2
قناع
الفصل: 2
______________________________________________
في حي من الأحياء في ذلك المنزل الصغير يدخل شعاع شمس لطيف يلامس وجه الفتاة النائمة في حضن سريرها.
رن المنبه فمدت يدها لتغلقه و ظلت نائمة
” اممم.. امم “
نهضت من سريرها لتتمدد و هي تتثاءب حتى أغلقت عينيها
” هاا.. يوم آخر. “
ارتدت ملابسها و جهزت حقيبتها لترى والدتها في غرفة المعيشة مع أخيها و هو يتناول الإفطار
” أمي، أين خاصتي؟ “
” اصنعيه بنفسك، لستِ صغيرة. “
” ها! كان يمكنكِ تحضير ضعف الكمية فأنتِ تصنعينها بالفعل! “
” كفي عن التذمر فمازلنا في الصباح الباكر. “
” انسي الأمر ، أين مصروفي؟ “
” …. لا أعلم. “
“ماذا تعنين؟ “
” لديكِ بالفعل وجبة الغداء في مقصف المدرسة فلمَ تحتاجين المال؟ نحن لسنا ميسوري الحال. “
نظرت للطاولة فوجدت أخاها يتناول الطعام و بجانبه مصروفه
” ااه، لهذا أعطيتِ أخي مصروفا و أنا لا؟ “
ردت عليها والدتها و كأن الأمر بديهي مع علو صوتها
” هذا ليس من شأنكِ! أخوكِ بحاجة للمال! “
” لماذا؟ لقد تناول الإفطار و لديه وجبه مماثلة لي في المدرسة! “
” لا يحب تناول الطعام في المقصف. “
” هذا ليس عادلا! “
” إذًا ماذا؟ إذا أردتِ أن يتم معاملتكِ مثله كان يجب أن تولدي ولدا! “
” ليس و كأنني من اخترت! “
ظلت تنظر لوالدتها قليلا ثم تنهدت و أمسكت حقيبتها
غادرت چيسو المنزل غاضبة.
ظلت تركض للمدرسة
كان حارس البوابة يغلق الباب
” أچاشي! انتظر من فضلك! “
لاحظها الحارس فتوقف لأجلها حتى وصلت چيسو
“هيا أسرعي، چيسو. ماذا أخركِ اليوم؟ “
” لم أستطع اللحاق بالحافلة. “
” حسنا حسنا أسرعي و ادخلي. “
” شكرا لك أچاشي! “
” لا بأس. هيا اذهبي. “
دخلت راكضة حتى وصلت للفصل الدراسي
تسللت قبل أن يلاحظ المعلم لتجلس في مقعدها سريعا
انتهت الحصص الدراسية قبل الغداء و ذهب الجميع لمقصف المدرسة فجاءت فتاة بشعر قصير و خلفها فتاتان أخريان
ترمق چيسو بنظرة احتقار و كأنها أقل منها شأنا و أمرتها
” أنتِ، اذهبي و أحضري لي عصيرا بالفراولة. “
ظهر على چيسو علامات التوتر، عضت شفتها السفلى و نظرت للأرض
” هذا… “
” ماذا؟ “
اقتربت الفتاة و ضربت چيسو على رأسها و صرخت
” لماذا مازلتِ واقفة هنا؟ ها؟ “
ظلت چيسو مخفضة رأسها
” أنا… لم آخذ مصروفي اليوم. “
” إذًا ماذا؟ أتقولين أن عليّ الدفع الآن؟
واه! لا بد أنكِ جننتِ! “
“آسفة حقا.. سأعوضها لكِ غدا. “
” ااه اللعنة! إذًا كان عليكِ السرقة من والدتكِ! “
نظرت للفتاتين خلفها
” أحضراها “
نظرا لچيسو بابتسامة ساخرة
” اتبعينا. “
ترددت چيسو، لم ترد أن تقوم باتباعهن لأنها تعلم ما سيحدث
نظرت لها الفتاتان مع ابتسامة ماكرة
” أم هل يجي علينا إحضاركِ بنفسنا؟ “
تحركت على عجل فهي لم ترد أن يتم جرها
ذهبن خلف فناء المدرسة و كانت تلك المتنمرة تدخن
” إذًا.. أتقولين الآن أنكِ ليس لديكِ نقود؟ “
” ….. “
قامت بضربها على رأسها بينما السيجارة في فمها
” إن سألكِ أحد سؤالا ما إذًا عليكِ الإجابة. “
أجابت و هي ترتعش
” أنا آسفة.. حقا هي سو و لكن ليس لديّ حقا. “
” فهمت.. “
نظرت للفتاتين خلفها ثم أعادت النظر لچيسو
” إذًا لا مانع في التأكيد، صحيح؟ “
تفاجأت چيسو و رفعت رأسها
” ماذا؟ “
” كيف لي أن أصدقكِ؟ يجب عليّ التحقق، ألا تعتقدين ذلك؟ “
نظرت للفتاتين ففهما ما تعنيه بتلك النظرات
