⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
كان هذا المكان، الشهير بين الأرستقراطيين للتنزّه، محاطًا بالحقول الخضراء، وضفة نهر هادئة، وغابات كثيفة. سار نحو الغابة وكأنما بدافع غريزي، وما لبث أن تأكد أن ثمة طريقًا نظيفًا قد رُصِف عند مدخلها، فدخل إليه.
مع كل خطوة، أخذت أصوات الناس الصاخبة تتلاشى. لم يعد يسمع سوى حفيف العشب، وزقزقة الطيور، وصوت خطوات إيان دالتون نفسه.
النبض الذي كان يخفق في صدغيه منذ حين بدأ يهدأ. تنفّس بعمق. كان من حسن حظه أن أتيح له وقت يجمع فيه أفكاره. الشهر الماضي كان سلسلة من أحداث غير متوقعة. كان هدفه الأصلي من القدوم إلى لندن أن يزور أصدقاءه الذين لم يلتقِ بهم منذ تخرّجه من الجامعة إلا عبر الرسائل المتقطعة.
وخلال أقل من عشرة أيام، أنجز ذلك الهدف. ولو سارت الأمور كما خطّط، لكان الآن جالسًا في مكتبه في “وايتفيلد هول”، يتبادل الحديث مع المستأجرين.
لكنّه ما زال في لندن. يضيّع وقته وسط ألاعيب الطبقة الأرستقراطية التي لطالما رآها مثيرة للسخرية. أمر لم يكن ليتخيّله قبل قدومه.
كلما طالت إقامته، ازداد قلقه. كان لديه عمل متراكم في ضيعته: قضايا تحتاج إلى حلّ بين أصحاب المزارع، مشاريع استصلاح الأراضي، تحسين عقود الإيجار. يضاف إلى ذلك أن القسّ العجوز في الضيعة كان يعاني من تدهور صحته، وكان لا بد من مناقشة وصيّته ومصير عائلته.
صحيح أن هناك وكيلًا للأراضي يتولى بعض مسؤولياته، لكن هناك حدودًا لما يمكن تركه لغيره. كان عليه أن يعود بأسرع وقت. ومع ذلك، كان ثمة قوّة خفية، قوية لكنها غير مرئية، تشدّه للبقاء. صاحبة تلك القوّة كانت الرقيقة لورا بندلتون.
لورا بندلتون.
لمجرد أن خطرت في باله، أحسّ بأصابعه ترتجف قليلًا. قبض كفّيه وفكّهما مرارًا، كأنما يخشى أن يراه أحد في الغابة الخالية. لكن دقات قلبه المتسارعة لم يكن بالإمكان كبحها. أحسّ برجفة في صدره كلما فكّر بها.
الحفل الراقص الذي رآها فيه لأول مرة، العينان الرماديتان اللتان التقاها بهما وهو يتمايل معها على أنغام الفالس. هناك بدأ الارتجاف. ومنذ تلك اللحظة، أخذ قلبه ينساب نحوها بلا توقف.
لم يستطع التوقف عن زيارتها متى سنحت الفرصة. لم يستطع منع نفسه من الدوران حولها كجبان، يحاول أن يفتعل حديثًا. ومع تكرار اللقاءات، فتحت له قلبها بسهولة. قلب جمع بين حياء وهدوء، وطبيعة صريحة متواضعة. كانت تصغي بغيرية وتجيب بذكاء. جمالها كان طبيعيًا غير متكلف.
لم يلتقِ يومًا شخصية بهذا الجاذبية، ولم يُفتن بامرأة مثلها من قبل. كان قد بدأ يروي لها قصص حياته. بل إنه حين استعاد الأمر الآن، أدرك أنه صار يتحدث عن أتفه التفاصيل: أبناء إخوته، الفلاحون المستأجرون، أشياء صغيرة تهمّه هو وحده. متى كانت آخر مرة تجرّد فيها بهذا الشكل أمام أحد؟
وهي، بينما كان يثرثر هكذا، ظلت صامتة. حتى حين سألها أحيانًا عن نفسها، عن عائلتها وأصدقائها، لم تكن تجيب إلا بإيجاز شديد. أما عن والديها، فلم يقل لسانها أكثر من أنهم توفّوا وهي صغيرة.
