جررتُ الرجل المغمى عليه إلى القصر ، هرعت دراياد نحوي مذعورة ، متخلّية عن الزراعة التي كانت منشغلة بها.
“هل جُننتِ؟ لماذا جلبتِ جثّة؟!”
“لم يمت بعد”
رغم أن شكله يوحي بأن موته وشيك.
نفضت دراياد التراب عن يديها ، و بدأت تتفحّص الرجل من كل الجهات.
“لقد تلوّث بالماغي. لو وجدناه متأخرًا قليلًا ، لكان الآن يتجوّل ميّتًا مثل الجثث المنتشرة في الخارج. لكن مع ذلك … مذهل فعلًا؟ من الطبيعي أن يفقد الإنسان وعيه في هذا المكان بعد يوم واحد فقط ، لكنه ….”
“لأنه بطل القصة”
“هاه؟”
“في الأصل ، كان يفترض به أن يستيقظ هنا كنصف بشريّ نصف شيطاني ، و يظلّ يطوف حول البطلة بلا موت ولا حياة ، ثم ينتهي به الأمر إلى الانتحار. شخصية مأساوية ، هكذا”
“كُفّي عن هذا الهراء”
تحدثت دراياد بنبرة جادّة و هي توبّخني.
“إنه إنسان ، مثلنا تمامًا. و لم يُفسد كليًّا بعد. لو قمنا بتطهيره الآن ، سيستفيق سريعًا. أسرعي ، افعلي شيئًا. هل ستتركينه على هذا الحال؟”
في الواقع ، هذه كانت المشكلة.
فهذا الرجل … جاء ليقتلني.
في الرواية “لا بأس إن كان لديّ عدة أزواج” ، كانت هايلي ، المسؤولة عن صنع الشياطين ، تُقتل على يد هذا الرجل بعد أن تُترَك في قصر مارون عامًا كاملًا تُلعن فيه العالم كلّه.
كانت وفاتها المفتاح الأخير لظهور الشياطين ، و من بعدها يتحوّل قصر مارون إلى مهد للشياطين.
يولد الشياطين من غضب هايلي ، و حزنها ، و خوفها ، و ينتشرون خارج منطقة التلوّث ليُمارسوا شتّى أنواع الشر ، حتى ينهض البطل مع أربعة من أبطال الرواية الذكور لمحاربتهم بتضحية عظيمة.
… هذه هي القصة.
أحد أولئك الأربعة … هو هذا الرجل.
و أنا أعرف اسمه.
ريكارت وينتر.
وريث العائلة التي قضيتُ عليها بالكامل.
بينما أنا غارقة في التفكير بصمت ، كانت دراياد تفتح جفنه لتفحص عينيه ، ثم قالت: “ما بكِ؟ هل ستتركينه هكذا؟ إذًا لماذا جلبتِه أصلًا؟”
“أفكّر فقط”
بحسب الرواية ، كان يملك شعرًا ذهبيًّا شاحبًا كضوء الفجر.
و عيناه ، حين تفتحهما ، لا بد أن تكون بلون بحيرة متجمّدة.
حتى و هو ملوّث ، لا يزال جميلًا هكذا ، فكيف سيكون عندما يعود إلى هيئته الأصلية؟
شعره الآن تغطّى باللون الرمادي القاتم ، و وجهه يشحب نحو الموت.
“آه ، لهذا كان دائمًا يرتدي قناعًا”
“هايلي!”
“حسنًا ، حسنًا! دعيني أتكلم!”
هل أطهّره؟ في الرواية ، بعد أن يلتهم الماغي ، يتحوّل إلى كائن نصف بشريّ نصف شيطاني بقوة هائلة … لكن من يهتم؟
لن يولد شيطان هذه المرة ، و أنا لستُ البطلة.
بل حتى لستُ هايلي الحقيقية.
سأنقذه.
رغم علمي بأنه جاء ليقتلني ، قررتُ إنقاذه. ليس لأجل شيء عظيم … فقط لأنه كان ضحيّة.
ريكارت هو الضحيّة الوحيدة بين الأربعة.
الوحيد الذي كان يملك حقّ كراهية هايلي.
خسر كل شيء: العائلة ، الثروة ، الناس ، و حتى نفسه كرّسها للانتقام.
هايلي … سأُكفّر عن ذنوبكِ.
سأساعده مرّة واحدة فقط ، ثم أعيده إلى الخارج.
مهما كان مؤلمًا ماضيه ، لا أريد التورّط مع أبطال الرواية.
“تطهير”
وضعتُ يدي على عنقه و أخذتُ نفسًا عميقًا.
فتدفّق الماغي المتراكم في جسده إلى داخلي.
الطاقة السوداء الثقيلة انسحبت من جسده إلى راحتي ، ثم إلى ذراعي ، ثم نحو قلبي. و بقدر ما خرجت من جسده ، عاد إليه لونه الطبيعي.
بشرته التي كانت كالإسمنت عادت إلى الصفاء و الصحة.
و شعره الرمادي الباهت عاد إلى ذهبه الشاحب.
سألت دراياد: “ما اسم هذا الإنسان؟”
“ريكارت وينتر”
“كيف عرفتِ؟”
“لدي طرق”
كان ريكارت يحمل كمية كبيرة من الماغي ، و من الغريب فعلًا أنه بقي على قيد الحياة حتى الآن.
