⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
لانـس كثيرًا ما كانت تعارض أمها، لكنها كانت تُفتن في سرّها بفكرة أنه معجب بها.
وأخيرًا، وبعد أن أُعفيت من رقابة أمها وأُخذت إلى غرفتها، بدّلت ملابسها بمساعدة الخادمة وجلست أمام طاولة الزينة لتهيئة شعرها. كان هناك مرآة كبيرة معلّقة على الطاولة، فرأت انعكاسها فيها.
شعرها الكثيف البني الفاتح، عيناها الصافيتان بلون السماء، وجهها الوردي النضر، وملامحها الرقيقة الجميلة. وبرغم أنها ترى نفسها كل يوم، أزهرت في قلبها نزعة غرور حلوة وكأنها تراها لأول مرة. نزعة غرور لم تستطع حتى بصيرتها التي طالما سعت للحفاظ عليها أن تصدّها.
وبينما كانت تحدّق طويلاً في المرآة، سرحت أفكارها المضطربة نحو إيان دالتون، الذي زار بيتهم في ذلك اليوم.
هل يعجبها حقًا؟ حقًا؟ وعلى أي أساس؟
بدأت تراجع بعناية اليومين اللذين قضتهما برفقته، الأمس واليوم. تذكرت أنهما تبادلا النظرات ثلاث مرات على الأقل، وفي كل مرة كان يبتسم لها.
وهذا كان صحيحًا تمامًا. لكن، كما هي طبيعة الذاكرة، يمكنها أن تتحوّل وتُزيَّن وفق المزاج الحالي.
تذكرت الآن لطفه الرسمي معها وكأنه فرحة رجل وقع في الحب من النظرة الأولى ذلك التعبير ذاته الذي ارتسم على وجوه معظم السادة منذ ظهورها الأول في المجتمع.
احمرّت وجنتاها. إيان دالتون. ذلك الرجل المهيب أصبح واحدًا من معجبيها. ارتجف جسدها من السعادة.
سرّحت الخادمة، وجلست طويلًا أمام طاولة الزينة تفكر في إيان دالتون بوصفه شريكًا محتملًا للزواج. فقد كان معجبوها جميعهم رجالًا مرموقين: ابن سياسي كبير، وابن إيرل. لكن، كما قالت والدتها، إنجلترا تمر بركود، وحتى الأرستقراطية باتت مهددة بالإفلاس.
أما الأبناء البكر، الذين ورثوا ممتلكات العائلة، فقد صاروا يبحثون في الخارج عن نساء ذوات مهور ضخمة لحماية نسبهم. أما الأبناء الثانيون والأصغر، الذين طُرحوا في العالم دون نصيب من الإرث، فقد صاروا يجاهرون برغبتهم في الفوز بزوجات ثريات للهروب من مصيرهم.
وبالنظر إلى الواقع، بدا أن قيمة السيد دالتون أعلى بكثير. صحيح أنه من طبقة الجنتري، لكنه رأس عائلة تمتد جذورها لأكثر من أربعمئة عام، وذلك كان يساوي أكثر من لقب دوق في زمن صارت فيه الألقاب رخيصة. علاوة على ذلك، فقد ورث بصفته الابن الأكبر كل ممتلكات العائلة، وفوق الأرض والقصر، كانت لديه استثمارات ضخمة.
فكرت الآن في “وايتفيلد”، ذلك المكان الذي سمعت عنه، وظلت تفكر فيه حتى انطفأت الشموع. تخيّلت حياتها الزوجية معه (“سيكون زوجًا حنونًا. لا يمكن لرجل بهذا الجمال أن يكون سيئ الطبع”)، وأطلقت أسماء على أطفالهما، الذين تخيّلت أنهم يشبهونه. وبحلول الوقت الذي دخلت فيه الفراش، كانت متحمسة لفكرة الزواج به قبل نهاية العام.
بعد ذلك، واظبت الآنسة لانـس ووالدتها على مراقبة أنشطة السيد دالتون: أي الحفلات يحضر، وأي الدعوات يتقبّل.
