100
عبستُ قليلاً.
“ما الذي يعجبني ؟ إذا كان مجرد سؤال بسيط، فهو يعجبني. بدا لطيفًا وظريفًا. لا، استمع لي. عليك حقًا أن تسمع هذا. هو يكون…”.
عندما التفتُ مرة أخرى، امسك وجهي مرة أخرى.
هل سبق لك أن رأيت نظرات تشتعل بها النيران بينما تعكس الملامح برودة شديدة؟
ظننتُ أن وجه كايروس كان هكذا تمامًا في تلك اللحظة.
“لا تنظري إلى أي شخص آخر، انظري إليّ فقط.”
“آه… عفوًا؟”
“الآن يحق لي أن أكون أنانيًا، أليس كذلك؟ هل تفكرين في الحصول على عشيق؟”
“ماذا؟ ما الذي…؟”
كيف وصلت المحادثة إلى هذا الحد؟
“حتى لو فكرتِ بذلك، افعلي ذلك لاحقًا. الآن، لا تحلمي حتى بذلك.”
كان ما يقوله لا يصدق لدرجة أنني شعرت بالذهول.
كنت أخشى أن يسمعنا الآخرون.
“ما هذا الهراء الذي تقوله الآن؟ هل ضربك وحش على رأسك وأنت بالخارج؟”
“… لا تحاولي تغيير الموضوع.”
“لا، حقًا، ما الذي تقوله؟ لماذا تتصرف هكذا؟ الناس ينظرون إلينا!”
صحتُ عليه بصوت منخفض يكفي لأن يسمعه.
“لقد رأيتكما تتحدثان معًا. لماذا ابتسمتِ له بتلك الطريقة الجميلة؟”
“…..لا.”
“لماذا لا تستطيعين الكلام؟”
“لا، حقًا…”
تنهدتُ بعمق وأمسكتُ ذراعه قسرًا بابتسامة متوترة.
“لنخرج ونتحدث.”
“فقط أخبريني .”
“… دعنا نخرج أولاً.”
حاولت الابتسام له رغم غضبي.
لم أكن أعرف لماذا كان يتصرف هكذا، لكن كل السيدات كنّ ينظرن إلينا بفضول. كانت ابتساماتهن العريضة تشير بوضوح إلى أنهن قد أسأن الفهم.
بينما كنت أسحبه خارجًا، ازدادت ابتساماتهن.
آه، حقًا…
أخيرًا، سحبته إلى الممر وفتحت أي غرفة قريبة ودخلت. لحسن الحظ، تبعني كايروس دون مقاومة. أغلقت الباب بعنف ونظرت إليه بحدة.
“هل جننت؟ ما الذي يحدث معك فجأة؟ الجميع كان ينظر إلينا !”
“لأنك ابتسمتِ لذلك الوغد بطريقة جميلة جدًا.”
كدت أفقد الكلمات. تمالكت نفسي بصعوبة ونظرت إليه.
“أليس من الطبيعي أن أبتسم لشخص عندما يكون لطيفًا؟ حتى أنك لم تستمع لما كنت سأقوله.”
أدار رأسه بعيدًا كما لو كان يكبح شيئًا ما، ثم عاد ينظر إليّ.
“حسنًا، أخبريني، ما الذي جعلك تبتسمين بتلك الطريقة الجميلة؟”
لحظة…
شعرت وكأنني مجرمة أبرر نفسي بلا سبب. شعرت بالغضب يتصاعد بداخلي.
“لن أخبرك.”
ما هذا الذي يحدث فجأة؟
استدرت وفتحت الباب للخروج. وفي تلك اللحظة، غمرني عطر كايروس من الخلف.
“… أشعر بالقلق.”
“….”
“أنا قلق من أن يدخل شخص آخر قلبك.”
أحكم ذراعيه حول خصري بشدة. كان الأمر وكأنني غارقة بين ذراعيه، وهمساته العميقة تلامس أذني.
ما الذي…؟
عجزت عن الرد
أدركت متأخرة أن هذا ليس مجرد غضب أو مزحة.
وضعت يدي على ظهر يده التي كانت تحيط ببطني وربتت عليها برفق.
“انتظر لحظة.”
“….”