والآن فهم دالتون السبب.
قصة ولادة الآنسة بندلتون… ربما بدت مألوفة، فمثل هذه الهربات الرومانسية كانت متكررة في المجتمع الراقي. لكن نتائجها عادةً ما كانت بائسة.
فالنظام البريطاني الراسخ، بترساته القديمة التي ما زالت تدور حتى عشيّة القرن العشرين، ظلّ أسيرًا لعاداته الجامدة. أي مولود ببصمة ولادة معيبة، وخاصة إن لم يحمل اسم والده، صار هدفًا للانتقاد مهما بلغت مواهبه. كان هذا ينطبق خصوصًا على النساء، لا سيما إذا افتقدن المال وحماية الأب.
المحادثة التي سمعها في العربة اليوم كانت الدليل. أن يتحدثن عنها بتلك الخفّة يعني أن الآنسة بندلتون لم تعد تحظى بأي احترام.
ضغط دالتون على أسنانه وهو يستعيد كلماتهن. لم تكن إشاعاتهن بحد ذاتها ما أغضبه، بل استخفافهن بها كأمر عادي. كان بوسعه أن يتنبأ أن لورا ستظل محطّ سخرية في كل صالونات لندن.
استعاد صورتها: هدوؤها، طبيعتها المتواضعة، حياؤها وردود فعلها الحساسة جدًا تجاه المديح. لطالما اعتبر ذلك طبعًا جميلاً فيها. لكن ربما كان في حقيقته مجرد عادة اكتسبتها نتيجة سنوات من الاحتقار. أن تُنتقد متى تصرّفت بثقة، وأن تُغتاب من أولئك الذين تظاهروا يومًا بالود.
كان ذلك ملمحًا رآه دالتون يتكرر في المجتمع كثيرًا.
شعر باشمئزاز متجدد من الطبقة التي طالما احتقرها، وامتلأ قلبه بالشفقة عليها.
توقف قليلًا يستجمع أنفاسه، ثم مضى في الطريق. لكن وجهها ظلّ أمام عينيه مهما حاول صرفه.
الآنسة بندلتون. النظرة الصافية التي لمعت في عينيها الرماديتين، المعصم الرقيق الذي حمل فنجان الشاي.
اشتاق إليها أكثر من أي وقت مضى. لو فقط استطاع أن يضمّها إليه برقتها، وينظر في عينيها، ويتركها تبوح بألمها ليواسيها. لو فقط تميل برأسها على كتفه، فيمسح على ظهرها، ويقبّل جبينها…
احمرّ وجهه بالفكرة. كيف تحوّل شعوره بالشفقة إلى خيال غير نقي؟ هزّ رأسه لطرد الصورة.
وصل إلى نهاية الطريق، وخرج من الغابة نحو النهر. ومن الضفة الأخرى سمع ضحكات وأصواتًا عالية. التفت فرأى بعض السادة والسيدات يلعبون لعبة “القفز على الماء”. وبمجرد أن دقق، تبيّن له أنه يعرف الصوت:
ويليام فيرفاكس.
وبينما اقترب أكثر، لمح الآنسة بندلتون نفسها بينهن، بوشاحها الأبيض الدانتيل، وشبكة شعرها المحكمة، وذراعيها الرقيقتين. شعر قلبه يخفق بعنف.
ثم جرى حوار ساخر بينهم حول عدد قفزات الحجارة، وتحدّت الآنسة هايد الجميع بثقة، حتى استفزت دالتون نفسه. وحين تردّد، جاءت أصوات التشجيع.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات