في كوريا الجنوبية في القرن الحادي والعشرين، كان يكفي أن تفتح تطبيق الهاتف وتقرّب الشاشة قليلًا لتتحقق من هويتك. أمّا الآن، فأنا أحمل لوحًا برونزيًّا بدائيًّا، وأمدّه إليهم قائلًا: «هذا هويتي»… أليس في هذا شيء من السخرية؟
يكفي أن تُنقش عليه الأسماء من جديد. أليس هذا مستوى من التزوير يمكن لأي أحد أن يتقنه؟.
تفحّص الجنود اللوح من كل زاوية، ثم دوّنوا اسمي واسم ريكارت في سجل دخول غرانديس.
قال أحدهم: ” زيوس وهيرا؟ حسنًا، تفضّلا بالمرور.”
ريكارت، ينبغي أن تشكرني… لقد جعلتك تجرّب مرتبة أعلى حُكام الإغريق. نعم، كنتُ أنا زيوس، وهو كان هيرا. في الحقيقة أنا عرضتُ أن أكون هيرا، لكن ريكارت ـ الذي لم يكن يدري حتى ما هي ـ أصرَّ أن تعجبه الفكرة، وأن أكون أنا زيوس.
“هيا بنا.”
ما إن نأكل قليلًا من الطعام السحري حتى نصبح في أفضل حال، أنا بطبيعتي، وهو لأنّ قوّته الجسدية تتفوق على جميع من في هذه البلاد. لذلك لم نحتج للراحة، ودخلنا غرانديس متجهين مباشرة إلى السوق.
طبعًا، في الطريق مررنا بالمعبد لدرء الشبهات. وهناك كتبنا في سجل الزائرين عبارات مقرفة من قبيل: “أقدّم كل احترامي لقداسته الجليلة.”
” كم تبرّعت؟” “مجرد فكة صغيرة”.
أومأ ريكارت راضيًا، كأنه يخشى أن أبدأ بتوزيع الذهب القديم على المارة بلا وعي.
كنت على وشك تبرير نفسي حين وقعت عيناي على مشهد أربكني:
شعر يرفرف في الهواء… لون بين الوردي والبيج… أو هو البيج الوردي؟ أم الوردي الطفولي؟ لا، هو الأقرب إلى الورد الفاتح… كيف أوصفه؟.
امرأة ترتدي فستانًا أبيض، تعلوه عباءة بلون النعناع، وشَعرها الوردي ينساب خلفها، تمتصّ أنظار كل المارة.
واو… هذه البطلة.
كانت أستا. حتى وجهها المغمور بالتفكير كان من الجمال بحيث يدعو إلى الزفير إعجابًا. تسير وحدها بلا أن تضع غطاء الرأس، تتوقف وتمشي، تتوقف وتمشي… وكأنها ترفع لافتة تقول للصوص: «رجاءً، اسلبوني».
تراجعتُ بارتباك خطوة بعد خطوة.
” أ… أ… أ… ماذا أفعل؟”
“ما بك؟”
” أأفرّ هاربةً؟ أم أتبعها؟ كيف تتصرّف الشريرة الذكية في موقف كهذا؟.”
“هيه… يا زيوس، ما الحكاية؟”
“تخيّل… أن أمامك شخصًا جميلًا، طيبًا، لكنك تشعر بغريزتك أنّه سيكون وبالًا عليك أنت بالذات… ماذا ستفعل؟”
“هاه؟ ماذا تقولين؟.”
“إنسانة يحبّها العالم كله… إلا أنا.”
وفجأة، في صيف خامد، شقّ سماء غرانديس نسيم حادّ. –وييييي…
جاء الصوت، ومعه ظهر طائر ضخم، يرفرف بجناحين أبيضين فوق رأس أستا، يحدّق نحوي بعينين متسعتين.
إنه طائر الأرواح “وينتوس”… ملك أرواح الرياح، وهو يزمجر معلنًا عداءه الصريح: [وجدتكِ! أيتها الـ…].
“هيرا! أوقِعي هذه الفتاة فورًا!.”
قفز ريكارت كالبرق. قبل أن تدرك أستا ما يجري، كان قد أفقدها الوعي وحملها على كتفه وبدأ يعدو.
“من هنا!.”
انطلقتُ خلفه، أركض بلا تفكير.
“خاطف! خاطف!.”
“ياحراس! هناك فتاة تُسحب بالقوة!.”
شَعر أستا الوردي يتأرجح خاملًا فوق كتف ريكارت. اللعنة… يجب أن نغطي هذا الرأس الصارخ بالألوان فورًا! يلفت الأنظار بشكل فادح!.
ماذا فعلتُ؟! لقد خطفتُ البطلة. حلَّ الظلام في بصري.
حتى في خضمّ ذلك، وجدتني أفكر بامتنان لأنني ارتديت البنطال. يبدو أن عقلي لم يكن على ما يرام أصلًا.
“زيوس! من هنا!”
ريكارت مولع بالاسم الجديد، يصرخ به موجّهًا إياي. كان مشهد الشعر الوردي الملوّح والرداء الطويل المتأرجح فوق كتفه مضحكًا…
حقًا، وجدت نفسي أبتسم. يا إلهي… ماذا سأفعل الآن؟.
