سمعت الخبر فاندفعت خارجًا على الفور. وسرعان ما تمكنت من رؤية آني.
“آه.”
نظرت إلي آني بدهشة.
“لماذا، ما الأمر؟”
هل هناك شيء على وجهي؟
كنت أرتدي ملابس مريحة نوعًا ما، فقد خرجت على عجل من الاجتماع.
لم يكن فستانًا فاخرًا، لكنه كان زيًّا أرتديه عادة، وآني رأتني به كثيرًا، فلا ينبغي أن تتفاجأ…؟
“لماذا تبدين منهكة هكذا؟ وجهك الجميل سيضيع.”
“آه.”
انفجرت ضاحكة دون قصد من كلماتها غير المصفاة.
على الرغم من أن السيدة تيني كانت تهتم بي كل صباح، إلا أنني لم أنم جيدًا لعدة أيام، وكانت الاجتماعات مرهقة، لذا لم أستطع إخفاء التعب على ما يبدو.
“لم أنم جيدًا منذ أيام. مع ذلك أنا من نال أكبر قسط من النوم.”
كان كايروس يصحبني إلى غرفة النوم ما إن تتجاوز الساعة الثانية فجرًا ، لذا كنت أحظى بوقت راحة أكثر بكثير من الآخرين.
ومع ذلك، وصلت إلى هذه الحالة؟
وضعت يدي على خدي من شدة الإحراج.
“في الحقيقة، نصف ما قلته كان مزاحًا، هل تعلمين أنني كدت أتعرض لهجوم من وحش في الطريق؟ لو لم يكن الفرسان الذين أرسلتهم هايزل معي، لحدث أمر خطير حقًا.”
“الأمور تخرج عن السيطرة باستمرار هذه الأيام. ولولا أن الشمس سطعت اليوم وكان الجو جيدًا، لكان الوضع أسوأ… أليس كذلك؟”
“يا إلهي.”
“على أي حال، عانيتِ في المجيء. هيا، ادخلي بسرعة.”
سحبت آني إلى الداخل.
كنت ممتنة لها، وهناك الكثير مما أردت قوله لها.
ما إن دخلت آني إلى الداخل حتى ذاب جسدها وكأنها كانت ترتجف من البرد.
قدمت لها الغرفة التي أعددتها مسبقًا، وجلست آني على الأريكة و أطلقت تأوّهًا.
“المكان هنا يُشعِرك و كأننا في فصل الصيف.”
“هل تودين أن ترتاحي قليلًا؟”
“لا، إن لم أقل كل ما لدي، فلن أستطيع النوم على أي حال.”
جلست قبالة آني. مر صمت قصير حتى جاءت هيزان بالشاي.
“لدي الكثير لأقوله، لكن لا أعلم من أين أبدأ.”
تمتمت بذلك، فرفعت آني رأسها.
وما قالته كان غير متوقع تمامًا.
“ما فعلته مع الدوق لم يكن مقابل أي شيء. فعلته بإرادتي. حسنًا، بالطبع، لم تسر الأمور كما أردت.”
كانت تشير إلى ما حدث مؤخرًا عندما حاول الجميع إخفائي بأمان و بقلب واحد.
“لماذا لم تطلبي مقابلًا؟ كان يمكنكِ الحصول على شيء هائل.”
لم أكن أختبرها، بل كنت فقط فضولية.
فهي من النوع الذي يتحرك من أجل المال، لا من أجل الصداقة أو الألفة، أو الناس أنفسهم.
رغم أنها ساعدتني، كان يمكنها المطالبة بمقابل. ابتسمت آني ابتسامة خفيفة.
“لأردّ دَين حياتي.”
“دَين حياة؟”
“ألم أقل إنني سأرد إليكِ دين إنقاذ حياتي؟ و قلتُ إنني سأساعدكِ على الهرب بعد عام؟ والآن بعد أن صرتِ تعيشين قصة حب القرن لم تتبقّ لي طريقة للوفاء بالدَين، أليس كذلك؟”
“لذلك ساعدتني؟”
“أكثر من كوني أساعدكِ…..قلبي مال إلى تلك الجهة. عندما سمعت عن الوضع، شعرت بالسخافة. ألم أقل إنني أصبحت أكنّ لكِ مودة؟ هل عقل الإمبراطور سليم أصلًا؟”
ابتسمت ابتسامة صغيرة من تقييمها اللاذع.
في الشمال، فقط، يمكن قول مثل هذا الكلام براحة. فلا جواسيس للإمبراطور هنا، ولا أحد يراقب الأجواء.
لكن جينجر، و إيدموند، وحتى آني…
يا للعجب.
حين أرسلتهم ذلك اليوم، لم أتوقع شيئًا في المقابل.
كنت أظن أن تأمين مغادرتهم بسلام هو كل ما علي فعله.
لكن لم أستطع طردهم و هم يخاطرون بحياتهم من أجل ذلك.
كانوا جميعًا شخصيات قوية، يصعب طردهم على أي حال.
“أجل. لم أتوقع أن يحدث هذا من جهتهم.”
تنهّدت آني بعد كلامي، ثم تحدثت بنبرة هادئة نوعًا ما.
“لذلك… إذا انخفضت ثقتكِ بي بسبب ذلك، فلا داعي لتوكيل أي أمر لي لاحقًا.”
“أمم، هل هذا ما ترينه…”
عندما أومأت برأسي موافقة، عادت آني إلى الصمت مرة أخرى.
رأيت يدها تمتد بخفة نحو فنجان الشاي.
“تقولين إنكِ أصبحتِ تكنين لي المودة، فلماذا تقولين هذا الكلام إذًا؟”
“لا، ذلك أمر منفصل، لكن فقدان الثقة هو حقيقة واقعة.”
“إذًا، بدلًا من أن أكون عميلة، هل يمكنني أن أطلب منكِ كصديقة في المستقبل؟ إذا طلبت كصديقة، فسأعطيكِ مكافأة، لا، هدية، أكبر من أي أحد آخر.”
عندها اتسعت عينا آني. و سرعان ما احمرّ وجهها قليلًا.
“حسنا، إذا قلتيها هكذا، فأنا…”
“همم؟”
“كيف يمكنني الرفض…”
تمتمت آني و هي ترتشف الشاي.
وكانت الابتسامة مرسومة على شفتيها بالفعل.
وفي لحظة، انحل التوتر في الجو.
بعد أن شربت الشاي، فتحت الحقيبة التي جلبتها، وأخرجت صندوقًا بدا ثقيلًا و أعطته لي.
“بما أن أحد الأمور قد تم حله، فهذا سبب مجيئي اليوم.”
وضعت آني الصندوق على الطاولة ودفعته نحوي بخفة.
فتحت الصندوق، فوجدت داخله خمسة من أحجار التطهير المقدسة.
ليست واحدة، بل خمسة كاملة…
كانت مختلفة تمامًا في الحجم و اللون عن أحجار التطهير العادية.
فأحجار التطهير العادية كانت بيضاء و شبه شفافة، أما أحجار التطهير المقدسة فكانت بيضاء ناصعة و تبدو وكأنها تضيء من تلقاء نفسها.
كانت كثافة الطاقة المعالجة فيها عالية وقوية لدرجة أنه كان من النادر أن تُنتج أو تُجمع.
كنت أظن أنها اختفت تمامًا من الإمبراطورية.
“م-ما الذي حدث؟ بصراحة، لم أصدق حتى تلك الرسالة. معظم أحجار التطهير أصبحت ملكًا للعائلة الإمبراطورية، وحتى ما كان لدينا بعناه لهم، أليس كذلك؟ لم يتبقَّ حتى من الأحجار العادية، فكيف أحجار التطهير المقدسة…؟”
“تفاجأتِ، أليس كذلك؟ بصراحة، حتى أنا التي حصلت عليها، تفاجأت.”
“من أين حصلتِ عليها؟ وهل يجوز أن تعطيني إياها؟ حتى لو كانت موجودة في معبد كبار الكهنة، ما كانوا سيتخلّون عنها بسهولة، أليس كذلك؟”
“همم، المصدر سر من أسرار عملي، فلا يمكنني إخباركِ به. لاحقًا، إذا بقينا أحياء، احسبي ثمنها جيدًا و أعطيني حقي؟ بصراحة، لو غضبتِ مني، كنت سأنهي الأمر بهذه، لأنني توقعت أنكِ لن تستطيعي الرفض.”
“…كيف يمكنني رفض شيء كهذا؟ من الطبيعي أن أقبلها. شكرًا لكِ. سأتأكد من تعويضكِ عنها لاحقًا. أعدك.”
“أنتِ تعرفين أن ذاكرتي ممتازة، صحيح؟”
“طبعًا.”
خشيت أن تغيّر آني رأيها ، فأخذت الصندوق مباشرة إلى حضني.
ابتسمت آني مجددًا.
“لكن، أليس هناك كاهن؟ سيكون من الصعب التعامل معها، لكنها بالتأكيد أفضل من لا شيء، أليس كذلك؟”
“يمكن استخدامها إلى حدٍّ ما. صحيح أننا لا نستطيع استخدامها بكفاءة مثل الكهنة، لكن السحرة التابعين لنا تعلّموا بعض الأشياء من الكهنة. وسأسأل الساحر ريندل عندما يأتي إن كان يمكن استخدامها بشكل أكثر فاعلية.”
عندما احتضنت حجر التطهير المقدس غير المتوقع هذا، غمرتني مشاعر عارمة.
أردت أن أُريه لكايروس فورًا.
بينما كنت أتلمس الصندوق، تذكرت فجأة و.أشرت إلى الباب.
“صحيح، ديلان موجود هنا.”
“أعرف. في الحقيقة كنت أعرف منذ أن انطلقت في الطريق. لا تخبري أحدًا آخر، فهذا يضر بأعمالي.”
أومأت برأسي استجابة لطلب آني.
و بعدها، حتى عندما واجهت آني ديلان، لم تُبدِ أي إشارة على معرفتها به.
تصرّفا و كأنهما يلتقيان لأول مرة، و كان تمثيلهما مذهلًا لدرجة أدهشتني.
و عندما رأيت كايروس، أريته حجر التطهير المقدس الذي حصلت عليه من آني.
عادة ما تكون تعابيره غنية عندما يكون معي، لكنه لم يستطع إخفاء دهشته عند رؤية الحجر.
“عندما سألتكِ سابقًا إن كنتِ تعرفين ليلي دايورث…”
“آه؟ نعم، أتذكّر. قلتَ انكَ كنتَ تبحث عن شيء يخص المعبد، أليس كذلك؟”
“كان بسبب هذا.”
أمسك كايروس حجر التطهير المقدس بيده و بدأ يفركه ببطء.
كان كبيرًا نوعًا ما في يدي، لكنه بدا كقطعة صابون صغيرة في يده.
“قبل أن ألتقي بكِ، حصلت على واحد من هذه، عندها خفّت نوبات الصداع لدي.”
علمت حينها أن سبب معاناته الطويلة من الصداع كان بسبب الطقوس و التضحيات التي كان يعدها له الدوق و الدوقة السابقان.
لكن لا يزال الحل النهائي مجهولًا.
شعرت أن صداعه لن يزول إلا بانتهاء كل شيء.
كان يقول ان الأمر يتحسن حين يكون برفقتي، لكن حتى ريندل لم يستطع شرح السبب.
بل على العكس، قال أنه من المفترض أن يزداد الصداع قرب شخص مثلي مشبع بالسحر الأسود، لا أن يخف، و كان يجد ذلك غريبًا.
أعاد كايروس حجر التطهير المقدس إلى الصندوق.
طق طق.
تزامن صوت طرق الباب مع صوت قادم من الخارج.
” سيدي، أنا سِـد. هل أنتَ بالداخل؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "134"