أستغفر الله العظيم واتوب اليه ⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
“الآنسة لانس.”
“هاه؟”
“سأعود إلى حديقة دنڤيل مباشرة بعد الحفل. لقد حزمت حقائبي بالفعل، وطلبت من السائق أن يهتم ببعض الأمور من أجلي.”
“لماذا بهذه السرعة…؟”
“سأبحث عن عمل آخر. سأغادر يوركشاير خلال أسبوع. إلى مكان بعيد جدًا… مكان لن أرى فيه أصدقائي القدامى إلا نادرًا.”
“آه…”
لم تعرف الآنسة لانس ماذا تقول.
“أتمنى لك السعادة، آنسة لانس.”
“آنسة شيلدون… كوني سعيدة.”
ابتسمت.
وأثناء نزولهما السلالم، شعرت الآنسة لانس بمزيج من المشاعر؛ فقد ارتاحت لأن الآنسة بيندلتون خرجت من حياة السيد دالتون، لكنها شعرت أيضًا بالأسف قليلًا. فقد عرضت الآنسة بيندلتون أن تتنحّى جانبًا من أجل السيد دالتون ومن أجلها.
لكن… بعد أن تخلّت عن العائلتين اللتين حمتاها، إلى أين ستذهب الآن؟ وكيف ستعيش؟
وهما تعبران الممر الطويل المظلم المؤدي إلى قاعة الاحتفالات، كادت الآنسة لانس أن تسأل الآنسة بندلتون عن خططها المقبلة، لكنها ترددت. لم تستطع، ولم يكن ينبغي لها أن تفعل. ما الفائدة من التدخل في شؤون عشيقة خطيبها السابق؟
«ثم إن هذا شأن يخص الآخرين.»
“إيان!”
تجمّدتا في مكانهما عند سماع الصوت المألوف. كان الصوت قادمًا من غرفة صغيرة تبعد قليلًا عن القاعة الكبرى، وكان بابها مواربًا.
عرفت الآنسة لانس أن الصوت يعود إلى السيد فيرفاكس.
«لابد أن السيد فيرفاكس مع السيد دالتون!»
اندفعت الآنسة لانس نحو الغرفة من غير تفكير، لكن الآنسة بندلتون أمسكت بذراعها سريعًا.
“إنهما يتحدثان على انفراد، ولهذا اختارا هذا المكان المنعزل. لنعد إلى القاعة.”
“لكن القاعة مزدحمة جدًا… لقد كنت وحيدة لساعات لأنني لم أجد السيد دالتون. فلنلتقِ هنا وندخل معًا…”
“أيها الأحمق! أهذا وقت الحديث عن الآنسة بندلتون؟!”
توقفت الآنسة لانس في ذهول.
ومن خلف الباب استمر صوت السيد فيرفاكس المتوتر:
“لقد انتشرت الشائعات بأنك والآنسة لانس عاشقان! لندن كلها مقتنعة بأنكما ستتزوجان!”
تجمّدتا في مكانهما.
ثم انطلق السيد دالتون ضاحكًا:
“سمعت شتى أنواع السخافات. ماذا فعلت مع الآنسة لانس؟ على أية حال، علية القوم في لندن سريعو الحكم بأفكار مبتذلة.”
“هذا كله خطؤك! لقد أيقنت الآنسة لانس أنك ستتقدم لخطبتها. لا بد أنك تصرفت بطيش. ماذا ستفعل الآن؟ سمعتها في الحضيض!”
“أي شائعات ستُنسى قريبًا. إنها ذات أصل كريم، وفتاة محبوبة. ستجد زوجًا مناسبًا في وقت قصير.”
“أنت تجهل المجتمع تمامًا! الآنسة لانس مهددة بفقدان أي فرصة لزواج لائق، وأنت السبب!”
ثار غضب السيد فيرفاكس وقال:
“لا حل سوى واحد: اترك مشاعرك تجاه الآنسة بندلتون، ووجّه قلبك إلى الآنسة لانس. إن لم تتحمّل المسؤولية وتتزوجها، فلن تُحل هذه الفضيحة أبدًا!”
“لا تكن سخيفًا. لماذا أتزوج امرأة لا أهتم بها، بينما لدي المرأة التي أحبها حقًا؟”
كان صوت السيد دالتون، الممتزج بالاشمئزاز، يخترق آذان المرأتين خلف الباب:
“إن لم تكن الآنسة بندلتون، فالزواج لا يعني لي شيئًا!”
م.م: في منتصف الجبهة 🫣🤭
عندها نزعت الآنسة لانس يدها من يد بندلتون واندفعت نحو الغرفة، فدفعت الباب بعنف.
بووم!
ارتطم الباب بالجدار فاهتز صدى الصوت. التفت الرجلان الواقِفان وجهًا لوجه نحو المدخل، وسرعان ما ارتسم على وجهيهما الانزعاج.
“الآنسة لانس!” “الآنسة بندلتون!”
نادا الرجلان كلٌ باسم من يهتم لأمرها.
“آه… آه…”
لم يكن الأمر أن الآنسة بندلتون وحدها سمعت اعترافه، بل إنها لم تُعره أي اهتمام.
“هذا… هراء!”
انفجرت الآنسة لانس باكية وركضت هاربة. ناداها السيد فيرفاكس ولحق بها.
أما الغرفة، فلم يبقَ فيها سوى اثنين: دالتون وبندلتون. التفت نحوها بوجه متوتر مشوّه.
“…الآنسة بندلتون.”
تقدّم خطوة نحوها.
“أنا…”
“توقف.”
مدّت يدها أمامه كمن يوقفه في منتصف الطريق. فتوقف.
“أظن أن صداقتنا انتهت الآن.”
شحب وجهه.
“لن أسمح لك أن تبقى قريبًا بعد اليوم. وداعًا، سيد دالتون.”
م.م: بغيت نعطيها ضربة ضرك والله، عرفت بلي يحبها وبعد هذا وش ردت عليه!!!!
انحنت ببرود ثم اختفت كهبّة ريح.
كانت الآنسة لانس تجرّ حقيبتها الثقيلة بصعوبة حين صادفت رجلًا في الممر. لقد كان السيد فيرفاكس، واقفًا أمام غرفة صديقاتها.
“الآنسة لانس.”
فجأة أدركت مظهرها البائس: وجه ملطخ بالدموع، شعر مبعثر من الركض، تنورتها مجعدة بسبب شدّ الأمتعة.
لكن الأكثر إحراجًا أنها كانت المرأة التي تخلّى عنها السيد دالتون أمام الملأ تقريبًا.
“ما الأمر؟” سألت بارتباك.
“كنت قلقًا على سلامتك…”
“أنا بخير.”
تجاوزته وهي تجرّ حقيبتها في الممر، لكنه لحق بها.
“هل ستعودين إلى لندن؟”
“نعم.”
“أرجوك أعيدي التفكير. كل شيء سينتهي صباح الغد. من الأفضل أن تعودي مع صديقاتك.”
“لا.”
“رحلات الليل خطرة على سيدة بمفردها. ثم إن السفر بعربة كهذه سيصيبك بالبرد…”
“قلت لا!”
استدارت نحوه بحدة وهي تحدّق فيه بعينيها الغاضبتين.
“صديقاتي مقتنعات تمامًا أن السيد دالتون سيتقدم لخطبتي! ماذا سيقلن إذا رأينني هكذا؟ ماذا سأقول لهن؟”
“… “
“بل حتى لو عرفن الحقيقة فستكون كارثة. غدًا على مائدة الإفطار، إن ظهرت بوجه متورم، سيتضح للجميع: لقد تخلّى عن الآنسة لانس. والمرأة التي يحبها… امرأة أخرى على الأرجح…”
عضّت الآنسة لانس على شفتيها، وغمرت الدموع عينيها الزرقاوين.
“أنا… أحتاج وقتًا. وقتًا لأرتب أفكاري… لأستوعب ما جرى لي.”
أومأ السيد فيرفاكس بهدوء.
“مفهوم. لكن دعيني أرافقك على الأقل.”
“… “
“لن أتدخل في شيء. سأكون كالظل، فقط لأضمن وصولك آمنة إلى قصر عائلة لانس. أرجوكِ.”
انحنى أمامها بتواضع، حتى بدا كمدين يستجدي تأجيل سداد دينه.
تردّد قلب الآنسة لانس قليلًا؛ فقد كانت تشعر بخوف خفي من ركوب قطار الليل بمفردها.
فأومأت بخجل، فشكرها بلطف، وخلع سترته الرسمية وألقاها على كتفيها العاريتين من البرد.
ثم حمل حقيبتها الثقيلة بسهولة، كأنها صندوق صغير.