“كايلروس، انتظر قليلاً.”
حتى عندما حاولت أن أشير له بفك ذراعيه، لم يتحرك.
تنهدتُ.
“لابد أنك أسأت الفهم. لم يكن هناك شيء. لا شيء على الإطلاق. لذا، هل يمكنك تركي؟”
بعد فترة من التربيت على يده، أخيرًا استرخى كايروس قليلاً.
عندما التفت، صدمتُ برؤية تعبيره. كان كايروس هاديد مضطربًا. لم يكن ذلك مزيفًا؛ كان قلقًا حقًا. رفعتُ يدي وأمسكت وجنتيه وسألته.
“لماذا تفعل هذا؟”
“….”
“لقد وعدتني لمدة عام.”
“أعرف.”
“إذن ، لماذا؟”
“لا أعرف.”
“لا تعرف؟”
“ربما لن تصدقيني، لكن منذ أن أحببتك وأنا أشعر بهذا القلق طوال الوقت.”
“….”
كان كايروس غارقًا في مشاعره. شعرت بالدهشة حقًا. ظننت أنني رأيت كل مشاعر كايروس المزيفة والحقيقية، لكن الوجه الذي رأيته الآن كان جديدًا تمامًا بالنسبة لي.
“أتمنى أن تبتسمي لأجلي فقط.”
“…..”
“لا أريدك أن تبكي، ولكن إن بكيتِ، أتمنى أن يكون السبب أنا. أتمنى أن تنامي فقط إذا كنت بجوارك. لا تبعدي نظرك عني.”
“ماذا…”
“لا تنظري إلى أي رجل آخر. لا تفكري فيهم حتى. أريد أن يكون كل شيء صعبًا عليك إن لم أفعله أنا. أريدك أن تعتبريني أغلى ما لديك. فكري بي طوال اليوم. اشتاقي إليّ. قولي لي كل يوم إنك تحبيني… أتمنى ذلك.”
نظرتُ إليه بعبوس و هززت رأسي ببطء.
“لم أقصد ذلك… لماذا تقول هذا…؟”
“لأن هذا أنا الآن.”
“…..”
“زوجك الآن بهذه الحالة. أعرف جيدا ما الذي فعلتُه. افهم ذلك أيضًا.”
“… كايروس.”
أرخى يده التي كانت تمسك وجنتي و أخفض رأسه. لامس جبينه كتفي.
“من فضلك…”
اقترب أكثر كما لو كان يطلب العزاء.
“أنا آسف.”
“……”
“كل شيء كان خطأي. من فضلك، هايزل.”
شعرت وكأن أنفاسي قد توقفت للحظة.
“لا أريدكِ بجواري لمدة عام فقط، بل طوال حياتي.”
“…..”
“كيف لي أن أعيش من دونك؟ أنت تعرفين أنني لا أستطيع أن أؤذيك. لا أحد سيحميك مثلي. أعطيك كل شيء، فلماذا؟ لماذا تستمرين بالنظر إلى غيري؟ أنا محترق من الداخل. لا أعرف ما الذي علي فعله…”
كانت كل الأمور مربكة، ولم أكن أعرف ما الذي يجب أن أقوله.
شعرت أن أي شيء أقوله سيُعتبر ردًا قاطعًا بالنسبة له. تنهدت بعد فترة. كان من الأفضل أن أزيل سوء الفهم أولاً.
“الشاب الذي كنت أتحدث معه هو ابن أخ كبير الخدم ديلو. قال إن اسمه إيميل. لم أره من قبل. كان يحترمك منذ زمن طويل، وقال انه تقدم للانضمام إلى فرسان الدوقية، ويتمنى أن يتم قبوله. قال أنه رآك لأول مرة قبل 10 سنوات، ويريد أن يعمل بجد ليكون قريبًا منك. هذا ما كنا نتحدث عنه. لم يكن كما ظننتَ. وبدا لطيفًا، لذا ابتسمت له. هذا كل شيء.”
“…..”
“كما أنه قال ان قاعة الحفل جميلة جدًا. و هو يبلغ من العمر عشرين عامًا فقط. إنه مجرد طفل. لا أميل للرجال الأصغر سناً، فما الذي كنت تفكر فيه؟”
“……”
عندما لم يتحرك، رفعت يدي وربتُّ على مؤخرة عنقه لأهدئه. تنهد بعمق. لامست أنفاسه الساخنة عنقي.
