عندما عدتُ إلى القلعة مع ريتشارد ، تفاجأت دراياد و توقّفت في مكانها.
نظرت جنّيتي إليّ و إلى ريتشارد بالتناوب عدّة مرات ، ثمّ أطلقت تنهيدة خافتة غامضة.
بما أنّني أحضرتُ فردًا إضافيًا دون إذن رفيقتي في السكن ، اعتذرتُ بصدق: “آسفة. لم أقصد أن أزيد عدد الأفواه”
“أين الطحين؟”
“ماذا؟”
“الطحين و بذور القمح ، و السكّر و الزبدة. أعطيني إيّاها أوّلًا. هل تعتقدين أنّكِ تعرفين كم كنتُ قلقة خوفًا من أن تفسد الفراولة؟ هيّا ، بسرعة!”
كما توقّعتُ من جنّيتي. الأفواه الإضافية ليست أولوية بالنسبة لها.
“ها هنّ”
“لا تقلقي كثيرًا. وجود إنسان قوي يمكنه القيام بالكثير من الأعمال. هذا الإنسان يبدو قويًا بشكل خاص بين البشر ، فربّما يكون أفضل من العيش وحدنا”
“حتّى أنتِ لستِ متأكّدة”
“أقصد ، ربّما”
حملت دراياد كيس الطحين و توجّهت بنشاط إلى المطبخ.
❈❈❈
منذ ذلك اليوم ، مرض ريتشارد لفترة طويلة.
لم أكن طبيبة ، فلم أعرف ما المرض الذي أصابه أو كيف أعالجه. كلّ ما كنتُ أعرفه هو أنّه ، كما في القصّة الأصلية ، بطل بقوّة جسدية استثنائية ، لذا آمنتُ أنّه سيتعافى قريبًا و انتظرتُ.
كلّ ما استطعتُ فعله هو الإمساك بيده و إزالة الماغي المتبقّي منه.
راقبت دراياد ريتشارد بعناية لمدّة يومين ، ثمّ فقدت الاهتمام و بدأت تركّز على زراعة بذور القمح.
في المساء الأوّل بعد عودتنا إلى قلعة مارون ، وضعنا زبدة على خبز مشوي في الفرن ، و فوقه فراولة محفوظة بالسكّر.
كان طعمًا رائعًا.
ما إن تذوّقت دراياد ذلك حتّى فسدت على الفور ، و أصبحت ، مثلي ، مفتونة بطعم الحضارة.
“ما الفرق بين قمح الربيع و قمح الشتاء؟”
“كيف لي أن أعرف؟ طوال حياتي ، لم أزرع سوى إكليل الجبل في أصيص. أنا ، كما ترين ، من مدينة كبيرة”
“حتّى لو كنتِ جاهلة ، ألا يمكنكِ أن تسألي البشر كيف يزرعونه؟ لسنا من يزرع ، أنا من يقوم بكلّ شيء!”
“لكن ، حتّى لو نجحنا في الزراعة و الحصاد ، أليس هناك مشكلة؟ كيف نصنع الطحين؟ ماذا يمكننا أن نفعل بالقمح الكامل؟”
“لا أعرف”
“ليس لدينا مطحنة أو درّاسة هنا … كان يجب أن نشتري ذرة”
“ما فائدة الندم الآن؟ لقد انتهينا. سنموت جوعًا واحدًا تلو الآخر. أوّلًا ذلك الإنسان الكبير ، ثمّ أنتِ ، هايلي ، و سأبقى وحدي في هذه القلعة الكئيبة …”
“لماذا أموت أنا أوّلًا؟ يمكنني على الأقل البقاء على قيد الحياة بالتغذّي على الماغي”
“أنا جنّية صمدت مئة عام في الوادي الملوّث”
“لهذا السبب تُسمّى دراياد نباتًا طبيًا؟”
أومأتُ بوجه يُظهِر الفهم ، فجلست دراياد على الأرض في الحقل و هي تشعر بالاكتئاب.
“متى يمكننا حصاد البطاطس؟”
“لا يزال الوقت مبكرًا”
بدأت البطاطس تنبت للتو ، فالحصاد لا يزال بعيدًا.
جنّيتي جيّدة في الزراعة ، لكنّها ليست كروح الأرض في روايات الفانتازيا التي تستطيع جعل المحاصيل تنمو بسرعة بقوى سحرية.
“الآن لا أستطيع لأنّني صغيرة. عندما أكبر ، سأتمكّن من فعل ذلك بسهولة …”
“أخبريني عندما تكبرين و تستطيعين”
“واه ، هل تستهزئين بجنّية الآن؟ أنا ، الجنّية ، من يزرع البذور ، يربت عليها ، و يسقيها ، حتّى نعيش بهذا القدر. البشر لا يستطيعون فعل ذلك!”
“اسمعي”
فجأة ، خطرت لي فكرة.
“ريتشارد ليس مثلكِ أو مثلي ، يستطيع العيش بقليل من الطعام. ماذا سنفعل عندما يتعافى و يبدأ بتناول الطعام بكثرة؟”
“كنتِ تعتقدين أنّكِ ستتركينه في الخارج ، لكنّكِ أعدتِه إلى هنا دون أيّ خطة”
“سأجد طعامي بنفسي”
“آه!”
كان ريتشارد.