على مدى أسبوعين كاملين بعد ظهوره الأول في مجتمع لندن، اقتصر نشاطه الاجتماعي على حضور شاي مسائي في بيت السيدة أبيغيل بندلتون، وأحيانًا عشاء مع صديقات الآنسة بندلتون. لم يُبدِ أي اهتمام بالأوبرا أو الحفلات الموسيقية أو التسوق في شارع المتاجر.
وقد أصابت هذه الحقيقة الآنسة لانـس بخيبة أمل، إذ كانت تحلم بلقائه في مثل هذه الأماكن. لكن السيدة لانـس، بخبرتها، رأت في هذا السلوك دلالة إيجابية.
فبالرغم من أن الآنسة بندلتون “عانس” في نظر المجتمع، إلا أنها كانت وسيطة بارزة في لندن، قد رتبت عشر زيجات ناجحة. لذا، بدا ارتباط دالتون الوثيق بها وكأنه محاولة للبحث عن عروس عبرها بين فتيات لندن.
لكن لو استمعت الآنسة بندلتون إلى هذا المنطق، لابتسمت بسخرية. لأنها كانت تدرك أن السيد دالتون لا يبحث عن عروس.
فمنذ لقائهما الأول في الحفل، صار ضيفًا دائمًا في حفلات الشاي والعشاء عند آل بندلتون. كانت تقدم له أصدقاءها، فيجالسهم بأدب، لكنه لم يُبدِ أبدًا أي ميل نحو أي منهم. كان يكتفي ببعض التعليقات اللطيفة على نكاتهم، ثم يتوجه إليها حيث كانت تعزف على البيانو، ويجلس ليستمع في صمت.
وبعد انتهاء المقطوعة، يطلب منها أغنية أخرى أو يفتح معها حديثًا.
وعلى مدى أسبوعين، ظل ملازمًا لآل بندلتون.
وقد خلصت الآنسة بندلتون إلى أنه مهتم بالصداقة أكثر من الحب. ولم تستطع إلا أن تسعد بوجود شخص يحتاج إلى صداقتها.
كان طقس لندن متقلّبًا. فحتى بعد صباح صافٍ، سرعان ما تتلبد الغيوم وتهطل الأمطار، وتتحول الأرض إلى طين. وفي مثل هذه الحالات، كانت حفلات الشاي المقررة تُلغى.
لا يحضر الضيوف، أو يغادرون مبكرًا. وفي مثل هذه الأيام، كانت صحة السيدة أبيغيل تتدهور، فتلزم غرفتها، بينما تنسحب الآنسة بندلتون إلى مكتبتها لتقرأ أو تدرس. لكن السيد دالتون كان يأتي دائمًا في وقت الشاي.
كانت الآنسة بندلتون تشعر بالحرج لعدم قدرتها على توفير الصحبة له، لكنه لم يُظهر أي انزعاج.
كانت تدعوه للجلوس قرب المدفأة، وتقدّم له الشاي الدافئ وبعض التحليات الخفيفة، ثم يتبادلان الحديث لساعات حتى ينتهي وقت الشاي.
في البداية، كانا يتحدثان عن حياتهما في لندن، لكنها سرعان ما أدركت أنه غير مهتم كثيرًا بذلك، فغيّرت الموضوع وسألته عن عقاره “وايتفيلد” وحياته هناك.
تخوّفت أول الأمر من أنها استعجلت بسؤاله عن شؤونه الخاصة، لكنها سرعان ما اكتشفت أنه موضوع مثالي للحديث، إذ كان يحكي عنها بسهولة أكثر مما توقعت.
أرضه، “وايتفيلد”، كانت ضيعة مترامية الأطراف محاطة بالغابات والحقول الخصبة. وقد حافظت عليها أجيال أسرته بعناية حتى وصلت إليه بجمالها الباهر.
وقصره، “قاعة وايتفيلد”، قائم على تلّ منبسط في وسطها. ومن نافذته كان يرى غابة من أشجار البتولا البيضاء النقية، التي حمل المكان اسمها، ويرى الحقول حيث يعمل الفلاحون.
كان صوته في وصف بيته هادئًا ودافئًا، وعاطفته تجاه أرضه ملموسة. وقد أسرت هذه العاطفة قلب الآنسة بندلتون، فانهالت عليه بالأسئلة.
