دوريان، كعادته، يمشي كظلٍّ لا يُسمع له وقع، يرتّب كل ما يحيط به. فالتنظيف وظيفة الخدم، لكن ترتيب أشياء الملك مهمّته هو وحده.
خصوصًا ما لامسته يد الملك، إذ لكل شيء موضع محدّد لا يجوز أن يتبدّل.
أعاد أقلام ميكلان إلى مكانها، سحب الكرسي بزاوية مناسبة، وأعاد الطاولة المبعثرة إلى نظامها. أشعل الشموع واحدة تلو الأخرى، وتفقد جمر الموقد.
ثم أسند نظره إلى يده.
كفّه مغطاة بلون رماديٍّ مرعب، لكن التلوّث لم يتجاوز المعصم.
–طق…طق.
صوت خفيف على النافذة.
المكان الذي يعمل فيه دوريان كان صالون الملك الخاص، نافذته الجنوبية واسعة ومستديرة. وعلى شرفتها، وقف رجل يطرق الزجاج.
توقف دوريان قليلًا، يصغي لأي حركة حوله. القصر كله ما زال مضطربًا بسبب ظهور هايلي في قاعة الحفل. لكن لحسن الحظ، لم يكن ثمة من يراقبه أو يعرقله.
فتح النافذة بحذر. اندفعت برودة الشتاء، ومدّ رجلٌ يده من الفجوة الصغيرة.
“قالوا لتأخذ هذا.”
زجاجة صغيرة من البلور.
لم يستطع دوريان معرفة هويته، إذ كان يغطيه الرداء حتى رأسه. لكن صوته المرح وعيناه الشاحبتان في ضوء الشموع فضحتا بياض عينيه.
سأله دوريان: “كم الكمية؟ وكم المدة؟”
“قيل لي إنه لا يترك أثرًا ظاهرًا فترةً طويلة. فالأمر إليك.”
“ومن أمرك؟”
“كوينتن هولت.”
ضحك الرجل ذو العيون البيضاء.
أما دوريان فلم يبتسم، لم يرد. أخذ الزجاجة فقط، وأغلق النافذة قبل أن يجتاح الصقيع الغرفة.
❈❈❈
“عدت.”
خلع لانغو رداؤه. خرج بخار أبيض من فمه وهو يضحك رغم أطرافه المتورمة من البرد. فقد تسلل إلى قصر هولت، حتى صالون الملك نفسه.
أسرعت إليه وأمسكت بيده، ثم سحبته معي إلى داخل النزل.
“ماذا فعلت بنفسك؟! بلا قفازات؟! انتظر، سأُحضر ماءً دافئًا…”
“لا بأس، القفازات تُبطئ حركتي.”
“لا بأس؟! تريد أن تفقد أصابعك بالتجمّد؟”
“ماذا؟! لا تُرعِبيني! قصدت أنني اعتدت هذا… لستَ أول من يقوم به.”
“أنت إنسان، لا حيوان ثلج! إن لم تهتم بنفسك أنا من سيفقد عقله، افعل ما أقول!”
أجلسته على الأريكة رغماً عنه، وبدأت أدفئ يديه بكفيّ. حاول أن يسحبها مدعيًا أنه بخير، فشبكت أصابعي بأصابعه وأمسكت بقوة.
“مخيف… يا سيدة، لا تفعلي بي هذا.”
“وكأنني سآكلك!”
“ربما ليس الآن، لكن أشعر أن نهايتي هكذا.”
“وأين الترياق؟”
“ها هو.”
أخرج لانغو الترياق وأعطاني إياه طائعًا. حدّقت فيه طويلًا، ثم خطفته من يده وضميته إلى صدري.
حينها عاد إلى ذهني المحادثة التي دارت بيني وبين ماريس قبل الهجوم على قاعة الحفل.
“هايلي، من حقك أن تحتقريني.”
“ولِمَ أحتقرك أيها الأمير؟”
“ثمة أعمال اضطررتُ إليها كولي عهد كاسناتورا… منها زرع جواسيس في قصر نيفي وهولت.”
قال ماريس إنه أمر لا مفر منه، فكما يوجد جواسيس لهما في قصر كاسناتورا، فلا مفر من الرد بالمثل.
“زرعت جواسيس فعلًا؟ ميكلان لم يكن ليسمح بسهولة، وهو يشكّ في الجميع منذ صغره.”
“صعب، نعم. لم أرَ ملكًا يبدّل خدمه كل شهر من قبل. لم يكن يثق بأحد. حتى حاولنا استخدام والدته.”
“ونجحتم؟”
“لا. أمه كطيفٍ من الماضي، لا تدري شيئًا. سألنا سِيريل، فعرفنا أن أسرة فانديسيون أيضًا زرعت عيونًا قربها.”
“ماأقبح هذه الألاعيب الملكية.”
لم يحصل ماريس من مراقبة والدة ميكلان سوى على يقينٍ واحد: إن ملك هولت لا يثق حتى بأمه.
“فلم يبقَ لنا سوى الخدم. استغللت تبديلهم الشهري وأدخلت رجالنا عشوائيًا لئلا يُشكّ بنا.”
“وهل نجحت هذه المرّة؟”
“نعم.”
“حقًا؟”
“بقي عشرة أيام فقط حتى يُطرد دوريان. هايلي، أريدك أن تلوّثيه بالماغي، لا ميكلان.”
“لماذا؟”
“إن وثق ميكلان بدوريان، سنجني فوائد عظيمة.”
قالها ماريس وهو بعيد عن أي ابتهاج. كان يشعر بالعار: من استغلال دوريان، ومن طلبه لي أن أغيّر خطتي لأجله، ومن أن أميرًا ملكيًا يلجأ إلى دسائس رخيصة كهذه.
رأيته أكثر إنسانية من كل الملوك.
“أنت مذهل.”
“بمَ أُعجبتِ؟”
“بأنك قادر على مواجهة ما تكره ببرود، دون أن تغضّ الطرف عن الثمن. هذه أيضًا شجاعة. لا أقول إن طريقتك عادلة، لكني لأكون صادقة أفضل أن يحكمنا ملك مثلك من ميكلان.”
“هايلي…”
“حسنًا. لن ألوّث ميكلان نفسه، بل خادمه.”
“أمتأكدة؟”
“على شرط أن أضع بيده هذا.”
“وما ذاك؟”
“السم نفسه الذي قتل والد ميكلان.”
قال سيبرينو إن إعادة صنعه لا تستغرق جهدًا كبيرًا. والترياق جاهز، فالتسميم ثم إنقاذ الضحية لن يكون صعبًا.
فأعطيته السم عبر لانغو ليسلّمه لدوريان. خطةً أعددناها جميعًا: بدعم من ماريس، وبمشورة من سِيريل، وبغضّ طرفٍ من أستا.
صار دوريان جرسًا في عنق ميكلان.
♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 99"