أغلى كنزين فِي العالم.
استيقظ كايروس علَى شعورٍ ثقيل يضغط على صدره.
عندما فتحَ عينيه، رأى رأسًا صغيرًا أسود اللون.
كانتْ إستيل نائمة، متعلقة به كالضفدع، وأطرافها ممدودة علَى الجانبين.
كانتْ قدماها الصّغيرتان تبرزان من تحتِ الغطاء.
عندما نظرَ حوله، وجدَ أنّ الغطاء الواسع قد ذهبَ أكثر منْ نصفه إلى هايزل.
ربّما لأنّه عندما يستيقظ، كانَ يغطّي هايزل بالبطانية أولاً بشكلٍ غريزيّ.
“……”
عندما أمسكَ قدميها الصغيرتين الممتلئتين، اللتين كانتا أصغرَ منْ كفّ يده، تحركتا بنعومة كما لو أنٌها شعرتا بدغدغة.
ضحكَ كايروس بهدوء، و هوَ يهتز قليلاً ، فظهر تجعد طفيف بين حاجبي الطفلة.
كانَ رأسها الصّغير يميلُ قليلاً إلى اليسار.
كانَ لون شعرها يشبه لونه، لكن رموشها الكثيفة و أنفها المستدير كانا نسخة طبق الأصل من هايزل.
“يقولون ان الأطفال يبدون كالملائكة و هم نائمون.”
وكانَ ذلك صحيحًا حقًا.
بالطبع، ابنته كانتْ محبوبة دائمًا، لكن معَ زيادة كلامها يومًا بعد يوم، كانتْ الأيّام التي تتركه عاجزًا عنْ الكلام بسبب حواراتها تزداد.
كيفَ يمكن لها أن تتحدّث بمثل هذه الجرأة؟
عندما أدارَ رأسه إلى الجانب، رأى هذه المرة شعرًا ذهبيًا محببًا.
لم يكن موجودًا من قبل، لكن مؤخرًا ظهرت نقطة بنية صغيرة و خفيفة على الجانب الأيسر من أنف هايزل.
“لماذا تنظر إليّ هكذا؟”
“أنا انظر إلى وجهكِ.”
“…لا تجعلني أشعر بالحرج، انظر في الخفاء قليلاً.”
“لماذا؟”
“لأنكَ… تحدّق دائمًا بجرأة شديدة.”
لم تلاحظ هايزل ذلك بعد، لكن كايروس، الذي كان مشغولاً بتفحّصِ وجهها يوميًا، لاحظ هذا التغيير قبلها.
أحبّ كايروس تلك النّقطة الصغيرة كثيرًا.
لذلك، مؤخرًا، كانَ يقبل تلكَ النقطة عمدًا.
كانت هايزل تبتعد، متسائلةً لماذا يقبل أنفها و يُشعرها بالدغدغة.
هذه المرّة، عندما لمس بالقرب من النقطة على أنف هايزل، عبست قليلاً مثل إستيل، كما لو أنّها شعرت بالدغدغة.
كانَ أكثر اثنين يحبّهما متعلقين بحضنه.
هايزل و إستيل.
لا يمكنه تخيّل ليلة بدون هايزل، فوجودها بجانبه أصبحَ أمرًا طبيعيًا…
لكن إستيل، التي لديها غرفتها الخاصّة و غرفة نومها، كانتْ تصرّ على النّوم هنا.
كانت تقول ان عليها حماية أمّها و أبيها أثناء نومهما.
لكن الشّخص الذي ينام أولاً دائمًا كان إستيل.
عندما سألها في الصباح أجابت
“لقد حميتُ أبي و أمي في أحلامهما.”
“مِن مَن؟”
“…من الدب.”
كانت تجيب ببرود.
كانتْ عنيدة جدًا، تشبه أحدهم، و لا تشعر بالرضا إلا إذا فعلتْ الأمور على طريقتها، ممّا جعل من الصّعب توجيهها بصرامة.
بالأمس، حتّى عندما كانت هايزل تربّت على ظهرها، لم تنم بسهولة، فتولّى كايروس رعايتها…
يبدو أنّه أثناء قراءة كتاب قصص وهو يحمل الطفلة على صدره، غفا هو أيضًا.
قبل كايروس جبهة هايزل بخفّة، ثم رفع إستيل بحذر و جلسَ.
“…..”
كان يدعمها بيد واحدة، و شعر الآن بوزنها فعلاً.
ربما لأن إستيل وُلدت مبكرًا قليلاً، كانت صغيرة الحجم بشكل ملحوظ.
ضحكت هايزل و قالت إنّ هذا هو سبب ولادتها بسهولة، لكن كانَ واضحًا أنّها قلقة.
لكن، على عكس ما كان يقلقها، كان نموّ الطفلة مذهلاً.
أصبحت ساقاها طويلتين بالفعل، و كانتْ أطول بمقدار عقدة إصبع من الأطفال في سنها في الحفلات.
وضعَ كايروس الطّفلة بحذرٍ في المكان الذي كان يرقد فيه.
تدحرجت.
تحرّكت إستيل بنفسها، كما لو أنّها تبحث غريزيًا عن حضن هايزل.
