منذُ قليل، خرجتْ هايزل مع ابنتها في أوّلِ نزهة لهما معًا.
كانتا قد تجولتا في إقليم الشمال عدّةَ مرات، لكن هذه كانتْ المرة الأولى التي تخرجان فيها معًا خارج المنزل.
و مَا زاد الأمر خصوصية هو أنّ هايزل قرّرتّ الخروج بمفرديهما، تاركةً كايروس وراءهما.
كانتا ترتديان فستان متطابقة أنيقة باللّون الأحمر.
حتى لو تمَّ إلباسهما أكياسًا ، لكانتا ستبدوان جميلتين بلا شكّ، لكن ارتداءَ فستانين متطابقين جعلهما تتألّقان بشدّة.
لكن في هذا اليوم الجميل، لم يُسمح لكايروس، للأسف، بأن يكون جزءًا من هذا الموعد.
“سيدتي ، زوجتي.”
“ماذا؟”
“ألا يمكنني الذّهابُ معكما؟ ستحتاجان إلى شخصٍ يحمل الأغراض.”
“بالطبع لا. لا فائدة مِن التّظاهر بأنّكَ نواه.”
“…..”
“هذا موعدٌ بين الأمّ و ابنتها، فكيفَ يمكنكَ الحضور، كايروس؟ عندما تذهب معَ إستيل لاحقًا، لن آتي أنا أيضًا، لذا اليوم مستحيل. سأقضي الوقتَ مع ابنتي فقط.”
لكن، حتّى لو كانَ لديه موعد مع ابنته فقط، فقد كان يخطّطُ لأخذ هايزل معهما.
“…..”
حدّقَ كايروس في كومةِ الأوراق المتراكمة أمامه.
كانَ في مزاجٍ سيء، بل سيء للغاية، بعد أن “هجرته” هايزل.
اليوم، كانَ يبدو و كأنَّ الوقتَ يمرّ ببطء، والعمل كان كثيرًا بشكلٍ مزعج.
لم تمضِ عشر دقائق منذُ أن مرّ عبر البوابة تحت الأرض.
“……”
ألقى سِـد نظرةً خاطفة بحذر.
يقولون إن كلب الأكاديمية يتعلّم بعد ثلاثِ سنوات من الدراسة.
كانَ سيّده الآن في حالة توتّر لأنه لمْ يستطع مرافقة السّيدة.
بعد سنواتٍ طويلة من خدمته، كانَ بإمكان سِـد أنْ يعرفَ حالة سيّده بنظرةٍ واحدة.
في الحقيقة، لم يكن هو الوحيد، بل حتى الموظفون الذين جاءوا للحصولِ على توقيعِ كايروس لاحظوا ذلك.
“…سيّدي، ماذا لو تتبعتهما سرًا؟”
“ماذا؟”
يا لسرعة ردّ الفعل.
عادةً، كانَ يسمع فقطْ ما يريد سماعه حتّى لو كان الكلام واضحًا.
سعلَ سِـد وهو يشدّ قبضته و يصفق صدره.
“العاصمة مليئةٌ بالأشياءِ الخطرة، أليس كذلك؟”
“صحيح.”
“صحيح أننا وضعنا حراسة، لكن أليس من الآمن أكثر أن تحرسهما بنفسكَ ، سيدي؟”
“…..”
“إذا تتبعتهما سرًا، ربّما لن تلاحظَ السّيدة؟”
“…..”
بعد لحظات، نهضَ كايروس.
“أنتَ في إجازة اليوم.”
غادرَ كايروس المكتب على الفور.
* * *
“أمّي.”
“نعم، يا ابنتي.”
“إلكارد.”
أشارتْ إستيل إلى الأرض.
“إلكيوم.”
ثم أشارتْ إلى كرةٍ طاقة سحريّة كبيرة تطفو في السماء.
“واو، كيف عرفتِ يا ابنتي؟ ألستِ عبقرية؟”
عندما علّمتها أنّ اسم الإمبراطورية هو إلكيوم، و عاصمتها إلكارد، تذكّرتْ إستيل ذَلك بذكاء.
عندما حَملت الطفلة، ضحكت إستيل بمرح.
“اليوم، سترينَ الكثيرَ من الأشياء الجميلة مع والدتكِ، حسنًا؟”
“نعم، أمي. سنستمتع اليوم!”
“آه، ابنتي الجميلة.”
كيفَ يمكنُ أن تكون بهذا الجمال كلّ يوم؟
قبّلتُ خدي إستيل وفركت خديّ بها، ثم استدرت فجأة بشعور غريب.
“هاه؟”
غريب.
شعرتُ و كأنّ أحدهم يراقبنا.
“ربّما لا.”
