“من دفع لك لجمع تلك المعلومات؟”

“لا أحد! اشتريتُ المعلومات بمالي!”

“لهذا السبب إذًا”

“للعمل في الظلال ، الحظّ أهمّ من المهارة ، و المعلومات أهمّ من الحظّ! من لا يعرفون ذلك يموتون مبكرًا. قد لا أعرف الكثير ، لكنّني لا أبخل بمالي على المعلومات”

“أحسنتَ ، أحسنتَ. أنتَ رائعٌ جدًّا”

“لمَ تبدو هذه المديحة مزعجة؟”

“لانغو”

“ماذا؟”

“هل تريد القيام بمهمّة؟”

ردّ بحزم: “لا.”

كان وجهه صلبًا كما كنتُ عندما طردتُ الناس ، يهزّ رأسه بنفيٍ قاطع.

“بمجرّد أن أغادر هذه المرّة ، لن أقترب من منطقة التلوّث مجدّدًا ، ولن أتورّط معكِ. لديّ حسّ قويّ ، و أشعر أنّ العمل معكِ سيؤدّي إلى موتي قبل أواني”

“حقًّا؟”

أخرجتُ عملةً ذهبيّةً قديمةً من جيبي ، و جلستُ بجانب مقعد العربة ، ممسكًا بها أمام عينيه. 

بينما كان يحدّق في العملة كالمسحور ، سألتُ: “هل تريد القيام بمهمّة؟”

“نعم”

“حقًّا؟”

“سأفعلها. سأقوم بها”

أصبحت العملة الذهبيّة اثنتين ، و أنا أحرّكهما بين أصابعي ، فسأل لانغو: “ما الذي تريدين مني أن أفعله ، سيّدتي الماركيزة؟”

“هناك شائعات بأنّ الطائفة تصنع فرسانًا مقدّسين مزيّفين. تحقّق من ذلك”

تفاجأ لانغو ، و تراجع إلى الخلف ، و قال: “ماذا؟”

كان يظنّ أنّها مهمّة بسيطة ، لكنّها كانت خطيرةً جدًّا.

قبل أن يرفض ، أخرجتُ ثلاث عملاتٍ ذهبيّة أخرى و هززتها أمامه.

“إذا نجحتَ ، ستحصل على عشرة أضعاف”

“سأفعلها ولو كلّفتني حياتي!”

“أتعلم؟ كلّ ما أملكه هو المال”

“أعلم أنّكِ الأكثر احترامًا في العالم”

“في اليوم الأوّل من الخريف ، لنلتقي فوق الوادي. أليس ذلك حدود كاسناتورا؟ المكان الذي أُلقيتُ فيه بالقفص ، لذا سيكون من السهل العثور عليه”

“حتّى لو اخترتِ مكانًا للقاء ، لمَ يكون مكانًا كهذا؟”

“مكانٌ مليء بالذكريات ، لمَ لا؟”

تراجع لانغو بنفور ، و تنهّد ريكارت كأنّه يقول: “ها قد بدأتِ مجدّدًا”

***

واصلنا المسير بجدّ ، و أخيرًا وصلنا إلى غرانديس.

في الرواية الأصليّة ، كانت هذه المدينة مجرّد حلقةٍ قصيرة ، لكنّني جئتُ إليها مرّتين. تبدو مألوفةً الآن.

“هيّا ، بسرعة”

“شكرًا جزيلًا على إحضارنا إلى هنا. لن ننسى أبدًا أنّكِ أنقذتينا في سلبون. سنحتفظ بأمركِ سرًّا حتّى قبورنا ، فلا تقلقي”

“هيّا ، اذهبوا بسرعة”

“الطريق وعر ، و عجلات العربة بدأت تتأرجح. إذا سنحت الفرصة ، أصلحيها. الخيول زوجٌ من ذكرٍ و أنثى ، قد تنجب ، فجهّزي الإسطبل. و أيضًا …”

“اذهبوا!”

قالت امرأة: “لحظة ، يا عزيزي ، ابتعد. لديّ شيءٌ أقوله!”

“و ما الذي تريدينه الآن؟”

“سيّدتي ، إذا توفّيتِ ، أخبري الجنيّة بوضع أعمدةٍ لحقل الفلفل. و الطماطم و البرنجال أيضًا …”

قاطعت أخرى: “لحظة! في المطبخ ، تركتُ بعض المخلّلات …”

لم يكن هناك نهاية. لم أستطع تذكّر كلّ تعليماتهم ، و لم أفهم نصفها لأنّ الجميع تحدّثوا معًا.

قال أحدهم: “الآن صيف ، لكنّكِ ستحتاجين إلى حطبٍ في الشتاء. جهّزيه في الخريف و جفّفيه”

أضاف آخر: “ضعي مصيدةً عند البحيرة. إذا لم يكن هناك لحم ، تناولي السمك”

قالت امرأة: “لا تربّي البطّ هكذا. اشتري دجاجاتٍ بدلًا من ذلك …”

“اذهبوا! بسرعة! هيّا!”

كانوا على وشك البدء بتعليمي كيفية البقاء في البريّة ، فدفعتهم من حدود التلوّث نحو غرانديس.

“اذهبوا ، كلوا جيّدًا و عيشوا جيّدًا!”

ثمّ أعطيتهم كيسًا صغيرًا مليئًا بالعملات الذهبيّة.

“ما هذا؟”

“دعم الاستقرار”

“لمَ تعطينا هذا ، سيّدتي؟”

“النبلاء الرائعون مثلي ينفقون المال على الفقراء و اللاجئين مثلكم. خذوه و اذهبوا بسرعة! لا تعودوا أبدًا!”