استغرق التطهير وقتًا طويلًا ، لكن قلبي كان ينبض بسعادة بعد أن التهم تلك الكمية الهائلة.
و في تلك اللحظة … فتح ريكارت عينيه.
“……!”
عينا البحر اهتزّت بشدّة.
كنت أخشى أن يستفيق فيصرخ و يهاجمني بالسيف ، لكن لحسن الحظ ، لم يحدث شيء من هذا.
كان يبدو مشوشًا ، و صامتًا.
قلتُ له بوقار: “أنا من أنقذتُ حياتك”
في الرواية ، بعد أن يقتل هايلي في منطقة التلوّث ، يفقد ريكارت كل ذاكرته و يتحوّل إلى نصف بشريّ نصف شيطان.
و لأنّه لا يتذكّر من كان ، يعيش في فوضى ، لا يعرف إن كان إنسانًا أو شيطانًا ، و يصبح أكثر أبطال الرواية مأساويّة.
إذا كانت الأمور تسير كما في الرواية ، فهو لا يتذكّر شيئًا الآن.
ولا حتى أن هايلي هي عدوّته.
كان ينظر إليّ دون رمشة. عيناه مسمّرتان عليّ وحدي.
العينان الباردتان بلون البحر تفحصتا وجهي ، يديّ ، ملابسي … كأنّهما تنقّبان عن شيء ما.
شدة تركيزه جعلتني أشعر أنه سيخترق وجهي بنظراته.
ما هذا … هل هذا انطباع أولي؟
مثل فراخ الطيور التي تتبع أوّل من تراه فور الفقس؟
تحمّلتُ نظراته بصبر شديد ، على أمل أن يطبع صورتي في ذاكرته كمنقذة.
ثم قال أخيرًا: “من أنتِ؟”
“هايلي”
ارتجف حاجباه قليلًا. هل يتذكّر؟
لكنه لم يُظهر أي عداء.
سألني مجددًا: “هل تعيشين هنا؟”
“نعم. هذا بيتي”
القصر الذي لا مالك له ، و الذي طهّرته و نظّفته و زرعتُه.
نعم ، هو بيتي الآن.
“هل أنتِ من عالجني؟”
“قلتُ لك ذلك”
بالطبع … فاقد للذاكرة!
ابتسمتُ ابتسامة عريضة.
الآن لم أعد مضطرة للقلق من أن يقتلني.
هايلي ، لقد نجونا.
و اعتبري الفضل لي.
كان ريكارت ما يزال يتألّم.
صحيح أني طهّرت جسده ، لكن الضرر لم يُشفَ بعد.
تحامل على نفسه و نهض جالسًا ، ثم أخذ يتلفّت بهدوء حوله.
و فجأة ، صرخت دراياد من عند الحقل: “هايلي! البطاطا بدأت تنبت!”
“بطاطا؟”
ما … بطاطا؟ بطاطا! بطاطاي!
رغم جهلي بالزراعة ، كنت أعلم أن نجاح زراعة البطاطا سيُنقذ القصر من النقص الغذائي المزمن.
حتى رائد الفضاء عاش على البطاطا في المرّيخ! فلم لا أقدر أنا؟
ركضتُ نحو الحقل بأقصى سرعتي.
سواء تذكّر ريكارت أو لا ، لم يكن مهمًّا الآن.
ما يهمّ هو أن البطاطا بدأت تنبت!
“إنه حقيقي! بدأت تنبت فعلًا!”
أوراق خضراء صغيرة بدأت تخرج من تحت التراب. كنت منشغلة بالفراولة في آخر موسمها ، فلم أنتبه للبطاطا.
“ظننتُ أننا سنموت جوعًا بعد انتهاء موسم الفراولة …”
تحدثت دراياد و هي تجلس القرفصاء و دموعها في عينيها ، تحتضن براعم البطاطا و كأنها كنز.
و أنا التي لا أملك أدنى موهبة في الزراعة، لم يُسمح لي حتى بلمسها.
براعم البطاطا … أوراق البطاطا …
“آه ، الحياة …”
في السماء ، كانت الألعاب النارية تنفجر.
لكنها لم تكن ألعابًا نارية … كانت زخّات مطر ربيعي مفاجئ.
المطر الذي يسقط على منطقة التلوّث يصبح ملوّثًا ، لكن داخل الجدار الذي طهّرته ، كانت تمطر مطرًا نقيًّا.
خلعتُ قبعتي و رفعتُ رأسي.
قطرات المطر الباردة تساقطت على وجهي.
لا غبار ناعم ، لا أمطار حمضيّة … حتى المطر هنا حلو.
“لا بد أن هذا العالم يعاملني بلطف”
“هاه؟”
“أليست الحياة جميلة؟”
“كُفّي عن الهراء و فكّري بطريقة لإرسال هذا الرجل بعيدًا! ليس لدينا طعام يكفي لإطعام إنسان بهذا الحجم فوق ما نأكله نحن الاثنتين!”
“ماذا؟! لا يمكن!”
قفزتُ واقفة و صرختُ.
ريكارت كان ينظر نحونا.
وقف من مكانه ، و وقف أمام قصر مارون الشامخ ، يحدّق بي بتعبير لا يمكن فهمه.
———————————————————————
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار⭐•
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 4"