وسار خلفها بثلاث خطوات، صامتًا، لا يتكلم. استدعى عربة بهدوء، وحمّل أمتعتها، وأنزل لها السلم لتصعد، بينما جلس هو في مقعد السائق البارد.
وعند وصولهما إلى المحطة، اشترى لها التذكرة، وحمل حقيبتها، وأوصلها إلى مقعدها. ثم جلس مقابلها بصمت.
ورغم اضطرابها، لم تستطع الآنسة لانس إلا أن تلاحظ لطفه وعنايته. لم تكن بالنسبة له سوى سيدة يعرفها قليلًا، ومع ذلك عاملها كما يعامل الرجل الكريم أنبل النساء.
لقد سمعت كثيرًا من الرجال يسمون أنفسهم “سادة”، لكن لم يكن في إنجلترا كلها خمسة رجال كالسيد ويليام فيرفاكس.
شعرت بالامتنان، لكنها لم تستطع التعبير عنه، فقد كانت مرهقة، محطمة، غارقة في حزنها وخجلها.
حتى لحظة ركوبها القطار، كانت تُنكر الواقع. كانت تقول لنفسها: لقد أسأت السمع. أو لعله كان يخفي مشاعره الحقيقية.
لكن الكلمات التي سمعتها بأذنها لم تدع لها مفرًا من التصديق:
“لا تكن سخيفًا. لماذا أتزوج امرأة لا أهتم بها، بينما لدي المرأة التي أحبها حقًا؟ إن لم تكن الآنسة بندلتون، فالزواج لا يعني شيئًا بالنسبة لي!”
ذلك الصوت البارد، اللامبالي…
“آه، إنه لم يحبني قط!”
كانت الآنسة لانس قد بكت طويلًا في العربة قبل وصولها إلى المحطة، حتى إنها لم تعد قادرة على الصعود إلى القطار دون مساعدة.
وانطلق القطار، والآنسة لانس تحدق من النافذة بعينين محمرتين ووجه منتفخ. المشاهد التي كانت تبعث في نفسها الأمل قبل أيام، كانت الآن تلوّح لها كأنها تودّعها تحت ضوء القمر.
ومع تلاشي حزنها مع دموعها، بدأت عقلانيتها تعود شيئًا فشيئًا.
“كيف ارتكبت هذا الخطأ؟”
فكرت: لم يكن قد غازلها بجدية أبدًا. كان يعاملها كما يعامل أي نبيل سيدة من المجتمع الراقي، لا أكثر ولا أقل. ومع ذلك، أقنعت نفسها أنه يحبها. لماذا؟
نقّبت في ذاكرتها، تفكرت في كل موقف بعين موضوعية.
وعندما كان القطار يغادر حدود يوركشاير، صدمها الجواب:
“لأن الناس كانوا يقولون إن إيان دالتون يحبني… وأنا أردت أن أصدق ذلك.”
احمرّ وجهها كطماطم، وراودها شعور بالمهانة حتى إنها رغبت أن تصفع نفسها.
“أنا حمقاء. حمقاء! كيف انخدعت بكلام الناس وصدّقت هذا الوهم السخيف؟ لم يكن دالتون مهتمًا بي أصلًا. لم يدعني إلى رقصة فالس، لم يقدم لي هدية، لم يُظهر أي اهتمام صريح. والآن… ماذا سأفعل؟ لقد صار كل لندن يظن أن بيني وبينه علاقة!”
راودها شعور بأنها تريد أن تقفز من نافذة القطار. لكنها أدركت أن السيد فيرفاكس رافقها فقط ليمنعها من ارتكاب شيء كهذا.
“لو كنت أكثر وعيًا… ما كان شيء من هذا ليحدث. كان يمكنني أن أوقف القيل والقال، أن أبقى بعيدة عنه حتى لا يساء فهم الأمر. لو أن أمي لم تزرع فيّ تلك الآمال الكاذبة… أو لو كان هناك شخص ينصحني نصيحة صادقة…”
وفي تلك اللحظة، لمعت صورة شخص واحد في ذهن الآنسة لانس. شخص كان قد حذّرها بطريقة غير مباشرة من الانسياق وراء الشائعات حول السيد دالتون.
م.م: الحمد لله عرفت وخلصنا منها 😒
Sel للدعم : https://ko-fi.com/sel08 أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 107"