أستغفر الله العظيم واتوب اليه ⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
في وقت متأخر من الليل، حين دخل رامسويك غرفة نوم سيّده، كان إيان دالتون ممددًا على السرير، ضاغطًا عينيه بيده.
كان نصف عارٍ من بذلته الرسمية. ربطة العنق الكتانية مفكوكة بإهمال، وأزرار قميصه الأربعة أو الخمسة مفتوحة، تكشف عن عظم الترقوة والجزء العلوي من صدره. شعره المصفف بعناية بدا مشوشًا، ومعطفه وستره ملقيان على الأرض وكأنهما أُزيلا بعجلة.
كان مشهدًا متناقضًا تمامًا مع مظهره المعتاد الذي يتسم بالترتيب الدقيق حتى في أبسط المهام اليومية. ومع ذلك، لم يبدُ رامسويك متفاجئًا.
فقد كانت الآنسة شيلدون تتجنبه طوال الأيام الثلاثة الماضية. بعدما كانا يبحثان عن بعضهما البعض كزوجين محبين، يتهامسان ويضحكان كصديقين منذ الطفولة، تحولا فجأة إلى غريبين.
لم تسمح له بالكلام معها، وكلما اقترب منها ابتعدت مثل غزال يفرّ عند سماع وقع خطوات الصياد. رامسويك، الذي كان يراقب كل شيء من بعيد حتى آخر أيام الاجتماع، شعر بألمٍ حاد وهو يرى ملامح سيده الجريحة. وبما أنّ الآنسة شيلدون لم تُعره أي انتباه، لم يستطع سوى أن يستشف حالتها من خلال كبير الخدم.
قال بهدوء: “سيّدي، سأرفع لك تقريرًا.”
أدار السيد رأسه. وجهه المرهق من قلة النوم كان يحدّق في الخادم. نهض ببطء وجلس على حافة السرير.
قال رامسويك: “أحضرتُ لها كعكة قهوة وشراب شربات من قِبل السيد فيليب. تناولت نصفها، ثم توقفت. يبدو أنّها بصحة جيدة، وتريد إنهاء هذا الاجتماع سريعًا والعودة إلى دنڤيل بارك.”
قال أخيرًا: “…في البداية قالت إنها لا تعرف، لكن حين ألححت عليها اعترفت. ربما ستدرّس في المدرسة الداخلية التي تخرجت منها. بل إنها أرسلت رسالة تسأل إن كانت هناك شواغر…”
تجعد وجهه بمرارة. انحنى إلى الأمام ومسح وجهه بيديه الجافتين.
كان قلب رامسويك يشتعل بالقلق. هل كانت الآنسة شيلدون تنوي حقًا تركه؟ وإن فعلت، هل سيتمكن من تقبّل ذلك؟
منذ بدأت تتجنبه، لم يعرف النوم طريقًا إليه. دخّن سيجارة تلو الأخرى ورفض الطعام. مهما قيل له، بدا شاردًا بلا رد فعل، مما حيّر الخدم والضيوف. بدا وكأنه فقد عقله.
ماذا لو أصابه الجنون؟
الخادم العجوز المخلص، الذي لم يكن يشغله سوى راحة سيده وسعادته، ازدادت تجاعيد وجهه قلقًا.
قال أخيرًا: “طلبت مني أن أبلغ السيّد بأن هناك ألعابًا نارية غدًا في الحفل، بعد رقصة الكوتيلون الأخيرة. وبما أنّها الليلة الختامية، فقد أضافوا هذه الفعالية الخاصة.”
تناول إيان سيجارًا من علبته وكأن الأمر لا يعنيه، فأومأ رامسويك وغادر الغرفة.
أُغلق الباب.
جلس يدخن في الغرفة المظلمة. أنهى واحدة، ثم أشعل أخرى، ثم ثالثة. لكن الطمأنينة التي كان يتوقعها لم تأتِ، بل ازداد صدره ثِقلاً.
هل يمكن أن تترك دنڤيل بارك؟
لقد أصبح الكابوس حقيقة.
لم يفهم إيان أخطأ. كان يأمل أن تعتاد على قاعة وايتفيلد أثناء التحضيرات، أن تعرف كل ركن في القصر وتصبح قريبة من الخدم. حتى إذا جاءها عرض زواج، لن تشعر بعبء كونها سيدة البيت.
كما أراد أن يتفاخر أمام النبلاء الذين طالما تجاهلوها بأن لها حاميًا قويًا، وأن والدها رسّام عظيم.
لكن خطته لم تزدها إلا بُعدًا.
عشيقتي؟ لو أمسكتُ بالوغد الذي تفوّه بهذه الكلمة لانتزعتُ لسانه من فمه.
لكن لم يكن هناك وقت لإهداره في الغضب. لورا كانت سترحل. على وشك أن تطير بعيدًا إلى الأبد.
إن رحلت، فلن أستطيع العيش.
