“لا بد أنّه قرار صدر من الأعلى. لقد خدمت هنا لوقت طويل جدًا، ومع ذلك لم أسمع يومًا عن وجود وثيقة سرّية كهذه في الكنيسة.”
“وما السبب يا ترى؟”
“من يدري…؟ لا بد أنّ أحدهم سيجني فائدة عظيمة من هذا الحظر، وإلا لما فعلوه.”
“أنا أيضًا أظنّ ذلك.”
هدأت نظرات أستا، وغاص بريق عينيها في السكون.
كانت تعرف أنه منذ حُظر دخول غرانديس، ظلّ التجّار العالقون يتبرّعون بمبالغ طائلة للكنيسة ليحصلوا على تصاريح مرور.
يبدو أنّ هذا الكاهن الشاب ليس ممّن يليق بهم البقاء في هذا المكان.
فالكنيسة لا تطرد كاهنًا شقّ طريقه بصعوبة إلا لسبب جلل، وهو ما يعني أنه ليس مهرطقًا، وإلا لما أوكلوا إليه إدارة المقبرة.
قالت أستا بنبرة مقامر يكشف أوراقه:
“أنا أميرة مملكة كاسناتورا.”
“عفواً… ماذا؟!”
اتّسعت عينا الكاهن في ذهول، وارتجف بياضهما كأن لا ملجأ له.
أستا طلبت منه بلباقة:
“أنا بحاجة للعودة إلى كاسناتورا في أسرع وقت. أخفيت هويتي طوال هذه المدة منتظرة أن يُرفع الحظر عن المدينة، لكن لم أعد أستطيع الانتظار. يا سيادة الكاهن، إن لم يكن لديك مانع… هلاّ تساعدني؟”
“أ… أميرة…؟”
“نعم. وإن ساعدتني، فسأسعى لأجل أن تُستعاد مكانتك في أبرشية كاسناتورا.”
“آه… يا إلهي!”
انحنى الكاهن في وضعية صلاة، وقال:
“حين حُرمتُ من شرف الخدمة، سُلب مني اسمي، لكنني كنت وما زلت أخدم الرب بإخلاص. لقد حاولت فضح الفساد والجريمة داخل الكنيسة، فطُردت. لم أستطع القتال وحدي، فآثرت أن أظل هنا في المقبرة أصلّي للرب.”
وأضاف أنّه ما إن تضرّع حتى ظهرت أمامه أميرة كاسناتورا، وأنه كان قد سمع همسًا عن كونها مالكة الأرواح.
حين سمعت أستا أنه طُرد بسبب سعيه لفضح الفساد، اشتعل في صدرها لهيب العدالة.
قالت:
“تعال معي، أيها الكاهن.”
“لا أدري ما النفع الذي سأقدّمه لجلالتك…”
“يجب أن يوجد على الأقل شخص واحد يقول الحقيقة، وإذا صاروا اثنين فذلك أفضل. والمضحك أنّ كوني من العائلة الملكية قد يجعل الأمر أنفع، أليس كذلك؟”
“يا أميرة…”
“نادِني أستا.”
مدّت أستا يدها أولاً، فمدّ الكاهن يده وأمسك بها بحذر.
وفي ظلام المقبرة، كانت هذه هي اللحظة التي انضمّ فيها حارس المقابر، وحش الثلوج “لانغو”، إلى رفاق البطلة كما جاء في الرواية الأصلية.
❈❈❈
إنها غلطتي أنا.
كان يجب أن أتوقّع أنه إذا كانت أستا في غرانديس، فبالطبع سيكون سيريل هنا أيضًا.
وبينما كنت أفكّر في أن نرتاح ليلةً ونواصل غدًا، إذ بي أصطدم به وجهاً لوجه عند زقاق النُزُل.
تفو، حتى سوء الحظ يجب أن يعرف حدوده!.
في تلك اللحظة، بدا كل شيء وكأن الزمن يسير ببطء شديد ودقة متناهية.
كان سيريل واقفًا عند طرف الزقاق مع رجلٍ لا أعلم إن كان خادمه أم حارسه، يتبادلان همسًا.
أما أنا فكنت أدخل مع ريكارت إلى الداخل.
ورغم أن زاوية النظر لم تكن تسمح أن نرى بعضنا، إلا أن أعيننا تلاقت كأنما بقدَر.
تغيّر وجه سيريل إلى ملامح الدهشة وهو ينظر إلى ريكارت، وما إن رآه ريكارت حتى سحب سيفه فورًا.
أجل، سحب السيف أولاً قبل أي كلمة.
صحيح… هذان كانا أعداءَ لدودين، أليس كذلك؟
انبعث من جسده تدفّق حادّ من القتالية المظلمة التي تشبه طاقة المَاغي.
رفيقي الذي أصبح أقوى من أحداث الرواية الأصلية بعدما تدرّب في مناطق التلوث، فقد عقله لحظة رؤية عدوه أمامه.
آه صحيح، قد صار في الآونة الأخيرة هادئًا كجرو لابرادور، لكن أصله كان دائمًا طبع الكلب المقاتل الشرس.