ولاحظ أنها تنصت حقًا وتستمتع بحكاياته، فابتسم مواصلًا:
كان يحكي عن الفلاحين والعمال الذين يزرعون أرضه. أسماؤهم، مزارعهم، عائلاتهم. كيف يعيشون، وكيف يكسبون رزقهم، وكيف يربّون أبناءهم ويعلمونهم.
أدهشها حديثه. ففي ضيعته أكثر من ثلاثين مزرعة، وهو يعرفها جميعًا. وهذا يعني أنه لم يوكّل إدارة الأراضي لوكيل، بل كان يتولى إدارتها بنفسه.
بينما معظم نبلاء إنجلترا لم يكونوا يعرفون حتى عدد مزارعهم. إذ يرون أن العناية بالأرض أمر تافه أمام متع الصيد أو منتجعات الاستجمام.
أما السيد دالتون، فلم يكتفِ بالعناية بها، بل بدا كأنه مرتبط بأصحابها ارتباطًا وثيقًا. أعمق من علاقة تجارية، أشبه بالصداقة.
وكلما أصغت إليه، شعرت بدفء في قلبها. ربما كان قليل من ملاك الأراضي في إنجلترا يملكون مثل هذا الحب العميق لأرضهم.
قدّمت له المزيد من الشاي، وقالت إنها تتمنى لو تستطيع رؤية “وايتفيلد”.
ــ “مكان جميل كهذا سيكون بمثابة نسمة عليلة حتى لمن أضناها صخب المدينة.”
ــ “المدينة مكان متطور وراقٍ، مليء بالبريق والحيوية. لكن لا أستطيع أن أقول، آنسة بندلتون، إن هذا المكان أفضل مما تركته وراءي. لو عرفتِ غابة وايتفيلد، لما استطعتِ قول ذلك حتى مازحة. لا أريد أن أبدو كالمتباهي، لكن لا أستطيع منع نفسي.”
ــ “لست بحاجة لذلك. الحديث عن الغابات والأشجار منعش لفتاة مدنية مثلي، أسيرة الناس والضوضاء، كما لو كنت أقرأ مقالة بديعة. تابع حديثك. حتى لو لم أرَ وايتفيلد بعيني، سأغمضهما وأصوّره كما هو في ذهنك.”
ارتخى وجه السيد دالتون أمام كلماتها.
ــ “مهما قلت فلن تكفي كلماتي للتعبير عن جمالها. مفرداتي محدودة وقاصرة. لكن سأريك شيئًا آخر. لوحة صغيرة قد تزيّن غرفة جلوسك.”
ــ “أوه، سيكون ذلك هدية رائعة. أفترض أن لديك خادمًا في البيت ماهرًا بالرسم؟”
ــ “نعم، أعتقد ذلك. لو اعتبرتِ أجزاء جسدي خدمًا لي.”
تفاجأت الآنسة بندلتون.
ــ “أترسم؟”
ــ “تعلمت قليلًا وأنا صغير.”
أثار الأمر فضولها، خاصة وأن التدريب الفني نادرًا ما يُقدَّم للأبناء الذكور. لكنه لم يُطِل الحديث عن ذلك ومضى.
الأطفال. موضوع منعش كالغابات والوديان. بدأت الآنسة بندلتون تسأله بعض الأسئلة عن أبناء أخته، وسرعان ما تحول مالك الأراضي الدؤوب إلى خالٍ محب.
لقد رُزق بابن أخته الأول قبل أن يتم الثامنة من عمره، وكان صبيًا وُلد لأخته، التي تكبره بخمسة عشر عامًا.
وكان اسم هذا الصبي هنري فيرفاكس. وعندما وُلد، لم يكن السيد دالتون قادرًا إلا على النظر إليه ملفوفًا في بطانية. وكان ذلك طبيعيًا. فالكبار لم يسمحوا لطفل أن يحمل طفلًا.
بعد ذلك، تعلّم ركوب الخيل وصار يزور “دنفيل بارك”، حيث كانت تعيش شقيقته.
ــ “كنتُ أجد متعة أعظم في النظر إلى هنري في مهده من اللعب بالورق مع وليام. وعندما كبر قليلًا، صار يلازمنا دائمًا. نركب الخيل، نصطاد، نركض كنا نريد أن نكون معًا باستمرار.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات