يستثار بسهولة حتى من وقع خطواتها ورنين ثوبها وهي تسير بجانبه.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات