وصف القصر:
كان القصر ضخمًا للغاية، رائعًا بشكل لم أتخيله يومًا… لم أكن أصدق أنني أضع قدمي في مكان بهذه الفخامة.
رواق القصر كان يشعّ باللون الأصفر… ليس أصفر عادي، بل لون الذهب الحقيقي. كل شيء يلمع، كل زاوية تعكس الثراء.
الجدران تزينها لوحات لأشخاص مهيمين، وجوههم لا تُنسى، ملابسهم فخمة كأنهم ملوك.
كل نافذة تطل على حديقة خضراء تبدو كأنها قطعة من الجنة، خضرة ممتدة بلا نهاية، أزهار بألوان لا أعرف أسماءها، ونوافير ماء تتراقص في الهواء.
كيف يمكن لثلاثة أشخاص فقط أن يعيشوا في هذا القصر العملاق؟!
وبينما أنا منبهرة بكل ما أراه، توقفت الخادمة فجأة ونظرت إلي بوجه جاد.
الخادمة: “أحسني التصرف وكوني مطيعة للسيد الشاب.”
أسيل (بخوف): “حاضر.”
—
الدخول إلى غرفة السيد الشاب:
دخلت الغرفة التي يتواجد بها السيد الشاب… كانت أضخم من بيتنا بثلاث مرات.
كل شيء فيها كبير: السرير، المكتب، الخزانة، حتى الشرفة كانت تطل على الحديقة وكأنها منصة ملوك.
نظرت إلى يساري، فوجدت طاولة عليها إبريق شاي وفناجين مرتبة بعناية.
في منتصف الغرفة، ستار طويل يفصل بين جهتين، وعلى اليمين… كان هناك حارس واقف بصرامة.
أسيل (بارتباك وارتجاف): “مـ… مرحبًا، يا سيدي الشاب.”
السيد الشاب (بصوت هادئ): “تعالي، اجلسي.”
جلست أمام الطاولة، وقلبي يكاد يخرج من صدري. هذه أول مرة أواجه فيها “الوحش” الذي يتحدث عنه الجميع…
الذي يشاع أن كل من رافقنه… لم يعدن أبدًا.
السيد الشاب: “ما اسمك؟”
أسيل (متلعثمة): “اِسمي… أسيـ… أسيل.”
السيد الشاب: “هل أنتِ خائفة؟”
أسيل: “لا…”
السيد الشاب: “إذاً، لماذا ترتجفين؟”
أسيل (بصوت منخفض): “هل يمكنك رؤيتي؟”
السيد الشاب: “أجل. هذا الستار صُمم خصيصًا لأرى من خلاله، لكن من الجهة الأخرى لا يمكن رؤيتي.
والآن، أخبريني… لماذا ترتجفين؟”
أسيل (بتردد): “أعذرني يا… يا “وحش”، لم أقصد الوقاحة…”
السيد الشاب (بدهشة): “…وحش؟!!!”
الحارس (بحدة): “وحش؟!!!”
أسيل (في نفسها): انتهى أمري… فمي دمرني…
أسيل (بدموع): “أنا آسفة! أقصد… سيد الشاب! أرجوك سامحني على قلة أدبي! لا تقتلني أرجوك!”
السيد الشاب (يضحك): “ههههه! هذا مضحك!
هاي، يا فيليكس، هل فعلاً يناديني أهل الجزيرة بـ’الوحش’؟”
الحارس فيليكس (بحزم): “اسمح لي، يا سيدي، أن أُلقّن هذه الفتاة درساً.”
أسيل: “هااااااااا!”
السيد الشاب (جديًا): “لا. عندها سأكون فعلاً وحشًا.
أخبريني، يا أسيل… لماذا تمت تسميتي وحشًا؟”
أسيل: “أنا آسفة… لكن يُشاع أنك تقتل كل فتاة ترافقك…”
السيد الشاب (منزعج): “أقتل؟! فيليكس، هل أنا أفعل ذلك؟”
فيليكس: “أبدًا، سيدي.”
السيد الشاب: “أنا لا أقتل أي مرافقة، يا أسيل. من أخبرك بهذا فهو مخطئ.”
أسيل (بتنهيدة): “إذاً… أنت لن تقتلني؟”
السيد الشاب: “بالطبع لا. لم أستدعك لأؤذيك.”
—
بعد هذا الحديث، بدأت أشعر بالهدوء. وبدأنا نتكلم عن حياتنا، عاداتنا، الكتب التي نقرأها.
كان السيد الشاب مثقفًا بشكل لم أتوقعه، وأحب القراءة كثيرًا… تمامًا مثلي.
تحدثنا كثيرًا، ونسيت الخوف تدريجيًا… حتى شعرت وكأني أتحدث مع شخص أعرفه منذ زمن.
أما الحارس فيليكس، فكان واقفًا بصمت طوال الوقت…
لكن في كل مرة نظرت إليه، كانت عينيه الخضراوين اللامعتين تشدني…
وشعره الفضي الذي يعكس ضوء الغرفة…
أعتقد أنني… أحببته من أول نظرة.
