⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
استدار السيد دالتون وغادر. بقيت الآنسة بندلتون مذهولة، لكنها اعتبرت الأمر مجرد مزحة غريبة من دالتون، ثم دخلت البيت. أخرجت الأزهار التي كانت قد نقعتها وبدأت في تهذيبها لإكمال تنسيق الزهور الذي كانت تعمل عليه سابقًا.
غير أنّ صورة الآنسة لانس وهي تتمشى مع السيد دالتون في هايد بارك خطرت ببالها فجأة.
بصفتها من قدّمت السيد دالتون، شعرت الآنسة بندلتون بمسؤولية حماية الآنسة لانس في علاقتهما. وأخذت تفكّر فيهما:
الآنسة لانس والسيد دالتون… هل يمكن أن يكونا واقعين في الحب؟ لم يكن الأمر بعيد المنال. فالآنسة لانس ربما أجمل فتاة بين سيدات لندن النبيلات، والسيد دالتون شاب وسيم، من الصعب أن تجد مثله لا في لندن فحسب، بل في إنجلترا كلها.
كانت الآنسة لانس تفتقر إلى مهر، لكنها تحمل لقبًا. أما دالتون فليس لديه لقب، لكنه ينحدر من عائلة مرموقة، إضافة إلى ثروته. بدا الاثنان زوجين مثاليين.
ومع ذلك، ظل شعور بالقلق يراودها. فطبيعة دالتون الهادئة الحادة، وصمته، بعيدة تمامًا عن الصورة التي رسمتها له كرجل عاشق.
لكن ربما كان هذا أسلوب دالتون في الحب: يخفي مشاعره عن الآخرين، ويكشفها كاملةً فقط لحبيبته.
كانت خشيتها الوحيدة أن تسيء الآنسة لانس فهم مشاعر دالتون، فتجعل عاطفتها تتغلب على حذرها.
فالآنسة لانس، رغم جمالها وعقلها، لم تتجاوز العشرين بعد، ولم تكن تملك من الخبرة إلا ما التقطته من الكتب أو من كلام صديقاتها. ولم تكن تدرك مقدار ما تجهله.
كانت محاطة بالإعجاب والثناء الدائمين، وقد اعتادت تقبّل الإطراء بلا تردد. لذا بدا من الممكن أن تكون قد انجرفت وحدها وراء خيال عاطفي تجاه دالتون. ولو كان أحدهم حرّضها على ذلك، لكان الأمر كارثة. أما الخجل الذي ستشعر به إن اكتشفت أن دالتون غير مكترث بها، فلا يوصف.
توقفت بندلتون لحظة. كان تنسيق الأزهار قد انتهى. ركزت على ترتيب المزهرية قليلًا، ثم أخرجت بعض النرجس وأعادت ترتيبها، فتحسّن المنظر العام.
حملت المزهرية فورًا إلى غرفة الجلوس، ووضعتها على الطاولة التي يراها الضيوف أول ما يدخلون. بعدها ذهبت إلى المطبخ لمناقشة راتبها مع المسيو جيرمان، الذي كان يستريح قبل إعداد العشاء.
تهلّل وجهه عند سماع خبر الزيادة، وأبدى سروره بالفرنسية، بل وأخذ يغازلها بوعد إعداد بودنغ الفاكهة المفضل لديها مساءً. شعرت بندلتون بالاطمئنان إلى بقائه في العمل، ثم عادت إلى غرفتها.
لكن ذهنها ظل مشغولًا. فمن ناحية، تساءلت إن كانت قد قللت من شأن الآنسة لانس. هل يمكن أن تكون فخورة لدرجة أن تقع في حماقة؟ خلال السنوات الثلاث التي عرفتها فيها، لم تسمح لانس لغرورها بأن يفسد شيئًا.
حتى وسط الإعجاب والإطراء، أظهرت وعيًا بذاتها. ورغم أنها تتأثر بالإطراء السطحي، إلا أنها لم تكن تتقلب بسهولة برأي الآخرين. وهذا دليل على بصيرتها الداخلية.
قررت بندلتون أن تثق بالآنسة لانس وتضع شكوكها جانبًا. ثم فكرت في احتمال وجود مشاعر متبادلة بين لانس ودالتون. وإن كان ما قاله عن “عدم الحاجة لمزيد من التوفيق” موجّهًا لها… فربما تنتهي القصة بزواج. زواج رائع بالفعل.
في تلك اللحظة، أحست لورا بألم خفيف في قلبها، لكنها تجاهلته، غارقة في أفكارها.
لقد رأت أن الزواج سيكون مفيدًا للطرفين: دالتون رجل صارم لكنه عاقل واسع الأفق، وزواجه من لانس سيجعلها تنمو وتنضج. أما هو، فسيحظى بزوجة جميلة وموهوبة، وسعادة أسرية غامرة. أليس ذلك غاية ما يحلم به الرجل؟
ثم إن لقبها وصلاتها الأرستقراطية ستفيده في مشاريعه المستقبلية.