“اختبئي.”
توغلنا بين الأشجار التي تحيط بالمقبرة، وإذا بــريكارت، وهو يحمل هايلي على ظهره، يقفز قفزة هائلة حتى استقر على غصن سميك، ثم مدّ يده إليّ. أمسكت بها وصعدت، صعودًا… ثم صعودًا أكثر.
“هسّ.”
لم أجد وقتًا لأندهش من لياقته التي مكنتـه من رفع امرأتين إلى قمة الشجرة في لحظات، إذ بدأت أصوات الجنود تتعالى من بوابة المقبرة:
“أي جهة؟ أنتما هناك! ألم تريا الخاطفين؟!”
كان سوء حظنا أن أول من لحق بنا هم جنود الطائفة الذين كانوا أمام المعبد، فكانت نظرات أهل غرانديس إليهم باردة، حتى وهم يطاردون الخاطفين.
لقد بلغ غضب الناس من الطائفة حد الانفجار، فهم قد أغلقوا مدينة تجارية حرة تعيش على التبادل وكأنها ملك لهم.
“نقول لكما، إلى أين هربوا؟!”
“لا نعلم.”
هزّ الناس رؤوسهم نفيًا.
لا أدري إن كانوا قد لمحونا نصعد إلى الشجرة أم لا، لكنهم شكرًا لهم لم يقولوا سوى: “لا نعلم.”
“حقًا، لا نعلم.”
“لا تعلمون؟ لقد رأيناهم يتجهون إلى هنا…”
“أقسم، أمام الرب، أننا لا نعلم.”
وكانت نبرة القسم في أفواههم تحمل سخرية لاذعة، سواء انتبه الجنود لها أم لم ينتبهوا. وفي النهاية اضطروا لتقسيم أنفسهم والبدء بتمشيط المنطقة.
حبست أنفاسي ونحن ننتظرهم أن يتفرقوا، حين اقترب ريكارت من أذني وهمس:
“لكن يا زيوس…”
“هممم، هِيرا؟”
“لماذا اختطفتِ هذه الفتاة أصلًا؟”
“أنا اختطفتها؟! أخبرتكَ فقط أن تخدرها، وأنت حملتها وركضت بها كأنك في سباق!”
اطمأن قلبي لأننا لم ننكشف، فسمحت لنفسي بالمزاح قليلًا، فإذا به يتلبك للحظة. مهما تمرّد مؤخرًا، يبقى هو ابن أسرة نبيلة مدلّل.
وبينما كان يحاول التخلص من حمل هايلي بأي طريقة، ابتسمت وقلت:
“هذه الفتاة… هي بطلة هذا العالم.”
“لا تعودي إلى هرائك.”
“إنها الأميرة أستاروزا، المفقودة منذ زمن، ابنة ملك كاسناتورا. وذالك الذي ظهرتد قبل قليل في الهواء… كان ملك أرواح الرياح، العصفور الروحي فينتوس.”
“ماذااا؟! ولماذا اختطفتها إذًا؟!”
“الأرواح تكره من تلوثه الماغي.”
استحضرت من ذاكرتي إعدادات القصة الأصلية وأنا أشرح:
“حين تقابل عن قرب روحًا عظمى كفينتوس، سيشعر بالماغي المتراكم في داخلي فورًا.”
“صحيح.”
“لهذا انفجرت غضبًا بمجرد أن رأتني. والأرواح مخلوقات عنيدة لا تعرف المرونة، وربما من الآن فصاعدًا ستهاجمني كلما ظهرت أمامها.”
سألني بجدية مخيفة:
“هل أقتلها إذًا؟”
هذه المرة أنا من صُدمت حقًا.
“يا أحمق! تقتلها؟! هذه هي البطلة!”
“لكنها تهددك.”
“ومع ذلك، لا يمكن قتلها!”
ابتسم ريكهارت:
“أي شريرة أنت، بهذا المنطق السخيف.”
“ليس الأمر كذلك…”
وبينما نحن نتشاجر همسًا فوق الشجرة، بدأ الجنود يغادرون واحدًا تلو الآخر. وبعد أن رحل جنود الطائفة، ظهر حرس غرانديس، لكنهم لم يجرؤوا على دخول عمق المقبرة، فهي أرض تابعة للطائفة.
انتظرنا حتى ساد الصمت، ثم أمسكت بيد ريكارت ونزلنا إلى الأرض.
“هيا من تلك الجهة.”
كانت المقبرة موحشة، وكأن الجو القاتم تضاعف بفعل حصار الطائفة للمدينة. لقد حالفنا الحظ، أن نختطف البطلة ونهرب بسهولة كهذه… لا شك أن هذا العالم يبتسم لي.
دخلنا قاعة حجرية مظلمة في عمق المقبرة، وأغلقنا الباب خلفنا، ثم وضعنا أستا على تابوت حجري.
حين أشعلت المشعل الجداري، لم تعد الأجواء موحشة فقط، بل صارت كأنها مشهد جاهز لفيلم رعب.
أظن أن العنوان الأنسب سيكون: “أنا أعرف ما ستفعله لاحقًا.”
قال ريكهارت، وقد اتخذ وجهًا جادًا:
“ما هذا الهراء؟”
♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار⭐•
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 40"