كانت هايزل نائمةً بعمق، لكنها مدّت يدها وعانقت الطفلة و ضمّتها إلَى صدرها.
كانَ رأسان صغيران يواجهان بعضهما و ينامان بعمقٍ.
كانا نائمين دون وعي ، لكن الأمر كانَ مذهلاً حقًا.
“ههه.”
لم يستطع كايروس كبح ضحكته القصيرة.
في الواقع، عندما وُلدت الطفلة، لم يكن كايروس سعيدًا.
في يوم ولادة هايزل،
كان قد أعَدّ كلّ شيء لمواجهة أيّ خطر، لكن القلق لم يهدأ.
ماذا لو،
و لو باحتمال ضئيل، حدثَ شيء لهايزل؟
كانَ مستعدًا للتضحية بحياته لإنقاذ هايزل.
كانَ هذا هو التفكير الوحيد في ذهنه، لذا لم يكن لديه وقت للاهتمام بالطفلة.
راقبَ هايزل دونَ أن يرمش منذ بداية المخاض حتى ما بعد الولادة.
فقط بعد التأكد التّام من سلامتها، رأى الطفلة المولودة.
كانَ الأمر نفسه عندما قرّرا إنجاب طفل .
“ألا تريد رؤية طفل يشبهنا؟”
“نعم”
كانتْ معايير كايروس تدور حول هايزل فقط.
لذا، كان جوابه يعني أكثر “إذا كنتِ تريدين ذلك، فأنا أريد ذلك أيضًا”، و كانَ قلقًا من أن تكتشف هايزل ذلك و تغضبَ منه.
في أعماق قلبه، كانَ يشعر أنّه لا يحتاج إلى شيء سوى هايزل، فلماذا سيرغب الطّفل؟
بالطبع، لم ينطق بهذا أبدًا.
لكن عندما عرف بحملِ هايزل، شعر بالارتباك من الشّعور الجديد الذي لم يختبره من قبل.
بعد التّأكد من سلامتها، كانَ قلقًا من ألاّ يستطيع حب الطفلة، فلم يتركها تنزل من حضنه تقريبًا.
حتى أن هايزل وبّخته قائلةً إنه يحملها طوال الوقت.
على الرّغم من أنّ الجميع كانوا يقولون إنها تشبهه تمامًا، كانَ كايروس يرى فقط أوجه الشبه بينها و بين هايزل.
يبدو أن هايزل كانتْ مطمئنة أيضًا، وكأنها كانت تشعر بنفس القلق.
مرة، مرتين، ثلاث مرات، أربع مرات…
كلّما طالت مدّة عناق الطفلة و مراقبة كلّ حركة لها، كانَ قلبه يخفق بشكل عجيب.
بدأ يرى القلب الصغير الذي يثق به في حضنه محبوبًا.
منذ ذلك الحين، أصبحَ يحبّ كنزيه الثمينين بلَا حدود.
كيفَ يمكنُ أن يكونَ هناك كائنات محبوبة إلى هذا الحد؟
عندما رأى الاثنتين تتلامسان جبهتاهما وهما نائمتان بعمق، اختفت رغبته في الخروج تمامًا.
جلس كايروس على جانب السرير، مطوي الذراعين، ينظر إليهما دون توقّف.
ربّما لو جلسَ هكذا لثلاث ليالٍ وأربعة أيام، لن يمل.
بعد ساعة تقريبًا،
كان سعيدًا فقط بالنّظر إليهما دون أيّ أفكار، جالسًا هكذا.
“همم…”
عندما حانَ وقت استيقاظ هايزل المعتاد، بدأت تتحرك و استيقظت.
“نامي أكثر.”
“لماذا تجلسَ هكذا؟”
وضعت هايزل ذراعيها حول الطّفلة، و أدارت رأسها لتسأل كايروس بنبرة منخفضة و ناعسة.
“استيقظت للتو و كنتُ على وشكِ التّحرك.”
قال ذلك، لكنه ظلَّ جالسًا في مكانه.
ابتسمت هايزل حتّى كادت عيناها تختفيان، و ربتت على رأس إستيل.
“يبدو أنّها كبرت أكثر. أليس كذلك؟”
“أجل.”
تمتمت هايزل وهي قلقة من أنّ إستيل تتبع سِـد كثيرًا هذه الأيام، ممّا قد يكون مرهقًا له.
شعر كايروس بانزعاج عندما ذُكر اسم سِـد من فم هازل ولو مرة واحدة.
في الحقيقة، لم يكن سِـد فقط، بل كان يكره سماع اسم أيّ رجل من فم هايزل.
على الرغم من أنّه لم يُظهر ذلك أمامها.
بالطبع، كانَ هذا من وجهة نظره.
مدَّ كايروس يده ليضع شعر هايزل خلف أذنها، وأعاد ترتيبه.
“نامي أكثر معَ إستيل.”
قبّل هايزل، التي أومأت برأسها، لأنه لم يستطع مقاومة ذلك، ثم خرج بخطواتٍ مترددة.
و معَ ذلك، كانت زاويا شفتيه مليئتين بسعادةٍ غامرة.
التعليقات لهذا الفصل " 157"