عائلة الحطّابين التي كانت تتجادل في حديقة قلعة مارون ، و لانغو ، و ريتشارد ، و فاطمة الذين كانوا يراقبون من بعيد ، كلّهم التفتوا إليّ.
أخرجتُ ساقيّ خارج إطار النّافذة ، مهزّزةً إيّاهما ، و قلتُ مجدّدًا: “هذا منزلي. من سمح لكم بالعيش هنا كما يحلو لكم؟ لم أعطِ إذنًا بذلك. كما قلتُ من قبل ، ساعدتكم مرّةً واحدةً لأنّني شعرتُ برغبةٍ في ذلك. لا تعتقدوا أنّكم تستطيعون التّسلّل و الاستقرار هنا”
“سيّدتي …”
“فاطمة ، اغتنمي هذه الفرصة و اخرجي معهم. لا تفكّري في البقاء هنا إلى الأبد ، أليس كذلك؟”
حاولتُ أن أتحدّث بصرامة ، لكنّني لستُ متأكّدةً إن كان ذلك قد أثّر.
تعبير وجه فاطمة كان غامضًا تمامًا ، لا أستطيع فهمه.
سألت زوجة أحد الحطّابين: “أمّا أنتِ … أقصد ، سيّدتي ، ماذا عنكِ؟”
نظرتُ إليها بدهشة ، متسائلة عمّا تعنيه.
“إذا خرجنا جميعًا إلى الخارج ، هل ستأخذينا بنفسكِ؟ و بعد ذلك … هل ستعيشين هنا وحدكِ هكذا؟”
“ما هذا الهذيان؟ بالطّبع سأعيش هنا. أنتم تعرفون من أنا”
هايلي ، السّاحرة الشّريرة.
أشرتُ بيدي إلى رقبتي كما لو كنتُ أقطعها ، و قلتُ: “ألا تعرفون ماذا يحدث للسّجين إذا تجوّل خارج السّجن و أُمسك؟”
عمّ صمتٌ ثقيلٌ و محرج. هل تذكّروا متأخّرين من أكون؟ أمسك الحطّابون بأيدي زوجاتهم بقوّة.
على أيّ حال ، كان أهمّ شيء بالنّسبة لي هو أنّه لا يوجد طعام هنا ، فقلتُ لهم أخيرًا: “سنغادر قريبًا. سآخذكم إلى غرانديس ، فاستعدّوا”
ثمّ أدخلتُ ساقيّ ، و أغلقتُ النّافذة بقوّة ، متمنّيًا أن يعبّر صوت الإغلاق عن عزمي الحازم.
لكنّ هذه القلعة البالية خانتني مجدّدًا.
تحطّمت النّافذة بصوتٍ مدوٍّ. لم تسقط إلى الدّاخل ، بل طارت إلى الخارج ، و تحطّم نصفها عند أقدام الحاضرين.
هبّت الرّيح عبر الجدار الخالي من النّافذة ، فتطاير شعري الطّويل.
قال حطّابٌ مرح: “حتّى لو كنتُ سأغادر ، يجب أن أُصلِح هذا أوّلًا”
“فقط ارحل”
“ضميري لا يسمح لي بذلك. يجب أن أساعد قليلًا ، سيّدتي”
فحص الحطّاب إطار النّافذة ، ثمّ تنهّد و قال: “لحسن الحظّ ، أحضرتُ بعض الأغراض من المنزل. اذهب إلى هناك و اقطع بعض الأخشاب. اختر الجافّة. و أنت ، ابحث عن مفصّلاتٍ أو أيّ شيءٍ يصلح. لا يمكننا إصلاح الزّجاج ، لذا سنضع ألواحًا خشبيّة”
سأل أحدهم: “الأبعاد؟ كيف نقيس؟”
“افتحي حقيبتي”
فتحت زوجته الحقيبة بسرعة.
كان الحطّابون خبراء بالخشب ، يحملون أدواتهم كجزءٍ منهم ، و يبدو أنّهم أحضروها حتّى عندما غادروا منازلهم.
ذهب الرّجال بسرعةٍ لقطع الأخشاب ، بينما تجمّعت النّساء ، اللواتي كنّ يطالبن بالمغادرة من هذه الأرض المشؤومة ، حول فاطمة ، يراقبنني بحذر.
قالت إحداهن: “ليس لدينا ضميرٌ لنغادر هكذا. يجب أن نترك شيئًا مفيدًا. شيئًا لتخزينه و أكله”
أضافت أخرى: “أعطينا الغسيل. هل هناك بئرٌ أو جدول؟”
سألت ثالثة: “و من سينظّف؟”
“سيّداتي ، لدينا مطبخ ، لكن ليس فيه شيءٌ يُذكر. الغسيل؟ يجب أن تكون هناك ملابس أوّلًا. و التّنظيف؟ لم يُنظّف المكان من قبل”
“لمَ؟ كيف ذلك؟”
“تعالَيْن و انظرن”
أخذت فاطمة النّساء إلى المطبخ. لا أعرف لمَ ، لكنّها كانت تنظر إليّ بطرف عينيها و تغمز بطريقةٍ غريبة ، ممّا أزعجني.
‘ما الّذي حلّ بها؟’
تركتُهم و ذهبتُ للبحث عن جنيّتي.
كنتُ أتمنّى أن يقف أحدهم إلى جانبي ، لكنّ دراياد الآكلة للّحوم ، التي تبدو أفضل من شيطانٍ بكلّ المقاييس ، انضمّت بسلاسةٍ إلى النّساء عندما رأت إحداهنّ تقطّع بطّةً إلى لحمٍ بسرعة ، و جلست بينهنّ.
“لم أكن أعلم أنّ هناك جنيّةً تعيش في منطقة التّلوّث. منذ الطّفولة ، لم أسمع عنهنّ ، ظننتُ أنّهنّ اختفين. هل هي من أوزيرا؟”
“أمم”
“هل الحياة هنا مريحةٌ بلا بشر؟”
“كلّ شيءٍ يُطاق ، لكن … لا يوجد طعام هنا”
“طعام؟”
“الأرض ليست كافيةً للزّراعة. نجحتُ بالكاد في زراعة الفراولة ، لكنّ موسمها انتهى. البطاطس لم تنضج بعد ، ستحتاج وقتًا لتصبح صالحةً للأكل”
“تعالَي ، لديّ فطيرةٌ أحضرتها من المنزل. كلي منها”
“ألا تحتاجونها في رحلتكم إلى غرانديس؟ ستسيرون طويلًا ، فكلوها أنتم. أنا بخير”
“يمكنني صنع المزيد!”
“لا تجعلينني أكرّر. قلتُ إنّه لا يوجد طعام هنا”
‘لا يوجد؟ لقد أحضرنا عربةً مليئةً من غرانديس آخر مرّة. ما الذي تقوله؟’
نظرتُ إلى جنيّتي مذهولة. كان الأمر مضحكًا و محيّرًا. منذ متى أصبحت بارعةً في التّظاهر بالبؤس؟ لم أعلّمها هذا.
قالت امرأة: “سيّدتي الجنيّة ، هذه الأرض ليست جيّدةً للزّراعة. إنّها صلبةٌ و جافّة. هنا الرّمل كثير ، و هناك الماء بعيد. لمَ لا نصنع حقلًا خارج أسوار القلعة؟”
تمتمت الجنيّة بعيونٍ رطبة: “لا أعرف كيف أزرع …”
‘ما هذا الكلام؟ لقد زرعتِ فراولةً ممتازةً في هذه الأرض الصّلبة الجافّة’
أضافت المرأة: “قلتِ إنّ لديكِ بذورًا ، أليس كذلك؟ أعطيني إيّاها. هل لديكِ أدواتٌ زراعيّة؟ زوجي ذهب لقطع الأشجار ، فلنذهب إلى هناك”
“لا تزرعي كثيرًا. بعد أن ترحلوا … سأكون وحدي لأعتني بها”
نظرت زوجات الحطّابين إليّ و إلى الجنيّة بالتّناوب ، ثمّ أمسكن يدها بقوّة و قالن: “سنبذل قصارى جهدنا”
كانت سلبون قريةً جبليّةً ريفيّة ذات بيئةٍ قاسية. تجمّع الحطّابون فتشكّلت القرية ، و بيع الخشب بأسعارٍ مرتفعة ، فصارت مدينةً على الخارطة. لكنّها بدأت كوادٍ جبليٍّ بلا أراضٍ زراعيّة.
كان هؤلاء النّاس من طوّروا تلك القرية عبر أجيال. لم يكتفِ الحطّابون بقطع الأشجار ، بل كانوا يصنعون منها كلّ شيء.
و كانت النّساء بارعاتٍ في استصلاح الأراضي القاسية لزراعة الطّعام.
بعد يومٍ واحد ، تحوّلت نافذتي المحطّمة إلى نافذةٍ حصينةٍ بضعف السّماكة مزوّدةً بألواحٍ خشبيّة.
نظرتُ إليها مذهولة و سألتُ: “من سيغزو المكان؟”
ردّ الحطّاب المَرِح: “ليس هذا …”
ضحك و خدش رأسه ، ثمّ أضاف: “حتّى لو كنتِ … شخصًا كهذا ، يا سيّدتي. فتاةٌ شابّة ستعيش وحدَها في هذا المكان النّائي ، فأثناء الصّنع ، أردنا جعلها أقوى فأقوى”
أيّده زملاؤه: “لا يمكن فتحها بالقوّة من الخارج ، ولا تُخترق بالسّهام أو أيّ شيء. هكذا هي ، باختصار”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 34"