تراجعت إلى الوراء من شدة الصدمة.
هل ما قاله كايروس لتوه لي صحيح؟
هل قال لي الآن… انه سئم مني؟
“لا…”.
حاولت بصعوبة أن أتحمل الصدمة التي تلقيتها.
هذه مجرد حلم، أليس كذلك؟
مجرد كابوس معتاد لا أكثر.
انظري، طوال فترة التحضير لحفل الزفاف لم تظهر هيزان.
كان هناك أشخاص مألوفون، لكن كان هناك شيء مختلف.
حتى جينجر و إيدموند لم يكونا موجودين؟
نعم، إذًا هذا…
مجرد كابوس.
لكنني لم أستطع الاستيقاظ من هذا الكابوس حتى في اليوم التالي.
⋆★⋆
شعرت بالجوع و بمختلف المشاعر.
كان طويلًا و واضحًا لدرجة لا توصف ليكون حلمًا.
بل و حـتى…
“آه!”
طعنتني إبرة التطريز التي كنت أستخدمها لتهدئة نفسي، وشعرت بالألم.
“هاه…”
ما هذا الحلم المقرف.
استمررت في هذه الحالة لعدة أيام.
لقد أنقذت العالم، أليس هذا ظلمًا حقًا؟
لا يمكن اعتبار ما حدث فشلًا.
لقد رأيت بأم عيني انهيار أعمدة المذبح العظيم، و تلاشـي الأرض الملوثة التي غمرها الظلام، ثم فقدت الوعي.
هذه المرة، لم يكن هناك مجال للفشل.
“هذه المرة؟”
“سيدتي، لقد عاد السيد .”
أبلغتني الخادمة بسرعة و اختفت.
حتى في الحلم، كانت الخادمة تقرأ الأجواء وتتصرف بحذر.
“…..”
تنهدت و نهضت.
إن كان هذا الحلم لم ينتهِ بعد، فلنتحدث على الأقل.
قررت أن أتمالك نفسي و أذهب إليه، كان كايروس يبدل ملابسه.
“كايروس.”
“…..”
حاولت جاهدًة أن أبتسم.
“أين ذهبت اليوم؟”
“لا شأن لكِ.”
أمام رده البارد أكثر من أي وقت مضى، شعرت و كـأنني أواجه جدارًا ضخمًا مجددًا.
ما الذي حدث قبل الزفاف؟
حتى يوم الزفاف، لم تكن هناك أية مشكلة.
“ما الذي تريده مني؟ كنتَ تقول انكَ تحبني، والآن هكذا؟ أنا حقًا لا أفهم ماذا تريد.”
في تلك اللحظة.
و كأنه كان ينتظر، بدأ بالكلام.
“لا أريد شيئًا. آه، إن كان لا بد من قول شيء، فأرجو منكِ فقط أن ترحلي. لقد سئمت.”
صفعة!
“…..”
شهقت من الصدمة.
يدي المرتفعة كانت تؤلمني.
تركت المكان و خرجت من دون أن أقول شيئًا آخر.
كنت أريد أن أقول له شيئًا، لكن جسدي تحرك من تلقاء نفسه.
لا أعلم إن كنت غاضبة جدًا لدرجة أن رأسي و جسدي لا يعملان معًا، أو إن كان هذا بسبب أن كل شيء بات يشعرني بالغربة لأنه حلم.
بعد مرور عدة أيام على ما يبدو.
لم يظهر كايروس إطلاقًا، و بقيت على نفس الحالة السيئة التي شعرت بها في ذلك اليوم.
كنت جالسة في المكتب أحدق في الفراغ حين أضاءت أداة الاتصال.
ما إن وضعت يدي عليها حتى سمعت صوت ليلي دايورث.
“هايزل؟”
يبدو أنني ما زلت على علاقة جيدة مع ليلي في هذا الحلم.
لكن ما هو الوقت الآن؟
هل هذا بعد إنقاذ كل شيء؟
أم قبل ذلك؟
لا أعتقد أنني كنت لأفكر في الزواج أثناء الحرب.
“نعم، ليلي. ما الأمر؟”
خرج اسم ليلي دايورث من فمي بشكل طبيعي.
“ما أخبرتِني به في المرة السابقة، أريد مناقشته مجددًا، هل يمكنكِ الحضور إلى القصر الإمبراطوري؟ كنت أود المجيء بنفسي، لكن بسبب الوضع الحالي، أنا عالقة. كما أن الأمر عاجل بعض الشيء.”
إلى القصر الإمبراطوري؟
عن ماذا تحدثنا؟
من المؤكد أنه أمر يتعلق بالأتباع أو الوحوش السحرية.
كنت أشعر بالضيق والغضب بسبب كايروس، لذا بدا أنه من الأفضل أن أستمع لما لديها.
ربما سأتمكن من معرفة سبب تصرف كايروس بهذه الطريقة.
لا، ماذا لو حدث أمر آخر في القصر الإمبراطوري حتى في هذا الحلم؟
لكن كلماتي خرجت من فمي من تلقاء نفسها.
“سأفعل. متى يناسبكِ؟”
“هل الغد مناسب؟”
“حسنًا.”
⋆★⋆
القصر الإمبراطوري.
كنت واثقة أن هذا كله مجرد حلم.
لأني رأيت ليلي و قد أصبحت وليّة للعهد بالفعل.
الألم الذي شعرت به عندما صفعته، و المشاعر الواضحة، لا يمكن تفسيرها بعد.
“لا بد أن القدوم إلى هنا كان متعبًا.”
“الأمر لا يتطلب سوى عبور البوابة.”
جلست قبالتها بعد التحية، و قدمت ليلي صندوقًا قائلة إنه هدية.
فتحت الصندوق، و كان فيه سوار فضي.
“بالأمس تناولت الشاي مع بعض السيدات. جلبت السيدة إلبورن تاجر مجوهرات، وكان السوار جميلاً. فقط أردت تغيير الأجواء. جربيه. شعرت أنه سيليق بكِ يا هايزل.”
“…..”
أخذته و لبسته على يدي كما هو.
بصراحة، لم أرغب في ارتدائه.
رغم أن ليلي بذلت جهدها من أجلنا حتى النهاية، إلا أن ما فعلته العائلة الإمبراطورية جعلني أشك بها.
ربما لأن هذا حلم، فعندما أتردد قليلاً يتحرك جسدي من تلقاء نفسه.
كأنني دمية تتحرك وفق ما يجب أن تفعله.
“جميل.”
“كنت أعلم ذلك.”
و بينما كنتُ أنظر إلى السوار، خطرت لي فجأة فكرة.
ولي العهد و ليلي لم يحضرا زفافي.
رأيت العربات مصطفة و قالت السيدة تيني إنها هدايا من العائلة الإمبراطورية.
لكن لم يُذكر شيء عن الزفاف عند لقائنا.
شعرت أن ذلك غريب، لكن دون أن أدرك، كانت المحادثة قد تغيّرت و بدأت أتحدث مع ليلي في مواضيع أخرى.
وانتهى الحديث بعد وقت طويل.
“أظن أن الأمور ستكون بخير.”
“أشعر بالاطمئنان.”
فتحت فمي استعدادًا للمغادرة.
“أعتقد أنني يجب أن أذهب.”
“…..”
“سأتواصل معكِ فور انتهاء السحرة من إنشاء الحاجز. شكرًا لكِ على اليوم. وعلى الهدية أيضًا.”
قمت بتحيتها و نهضت من مقعدي.
شعرت بالغرابة لعدم رد ليلي و توجهت نحو الباب، لكن جنود الحراسة وقفوا في طريقي.
ما هذا؟
“هايزل.”
سمعت صوت ليلي من خلفي.
استدرت و نظرت إليها.
“ماذا؟”
“أنا آسفة، هايزل. لا يجب أن تغادري من هنا. لا يمكنكِ المغادرة.”
“ماذا تقصدين؟”
“أعني تمامًا ما قلت. لا يمكنكِ مغادرة هذا المكان حتى تنتهي كل الأمور.”
قالت ليلي وهي تمسك بفستانها بإحكام. وجهها كان متيبسًا كما لو أنها متوترة بالفعل.
قبل قليل فقط كانت تضحك بخفة.
“…حتى تنتهي الأمور؟ إذا كنتِ تبدين بهذا الشكل، فلن يبدو الأمر كمزحة، بل و كأنه حقيقي.”
“أنا آسفة.”
“……”
في هذا الحلم، يبدو أن كايروس أصبح غريبًا، و حتى ليلي تغيرت.
حاولت استخدام سحر الوهم للهرب، لكن لم أستطع.
وووونغ، وووونغ―
في اللحظة التي استخدمت فيها القوة، أطلق السوار ضوءًا قويًا و ضغط بشدة على معصمي.
كان السوار الذي أعطتني إياه ليلي.
“كل هذا من أجل هايزل. إنها الطريقة الأكثر أمانًا لكِ.”
وهكذا، تم حبسي في القصر الإمبراطوري.
⋆★⋆
لا يمكن وصفه إلا بأنه أمر مقرف.
أن يُحبس المرء في القصر الإمبراطوري.
لم أستطع حتى استخدام سحر الوهم للهرب. لأنني لم أتمكن من استخدام السحر.