لقد كان تجاهلها له طيلة الأيام الثلاثة الماضية جحيمًا. لم يعد يستوعب شيئًا. الوجوه العابرة بدت له كوجوه قرود. حتى ويليام كان يلوّح بأصابعه أمام عينيه يسأله كم يرى، لكنه لم يستطع الإجابة.
لا يمكن أن أدعها ترحل. يجب أن أبقيها بجانبي مهما كان الثمن.
أجهد ذهنه. لكن حتى وهو في كامل وعيه، كان أعمى حين يتعلق الأمر بلورا. عقله، الذي لم يذق النوم لثلاثة أيام، ابتدع حلًا يائسًا:
قبل أن ترحل لورا… سأتقدم لخطبتها.
عضّ على سيجاره.
غدًا في الحفل، سأدعوها بهدوء إلى الشرفة. سأقول لها إنني أحببتها دائمًا… لكنها سترفض.
رمى سيجاره ومضغ أظافره بقلق. ثم لمعت في ذهنه فكرة مرعبة:
“إن رفضت… سألقي بنفسي من الشرفة.”
اندفع الأدرينالين في جسده، فقفز وبدأ يتمشى حول السرير.
“نعم، ستقبل. إنها طيبة وكريمة. سنتزوج أولًا، وسننام في غرف منفصلة ونعيش كالأشقاء حتى تحبني. سأنتظر سنوات حتى يمتلئ قلبها نحوي. حينها فقط سيبدأ زواجنا الحقيقي.”
م.م: 🤣🤣🤣🤣🤣 هو من صوتها يروح فيها، زعما رح يصبر عليها حتان تكون مرتو 😭🤣
كان قد فقد صوابه من قلة النوم. لم يرَ أنه كان يتجاهل حقيقة أساسية: لورا المتديّنة، التي تعتبر الانتحار أشنع الخطايا، سترتعب من هذا التهديد إن علمت به.
مع طلوع الفجر، أرسل خادمًا ليستعيد من خزنة البنك خاتم الماس العائلي الثمين، الذي وضعه والده في إصبع والدته يوم زفافهما.
وبحلول العشاء، عاد الخادم سريعًا ومعه الخاتم.
وضع السيد دالتون الخاتم، الذي يلمع كظفر إبهام، في علبته وأخفاه في جيب سترته الرسمية. ثم نزل بخطوات واثقة نحو قاعة الحفل.
م.م: حماس القراء ↗️↗️↗️↗️↗️
القاعة كانت تضج بصخب الموسيقى وأحاديث الحضور.
كان السيد فيرفاكس يرقص رقصة الكوادريل بسعادة مع شقيقته، ثم مضى للبحث عن أصدقائه. كان قد اتفق على أن يرقص رقصة الكوتيلون التالية مع الآنسة بندلتون.
لم تتح له فرصة الحديث معها خلال الأيام الماضية، وكان لديه الكثير ليقوله. فهو يعتبرها صديقة عزيزة كحاله مع الآنسة هايد، ويكنّ لها احترامًا كبيرًا.
م.م: السيد فيرفاكس غابة خضراء 🥺
وجدها عند طاولة الشراب، ترتدي فستانًا مخمليًا أرجوانيًا داكنًا مطرزًا بالدانتيل الأبيض وزُيّن بحُليّ ذهبية. كانت توجّه رامسويك لإرسال مزيد من الخادمات إلى غرفة السيدات.
وحين رأت فيرفاكس، انحنت قليلًا.
قالت: “صباح الخير يا سيد فيرفاكس.”
ابتسم وردّ: “صباح الخير يا آنسة بندلتون. آه، لكن بندلتون اسم من الماضي، أليس كذلك؟”
فأجابته: “لا يهمني ما تُسمّيني به. نادني بما تشاء.”
قال: “سأناديك آنسة شيلدون. لقد كان لك أبٌ عظيم، وعشتِ طويلًا بلا اسم، والآن يليق بك اسم تفخرين به.”
ابتسمت لورا، لكن فيرفاكس لمح ظلًا خفيفًا على وجهها المبتسم.
سألها: “هل يزعجك أمر ما؟” ثم صمت، لأن من غير اللائق أن يعلّق على شحوبها.
قال: “آنسة شيلدون، هل حجزتِ رقصة الكوتيلون مع أحد؟”
“لا.”
“إذن فلتكوني شريكتي؟”
“جيد. يسعدني أن أرقص مع السيد فيرفاكس بعد طول غياب. أنت بارع في الرقص، أليس كذلك؟”
ابتسم وقال: “ليس بالمستوى الذي يُحرج الآنسة شيلدون. خطواتك أخف من الريشة.”
ضحكت لورا، ثم توقف ضحكها فجأة. رمقت بعينيها خلف كتفه.
التفت فيرفاكس، فإذا بإيان يتجول في القاعة بعينين متفحصتين.
رفع يده ليناديه: “مرحبًا، أنت”
لكن لورا قاطعته بارتباك: “سيد فيرفاكس!”
قالت بحدة: “رقصة الكوتيلون التالية ستتعبني. أرجوك اعذرني.”
