6
فُتح باب غرفة الاستجواب فجأة وخرج رجل ذو شعر بني. نظرت شارلوت خلسةً والباب يُغلق للمرأة التي يُفترض أن تكون عشيقة البارون، استطاعت رؤية الحزن في زوايا عينيها.
هزّ الرجل رأسه وتحدث.
“لن نصل لأي نتيجة معها، إنها مصرّة أنها لم تقتله.”
“لكنها أكثر الأشخاص إثارةً للشبهة.”
“هل تعتقد أنها القاتلة؟”
“سنكتشف ذلك بعد متابعة الاستجواب، يمكنك الذهاب الآن دوري، سأكمل أنا.”
“……اسمي دان، سيدي المحقق.”
“….. المعذرة.”
“سيدي المحقق أنا حقًا لا أمانع إن كان هذا بيننا، ولكن أرجوك لا تقم بهذا أمام أي شخص آخر، أنا أفكر في مصلحتك.”
“…..فهمت.”
“إن عقلكَ رائع في حل الجرائم وفي كل شيء آخر، ولكن فقط لا أفهم كيف لا تستطيع تذكر أسماء الناس هكذا!”
ضحكت شارلوت على موضوع وطريقة حديثهما رغمًا عنها، وعندما التقيت عيناها بعيني دان احمرّ حرجًا وحكّ وجهه.
“شارلوت روفرن من مكتب الطب الشرعي.”
“دان، دان مارس……”
نظر هنري لهما وهما يحييان بعضهما ببعض الإحراج ثم تحدث.
“إذا سمحتَ يا دورين، أرغب بالتحدث مع الآنسة سيلان.”
“…..إنه دان أيها المحقق.”
“…..إنه شارلوت.”
“……..”
هذه المرة نظر كلٌ من شارلوت ودان لهنري.
ترك دان نصيحةً لشارلوت قبل أن يذهب.
“إن المفتش هنري سيء جدًا في تذكر أسماء الأشخاص، لكنه قادرٌ تمامًا عندما يتعلق الأمر بالعمل. لذا فقط تجاهليه وأخبريه بما تريدين.”
ذهبت شارلوت مع هنري للغرفة المجاورة لغرفة الاستقبال. كانت مجهزةً بالأثاث الطبيعي لأي غرفة مكتب: خزانة كتب، كرسي، أريكة، طاولة، مكتب. لكن الفرق الوحيد كان أنها مليئة بأكوام من الأوراق.
“تفضلي بالجلوس.”
تحدث هنري وهو يجلس بين كومة الأوراق على الأريكة.
ترددت شارلوت للحظة ثم أزاحت الأوراق وخلقت مساحة لتجلس فيها.
“هل ترغبين ببعض الشاي آنسة سيلان؟”
“أنا—….. لا شكرًا لك.”
تذكرت شارلوت نصيحة دان وقررت التعايش مع اسم سيلان لبعض الوقت.
كان هنري قد رفع إبريق الشاي ليصبه عندما سمع الرفض.
“أوه.”
تحركت يداه ببعض الحرج للحظة، ثم سعل قليلًا متحدثًا.
“أفترض أن لديكِ شيئًا لتخبريني به آنسة سيرين؟”
قررت شارلوت افتراض أن اسمها سيرين هذه المرة.
“نعم، بشأن المشتبه به بكونه الجاني في هذه القضية…… كل هذا مكتوب في هذه الوثائق.”
أخرجت شارلوت الأوراق وأعطتها له.
“روبرت توروب، الأخ الأصغر للضحية. هل هناك سبب لاعتقادكِ هذا؟”
“مكتوب هنا أن روبرت كان على خلاف مع الضحية في الآونة الأخيرة، وقد دخلا في جدال في اليوم السابق للوفاة. لقد شربا معًا في تلك الليلة، كان لديه الدوافع والفرص لتسميمه.”
هزّ هنري رأسه عند سماع ذلك.
“هذه مجرد شكوك لا تكفي لاتّهامه.”
“إذًا، ما الدليل الذي وُجِّه للعشيقة التي ظهرت قبل قليل؟”
“…تلك أيضًا محض شكوك فقط. لكن بالنسبة لنا، فهي أكثر إثارة للريبة.”
“إن كانا قريبين لدرجة أن يعطيها تلك الهدايا الثمينة، ألا يعني ذلك أن علاقتهما لم تكن سيئة؟ لا يبدو أن هناك دافعًا كافيًا.”
“لم تكن إلّا محض خادمة في عيون الناس وليس عشيقة رسمية حتى. كانت تعمل وتذهب للبارون كلما يستدعيها، وحتى حين تتعرض للتوبيخ في عملها لم يفكر البارون في مساعدتها، لو كان يراها كعشيقته حقًا لطلب من رئيسة الخدم أن تعقبها من العمل، لكنه لم يفعل. شيء كهذا يعني أنه كان يخدعها طوال الوقت.”
“لذا فأنتَ تعتقد أنها تملك ضغينة تجاهه؟”
“إلى حد ما.”
عند النظر لهنري، لم تكن تعابير وجهه تظهر اقتناعًا حقيقيًا بالفرضية.
“من وجهة نظري فبدلًا من قتل البارون كل بإمكانها جعله يمنحها عملًا ما أو منزلًا صغيرًا حتى تنهي عملها كخادمة، في النهاية قتل البارون لم يجعلها تستفيد شيئًا.”
“بعض الناس يقتلون لمجرد الحقد والغضب.”
“لكن روبرت توروب لا يزال مشبوهًا أيضًا.”
حدّق هنري في الأوراق وعضّ شفتيه مفكرًا.
“حل سنحت للآنسة ماي فرصة لتسميم المشروبات؟”
“… كان هناك الكثير من الفرص، فقد كانت هي من قدمت المشروبات في الليلة السابقة لوفاته، وهي نفسها من اكتشف جثته.”
“إذا كانت قد أحضرت المشروبات، فلا بد أنها سمعت الحديث بين البارون وروبرت، ربما رأته يفعل شيئًا ما.”
“……..”
“لمَ لا تحقق في تلك النقطة قليلًا؟”
أومأ هنري برأسه في النهاية وهو منزعجٌ غير مقتنع أيضًا بفكرة أن الخادمة هي الجاني.
عندما دخل الاثنان غرفة الاستجواب مجددًا، كانت ماي قد هدأت قليلًا وجلست تنظر لهما بالتناوب وهي تمسك منديلها.
“…. دعينا نعيد الحديث مرةً أخرى.”
“أنا لم أقتل سيدي.”
“أنتِ تقولين نفس الشيء مجددًا، أليس لديكِ شيء آخر لقوله؟”
“لماذا يجب أن أقول أي شيء آخر؟ تلك هي الحقيقة!”
نظرت شارلوت لماي التي أخذت ترتجف وتصرخ وذراعاها ملتفتان حول بطنها.
“سمعتُ أن كان يشرب في الليلة التي سبقت وفاته، هل هذا صحيح؟”
“….نعم، لكن إن كنتُ سممته، فيجب أن يموت روبرت أيضًا معه، وهو لا يزال على قيد الحياة!”
“ما الذي كانا يتحدثان عنه؟”
“…..لماذا تسأل؟”
“هل هذا يهم؟ أخبريني بما سمعتِه فقط.”
أزالت ماي يديها من حول بطنها وشابكتهما معًا.
تململت لبعض الوقت قبل أن تتحدث بحذر وهي تروي ما تتذكره.
“لقد عاتب البارون روبرت وأخبره أن يتمالك نفسه ويتوقف عن كونه مدللًا وأنه قد كبر على أن يظل يلوم والديه…. وأشياء من هذا القبيل.”
“وهل نشأ جدال بينهما أم ظل روبرت هادئًا؟”
“لقد استمع إليه بطاعة، ما كان شيئًا غريبًا في الحقيقة.”
“…..ماذا تعنين بذلك؟”
ترددت ماي للحظة ثم تحدثت.