لماذا عليّ أن أصادف بطلين رئيسيين في نفس اليوم؟!.
“لا!”
في اللحظة التي أطلق فيها ريكارت نيّة القتل، أخرج رفيق سيريل، الذي اتضح أنه حارس، سيفه بسرعة البرق.
حتى سيريل نفسه سحب سيفه بعده.
صحيح، هو أضعف قليلًا من ريكارت، لكنه يظلّ من أمهر مبارزي عائلة فانديسيون.
كنت مترددة.
ريكارْت لن يموت هنا، فهو قوي بحق.
لكن أنا… قد أموت لو استعملت المَاغي في شارع مليء بالناس، وسأصبح عدوّة الممالك الثلاث من جديد، وقد يطير رأسي هذه المرّة بحق.
قد أُلقَّب ليس بساحرة شريرة، بل شيطانة من جحيم قامت من الموت.
هل أتركه وأهرب؟
شددت غطاء الرأس وانكمشت في زاوية الزقاق.
“كنت أتساءل ما الذي جاء باللقيط القذر لعائلة فانديسيون إلى هنا، فإذا به متطفّل على أميرة كاسناتورا كالطفيلي.”
كان ريكارت أوّل من ضغط على جرح سيريل النفسي.
فتقدّم سيريل خطوة وهو يدير معصمه على مقبض السيف.
“كثير الكلام بالنسبة لهزيمتك. لم تمت موتًا مشرّفًا في ساحة المعركة، ويبدو أن لسانك فقط طال في غيابك.”
“وأنت… تتحدّث عن الشرف؟ وأنت الذي لا يحقق شيئًا إلا باستغلال النساء؟”
“ريكارْت وينتر!”
“لماذا؟ أتظن أنني كنت أتسكّع طوال الوقت مع تلك الساحرة الشريرة أنتقم من أناسٍ لا علاقة لهم؟”
هيه، أنا هنا بالمناسبة… الساحرة الشريرة حاضرة!
زمّ سيريل على أسنانه.
“انتقام؟ أتيت الآن لتثأر لعائلتك؟ لقد كان سقوطكم من صنع أيديكم!”
“أعلم.”
ابتسم ريكارت ابتسامة بيضاء مستفزة إلى حدّ الكراهية.
“مهما كانت عائلتي أوغادًا، فأنت آخر من يحق له محاسبتها.”
“سمعت أنك ما زلت لم تمسك بزمام العائلة؟ إذًا تنوي استغلال أميرة كاسناتورا هذه المرّة؟ هل لأنها من العائلة المالكة؟ يبدو أنها تغض الطرف عن طفيلي مثلك، لكن ماذا تنوي أن تمتص منها هذه المرّة؟ الشرف؟”
يا سلام… لقد صار رفيقي ليس فقط كلبًا مقاتلًا، بل تحوّل إلى كيربيروس، كلب الجحيم ذو الرؤوس الثلاثة، وأصبح اللسان ثلاثة أضعاف.
صرخ سيريل: “اقتلوه!”
وانقضّ هو وحارسه على ريكارت من جهتين بهجوم متناسق وسريع.
أما أنا فما زلت في الخلف أفكّر هل أهرب أم لا.
تفادى ريكارت ضرباتهما بانسيابية كسمكة زلقة، ثم لوّح بسيفه بسرعة لم أستطع رؤيتها.
لم أفهم ما حدث.
حتى في أفلام الأكشن كنت أكتفي بالـ”واو” من الإعجاب، لكن ما رأيته الآن كان بلا أي إحساس بالواقعية.
تطاير الدم، لا أعلم لمن، لكن أثره امتد على أرضية الزقاق.
حينها قررت أن الوقت حان للهرب.
“زيوس، عودي أولاً.”
قالها ريكارت.
“سأتدبّر أمري.”
لو لم يقل ذلك، لكنت هربت وحدي بالفعل.
فهو لا يستطيع عبور مناطق التلوث والعودة إلى قلعة مارون دوني، وبالأخير عليّ أن أجرّه معي.
“سيدي، اهرب!”
الجرح كان من نصيب الحارس، الذي بدا مستعدًا للتضحية بنفسه لحماية وريث فانديسيون.
وبما أن سيريل شخص بارد وعقلاني، كان من المفترض أن يبتعد امتثالاً لكلام حارسه.
لكن ريكارت سدّد له ضربة قاضية من الكلام.
“قل لي، كيف أغرتك الساحرة هايلي؟ بوجهها الجميل؟ أم باعت لك جسدها؟”
“ماذا…؟”
“أليس استدراج الناس واستغلالهم ورميهم هو جوهر السحر الأسود؟ إذًا ماذا نسمي ما فعلته أنت؟”
كان يبتسم.
“تصرفات قذرة؟”
“ريكارت!”
“هل تعرف أميرة كاسناتورا بذلك؟”
يا ناس…
كنت أظن أنّ هذا الطبع العدواني لديه سببه نقص الطعام في قلعتنا، لكن يبدو أن ماغي مناطق التلوث أفسدت الولد بحق!.
♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار⭐•
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 42"