اقتربت الفتاتان من چيسو و أمسكا ذراعيها
” لا! توقفن! لا!! “
أخذت إحداهما الحقيبة و قامت بإفراغها بالكامل في الأرض
” همم؟ يبدو أنه لا يوجد شيء حقا، تبا لهذه الفقيرة. “
نظرت لها هي سو و أردفت
” مازال هناك مكان لم نبحث به. “
ثم أكملت
” أنتما، أمسكاها جيدا. “
حاولت چيسو التراجع و نظرها يحاوب التقاط أي شخص ما بينما تصرخ
” لا! لا! توقفن! من فضلكِ هيسو! من فضلكِ! لااا! “
حاولت المقاومة بينما اقتربت منها هي سو لتقوم بتفتيش جسدها فصفعتها هي سو
” أنتِ، لا يجب عليكِ الحركة إن لم تريدي أن تتأذي. “
ظلت چيسو واقفة دون فعل شيء حتى انتهين مما فعلنه بعدما مزقن قميصها
” تبا، لنعد الآن فقد بدأت الحصة. “
سقطت چيسو منهارة على الأرض سقطت دمعة…
تلتها الأخرى ثم اجهشت بالبكاء و جسدها كأنه في وئام مع ما يحدث ظل يرتعش لا تستطيع السيطرة على ما تم حفره عميقا في روحها
“اهئ.. اه.. اااه… اهئ.. “
بعد فترة من الوقت و هي ما زالت تبكي جمعت الأشياء مجددا في الحقيبة تحاول أن تلملم شتات نفسها
” لا بأس.. لا بأس… لا… “
انتهت و ذهبت للفصل مرة أخرى فكان المعلم قد دخل بالفعل
” هل تعلمين متى ينتهي موعد الاستراحة يا چيسو؟ “
” نعم يا معلم. “
” ما هو؟ “
” إنه الحادية عشر و النصف. “
” أنتِ تعلمين هذا جيدا، إذًا لمَ لم تأتي في الموعد؟ “
“… آسفة. “
” لن يجدي الاعتذار، اخرجي و ارفعي يديكِ.”
” لكن معلم.. “
” و الآن لنكمل الفصل.. كما تعلمون أن قانون نيوتين الثاني يتحدث عن… “
خرجت چيسو جالسة في الردهة رافعة يديها و وجهها متورم
* لا تبكي! لا تبكي، لا بأس، سينتهي هذا قريبا.. تحملي قليلا بعد. *
بعدما انتهت الحصة دخلت الفصل مجددا حتى انتهى اليوم و غادرت لعملها بدوام جزئي.
ركضت لمتجر البقالة
” هاه! آسفة على التأخير! “
تحدثت إليها زميلتها في العمل بينما تخلع الزي الخاص بها
” لا بأس طالما جئتِ الآن، حسنا سأترك المتجر في رعايتكِ.”
” نعم، شكرا لكِ.”
استلمت العمل من العاملة السابقة و ظلت حتى حل المساء و عادت للمنزل
كانت والدتها تحضر العشاء و لمحت چيسو و هي تدخل
” هل أتيتِ، چيسو؟ “
“… نعم. “
” تعالي حضري معي العشاء، لا بد أن أخاكِ و والدكِ سيأتيان جائعين. “
“… نعم. “
تركت حقيبتها و دخلت حضرت الطعام مع والدتها
على مائدة العشاء كان الجميع قد حضر فتحدثت چيسو بما أن الأمر ضروري
” أبي، أريد شراء بعض الكتب فقد بدأ العام الدراسي الجديد بالفعل. “
” إذًا ماذا؟ “
” أريد بعض النقود. “
” لا فائدة من الدراسة للفتيات، يجب أن تتعلمي من والدتكِ أعمال المنزل لتستطيعي الزواج. “
” لكنني أريد إكمالها، أنا لا أطلب الكثير.
أريد فقط البعض لشراء الكتب. “
” ليس لديّ نقود. “
” … نعم، فهمت. “
لم تشعر بخيبة أمل كبيرة، ليس و كأنها كانت تتوقع شيئا من هذه العائلة الذكورية فقد اعتادت الأمر الآن.
بينما أخفضت بصرها لتكمب تناول الطعام تحدث والدها مجددا
” عمكِ قادم غدا، أحسني التصرف. “
” … أهو قادم! “
ظهرت ابتسامة مشرقة على وجهها و كأن تلك الجملة البسيطة أنستها تماما ما تعرضت له طوال هذا اليوم المرهق
‘ أخيرا! ‘
______________________________________________
اللهم صلِّ و سلم على نبينا محمد
الحمد لله عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته
التعليقات لهذا الفصل " 2"