اقتنعَت بندلتون أن حبًّا متبادلًا بينهما سيعني زواجًا مثاليًا. وقررت أن تتابع الأمر بهدوء.
كان شهر أيار قد حلّ. العالم يتألق ويزدهر. وبدأ موسم المجتمع الراقي بجدية.
الأثرياء الذين كانوا يقضون أوقاتهم في ضياعهم أو منتجعاتهم تدفقوا نحو لندن كالفراشات نحو الضوء. في أحياء لندن الأرستقراطية، تبادلت الدعوات إلى الحفلات والكرات والعشاء والحفلات الموسيقية يوميًا، وتحولت الليالي إلى أعياد مترفة.
لكن في منزل السيدة أبيغيل بندلتون، ظلّ المشهد بعيدًا عن هذا الصخب.
فقد اعتزلت السيدة المرموقة أبيغيل الحياة الاجتماعية منذ عشرين عامًا، واكتفت بهوايتها الراقية كمستشارة للفنانين. ومع تدهور صحتها، أصبحت تعيش في عزلة شبه كاملة.
لم تعد تحضر حفلات الشاي التي تُقام في قصر بندلتون، واكتفت بكرسي هزاز في غرفتها، وأحيانًا لا تقوى حتى عليه، فتلجأ إلى الفراش.
أما الآنسة بندلتون، فطبيعتها الانطوائية جعلتها أكثر عزلة، خاصة بسبب وضع جدتها. كانت تقضي وقتها بجوارها، تقرأ لها أو تعطيها دواءها. وحين تغفو، تترك أمرها للخدم وتنسحب إلى مكتبها الكبير، تقرأ وتكتب رسائل وتدرس.
كانت تحب هذا الهدوء بعمق، وتعشق مكتبها وخزائن الكتب والوقت الذي يتيح لها السكينة.
لكن مؤخرًا لم يعد مكتبها هادئًا، إذ بات لها رفيقة تشاركها الأمسيات.
فمنذ شهرين، جاءت الآنسة هايد إلى بيتها بدعوة من بندلتون. في البداية ترددت، لكنها دخلت مكتبها في النهاية. وقد دهشت لحجمه الكبير وزواياه الدافئة.
كانت الخزائن تصطف على طول الجدار، والمدفأة متقدة، ومكتبين ضخمين، أحدهما باتجاه النافذة والآخر باتجاه المدفأة.
وبينما كانت هايد تتفحص المكان، كانت بندلتون منحنية أسفل المكتب تحاول إخراج شيء. وما إن سمعت هايد استغاثتها حتى أسرعت لمساعدتها، فاكتشفت أنه آلة كاتبة سوداء صلبة ذات مظهر مهني.
فتحت عينيها بدهشة وقالت:
“كيف حصلتِ على واحدة؟”
أجابت بندلتون:
“اشتريتها مستعملة من متجر أدوات مكتبية. مكتب محاماة أغلق أبوابه. يمكنك بواسطتها تنسيق أي مستند.”
تأملتها هايد بدهشة وقالت:
“هل تدربتِ عليها لتصبحي كاتبة طباعة؟”
“نعم.”
“هذا مذهل. لم أفكر يومًا في الأمر هكذا.”
قالت بندلتون بهدوء:
“عندما تقلقين على المستقبل، عليكِ أن تفعلي شيئًا.”
فسألتها هايد:
“إذن ستصبحين كاتبة طباعة، آنسة بندلتون؟”
هزّت رأسها:
“حين بلغت الخامسة والعشرين، كنت تائهة مثلك. لم أكن أرى الزواج مناسبًا لي. احتجت إلى المال. وبينما أفكر كيف أعيش، وجدت آلة كاتبة مصادفة، فاشتريتها وأمضيت ثلاثة أشهر أتدرّب عليها. حتى صرت أكتب صفحة كاملة وأنا مغمضة العينين بلا خطأ.”
تنهدت لورا بخفة، ثم تابعت:
“لكنني حين تخيلت نفسي في مكتب، مع دخان السيجار وأحاديث الرجال الغرباء وأكوام الأوراق اليومية… أدركت أن الأمر لا يناسبني. فتخلّيت عنه.”
أمالت هايد رأسها وقالت:
“أما أنا فعكسك. لا أحتمل لطف الرجال المتكلف مع السيدات. أفضل أن يعاملوني كما كان أبي يفعل: يطلق أوامره بين دخان السجائر. هذا يعجبني.”
ابتسمت بندلتون:
“إذن ستنجحين. ستتمكنين من كسب رزقك. لكن عليك أن تصبحي خبيرة أولًا.”
ثم وضعت يدها على الآلة وضغطت على أحد مفاتيحها. دوّى صوت الطقطقة في أرجاء المكتب.
كانت تلك أول مرة تلمس فيها هايد آلة كاتبة. أحست برجفة في أطراف أصابعها، بقشعريرة، بقلب يرتجف. شعرت بالخوف والرهبة والفرح معًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات