عندما رأى كايروس الجنود الذين وقفوا أمامه، ضحك بسخرية وكأنه كان في حالة من الذهول.
“دوق، لم تنتهِ المحادثة بعد.”
من الخلف، سمع صوت الإمبراطور.
أدار كايروس جسده جزئيًا.
“حسب كلامك ، ماذا عن أن تُختم الإمبراطورة بنفسها؟”
“دوق!”
“هذا غير لائق!”
صرخ الإمبراطور و الإمبراطورة معًا.
ضحك كايروس مرة أخرى بسخرية.
“لن تُختم زوجتي. أعتقد أن الإجابة قد تم تقديمها بالفعل. إذا كان جزاء ولاء زوجتي هو هذا فقط، فسأفضل أن أمسك بالسيف.”
“هل تعتقد أنك ستثير حربًا؟ عندما تُكشف هذه الحقائق، هل تعتقد أن دوقيتك ستكون بأمان؟ في ذلك الوقت، حتى أنا لن أتمكن من منعكَ أنت و دوقة هاديد من أن تقفا أمام المحكمة . لماذا لا تفهم أن هذا يتم من أجل منع خسائر و تضحيات أكبر؟ بعد أن تنتهي كل المخاطر، سنبذل قصارى جهدنا لضمان سلامة دوقة هاديد.”
“……”
ظن الإمبراطور أن صمت كايروس كان دليلاً على تفكيره العميق.
كان يعلم أن قراره قد ألحق جرحًا عميقًا بشخص ما، بالأخص دوق هاديد.
وكان يعرف أنه استفاد منهم بشكل كبير.
لكن كل ذلك كان من أجل الإمبراطورية، ومن أجل إنقاذ الشعب.
الآن، كانت إلكيوم قد خسرت الكثير من القوات لمحاربة الشر، وطُرد الأتباع، وكان الناس ضحايا للقرابين.
لم يعد بالإمكان ترك الأمور على حالها.
بمجرد أن يتراجع الظلام و الأتباع بشكل كامل، وحين تنتهي الاستعدادات، يمكن إزالة ختم دوقة هاديد.
كان يشعر بالأسف تجاه دوق هاديد و زوجته، لكن كانت لديه واجب لحماية شعب الإمبراطورية.
كان يأمل أن يفهموا قراره ويظلوا مخلصين.
فتح الإمبراطور فمه قائلاً
“أنت أيضًا، بالنسبة لشعب الإمبراطورية، تمثل خطرًا، و لن يستطيع أحد حمايتكما. أعتقد أنكَ تدرك ذلك. حاول أن تفهم موقفي. إذا كنتَ ترغب حقًا في الحرب، يجب أن تتخلى عن هذه الفكرة. أنا لا أريد استخدام القوة العسكرية.”
“……”
“إذا خرجتَ الآن بهذه الطريقة، فسيُعتبر ذلك خيانة، ولن يكون أمامي خيار سوى سجنك. لا تنسى أن كل هذا يتم لحماية شعب الإمبراطورية.”
“سجن؟…”
تمتم كايروس عندما كان يتحدث.
في تلك اللحظة، سُمع صوت طرقات على الباب.
نظر الجميع، باستثناء الجنود الذين يقفون أمام كايروس، إلى الباب.
“سأذهب للتحقق.”
تحرك المساعد بسرعة نحو الباب. عندما فتح الباب، أمسك شخص ما به فجأة.
ظهر ريندل.
بعد أن نظر إلى الوضع المحيط و قرأ الأجواء، تنهد ريندل بأسف.
كانت ملامحه كأنما يقول “كنت أعلم أن هذا سيحدث”.
من الظاهر، لم يكن هناك شيء مكسور، وكان الجميع في الغرفة، بما في ذلك الإمبراطور والإمبراطورة، في حالة جيدة، ولكن في عيني ريندل، كان الوضع فوضويًا كالجحيم.
بعد أن تحدث ريندل بشكل مختصر مع مساعد الإمبراطور، دخل إلى الغرفة، وانحنى بأدب.
“…أتشرف بلقاء جلالة الإمبراطور، الشمس التي تضيء الإمبراطورية. أرجو أن تسامحني على زيارتي المفاجئة دون إعلامك مسبقاً.”
كان ريندل قد أظهر أقصى درجات الاحترام بالفعل.
في البداية، كان يتعاون مع الإمبراطورية فحسب، ولم يكن من شعب الإمبراطورية بالكامل.
بالإضافة إلى ذلك، كان قرار القصر الإمبراطوري والمعبد قد وصل إليه متأخراً، مما جعله في حالة من الارتباك الشديد.
كان ريندل قد طار حرفيًا من برج السحر إلى القصر الإمبراطوري.
ورغم أنه قد أوضح أنه سيتطلب بعض الوقت للوصول إلى حل كامل، كان عليه أن ينتظر.
لكن لم يكن هناك تواصل صحيح، وكانوا يلومون برج السحر على تباطئهم. رغم ذلك ، لم يكن القصر الإمبراطوري والمعبد أفضل حالًا.
ومع ذلك، كان وجود دوق هاديد أمامه يجعل الأمور تبدو أكثر تعقيدًا.
عندما نظر إلى تعابيره، بدا وكأن شيئًا سيئًا سيحدث قريبًا.
“…لا بأس، يمكنك التحدث الآن.”
قال الإمبراطور بصوت أقل حدة.
لكن ريندل لم يستطع التحدث.
كان ذلك بسبب الفارس الذي طلب الإذن للدخول بسرعة.
“ماذا هناك الآن؟”
“سأذهب للتحقق فورًا.”
بعد فترة قصيرة، وصل المساعد ومعه الأخبار، وكان يخطو بسرعة نحو الإمبراطور.
“…جلالة الامبراطور، يبدو أن هناك مشكلة. جميع القوات التي أرسلناها إلى الشمال موجودة الآن في قلعة دوق هاديد…”
أغمض الإمبراطور عينيه ثم فتحهما وزفر بصوت عميق.
كانت الأخبار أن جميع القوات الإضافية التي أرسلها القصر الإمبراطوري قد تم أسرها كرهائن في قلعة الدوق.
هل كان هذا يعني أن دوق هاديد قد تنبأ بذلك قبل وصوله؟
لقد أغفل الإمبراطور شيئًا أثناء محاولاته لإقناع دوق هاديد.
لقد منح تقريبًا جميع سلطات المنطقة الشمالية لدوق هاديد عندما كلفه بمهمة القضاء على الوحوش.
كان هذا يعني أنه لم يعد بإمكانه القبض على كايروس هاديد.
رفع الإمبراطور يده وأمر الجنود بالتحرك.
سمع صوت تصادم المعدن، ثم تراجع الجنود إلى الوراء وهم يرفعون رماحهم و سيوفهم.
“دوق، يمكنك المغادرة الآن. لكننا نأمل أن تتخذ قرارًا لصالح الجميع.”
بدلاً من الإجابة، خرج كايروس بسرعة من غرفة العرش.
في هذه المرحلة، كان عليه أن يضمن سلامة هايزل أولاً.
عندما غادر كايروس القصر الإمبراطوري، انضم إليه سِـد الذي كان قد أنهى المهام التي كلفه بها.
“سيدي، لقد نقلت كل شيء كما طلبت. أخبرت جينجر و إيدموند أنك ستتأخر لبعض الوقت. جينجر بيريان ستتولى الأمر، لكنني أخشى أن تكون السيدة شديدة الحساسية، وقد تلاحظ الأمر.”
كان كايروس يعرف ذلك بالفعل، لكنه تجاهل الموضوع و بدّل الحديث.
“هل تم التواصل مع تلك المرأة التي تدعى آني؟”
“نعم، لقد تم تأمينها بالفعل. ماذا عن ديلان بانكر؟”
‘لا تزال هنـاك أوراق مفيدة.’
كان كايروس يعلم جيدًا أن تلك الأوراق لم تكن هي السبب في المشاكل.
في هذه الحالة، كان يجب عليه تحديد الأفراد المفيدين له بسرعة.
وكان ديلان بانكر لا يزال من بين هؤلاء الأفراد المفيدين.
على الرغم من أنه لم يتم الإعلان عن ذلك بعد، كان يعلم أن ديلان قد ورث لقب الماركيز بانكر.
كان هذا الخبر معروفًا داخل عائلة بانكر فقط، ولكن كايروس قد اكتشفه منذ أن وصل ديلان إلى الشمال.
وكان قد فعل ذلك فقط ليتأكد إذا كان ديلان شخصًا مفيدًا لهايزل أم لا.
رغم أنه كان فارسًا مخلصًا للقصر الإمبراطوري، إلا أن ذلك كان حتى نهاية هذا الربيع فقط.
كان الفارس ديلان بانكر عديم الفائدة، لكن الماركيز ديلان بانكر كان ذا فائدة كبيرة.
وإذا كان الماركيز بانكر لا يزال يهتم بهايزل كصديق مقرب…
“…نعم.”
لم تكن ملامح سِـد مبتهجة حين أجاب.
بدأت ملامحه بالتجعد تدريجياً حتى لم يعد يستطيع تحمل الإحباط أكثر، فضرب مقعد العربة بقبضته.
“كيف يمكن أن يحدث هذا؟! لقد كانت السيدة مخلصة جدًا للإمبراطورية!”
أطلق كايروس ضحكة قصيرة.
“هكذا هم أصلًا. لا شيء يدعو للدهشة.”
“…فقط أعطني الأمر، وسأفعل أي شيء لحمايتكما، حتى لو ضحيت بحياتي.”
كان سِـد صادقًا في قوله.
ليس فقط من أجل سيده، بل ومن أجل الدوقة أيضًا.
إذا قرر سيده أن يشعل حربًا، فسيقف إلى جانبه دون تردد.
توقفت العربة مجددًا، و نزل سِـد بسرعة.
“سأوافيك بالأخبار حالما أنتهي من باقي المهام.”
وأُغلق باب العربة أخيرًا.
عادت عجلات العربة التي تقل كايروس للدوران بسرعة.
⋆★⋆
في هذه الأثناء، خرج ريندل على عجل بعدما أنهى مقابلة الإمبراطور.
لكن كايروس هاديد كان قد غادر القصر الإمبراطوري بالفعل.
“تبًا لهذا.”
حتى إن تعقّدت الأمور، فلم يكن يتوقع أن تصل لهذا الحد.
كان قد تنفس الصعداء بعد انتهاء مهرجان تأسيس الإمبراطورية بسلام، ولم يكن يتوقع أن يطعنه القصر الإمبراطوري والمعبد في الظهر بهذه الطريقة.
شعر بالدم يغلي في رأسه حتى أصبح يضغط على أسنانه بقوة، لكن ريندل تحمّل بصعوبة.
“هل يجب أن أذهب إلى سيرجال؟”
توقف ريندل فجأة وبدأ يخدش رأسه بعصبية.
⋆★⋆
كان الفرسان في حيرة كاملة بعد قراءة إعلان يقضي بفرض العقوبة بالإقامة الجبرية على نائب القائد ديلان بانكر، ولوكس ديكشر، وجوش ألومان.
ركض أحد الفرسان بسرعة إلى مكتب ديلان، لكن الباب كان مغلقًا بإحكام.
رغم أن جوش و لوكس كانا يتأخران أحيانًا، لكن لم يسبق أن غابا . لكنهما لم يظهرا اليوم.
حتى يوم أمس فقط، كانوا يتدربون و يعملون معًا بشكل طبيعي، فكيف أصبحوا تحت إقامة جبرية فجأة؟
“يا رجل، ألم يسمع أحد منكم ما حدث؟”
“لم أسمع شيئًا، لكني وجدته مكتوبًا عند قدومي.”
“وأين القائد؟”
“غير موجود في مكتبه.”
“هل نتابع التدريب؟”
“لا أعلم.”
وبينما كانوا في خضم هذه الفوضى، ظهر جاد أخيرًا وهو يرتدي درعه.
أسرع جيمس أحد الفرسان، واقترب من جاد.
“قائد الفرقة! لقد رأيت الإعلان على اللوحة. هل حدث شيء لهؤلاء الثلاثة؟”
التعليقات لهذا الفصل "128"