لم يأخذنا ماريس إلى مكان إقامته، بل تبعنا إلى الفندق الذي حجزناه بنفسه.
لا مرافقة من الحرس سوى القليل، ولم يصطحب خدمًا أو مستشارين على طول الطريق.

كان ذلك مفاجئًا. ففي الرواية الأصلية وُصف ماريس بالأمير المثالي، وكنت أتوقع منه أن يعلن عن حضوره بكل ترف مثل: ‘تعالوا، هذا الأمير قادم!’

الفندق الذي حجزناه كان من أرقى فنادق نيفي. وبسبب رغبتي في تجنب أي اصطدام بالآخرين، استأجر ريكارت الطابق العلوي بالكامل، وقاد ماريس إلى الغرفة الأخيرة في الطابق.

“يبدو أن المال ليست مشكلة لديك.”

“أي قلق هذا؟”

“سمعت شائعات أن الساحرة هايلي جمعت ثروة تكفي لبناء مملكة نتيجة أفعالها الشريرة.”

“لا، تلك مجرد شائعات.”

“وكيف تصالحتِ مع ريكارت وينتر؟ هل كان هناك سبب لحل سوء التفاهم؟”

بدا مهتمًا بنا كثيرًا، لكن ريكارت لم يبدو راغبًا في الإجابة.

“لا أرى أنه من واجبي شرح كل ذلك، صاحب السمو،” قال ريكارت بصوت هادئ.

لقد قضى وقتًا طويلاً في قلعة مارون، فأصبح فاقدًا بعض الشيء للمهارات الاجتماعية. نظرت إليه وأنا متأثرة بهذه الحقيقة، متسائلة عن ما يريد قوله حقًا.

“سمعت عن القائمة التي أعطيتيها لأستا. كذلك سمعت إن شيطانًا سيظهر في جنوب نيفي، فلا يسعني إلا أن أعرب عن امتناني لك، بصفتي ولي عهد كاسناتورا.”

“إنه كافٍ. قلت لأستا أيضًا، لكنني لم أرغب بالقيام بذلك، لذلك دفعتها هي. هناك الكثير لأكون ممتنة له.”

“هل ستجيبين إذا سئلتك عن كيفية بقائك على قيد الحياة في منطقة التلوث؟”

“لا.”

“هل ستساعدين في كشف أسرار الطائفة؟”

“لا.”

“هل تنوين حل سوء التفاهم وطلب إعادة المحاكمة؟”

“ليس بالضرورة.”

“ولماذا؟”

أومأ ماريس برأسه جانبًا، معبرًا عن عدم فهمه. تمايلت خصلات شعره الطويلة حول كتفيه.

“هايلي، ألا ترغبين في شيء؟”

أرغب بالكثير، لكن لا أحد في هذا العالم قادر على تحقيق ما أريد.
من سيستجيب إذا طلبت أن لا تصيب أمراض الفلفل المزروع في حديقة قلعة مارون؟. ومن سيسمح لي بإتمام جولة لعبة المزرعة على الهاتف قبل النوم؟.
أريد تناول الهامبرغر والبيتزا، وقهوة بالحليب المكثف مع فطائر السوفليه… آه، هل هذا ممكن هنا؟.

على أي حال، الاعتماد على الآخرين يجلب رضا مؤقتًا فقط، ولا يمثل حلًا دائمًا، ومن ثم بعيد عن السعادة الحقيقية.

بدلًا من شرح كل هذا، قلت لماريس:
“للقضاء على الشتاء في قلعة مارون، هناك الكثير من الاستعدادات. يجب أن أوصل المؤن الأساسية لمن يعيشون مختبئين هناك. لذلك، أرجو أن أتمكن من التسوق بحرية في نيفي.”

“ماذا؟”

“الزيوت للمدابغ والفراء، وقبعات لحماية الرأس عند تساقط الثلوج على الأشجار. فكتل الثلج المتجمدة قد تسقط على الرأس وتسبب إصابة.”

“ها…”

“المواقد ما زالت صالحة، لكن الكثير من المداخن منهارة، ويجب استخدام الجص. هناك تقنيات، لكن بدون الأدوات لا يمكن تنفيذها.”

“هل تتحدثين عن القلعة القديمة داخل منطقة التلوث؟”

“نعم، هذا منزلي.”

أومأ ماريس برأسه.
“الآن أفهم لماذا قدمت نفسك كماركيزة مارون.”

“هل كنت تعرف ذلك أيضًا؟”

“نعم. كانت الطائفة تصر على نفي اسم مارون عنك وإرسالك إلى منطقة التلوث، لكن نييه وفولت قاوموا ذلك بشدة. لو لم أقف مع الطائفة في النهاية، ربما كنت ستعاقبين بالإعدام في ذلك الوقت.”

“ولماذا فعلت ذلك؟”

“كان مريبًا.”

“ما المريب؟”

“أنتِ من ارتكبت الأفعال الشريرة، لكن من استفاد كان سيّريل فانديسيون وميكيلان هولت فقط. هل من المعقول أن ساحرة مثلك قتلت الكثير ولم تجنِ شيئًا؟”

أظهر ماريس نظرة ازدراء خفيفة على وجهه الهادئ.

“وفوق كل شيء، أوجين ويديمارك.”

“ولماذا أوجين؟”

“ما قاله كان حاسمًا.”

في يوم محاكمة هايلي، قال أوجين:
“يجب أن تُسجَّل قلعة مارون باسم الساحرة هايلي، وتُرسل إلى منطقة التلوث لتعيش معزولة عن العالم إلى الأبد، ويجب أن يُنزع منها السحر أولًا.”

قرأت هذا في الفصل الجانبي، وأعجبت بذاكرة ماريس وأومأت برأسي.
“أعلم ماذا يعني نزع السحر عن الساحرة. كان كقتلِك مرة، وإرسالك إلى منطقة التلوث بعد ذلك كقتلٍ مرة ثانية… عندها اعتقدت أن هذا هو الحكم العادل.”

“لقد قتلتني مرتين إذًا.”

“نعم، لأنني اعتقدت أنه من الأفضل التخلص منك بهذه الطريقة إذا كان شخصةٌ خطيرٌ مثلكِ لا يمكن أن يصبح لي.”

“فكرٌ يليق بولي العهد.”

“لكن، بما أنك أكرمتِ أختي بهذه الدرجة، بصراحة لا أعرف كيف يجب أن أتصرف.”

“هل تريد الاعتذار؟”

“أريد الرد بالجميل.”

آهها. لأنه يُحسن معاملة أختِه، فجأة أصبح بالنسبة لي ممتنًا وعظيمًا وطيبًا في المظهر.
هكذا أو نحو ذلك، كان ماريس بالفعل أخ أستا. عندها استطعت أن أبتسم بصدق.

“أمير ماريس.”

“إذا قلتِ ما تريدينه، سأبذل جهدي لتحقيقه مهما كان…”

“اشترِ بقرة من فضلك.”

“…….”

“وغنم ودجاج أيضًا.”

بدى على ماريس كأن كلامي مجرد نكتة بلا طعم.

هكذا يكون شعور تجاه تجاهل الجدية.
شعرت بخيبة أمل عميقة وأنهيت التسوق بسرعة.

❈❈❈

تم إلغاء خطة البقاء ليلة واحدة. عند رؤية ريكارت يقترح شراء الضروريات فقط والعودة سريعًا، بدا أنه يخشى أن نصادف سيْريل مرة أخرى فيتسبب ذلك بسيل من القتال.

ولأنني لا أرغب في أن يُلاحق ريكارت حتى في كاسناتورا، رتبت الأمتعة بسرعة كما قال.

لكن في الطريق، طلب ماريس مني طلبًا غريبًا.
قال إن تجاهل أي شعور بأن أحدهم يتعقبنا والمضي قدمًا هو الأفضل، وبما أن أي متتبع لن يستطيع الدخول إلى منطقة التلوث، أومأت برأسي بالموافقة.

بينما كنا نجلس في العربة الجديدة ونتجه نحو الوادي، كانت السماء قد أسدل الليل ستاره، والطريق مظلم، والناس نادرون.

أصوات الحشرات جعلت قلبي يقفز بالخوف.
شعور حدسي. نعم، هكذا كان الأمر.

مثل الشعور حين تعود من حفل تخرج الجامعة، ويبدو الشارع المعتاد فجأة غريبًا ومرعبًا، وكأن نظرات أحدهم تحيط بك كسِتار، وشر شخص ما يضغط على رقبتك.

“هايلي!”
ألقى ريكارت بزمام الخيل واحتضنني.

سِيش!–
أُطلقَت سهام قصيرة وقاسية. ربما من المنجنيق. قفزت من العربة متدحرجة على الأرض بينما كنت بين ذراعيه.

“اضمري على الأرض.”
مرر يده على رأسي بعنف، ثم نهض بمفرده. كنتُ أرتدي رداءً طويلًا ذو غطاء للرأس، فلم أرَ شيئًا.

كل ما استطعت أن أعرفه هو أن ريكارت غاضب للغاية، وسحب سيفه تجاه شخص ما.

“كيف تجرؤ؟”

همس ريكارت بصوت منخفض، ملؤه القسوة. في تلك اللحظة، شعرت أن ريكارت أخوف من أي معتدي مجهول.
لأن ريكارت كان في الرواية الأصلية الوحيد القادر على مواجهة الشيطان المكتمل وحده.

بدت الهجمات موجهة إليه، وليس إلي. بعد بضع مناوشات، أدرك ذلك ونقل موقعه بعيدًا عني قليلًا ليبدأ بمواجهة المعتدين بجدية.

لكن حينها ظهر ضيف غير مرغوب فيه آخر.

“توقفوا عن القتال!”

كانت أستا.”

♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪

حسابي على الإنستا:@empressamy_1213

حسابي على الواتباد: @Toro1312

ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