بدا وكأنّه كان يعاني لفترة طويلة وهو يحاول فتح مقبض باب غرفة الاستقبال بصعوبة.
كانت يدُ ديلان اليسرى وساقه اليسرى ملفوفتين بجبيرة سميكة، و هو يتمايل بخطوات متعثرة بينما يحاولُ المشي بصعوبة.
حتّى معَ مساعدة الخادم القوي، بدا متعبًا.
بما أنّ ذراعه من الجهة نفسها لا يمكنه استخدامها، يبدو أنّه لا يستطيع حتّى استخدام العكازات.
“ما الّذي حدَث؟”
قبل ثلاثة أيّام عندما تحدّثنا، لم يذكر شيئًا عن هذا؟
أنَا متأكّدة أنّه عندما تواصلنا ذلك اليوم، كان يضحك بمرح و يقول إنّه لا توجد أيّ مشكلة في موعدنا.
لكنّه ليسَ بخيرٍ على الإطلاق!
لو كنتُ أعلم أنّ ديلان مصاب، لما جئتُ بالطّبع.
و لو جئتُ، لكنتُ جئتُ لزيارته في المستشفى.
“هل يمكنكَ إحضار بعض الشّاي؟”
جلس بانكر على الأريكة المقابلة مبتسمًا بمرارة بعد أن أعطى الأوامر للخادم.
“لقد تعرّضتُ لحادثٍ بسيطٍ ليلة أمس.”
“أيّ حادث؟ كيف أصبحتَ هكذا… إذن عليكَ أن ترتاح! ليس الأمر بتلكَ الأهميّة.”
“كيف ألغي موعدًا تمّ ترتيبه بهذه الطّريقة؟ قد أجد صعوبة في الحركة، لكنّ فمي بخير. المشي و الجري فقط هما المشكلة. لو كنتُ حقًا في حالةٍ سيّئة، لكنتُ أخبرتكِ بنفسي. أخشى أنّكِ أنتِ من تفاجأتِ.”
لوّح ديلان بيده اليسرى و كأنّه يتباهى.
هززتُ رأسي مستنكرة.
“حسنًا، يا لكَ من شخصٍ عظيم… و أيضًا ماذا عن كوني تفاجأت؟ لقد رأيتُ أمورًا أسوأ و مضيتُ في حياتي. لكن ما نوعُ الحادث الّذي جعل ذراعكَ اليسرى و ساقكَ اليسرى تتضرّران؟ هل بقيّة جسدكَ بخير؟ لا تقل لي إنّكَ سقطتَ من عربة و تدحرجتَ؟”
عندما رأيتُ الضّمادات الملفوفة بإحكام، عبستُ دون قصد.
ما الّذي حدث بحقّ الجحيم؟
“هذا ليسَ ما حدث. هل أبدو غبيًا لهذه الدّرجة؟ أنا من فرقة الفرسان أيضًا، ما هذا الكلام؟”
“إذن لماذا كُسرت ذراعكَ و ساقكَ بهذا الشّكل؟”
“حدث بهذه الطريقة . ليسَ أمرًا كبيرًا حقًا. اشربي الشّاي، هيا.”
كان يتحدّث بلامبالاة، لكنّه بدَا و كأنّه يتجنّبُ الإجابة عمدًا.
عندما دخل الخادم لإحضار الشّاي، غيّر الموضوع، و هدأت دهشتي قليلًا برائحة الشّاي الدّافئة العطريّة.
أمسكتُ بكوب الشّاي و وضعته على شفتيّ، لكنّني لم أتخلّ عن شُكوكي و سألته
“لماذا… هل هُناك من يَستهدفك؟ هل أصبح الأمر خطيرًا بعد أن ورثتَ عائلة بانكر…؟”
كنتُ أعتقد أنّه لا يمكن أن يُصاب ديلان، الّذي يتمتّع بقدرات بدنيّة متميّزة، ما لم يكن هناك شيء من هذا القبيل.
هل هناك أحد من إخوته أو أبناء عمومته يطمع في منصبه؟
لم يبدُ أنّ هناك مشكلة كبيرة عندما ورث اللّقب.
لكن ربّما ظهرت مشكلة بعد ذلك.