“هل تشعرين بألم؟”
“لا. فقط… تذكرت شيئًا لم أطلبه.”
“أنا قلق أنكِ مرهقة. لا يمكنك حتى الاستمتاع.”
“استمتع أنت بدلًا مني. وأرجوك، لا تخبر السيد دالتون أين ذهبت.”
تردّد قليلًا ثم أجاب: “حسنًا…”
وغادرت لورا بسرعة. وما إن رحلت حتى وصل إيان.
سأله بلهفة: “ويليام، هل رأيت الآنسة بندلتون؟”
ارتبك: “هاه؟ لا… لم أرها.”
مرر إيان يده في شعره المصقول وقال: “اللعنة، أين ذهبت؟”
تأمل فيرفاكس وجه صديقه. بدا إيان، الذي أنهكته الأيام الماضية، متوهجًا اليوم باندفاع غريب.
سأله: “ما بك؟”
“لا شيء. إن وجدتها، أخبرني.”
ثم أضاف: “وإن جاءت الآنسة لانس تسأل عني، فقل لها إنك لم ترني. إنها تلتصق بي كعلقة منذ أيام، وهذا يثير جنوني.”
اعترض فيرفاكس: “مهلًا، كيف تقول هذا عن سيدة؟”
لكن إيان كان قد اختفى في الزحام قبل أن يسمع بقية كلامه.
تمتم ويليام ساخرًا: “ما الذي يجري؟ هل صرتما تلعبان الغميضة؟”
هز كتفيه ومضى يبحث عن صديق آخر. ومن بعيد لمح ظهر شقيقته وسط مجموعة من الصديقات مع الآنسة لانس.
اقترب بابتسامة. “مساء الخير.”
انحنَين تحية له. سألهن: “هل تستمتعن بوقتكّن؟”
أجابته الآنسة لانس بمرح: “بالطبع.”
بدت أكثر إشراقًا من آخر مرة رآها في القطار. فستانها وتسريحة شعرها كانا متقنين، فبرزت بين نساء القاعة.
قالت شقيقته بفخر: “أخي، انظر! هذا الفستان صنعه خياط فرنسي خصيصًا لها!”
احمرّ وجه لانس خجلًا، بينما صفق فيرفاكس إعجابًا.
قال: “لقد كان لافتًا من بعيد. أنتِ بلا شك نجمة الحفل.”
فضحكت صديقاتها بسعادة، واحمرّت وجنتاها.
قالت: “شكرًا.”
ابتسم: “أظن كل الشركاء محجوزون لليلة.”
فأجابته صديقاتها: “بالطبع لا. يجب أن ترقص رقصة مع السيد فيرفاكس.”
الرقصات لا تمثل مجرد حركات، بل تعكس تطور القيم الاجتماعية والطبقية والحرية الشخصية في أوروبا عبر العصور، ومن هذه الرقصات التالي: 1. المينويت (Minuet): الرقي، الاحترام، والطبقة الأرستقراطية. كانت رقصة البلاط الملكي الأساسية (القرنين 17 و 18). حركتها البطيئة، المنضبطة، والحركات المتبادلة دون تماس مباشر، كانت ترمز إلى التراتبية الصارمة والسلوك المهذب للنبلاء في ذلك العصر. 2. الرقص الريفي (Country Dance): المجتمع والتفاعل والبهجة الشعبية. نشأت من تقاليد الطبقات الدنيا والريفية. كونها رقصة جماعية تسمح بتبادل الشركاء والتفاعل بين الجميع يمثل قيمة المجتمع والاحتفال المشترك، بعيداً عن قيود البلاط. 3. الكوتيليون (Cotillion) والكوادريل (Quadrille): النظام والتنظيم الاجتماعي والتطور الهيكلي. تطورت من الرقص الريفي لتدخل الصالونات. هيكلها المربع المنظم وحركاتها المتسلسلة المحددة (يُشرف عليها منادٍ) كانت تمثل الرغبة في الترفيه المنظم والمناسب للطبقات الوسطى والعليا. 4. الفالس (Waltz): الرومانسية، الجرأة، والحرية الشخصية. يُعد ثورة اجتماعية. الحركة القريبة جداً بين الشريكين والدوران المستمر، كانا يمثلان انتقالاً نحو التعبير العاطفي الأكبر والتركيز على العلاقة الثنائية (الحب الرومانسي)، متحدياً قيود الرقصات القديمة الأكثر رسمية. 5. البولكا (Polka): الحيوية، المرح، والوطنية الشعبية. نشأت في بوهيميا. تمثل الحيوية والروح الشبابية السريعة والتحرر من الرتابة. كانت رمزاً للثقافة الشعبية التي تغزو قاعات الرقص وتضيف عنصراً من الطاقة والبهجة غير الرسمية.
احم احم و انتهت فقرة الشرح 💜 شكرا على حسن القراءة و المتابعة 🤭
Sel للدعم : https://ko-fi.com/sel08 أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 105"