“آه!”
ليلي عضت شفتها بعمق و تحملت الألم.
وووووونغ!
بدأت الأرض تهتز، و بدأت أعمدة المذبح الكبيرة تتمايل و تثير الغبار تدريجيًا.
بينما كانت ليلي تبذل كل هذه القوة، لم يكن جسدي، الذي يتلقى الطاقة المقدسة، ليبقى سليمًا.
تعرق جبيني.
بدأت المنطقة حولنا تتحول تدريجيًا إلى ضوء أبيض. ثم تراجعت الوحوش التي كانت تهاجمنا إلى الوراء.
استغل الجنود ضعف قوة الوحوش و شرعوا في قطعها بسرعة.
هبّـت الرياح.
بسبب قوة التنقية، عجزت الوحوش عن مقاومة الأمر و تـم تمزيقها على الفور.
استخدمت قوتي مرة أخرى.
شعرت بطعم الدم في فمي.
مرة أخرى، انفجر ضوء الطاقة المقدسة بقوة، و ملأت المنطقة المحيطة بالبياض الساطع.
نار التنقية التي تحرق كل شيء.
انتشر ذلك الضوء بسرعة مثل البرق في جميع أنحاء الشمال.
فور انطفاء الضوء، فقدت ليلي وعيها و سقطت على الفور.
في نفس اللحظة، شعرت بقوة تسحبني، و بدأت رؤيتي تتلاشى.
“ما زال الوقت غير مناسب…”
كان يجب أن أتأكد تمامًا.
تأرجحت الرؤية، و مالت أمامي.
وفي اللحظة التي سقطت فيها، شعرت بشخص يلتقطني بقوة.
أغمضت عيني في شعور بالراحة.
⋆★⋆
كنت أرتدي فستان زفاف أبيض ناصع و أنا أحمل باقة ورد ضخمة.
“هل هذا حلم؟”
لا يمكن أن يكون واقعًا، فليس من الممكن أن أرتدي هذا الفستان الجميل و الأنيق فجأة.
كنت بالتأكيد في قلب المذبح مع ليلي.
“سيدتي، هل يجب أن أضع هذا هنا؟”
سألت السيدة تيني، وهي تحمل سلة زهور، بينما اقتربت مني.
“نعم، هل يمكنكِ فعل ذلك؟”
بما أنني كنت أظن أنه حلم، أجبت بسهولة.
يبدو أنني كنت أستعد لحفل زفاف.
كان هذا المكان في حديقة البارون ايديت في فيراريوم.
لم تكن السيدة تيني قد حضرت الزفاف الأول.
هل هذا حفل زفافي الثاني؟
“سيدتي، أين يجب أن نضع هذا؟”
سارع الخدم لطرح نفس السؤال عليّ. قمت بترتيب كل شيء بسهولة و كأنني معتادة عليه.
لكن لم أكن أرى كايروس.
إذا كنت أرتدي فستان الزفاف، فبالطبع يجب أن يكون كايروس بجانبي.
“أين ذهب؟”
“نعم، سيدتي؟”
“ألم يكن كايروس هنا؟”
سألت أخيرًا إحدى الخادمات.
“نعم؟ أعتقد أن السيد ذهب إلى القصر الإمبراطوري قبل يومين بسبب عمل هناك. أخبرتِهِ أن يذهب و أنكِ ستكملين التحضيرات بمفردك.”
ذهب إلى القصر الإمبراطوري قبل يومين؟
“آه، صحيح. ربما كنت مشوشة جدًا.”
“لا، سيدتي.”
ماذا حدث مع القصر الإمبراطوري؟
شعرت بالقلق عندما سمعت عن القصر فجأة. استمررت في التحضير مع الخدم.
لم أشعر بأي استياء من كايروس على الرغم من أنني كنت أعـدّ كل شيء بنفسي.
بعد لحظات، جاء ديلان و لوكس و جوش واحدًا تلو الآخر.
استقبلتهم بترحاب.
كما كنت أحلم ، كان الزفاف في الهواء الطلق.
كان التحضير يقترب من الانتهاء، و كان من المقرر أن يبدأ الزفاف في المساء ، تليه حفلة ليلية.
من المفترض أن يبدأ الزفاف في لحظة غروب الشمس.
على الجانب كان هناك فنانون جهزهم كايروس مسبقًا يرسمون المناظر الطبيعية و و يرسمونني.
توك.
فجأة، سقطت أكبر زهرة في الباقة و كأنها انكسرت.
“لا!”
صرخت بشكل غير إرادي و فوجئت.
كانت أجمل زهرة.
بالإضافة إلى أنها كانت كبيرة بحجم كف اليد، وكانت الزهرة الرمزية في الباقة.
بالصدفة، سقطت الزهرة.
وكانت الحمراء الأبرز، لذا كانت لافتة للنظر. جاءت الخادمات وكن في حيرة من أمرهن.
“ماذا نفعل الآن، سيدة؟ ليست لدينا زهرة مثلها هنا.”
“لا يمكننا فعل شيء. هل يمكنكِ إحضار أكبر و أجمل زهرة من الزهور المتاحة؟ يجب أن نضع واحدة على الأقل.”
لحسن الحظ ، تم العثور على زهرة و تـم وضعها في الباقة.
تمت جميع التحضيرات.
الآن، بمجرد عودة كايروس، كان الزفاف على وشك البدء.
لكن كايروس لم يعد، حتى بعد غروب الشمس، ولم يظهر حتى عندما بدأ الليل يظلم.
⋆★⋆
لم يعد كايروس.
لم أتمكن من الاتصال به، ولم أتمكن من معرفة ما حدث له في العاصمة.
كما أن سِـد، الذي ذهب معه، لم يعد.
كان ديلان و جوش و لوكس في حيرة من الأمر، ولم يعرفوا ماذا يفعلون.
قال ديلان انه سيذهب إلى العاصمة ليتحقق من الوضع، لكن لم أتمكن من قول أي شيء اعتذارًا له.
كنت أشعر بالقلق.
بعد أن غيرت ملابسي، انتظرت في منزل البارون حتى الفجر.
كنت أنتظر عودة كايروس.
وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، عاد أخيرًا.
حسب ما قالت الخادمة، عاد بعد يومين من ذهابه إلى القصر الإمبراطوري.
أسرعت للبحث عنه بمجرد سماعي أنه عاد.
رأيت ظهر كايروس.
“ماذا حدث؟”
“ماذا حدث؟”
“ماذا؟”
“ماذا حدث؟ لم يحدث شيء.”
قال كايروس هذا و هو يخرج الكلمات بسرعة، ففتحت عينيّ بدهشة.
“…لم يحدث شيء؟”
“نعم ، لم يحدث شيء.”
“هل كنت تعلم أن اليوم هو يوم زفافنا؟ كنت قلقة طوال اليوم لأنك لم تأتي، و كنت أظن أن شيئًا ما قد حدث.”
“آه.”
آه؟
لقد عبست و تـراجعت خطوة إلى الوراء.
ماذا يفعل هذا الرجل الآن؟
“هل هناك أمر خطير؟ لا تخـفِ اي شيء عني ، تحدث.”
“لم يحدث شيء.”
“لكن لماذا تتصرف هكذا؟ لقد أخبرتك عن يومنا.”
“لقد نسيت.”
“ماذا؟”
“نسيتُ لأنني كنت مشغولًا.”
“هل تعرف ماذا تقول الآن؟”
“قلت لكِ انني نسيت، كم مرة عليّ أن أقول ذلك؟ هل عدم إجراء الزفاف شيء مهم؟”
كان هذا غريبًا.
تراجعت خطوة إلى الوراء.
حتى لو كان حلمًا، لا يمكن لكايروس أن يتعامل معي هكذا.
“هل تناولت أية عقاقير؟ أو هل ضربت رأسك بشيء؟”
“لم أتناول شيئًا. أنا متعب و أريد النوم، فإذا كان الأمر غير مهم، توقفي.”
ثم غادر و ابتعد عني دون أن يلتفت.
كنت في حالة من الذهول، فركضت خلفه وأمسكت بثيابه.
لكن عندما التفت إليّ كايروس ، عبس وجهه.
كان يبدو عليه الانزعاج حقًا. لذا دون أن أشعر، تركت ثيابه
“لماذا تتصرف هكذا بالضبط؟”
“ماذا فعلت.”
“أنا من يجب أن يغضب الآن، فلماذا أنتَ المنزعج؟ هل أنت متأكد أنه لا يوجد شيء؟”
“لأنكِ تزعجيـنني.”
“ماذا قلت؟”
شعرتُ بالصدمة مجددًا.
لم يكن كايروس كما عرفته.
“قلت لك أنني نسيت. كم مرة يجب أن أكرر ذلك.”
“كايروس.”
في النهاية لم أستطع كبح غضبي فناديته مجددًا.
“توقفي عن مناداتي.”
“…ماذا قلت؟”
“حتى سماع اسمي منكِ بات مزعجًا.”
“.….”
بعدها، بغض النظر عن الزفاف أو غيره، دخلنا في شجار عنيف.
كما كنا نتشاجر من قبل عندما هربت و عدت.
حينها على الأقل، كان هناك سبب وجيه للخلاف.
حتى عندما سألت سِـد، لم أسمع إلا أنه لم يحدث شيء في القصر الإمبراطوري.
سألت مساعدًا آخر، وكانت الإجابة مماثلة.
قالوا إن التأخير كان بسبب ضغط العمل فقط.
وبعد يومين فقط، استطعت الحديث مجددًا مع كايروس.
في جو بارد جدًا.
“دعنا نتحدث مرة أخرى.”
لكن في كل مرة كنت أقول ذلك، كان كايروس يتحجج بالانشغال و يهرب من المواجهة.
ما خطبه بحق الجحيم؟
وفي النهاية، بعد يوم آخر، انفجرت.
⋆★⋆
“لماذا تفعل هذا بالضبط؟”
“ماذا تقصدين.”
“أنت تبدو وكأنك فقدت عقلك.”
عندها التفت إليّ كايروس بـوجه خالٍ من التعبير.
“إذا لم يعجبكِ الأمر، فـارحلي.”
تلك الكلمات التي ألقاها ببرود جعلتني أتراجع مصدومة.
ما الذي قاله للتو؟
يريدني أن أرحل؟
“هل تقول لي حقًا أن أرحل؟”
“نعم، ارحلي الآن.”
الآن حتى نظراته تحثني على الرحيل.
كان يتمسّك بي، والآن يطلب منّـي أن أرحل؟
“لقد أخذتِ مني كل ما يمكنكِ أن تحصلي عليه، أليس كذلك؟ وأنا أيضًا، كان من العذاب التمسك بامرأة لم تعد تحبني.”
عندما سمعت ذلك، شعرت و كأن أحدهم صفعني بماء بارد على وجهي.
كيف يمكنه أن يقول لي شيئًا كهذا؟
هل قلت له شيئًا مماثلًا من قبل؟
لهذا الرجل؟
ومع ذلك، كيف يمكنه…
حبست دموعي بكل قوتي.
لا تبكي، إن بكيتِ الآن سوف تبدين كالـحمقاء.
هل هذا حلم حقًا؟
أي نوع من الأحلام القذرة هذه؟
كان واقعيًا لدرجة أنني لم أعد أعرف إن كنت أحلم أم لا.
كيف يمكن لحلم أن يكون طويلًا و مفصلًا إلى هذا الحد…
عندما بكيت، مدّ كايروس يده في الهواء للحظة، لكنه تراجع بسرعة.
“إذا كنتَ ستتصرف هكذا، لِمَ لم تتركني أرحل حينها؟ لما وصلنا إلى هذا الحد، لما…”
عضضت شفتي كي أمنع نفسي من البكاء.
ما رأيته أمامي كان فقط ظهر الرجل العريض الذي استدار مبتعدًا.
شعرت بوخزة ألم أخرى لذلك.
“حسنًا. هذه فرصتك الأخيرة.”
“…….”
“واسِـني. إن ضيّعتَ هذه اللحظة، فلن تكون هناك أخرى. سأرحل فعلًا. إن قلتَ أنك آسف الآن، سأغفر لك كل ما قلته و كل ما فعلته.”
“…….”
“قلتُ انها فرصتكَ الأخيرة، قلت انها لن تتكرر. لذا، أسرع و واسِـني.”
لكن ظهره الكبير لم يُبدِ أي نية للاستدارة.
نادراً ما كنت أرى ظهره، إلا عندما كنت أقترب منه من الخلف بدافع العبث معه.
ربما هذا اليوم هو أكثر يوم رأيت فيه ظهره.
تنهد كايروس بعمق ثم استدار.
شعرت ببعض الارتياح و ابتلعت ريقي.
لكن سرعان ما تحطم قلبي مجددًا.
“لقد سئمت. لقد كنتِ تريدين الرحيل، فـلماذا الآن تريدين البقاء؟ هل ندمتِ بعدما تركتكِ تـرحلين؟”
“مـ… ماذا قلت؟”
قال كايروس و هو يمسح دموع هايزل بعناية.
“ماذا؟ لم تجدي نذلًا مثلي؟”
هايزل أطلقت شهقة باكية ممزوجة بالذهول.
لم تبدُ حزينة بقدر ما كانت مصدومة و غير قادرة على السيطرة على مشاعرها.
“لماذا تقول مثل هذا الكلام…”
“صحيح، كنت أتصرف كـكلب شارد. إن كانت تلك ذكريات، فلتكن. توقفي عن البكاء. لم أعد أتحمل رؤية دموعك. لقد سئمت حتى الموت.”
التعليقات لهذا الفصل "137"