لو كنت أعلم أن السوار اللعين الذي أعطتني إياه ليلي هو سوار يختم السحر الاسود بالقوة، لما ارتديته.
لا، بل كنت سأرتديه على أية حال.
لأن جسدي تحرك من تلقاء نفسه.
و مضـت عدة أيام.
رغم أنني كنت محتجزة في القصر الإمبراطوري، لم يأتِ كايروس لرؤيتي ولو مرة واحدة.
لم يتصل بي، و لم يأتِ ليأخذني.
رغم أن زوجته محتجزة في القصر.
“هاها…”
دفنت وجهي بين كفيّ.
أريد أن أستيقظ بسرعة.
إنه مليء بأشياء لا أريد أن أمر بها حقًا.
طَق.
دخل أحدهم الغرفة.
سمعت صوت اصطدام خفيف لفنجان الشاي حين وُضع على الطاولة.
“هايزل، أرجوكِ تناولي شيئًا على الأقل.”
سمعت صوت ليلي.
بعد أن أبعدت الخادمة التي كانت تخدمني، و حتى خادمتها الخاصة، جاءت بنفسها.
“يبدو أن سمو وليّة العهد ترغب في لعب لعبة البيوت بعد أن حبستني.”
“……”
رغم سؤالي الحاد، جلست ليلي بجانبي فحسب.
لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لأدرك أن كل هذا بتخطيط من كايروس.
⋆★⋆
“في مقابل حماية الدوقة ، وافق الدوق نفسه على دخول الشمال لمنع نزول ملك الشياطين و قرر أن يختم الشمال بأكمله.”
“ماذا قلتِ؟”
منذ بضعة أيام، لا، منذ يوم الزفاف بدأت الأمور تصبح غريبة، وقد مضت الآن أسابيع.
كنت أتلقى معاملة من شعب الإمبراطورية تفوق بكثير معاملة أتباع الظلام.
اكتشفت مؤخرًا فقط أنهم كانوا يهتفون مطالبين بإعدامي بأسرع وقت ممكن.
حدث ذلك بينما كان كايروس قد عاد و كانت المعارك قائمة، ولم أكن أعي ما يجري.
انتشرت شائعة أنني التضحية النهائية من أجل مجيء ملك الشياطين، و أن الوحوش السحرية تملأ المكان بحثًا عني.
لا، الآن باتوا يعتقدون أن كل شيء، من أتباع الظلام إلى الوحوش السحرية، سببه أنا.
و ظهر من يؤمن بأن الخطر لن يزول إلا باختفائي.
عندما أتيت إلى هنا، كانت الأوضاع قد تغيرت بشكل جذري، ولم أكن أعلم لأن ليلي أرسلت عربة و جنودًا إلى البوابة لأجلي.
“لقد أردت حماية هايزل حتى أنني أقسمت على ذلك أمام الإمبراطور. المظاهرات تحدث كل يوم، وإذا خرجتِ من هنا، ستصبحين في خطر حقيقي.”
في الواقع، كان هناك العديد من مناصريّ، من قالوا إنهم سيقاتلون لأجلي.
حبسوني هنا لإنقاذي، بينما ذهب كايروس إلى الشمال؟
و قال إنه سينهي كل هذا وحده؟
“دوقة!”
“جلالة الامبراطور، أطلب مقابلة.”
ركضت بأقصى سرعة حتى انقطعت أنفاسي، و وصلت إلى قاعة مقابلة الإمبراطور.
“عودي أدراجك ، سمو الـدوقة.”
اعترضني مساعد الإمبراطور.
“أرجوك، أطلب مقابلة جلالته”
عضضت شفتي لأمنع نفسي من البكاء.
كرهت نفسي و أنا أتوسل بضعف وعجز لا يوصف.
لكن لم يكن بإمكاني الانهيار هنا.
“لذلك، هايزل، من أجل طلب الدوق أيضًا، عليكِ أن تبقي على قيد الحياة، فقط حتى ينتهي كل هذا…”
بعد أن سمعت كل شيء من ليلي، لم أعد أقوى حتى على الوقوف.
“لا يمكنكِ الذهاب الآن. الأرجح أن الحاجز قد بدأ في التكوّن بالفعل.”
قبضت يدي بقوة لأتمالك نفسي من الارتجاف.
هل كانت تلك آخر مرة آراه فيها؟
مستحيل.
هذا حقًا أمر لا يُحتمل…
“أرجوكم، أرجوكم، دعوني أقابل جلالته.”
رغم محاولة المساعد و جنود الحرس منعي، تمسّكت بموقفي بثبات.
مرّ يومان و أنا أمام قاعة المقابلة.
و فـي اليوم الثالث، سقطت أرضًا.
التعليقات لهذا الفصل "138"