“هل فهمت الآن؟ هل هدأت؟”
دفعته نحو الباب وطلبت منه أن يخرج ليأخذ بعض الهواء. لم يكن يبدو مرتاحًا تمامًا، لكنه قال إنه سيخرج لبعض الوقت ثم يعود.
“آه…”
رغم أنني كنت أعرف ما الذي يريده، لم أستطع إعطاءه الجواب الذي يتوقعه.
خرجت إلى القاعة لأجدها فارغة. بدا أنه ذهب ليتنفس الهواء كما طلبت منه .
دخلت قاعة الحفل مجددًا. وعندما دخلت، اقتربت مني السيدات النبيلات على الفور، يبدين ملاحظات عن علاقتنا الجيدة.
شعرت بالعطش فجأة. تناولت كوب ماء من صينية أحد الخدم.
“…آه.”
بمجرد أن شربت رشفة، شعرت برائحة معدنية قوية.
كدت أبصق الماء، لكنني تمكنت من التماسك.
ما هذا؟
كان الماء يبدو نظيفًا وشفافًا، لكن الرائحة كانت أشبه برائحة الدم.
هل يمكن أن يكون الماء فاسدًا؟
كنت قد تحققت من جميع المشروبات و الماء قبل الحفل، ولم تكن هناك مشاكل.
طلبت من السيدة تيني التحقق من الأمر، وخرجت لأغسل فمي بسبب شعوري بالانزعاج. عندما عدت، لم يكن كايروس قد عاد بعد.
“سيدتي.”
“آه ، سيدة تيني هل وجدت شيئًا؟”
“لقد تحققنا من كل شيء، ولم نجد أي مشكلة. هل يمكنني فحص الكأس الذي شربتِ منه؟”
“نعم، لحظة. تركته هنا. هذا هو.”
لحسن الحظ، كان الكأس لا يزال على الطاولة ولم يُنقل.
“سأذهب للتحقق منه.”
“من فضلك، تأكدي فقط دون شربه.”
عاد كايروس بعد ذلك بقليل، وقد بدا أكثر هدوءًا.
“هل أنت بخير الآن؟”
كاد أن يفتح فمه، لكنه توقف. اعتبرت ذلك بمثابة إشارة إيجابية.
“… جيد.”
لكن شعرت بالغثيان مجددًا. عندما لاحظ، انحنى نحوي.
“ماذا؟ هل تشعرين بالغثيان؟ هل أحضر الطبيب؟ انتظري.”
حاول أن يستدعي الطبيب، لكنني أمسكت يده.
“لا، شربت الماء منذ قليل وشعرت بطعم غريب. أعتقد أنني فقط تأثرت بذلك قليلاً.”
“الماء؟”
بدأ يبحث عن الشخص الذي أحضر الماء، فأمسكت يده مجددًا.
“نعم، لكن السيدة تيني ذهبت للتحقق من الكأس، ولم يكن هناك أي مشكلة. لا أحتاج إلى طبيب.”
“إذن عليك أن تستريحي. الجميع منشغلون الآن، لذا لا بأس.”
“كنت أريد البقاء لفترة أطول.”
“ستكون هناك حفلات أخرى.”
“…صحيح.”
شعرت بالغثيان مجددًا، لذا استندت عليه وخرجنا إلى الممر.
شعرت بصداع قادم أيضًا.
* * *
“…هايزل.”
“…..”
“هايزل.”
كان كايروس يناديني. فتحت عيني بصعوبة بسبب الضوء الساطع.
“هايزل.”
“آه، الضوء شديد.”
وضع كايروس يده فوق عيني. عندما أزال يده و فتحت عيني مجددًا، وجدت نفسي في غرفة غريبة.
كانت كبيرة جدًا وفخمة. نظرت حولي في حيرة.
“أين نحن؟ هل كانت هناك غرفة كهذه؟”
ألم أخرج مع كايروس من قاعة الحفل للتو؟
“نحن في القصر الإمبراطوري.”
“آه، القصر الإمبراطوري… ماذا؟ ماذا قلت؟”