“اعتاد سيدي أن يكون طيباً جدًا مع روبرت، حيث كان يعطيه مصروفًا رغم أنه قد بلغ سن الرشد ولم يكن يعمل. وعندما كان يقامر ويخسر كل أمواله، كان يسدد له كل شيء. لكن مؤخرًا، قال البارون أنه لم يعد يحتمل الأمر ولن يعطيه أي أموال بعد الآن، فتجادل معه روبرت حول ذلك، لكن البارون ظلّ مصرًا. جاء روبرت لطلب المساعدة صباحًا لكنه قوبل بالرفض وغادر غاضبًا، ولكنه عاد في المساء وتناول مشروبًا مع البارون وسمع نفس الكلمات التي قالها في الصباح، لكنه تلك المرة أومأ برأسه موافقًا على ما قاله البارون.”
كان ذلك مريبًا بشدة. نظرت شارلوت لهنري لترى إن كان يعتقد الشيء ذاته، فالتقت نظراتهما في نفس اللحظة.
أومأ هنري برأسه قليلًا ثم سأل مرة أخرى.
“هل أعددتِ لهما الكؤوس والشراب بنفسكِ؟”
“نعم، لقد جئت بهم من المطبخ للغرفة بنفسي.”
“هل ظللتِ معهما طوال الوقت؟ أو هل قام أيٌ منهما بلمس الزجاجة؟”
احمرّ وجه ماي مجددًا.
“أنا لم أقم بتسميمه!”
صدح صوتها العالي في غرفة الاستجواب. أطلق هنري تنهيدة صغيرة وشابك ذراعيه متكئًا على ظهر الكرسي.
ظنّت ماي أنه لا يصدقها فلفّت يديها حول بطنها وهبّت واقفة.
“لم أفعل ذلك!”
في تلك اللحظة، أمالت شارلوت، التي كانت تراقب كل حركة من ماي، رأسها قليلًا وظهر سؤال في رأسها.
لماذا تستمر في لف يدها حول بطنها؟ هل تتألم؟
لكن حركات ماي كانت أقرب للوقاية أكثر من الألم…… انفتح فم شارلوت قليلًا عندما داهمها إدراكٌ مفاجئ.
“آنسة ماي، أنتِ………..”
لم تكد شارلوت تنهي جملتها وعيناها تنتقلان بين وجه ماي وبطنها حتى ابيضّ وجه ماي من الرعب.
“أ، أ، أن، أنا……..”
حاولت التحدث لكن الكلمات لم تخرج من فمها وسقطت على كرسيها مجددًا والدموع تنهمر تطلخ خديها. امتلأت الغرفة بصوت الشهقات المختنقة.
نظر هنري لشارلوت وماي عدّة مرات مرتبكًا من الفوضى المفاجئة، ثم أمسك بذراع شارلوت وسألها بهدوء.
“ما الذي يحدث آنسة سيلان؟”
“……. أنتَ لا تفهم شيئًا حقًا، أعتقد أنه يجب عليكَ فقط أن تسكت.”
“……حاضر.”
تنهدت شارلوت بينما تستمع لشهقات ماي.
ارتجف كتفا ماي عندما سمعت سؤالها.
“هل هو ابن البارون؟”
“…………..”
لم تقل ماي شيئًا وأغلقت عينيها بينما استمرت في الارتجاف.
نظر لها هنري بدهشة محدقًا لشارلوت وعيناه تتساءلان ‘هل هي حامل؟’ شعرت شارلوت بالصداع بسبب هذا وأشارت له بعينيها أن يبقى هادئًا. وأجاب هنري بعينيه بهدوء ‘حاضر’.
“…..أنا لم أقتل البارون.”
تحدثت ماي بعد صمت طويل.
“أنا حامل بطفل البارون، هل فكرتِ يومًا كيف سينظر الناس لي وأنا حامل بدون زواج؟ كيف يمكن لي أن أربي طفلًا وحدي؟”
• ترجمة سما
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 6"