في تلك الليلة ، فتحنا الخريطة التي أعطانا إيّاها ريكارت ، و تداولنا الحديث حتّى الفجر.
ماذا يجب أن نشتري؟ و كم؟ ما الأكثر إلحاحًا؟ و كيف سننقله؟
كلّما حللنا مشكلة ، برزت مشكلة أخرى.
طلبُ دراياد بشراء جميع بذور العالم تمّ رفضه بسببي أنا ، التي كنتُ عالقة مع موقد السحر.
لنقل الموقد السحري ، كان علينا تقليل الأمتعة إلى الحدّ الأدنى.
أنا قويّة بالنسبة لإنسان ، لكنّني لستُ قويّة كالثور.
بهارات قليلة ، و بذور القمح ، و أدوات الصيد. أعشاب طبيّة و أدوات كتابة. و أيضًا …
و هكذا أشرق الصباح.
“كوني حذرة في طريقكِ. الآنسة هايلي لديها بعض الغباء ، فلا تأكلي أيّ شيء تجدينه ، ولا تساعدي أيّ شخص ، ولا تذهبي مع أيّ أحد”
“هل أنا غبيّة؟”
“أعتذر”
‘كانت تعتقد أنّني غبيّة.’
طلبتُ من دراياد ، التي انحنت معتذرة ، أن تهتمّ بزراعة البطاطس جيّدًا ، ثمّ التفتُّ إلى ريكارت الذي كان يراقبنا بهدوء من جانب و قُلتُ: “هيا تقدّم”
❈❈❈
كان ريكارت وينتر رجلًا متهالكًا.
عندما دُمّرت عائلته على يد الساحرة الشريرة هايلي ، أقسم على الانتقام منها.
كان ذلك واجبًا. كان عليه أن يفعل ذلك حتمًا.
بصفته “الوريث المثالي” الذي أنجبته عائلة وينتر الدوقيّة ، لم يكن يتحرّك بدافع الحزن أو الخسارة ، بل بدافع الواجب و المسؤولية.
الانتقام كان مهمّته الأخيرة.
لم تستسلم هايلي بسهولة. و لم يكن هو الوحيد الذي يطاردها.
كان الجميع يجهلون السحر المحرّم الذي تستخدمه ، فكانوا دائمًا عرضة لهزيمة ساحقة.
لذا ، تخلّى كثيرون عن مطاردتها. بل إنّ بعض المجانين زعموا أنّه يجب الاعتراف بهايلي كأوّل ساحرة سوداء ، و قبول سحرها كمذهب مستقلّ.
لكنّ ريكارت لم يستسلم.
كان الانتقام نهاية حياته. كان يعلم أنّه إذا قتل هايلي ، فسيموت هو أيضًا.
في بعض الأيّام ، كان يرغب في قتلها ، و في أيّام أخرى ، لم يرد ذلك.
في بعض الأحيان ، كان يكرهها بشكل مقزّز ، و في أحيان أخرى ، كان يتساءل عن شخصيّتها الحقيقيّة ، فيبقى مستيقظًا طوال الليل.
منذ وقت ما ، بدأ ريكارت يشعر أنّ تحدّي هايلي للانتقام منها أصبح أمرًا يوميًّا معتادًا.
كانت دائمًا تهزمه ، لكنّها لم تقتله. رغم أنّ تحدّيه المستمرّ كان مزعجًا لها ، إلّا أنّها لم تتهرّب ، بل واجهته بصمت.
“لماذا تتركينني على قيد الحياة؟”
“لأنّني لا أريد أن أنسى ما فعلته”
“لماذا؟ هل شخص مثلكِ يشعر بالذنب؟”
“أتمنّى لو كان الأمر كذلك”
كلّما تكرّرت هزائمه ، خفّت مشاعر الواجب التي كانت تسيطر عليه ، و بقي فقط الفضول تجاهها.
كان الأمر مضحكًا. كانت هدف انتقامه ، لكنّها أوّل شخص أراد أن يعرفه حقًا.
و مرّ الوقت هكذا.
في النهاية ، قبض وليّ عهد مملكة هولت على هايلي بعد أن قتلت ملك المملكة.
طالب قضاة الممالك الثلاث بإعدامها شنقًا أو حرقًا ، لكنّ الطائفة تدخّلت ، و أصرّت على نفيها إلى الأراضي الملوّثة.
قيل إنّها أُرسلت تحت حراسة فرسان الطائفة إلى قلعة مارون و تُركت هناك.
لم يصدّق ذلك. كيف يمكن أن تُقبض عليها تلك المرأة التي بدت مستحيلة القتل ، من قِبل وليّ عهد هولت ، بل و تُنفى إلى قلعة مارون؟
كان على ريكارت أن يختار.
إمّا أن يدخل الأراضي الملوّثة لينتقم من هايلي و يموت ، أو أن ينسى كلّ شيء و يعيش.
استغرق هذا الاختيار عامًا كاملًا.
في البداية ، حاول أن ينساها و يعيش. حياة عاديّة كالآخرين.
نسي عائلته ، غيّر اسمه ، و حلم بحياة يكسب فيها يومه و يأكل.
لكنّ ريكارت كان متهالكًا جدًّا ، و بعد استبعاد الانتقام من حياته ، لم يبقَ له شيء.
أدرك ريكارت.
لم يكن لديه “ذات”.
لذا اختار ، سيقتل الساحرة هايلي و يموت.
لكن- لا يمكن أن تكون هذه المرأة هي الساحرة الشريرة.
“من أنتِ؟”
حتّى و هو يحتضر متأثّرًا بسحر الأراضي الملوّثة ، لم يستطع إلّا أن يسأل. رغم أنّ لها الوجه نفسه و المظهر نفسه ، إلّا أنّ الشكّ ظلّ يراوده.
بشرتها البيضاء كالثلج ، خطواتها المتعثّرة الضعيفة ، و جسدها النحيل للغاية كأنّه غصن جافّ.
قطعة قماش بسيطة ، حافية القدمين ، و قبعة قشّ منسوجة بشكل رديء.
عندما رأته ، صرخت بوجه مرتعب ، و عندما مدّ يده ، تراجعت مذعورة و أغمضت عينيها بقوّة.
‘من هي؟ أليست هايلي؟’
‘لم أكن أنوي إخافتكِ.’
حاول أن يوضّح ، لكنّ وعيه انقطع.
لمست يد فاترة رقبته. كان يعلم ، حتّى و هو مغمض العينين ، أنّها يدها.
كانت تعرف اسمه.
ريكارت وينتر.
نطقت اسمه بدقّة و بدأت بتنقية السحر الملوّث.
عادت الحياة كمعجزة إلى جسده ، الذي كان يشعر أنّ روحه ملوّثة و موشك على الموت. تدفّق الدم النقيّ من قلبه ، الذي ظنّه متوقّفًا. عادت الدفء إلى جسده البارد.
يبدو مضحكًا ، لكن في تلك اللحظة ، شعر ريكارت وكأنّه وُلد من جديد. ماتت ذاته القديمة ، و بدأت حياة جديدة تمامًا.
امتصّ جسدها كلّ السحر الملوّث الذي كان يسكنه. و رغم كلّ هذا السحر ، لم تتلوّث أبدًا.
نظرت إليه بوجه نقيّ كزهرة الأوركيد و قالت: “أنا منقذة حياتك”
من قرب ، بدت أكثر هشاشة ، لا يمكن تصديق مدى ضعفها.
عيناها الصافيتان خاليتان من أيّ شرّ. كانت تعمل بمعصمها الهشّ الذي يبدو و كأنّه سينكسر ، و تعيش مع جنيّة خشبيّة صغيرة.
‘أليست هايلي؟’ ‘أم أنّ هناك شخصًا آخر بنفس الوجه؟’
كانت المرأة التي تقف أمامه تبدو و كأنّها “هايلي أخرى” ، ليست الساحرة الشريرة ، بل شخص مظلوم حُبس في قلعة مارون.
لأنّه لم يعرف هويّتها ، قلّ كلامه.
سألها عن اسمها ، و عن إقامتها هنا ، و عن كونها من عالجته ، لكن لم يتغيّر شيء.
لقد أنقذت حياته. هايلي مارون.
ثمّ هطل المطر. مطر نقيّ لا يتناسب مع الأرض الملوّثة.
رغم أنّ الخارج لا يزال ممتلئًا بالسحر القذر ، قالت إنّ الحياة جميلة.
خلعت قبعة القشّ و استقبلت المطر بوجهها العاري مبتسمة. ابتسامة كضباب أواخر الربيع.
كانت تلك اللحظة محفورة في ذهنه كمشهد لا يُنسى. كانت أوّل لحظة سلام عاشها ريكارت في حياته.
أثناء تجوّله في قلعة مارون المنقّاة ، دخل فوجد هايلي جالسة على أرضيّة المطبخ تقوم بشيء ما.
تحرّكت يدها الصغيرة النحيلة بجدّ.
كانت تحاول إشعال نار بحجر صغير بحجم قبضتها بذراع تبدو و كأنّها ستنكسر إذا لُمست.
كان واضحًا أنّها تفعل ذلك بطريقة خرقاء. لم يرَ أحدًا يستخدم حجر الصوان بهذه الطريقة من قبل.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"