السيد الشاب: “لقد استمتعت بحديثنا، يا أسيل…
آمل أن تعودي إلى هنا مرة أخرى.”
أسيل (في نفسها): (أجل! لقد نجحت!)
أسيل: “حاضر، يا سيدي.”
—
خارج القصر:
الخادمة: “حسنًا يا أسيل، لقد نجحتِ.
يجب عليك إبقاء زيارتك للسيد الشاب سرًّا، لا تخبري أحدًا، حتى صديقاتك. فهمتِ؟”
أسيل: “حسنًا… إلى اللقاء.”
كان السيد الشاب يراقبني من النافذة، وأنا أركب العربة وأغادر.
السيد الشاب: “فيليكس… يبدو أن أسيل لا تعلم أنني وحش.
وربما… لست وحشًا فعلًا.
كان اليوم ممتعًا، رؤيتها ترتعد مثل خروف صغير…”
فيليكس (الحارس): “هل استمتعت؟”
السيد الشاب (يضحك): “أجل، هههه.”
—
في البيت:
عدت أخيرًا… لم أصدق أنني لا زلت على قيد الحياة.
كان والديّ في انتظاري، يبدوان وكأنهما كانا يظنان أنني لن أعود.
صعدت إلى غرفتي بسرعة. كنت متعبة جدًا من ركوب العربة ومن التوتر.
بينما كنت أستعد للنوم، دخلت أمي وهي تحمل مشروب الأعشاب كعادتها.
أمي: “تفضلي، مشروبك يا حبيبتي.”
أسيل: “ضعيه على الطاولة، سأشربه لاحقًا…”
لم تشكّ في شيء، ولم تُجبرني على شربه أمامها.
بعد مغادرتها الغرفة، جلست أحدّق في الكأس.
“هل هذا مجرد شراب أعشاب؟ أم أنه شيء آخر؟
هل والديّ يشربانه أيضًا؟”
لم تكن لدي الجرأة أن أسأل، ليس قبل أن أعرف تأثيره الحقيقي.
أخذت الكأس… وسكبته بهدوء في باقة الزهور بجانب سريري.
ثم استلقيت ونمت.
—
في الصباح الباكر:
استيقظت على زقزقة العصافير… لكن رأسي كان يؤلمني بشدة، وشعرت بتعب غريب في جسدي.
“هل هذا بسبب أني لم أشرب شراب الأعشاب؟
هل كنت مخطئة؟ هل أسأت الظن بوالدي؟”
نهضت بصعوبة، لكنني فقدت توازني لثوانٍ.
وضعت يدي على المكتب حتى لا أقع، وكدت أكسر المزهرية…
لكن لحظة!
الزهور كانت ذابلة… لونها باهت…
“لقد قطفتها أمس فقط!
كيف ذبلت بهذه السرعة؟”
“الشراب!! الشراب الذي سكبتُه عليها أمس!!
هل هو سم؟!! أم ماذا؟!”
بدأت الشكوك تتسلل إلى عقلي…
هل يحاول والديّ قتلي؟!
لكني أتناول هذا الشراب منذ فترة طويلة…
تذكرت أن لي…
… لحظة!
ماذا كنت سأقول؟! من هي “لي…”؟!
أقصد هايدي وجوان!
إنهما أيضًا تشربان هذا الشراب!
أتمنى أن تكونا قد اكتشفتا ما اكتشفته…
يجب أن أبقي والديّ تحت المراقبة.
—
بعد ذلك…
خرجت مع أمي للتسوق في وسط المدينة.
كان الجو رائعًا، الشوارع مزدحمة، الناس في كل مكان، الأسواق تعج بالحياة.
وفجأة، التقينا العمة جوليا…
العمة جوليا تلك المرأة التي تحاول تزويجي من ابنها ألبرت، الشاب ذو الـ20 سنة.
والديّ رفضا في البداية، لكن من المقرر أن يتم الزواج حين أبلغ 16 أو 18 عامًا…
أنا لا أريد الزواج منه!
إنه مزعج… ونظراته تشعرني وكأنه… متحرش!
جوليا (بصوت مرتفع): “انظروا من هنا!
إنها زوجة ابني المستقبلية، أسيل!
وأختي العزيزة ميرا!”
(مع العلم أن جوليا وميرا مجرد صديقات، لا أقارب.)
ميرا (تضحك): “ههه، جوليا! كيف حالك؟
ألبرت، كيف حالك أيضًا؟”
أسيل (بابتسامة مجاملة): “ههه، مرحبًا!”
جوليا: “بخير. أنتما هنا للتسوق؟
ما رأيكما أن نتسوق معًا؟”
ميرا: “فكرة ممتازة!”
جوليا: “ألبرت، أنتِ وأسيل ابقيا هنا، سنعود حالًا.”
أسيل: “لا، كنت مع والدتي أولاً…”
ميرا: “أسيل، هيا يا ابنتي.
أنتِ لا تمانعين إن ذهبت أنا وعمتك، صحيح؟ انتظرينا هنا فقط.”
أسيل (بتردد): “ولكن… أمي…
حسنًا…”
التعليقات