صرخت دراياد مفزوعة عندما ظهر فجأة و تدخّل في حديثنا. طارت الطيور التي كانت على الأشجار القريبة مذعورة.
كان وجهه متعبًا بعد أيام قليلة.
كانت عيناه غائرتين ، و صوته خشنًا و متقطّعًا. لكن عينيه كانتا مشعتين ، مما جعل سلوكه يبدو متعجرفًا.
سخرتُ منه علنًا: “كيف ستجد طعامًا في هذه الأرض الملوّثة؟”
“أعتقد أنّني سأفعل ذلك أفضل منكِ”
“واه ، ماذا يقول هذا الآن؟ هل تحاول أن تتلوّث و تسقط مرّة أخرى؟ من سيطهّرك حينها؟ هل سمعتَ بكلمة ‘إزعاج’؟”
“كلّ ما عليّ فعله هو الصيد في المناطق المطهّرة”
“الصيد؟ الصيييد؟ هل تعتقد أنّني لم أجرب؟ لا يوجد هنا سوى الفئران ، فكيف ستفعل ذلك؟”
“تتظاهرين بالثقة و أنتِ لا تعرفين حتّى كيف تصطادين”
واه. لقد دخل طعامي المجاني في مرحلة التمرّد.
إنّ تعرّضي للإهانة من دراياد لعدم قدرتي على القيام بالأعمال المنزلية أمر محزن بما فيه الكفاية ، لكن أن يسخر منّي طعامي المجاني لأنّني لا أستطيع الصيد؟
هل يجب أن أعيش هكذا؟
“ريتشارد ، إذا لم تحضر لحمًا اليوم ، ستُطرد”
“افعليها إذن”
قفز ريتشارد فوق الحقل و ذهب إلى الفناء الخلفي. بدأ بكسر أغصان الأشجار لصنع شيء ما.
ما هذا؟ ماذا يصنع؟ إنّه من هذا العالم الفانتازي ، فربّما يعرف شيئًا لا أعرفه؟ ماذا لو عاد بالفعل بصيد؟
نظرت إليّ دراياد باحتقار.
“تنظرين إليه بعيون مليئة بالتوقّع ، بينما تقولين إنّكِ ستطردينه …”
“اصمتي”
لقد نفد اللحم المجفّف ، لهذا أنا هكذا. حقًا ، ليس لسبب آخر.
❈❈❈
ما معنى أن تعيش حياة هادئة و طويلة؟
لقد مرّ عام منذ أن “تقاعدتُ” في قلعة مارون ، و ما زلتُ لم أحدّد معايير الحياة الهادئة الطويلة.
العيش بالتغذّي على الماغي لمجرد البقاء على قيد الحياة يشبه الجدران المهدمة لهذه القلعة ، لا يمكن تسميته “حياة”.
تناول الخضروات و الفواكه التي تزرعها دراياد كلعبة أطفال لا يمكن اعتباره “حياة حقيقية” أيضًا.
ما أريده هو حياة آمنة ، هادئة ، ممتعة ، وفيرة ، و أحيانًا أغنّي و أرقص أمام نار المخيّم …
“تعيشين مختبئة هنا و تتحدّثين عن أشياء مستحيلة”
سخرت دراياد.
“ليس آمنًا ، ولا هادئًا ، ولا ممتعًا ، ولا وفيرًا! آه ، ربّما يمكنكِ الرقص و الغناء أمام نار المخيّم. لا يوجد أحد سيوبّخكِ على جنونك”
“أنتِ لا تحبّينني ، أليس كذلك؟”
“أحبّكِ”
“كيف تكذبين دون أن ترمش عينيكِ؟”
بينما كان ريتشارد يتجوّل للصيد ، كنّا نزرع بذور القمح. سواء نجحت الزراعة أم لا ، قرّرنا أن نحاول.
كنتُ أمضغ وجبة خفيفة أعطتني إيّاها فاطمة ، صاحبة النزل ، لكن كميّتها كانت قليلة ، فكنتُ أذيبها بلعابي.
“على أيّ حال ، يبدو أنّنا بحاجة إلى إدخال بعض الحضارة هنا. لم أعد أستطيع العيش دون طحين و زبدة”
“أنا أريد اللحم”
بينما كنّا نتحدّث ، كان تركيزنا منصبًا على ريتشارد الذي كان يتجوّل في الفناء الخلفي و طريق الجدار الحجري.
أدركتُ أنّ القوّة الجسدية قدرة مذهلة عندما رأيتُه.
ريتشارد لم يكن ماهرًا فقط في السيف. بدا في البداية و كأنّه لا يعرف كيف يستخدم المقلاع ، لكن بعد بضع محاولات لضبط القوّة و الاتّجاه ، بدأ يطلق الحجارة بصوت مرعب.
كنّا نضع فخاخًا للطيور داخل الجدران المطهّرة و ننتظر أن تُمسك ، لكن ريتشارد ، عندما رأى تلك الفخاخ الرديئة ، سخر منها و صنع مقلاعًا و اصطاد طيورًا تطير.
اقترب و هو يحمل ثلاثة طيور في يديه بثقة.
“هايلي”
“ماذا؟”
“غدًا ، ابدئي بتطهير تلك المنطقة”
أشار بإصبعه إلى الجهة الشمالية الشرقية خلف البحيرة السوداء ، الاتّجاه الذي أتينا منه من سلبون.
——————————————————————— •فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار⭐•
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"