في ذلك الوقت، كَانت الإمبراطوريّة بأكملها في حالة من الفوضى.
الآن، يمكن القول إنّ الأمور عادت إلى طبيعتها، بل أصبحت أكثر سلامًا، لِذا ربّما هناك من يطمع في منصب الماركيز بانكر خفية.
بينما كنتُ غارقة في تخيّلاتي، نَقر ديلان أصابعه أمام عينيّ.
“ما الّذي تفكّرين به؟”
“لا، لا شيء…”
“ليس هذا ما حَدث. إنّه حادث سخيف حقًا. كان هناك شخص كاد أن يتعرّض لحادث أمامي ، فتصدّيتُ لهذا الحادث بدلًا منه، و انتهى بِي الأمر هكذا.”
بدَت نبرته و كأنّه لا ينوي قول المزيد.
“آه، كن حذرًا قليلًا!”
“بالفعل. بالمناسبة، هل كَان القدوم إلى هنا متعبًا؟ كنتُ سأخرج لاستقبالكِ، لكنّ جسدي هكذا.”
“لم أتوقّع ذلك أصلًا. لم يكن القدوم صعبًا. كلّ مَا في الأمر أنّني استخدمت البوّابة مباشرة.”
تحدّثتُ أنا و ديلان عن أحوالنا ثمّ انتقلنا إلى الموضوع الرّئيسي.
* * *
“إذن، سأتركُ الأمر لك.”
مرّت ثلاث ساعات دون أن نشعر أثناء حديثنا.
انتهى الموضوع الرّئيسي في أقلّ من ساعة، لكنّنا تطرّقنا إلى قصص أخرى كثيرة حتّى أصبح وقت العشاء.
كنتُ أنوي العودة بعد انتهاء الحديث مباشرة، لكنّ ديلان دعاني لتناول العشاء ، فبقيتُ للأكل.
‘حسنًا، لقد أخبرتُ كايروس أنّني قَد أتأخّر اليوم.’
بالأحرى ، أخبرتُ سِـد بهذا قبل مغادرتي مباشرة.
بعد أن تناولنا العشاء مع جينجر الّتي رافقتني، أصبحَ الخارج مظلمًا تمامًا.
أصرَّ ديلان، رغم ساقه المصابة، على مرافقتي إلى حيث تنتظر العربة.
“عندما تُشفى ساقي، سأحضرُ هديّة لإستل، أنا العمّ الأوّل.”
“… لا يزال هناك وقت طويل لترى تلكَ الهديّة.”
عندما أخبرته سابقًا أنّنا اخترنا اسم إستل كاسمٍ مؤقّت، بدأ يردّد إستل، إستل منذ ذلك الحين.
كانَ متحمّسًا جدًا لكونه “العمّ الأوّل”.
“حتّى لو كَان كذلك، يجبُ أن أكون لطيفًا من الآن حتّى تتعرّف عليّ عندما تُولد.”
هلْ هَذا منطقي؟
مهما حاولتُ إقناعه، لم يفهم.
ليسَ ديلان فقط، بل حتّى الأشخاص في قصر الدّوق ليسوا مختلفين كثيرًا، لذا استسلمتُ بسرعة.
“حسنًا، حسناً، ركّز فقط على شفائك.”
“سأفعل. انتبهي في طريقكِ. سأضع حرّاسًا معكِ حتّى تصلي إلى الشّمال.”
“زوجي قد رتّب بالفعل عددًا لا بأس به من الحرّاس، أليس كذلك؟”
“و معَ ذلك، أنا قلق عليكِ. إذا حدث لكِ شيء، سأموت أنا أيضًا.”
صرخة خفيفة.
أشار ديلان بحركة يده المجبّسة و كأنّه يقطع رقبته و هوَ يبتسم.
“اهتمّ بصحّتك. يبدو أنّكَ تعمل كثيرًا. لماذا الجميع مشغولون هكذا؟”
“… لستِ من يحقّ له قول هذا. هل نسيتِ الماضي؟”
“همم، على أيّ حال! عليكَ أنْ تتعافى بسرعة. هل يُعقل أن يظهر سيّد عائلة بانكر بهذا الشّكل؟”
“حسنًا، حسنًا. سأفعل. انتبهي في طريقكِ.”