‘وداعًا ، أيّها الطفيليّون!!’

بينما كنتُ ألوّح بقوّةٍ لوداعهم ، عاد ريكارت من تفقّد نقطة تفتيش غرانديس بوجهٍ متصلب.

“هايلي”

“نعم؟”

“التفتيش شديدٌ جدًّا”

“لمَ؟”

أوجين في سلبون ، فلا يفترض أن يكون هناك أحدٌ في غرانديس. لهذا جئنا إلى هنا ، فلمَ؟

اقترب ريكارت و خفض صوته و قال: “سُرقت وثائق سريّة للغاية من الطائفة ، فالمدينة في حالة اضطراب. بسبب ذلك ، انتحر مسؤول الأبرشيّة ، و أُرسل فرسانٌ مقدّسون من المقرّ الرئيسي …”

“ماذا؟”

نظرتُ إلى لانغو و نظر إليّ في الوقت ذاته.

هل هي تلك الوثائق التي طلبتُ من لانغو سرقتها؟ لا ، لا يمكن. ليست هي.

تنهّد ريكارت و قال: “يتمّ إلقاء القبض على كلّ من يبدو مشبوهًا و يخضعون للتحقيق. يبدو أنّهم سيستدعون أوجين من سلبون قريبًا. في مثل هذه الظروف ، لا يمكننا إدخالهم”

لا ، مستحيل. 

كان هؤلاء الناس أوّل من أُصيبوا بالتلوّث ثمّ طُهّروا. 

إذا علمت الطائفة بذلك ، لن تبقى ساكنة.

و الأسوأ ، إذا علموا أنّ الساحرة هايلي ، التي ظنّوها ميتة ، هي من فعل ذلك ، ستنقلب الممالك الثلاث رأسًا على عقب.

نظروا إليّ بعيونٍ متوسّلة ، متجمّعين كاللاجئين أمام العربة.

آه … الحياة …

استدرتُ ببطء و قلتُ: “لنعد إلى المنزل الآن”

* * *

“كيف عرفتِ؟”

كان يجد هايلي مذهلة.

معلومات عن أميرة كاسناتورا المفقودة ، أستا روسا كاسناتورا ، التي تمتلك شعرًا بلونٍ نادرٍ كحلوى القطن و تُعدّ مستحضرة الأرواح الوحيدة في العالم ، بدأت تنتشر للتو.

كان هذا المكان في قلب منطقة التلوّث ، بعيدًا عن كاسناتورا ، التي لا يمكن الوصول إليها إلّا عبر الفيضانات أو الوادي ، و ذلك فقط إذا لم تُصَب بالتلوّث.

سمع أنّ كاسناتورا تحتفل الآن.

العثور على ابنةٍ كانوا يظنّونها مفقودة ، و اكتشاف أنّها مستحضرة أرواح ، جعل الملك يحتفظ بها بحذرٍ شديد ، كما لو كانت ستنفجر إذا ضُغطت أو تطير إذا نُفخ عليها.

لذا ، كانت المعلومات عن الأميرة أستا باهظة الثمن ، خاصّةً تلك المتعلّقة بمظهرها.

حتّى لانغو ، القاتل المأجور ، اشترى هذه المعلومات بثمنٍ باهظ من تجّار المعلومات قبل مجيئه إلى سلبون ، متوقّعًا وفرة العمل في كاسناتورا المزدهرة.

لكنّ هذه الساحرة المجنونة ، لا ، الماركيزة الشيطانيّة العالقة في هذا المكان النائي ، كانت تعرف كلّ شيء ، حتّى تفاصيل مظهر الأميرة.

مخيفة.

بالتأكيد ، يجب ألّا أتورّط مع هذه المرأة. إنّها مرعبة.

أراد لانغو أن يصفع نفسه القديمة التي تجوّلت بحريّة من غرانديس إلى سلبون. كان يجب أن يتجنّب هذا الشعور المشؤوم.

كقاتلٍ يعيش على أرواح الناس ، كان يثق بحدسه كثاني أهمّ شيء في العالم.

بالطبع ، الأوّل كان المال.

هؤلاء الحطّابون السذّج و عائلاتهم ينظرون إليها بعيونٍ دامعة لأنّهم لا يعرفون من هي هايلي مارون حقًا.

هايلي الساحرة.

لم يستطع لانغو نسيان هذا الاسم. كان اسمًا يجب أن يُحفر في أذهان القتلة و تجّار المعلومات الذين يعيشون في الظلال ، ولا يُنسى أبدًا.

سيريل بانديشيون من نيفي ، ميكلان من هولت ، و أوجين ويدمارك من كاسناتورا. 

كم عانى هؤلاء الأبطال البارزون من الممالك الثلاث بسبب هذه المرأة الواحدة؟

وفقًا للشائعات ، كانوا جميعًا مرتبطين بـ هايلي مارون منذ أيّام شبابهم الطائشة. 

لذا ، عندما بدأت بارتكاب الأفعال الشريرة ، لم يتمكّنوا من التعامل معها بحزم ، و تردّدوا ، فتعرّضوا لشتّى أنواع الإذلال.

تمتم لانغو في نفسه: لكن هذا كان كذبًا محضًا ، أليس كذلك؟

كان صحيحًا أنّ هايلي ارتكبت أفعالًا شريرة ، لكن كان هناك حقيقةٌ مذهلة مخفيّة وراء ذلك.

ضحك لانغو في سرّه بشرّ.

———————————————————————

•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار⭐•

حسابي على الإنستا:@empressamy_1213 

حسابي على الواتباد: @Toro1312

ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