على أيّ حال، ربما كانَ الحراس فقط.
عندما قلت إنني سأخرج مع إستيل في موعد بمفردنا، انزعجَ كايروس حقًا.
بعد أن قضينا خمسَ سنواتٍ تقريبًا دون انفصال بسبب تربية الطّفلة، أخذَ يتذمّرُ بسببِ يومٍ واحد فقط.
في الحقيقة، كانَ هناك سبب آخر لترك كايروس ورائي.
كانَ ذلكَ بسببِ ذكرى زواجنا القادمة.
لقد مرّتْ سبع سنوات بالفعل، وكلما اقتربت ذكرى الزواج، كنتُ أغرق في التفكير.
كانَ كايروس لا يزال يحب الفيلا التي قدمتها له في الذكرى الأولى لزواجنا.
كنا نتبادل الهدايا كلّ عام، لكنه، على الرّغمِ من حبه لكلِّ الهدايا، كانَ يفضّل الفيلا أكثرَ من غيرها.
حتى لو قدّمتُ له فيلا أخرى، شعرت أنه لن يحبها بنفسِ القدر.
كلّ ذكرى زواج، كنّا نقضي يومًا في الفيلا كتقليد، لكن هذه المرة أردتُ تقديم شيءٍ مختلف.
“المشكلة أنني لم أقرر بعد.”
كانت قائمة الخيارات تملأ صفحة كاملة.
اخترتُ منها 30 خيارًا في المرحلة الأولى.
ثم قلّصتُها إلى 10 في المرحلة الثانية.
و مِن بين هذه العشرة، لم أخترْ بعد.
هل نصنع مجوهرات متطابقة لثلاثتنا؟
أم نصمّم ملابس متطابقة؟ وما إلى ذلك…
“لنذهب أولاً.”
لقد وصلنا للتو إلى إلكارد.
“ابنتي، هل نذهب؟”
“نعم، هيا!”
أمسكتْ إستيل، التي أصبح نطقها أوضح قليلاً، بيدي و هزّتها.
* * *
“أمي، هذا لذيذ. افتحي فمكِ، آه.”
“كريمة الفراولة لذيذة؟ هل نطلبُ واحدةً أخرى ؟”
“أجل! هل يمكنني إعطاء واحدة لأبي أيضًا؟”
“هاه؟ إستيل، تريدينَ واحدةً لوالدكِ أيضًا؟”
“همم، ليس هذا، بل شيء مثل الجبل هذا.”
“آه، هذا يسمى بارفيه. هل نفعل ذلك؟ عندما نعود إلى المنزل، سنصنع واحدًا لوالدكِ أيضًا. والدكِ لا يحب الحلويّات، لكن إذا صنعتِها له، سيأكلها كلّها.”
“أبي يحبُّ الحلويّات.”
كانَ كايروس يستمع إلى حوارهما الهادئ و هو يفتحُ جريدةً في زاوية مقهى.
كانتْ الطّاولات ممتلئة بالنّاس، ولم تلاحظ الأم و ابنتها الجالستان عندَ النافذة قدومَ كايروس.
كانا يضحكان بصوتٍ عالٍ مع كلّ جملة يتبادلانها، لا يعرفُ لماذا كانَ الأمر مضحكًا لهما.
رأى إستيل، بشعرها المعقود على شكل ضفيرتين، و هي تملأ خديها بالحلوى.
كانَ كايروس يشتاق للذّهاب إليهما، لكنه ركّز على تمثيل دور أحدِ من المارّة العابرين.
* * *
“أمي، مَا هذا؟”
“أمي، و هَذا؟”
“أمي، انظري إِلى هذا!”
كانتْ إستيل، التي خرجت لاستكشافِ العالم، مليئةً بالفضول.
بدت هايزل مشغولةً جدًا بسبب إستيل، التي أرادت رؤيةَ كل شيء بعينيها و لمسه بيديها.
كانَ اليوم مشمسًا بشكلٍ خاصّ، مما جعل الأمر أصعب مع المظلّة التي كانتْ تحملها.
كانَ هناكَ العديد من الحرّاس، بما في ذلك إيدموند، لكن يبدو أن هايزل أمرتهم بالبقاء على مسافة و عدم الاقتراب من إستيل.
و معَ ذلك، كانتْ إستيل مطيعةً نسبيًا، فعندما تناديها هايزل بـ”إستيل”، كانتْ تركض إلى جانب والدتها علَى الفور.
الآن، رأى كايروس الأمّ و ابنتها متجهتين إلى متجرِ الملابس.
بمجرّدِ دخول هايزل وإستيل إلى المتجر، استدارَ إيدموند فجأةً.
التعليقات لهذا الفصل " 158"