“في المرّة القادمة، أنتَ من يجب أن يأتي؟”
“بالطّبع، أيّتها الدّقة.”
أدّى ديلان التّحيّة بطريقة متعثرة، ثمّ أغلق باب العربة بمجرّد أن صعدتُ.
قال إنّه سيرسل حرّاسًا، و بالفعل تبعتنا عربة أخرى.
انطلقت العربة مباشرة خارج بوّابة عائلة بانكر نحو البوّابة.
“ما كلّ هذه الهدايا الّتي أحضرها؟”
لم يكن هذا اليوم هو اليوم الأوّل الّذي أخبرته فيه عن الحمل، و مع ذلك كانت العربة مليئة بأكثر من خمس هدايا مغلّفة.
“رأيتُ أنّهم كانوا يحملون شيئًا في العربة الّتي خلفنا.”
“حتّى في الخلف؟”
“نعم، كانت مغلفة بأغلفة ملونة و لافتة للنّظر. لم أكن أتوقّع أنّه من النوع الّذي يهتمّ بهذا.”
قالت جينجر بدهشة.
كانت جينجر أيضًا فضوليّة بشأن الهدايا، فسألت:
“سيّدتي، تبدو هذه الهدايا فاخرة، هل نفتحها؟”
“حسنًا، لنفتح هذه أوّلاً.”
“سأفتحها أنا.”
أخذت جينجر الهديّة، فكّت الرّباط بعناية، و أزالت ورقَ التّغليف بحذر.
كانت جينجر، ذات الشّخصيّة الحيويّة، حذرة بشكل غير معتاد.
“لا تبدو هدايا للطّفل؟”
قالَ إنّه أحضر الكثير من الهدايا لإستل، لكنّها كانت كلّها لي.
كلّها تبدو هدايا للحمل، لكن…
قالَ إنّه يريد أن يكون محبوبًا من ابنة أخته المستقبليّة.
‘لكن لم يحن الشّتاء بعد، فما هذا الفرو الثّقيل؟’
يبدو أنّها هديّة للتّدفئة، لكن لو استخدمته الآن، سأصاب بحساسيّة من الحرارة.
و حَتّى الأحذية الخفيفة المملوءة بالرّيش…
كنتُ أعتقدُ أنّ كايروس و ديلان لا يتشابهان على الإطلاق، لكنْ عند رؤية هذه الهدايا، بدا الأمر مختلفًا.
لقد رأيتُ كايروس يحضّر أشياء مشابهة مسبقًا.
كأنّه يستعدّ لدرجة أنّني لو تدحرجتُ في الثّلج، لن أتأذّى.
“لا يمكنني تحمّل هذا.”
ضحكتُ و هززتُ رأسي.
قالت جينجر إنّها ستعيد التّغليف، و أعادت لفّ الهديّة بمهارة.
“بالمناسبة، أصبحَ الوقت متأخّرًا أكثر ممّا توقّعتُ، ربّما سيّدي مضطرب الآن. قد يغار عندما يرى كلّ هذه الهدايا.”
أصبحت جينجر الآن صريحة جدًا في تقييمها لكايروس.
أحيانًا كانت تتحدّث إليه مباشرة بصراحة.
“ألستَ مفرطًا في الحماية؟”
“ألن يكون من الأفضل أن تحملها و تذهب؟” وما إلى ذلك.
منذ أن أدركت تمامًا أنّ كايروس لن يؤذيها بسبب وجودي، أصبحت هكذا.
“لقد أخبرتُ سِـد أنّني سأتأخّر، لذا لا بأس. أمّا بالنسبة للغيرة…”
حسنًا، ربّما.
فجأة، اهتزّت العربة بعنف.
كنّا على بُعد خطوات من قصر الدّوق.
أمسكت جينجر بي بسرعة.
“هل أنتِ بخير؟”
“نعم، بخير. ما الّذي حدث فجأة؟ هل تعثّرت العربة بحجر؟”
توقّفت العربة فجأة.
نظرتُ إلى النّافذة بدهشة أكبر.
كان الخارج مظلمًا جدًا بحيث لا يمكنني رؤية شيء. لكنّ الخارج أصبح صاخبًا.
مع كلّ هؤلاء الحرّاس ، من الصّعب أن يحدث شيء…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 151"