106

“سدّدت ما عليها؟”

“نعم. أنقذت حياتي، ثم أنقذتني مرة أخرى، ومرة ثالثة، هكذا سدّدت الدين. لا يجب معاملتك مثلما كنت جباناً حتى النهاية.”

‘ تبًا، تابعي جيد جدًا!.”

هذه المرة سأل سيريل ريكارت:

“إذا اعتذرت، هل ستقبل بذلك؟”

“هل جننت؟”

رفع ريكارت طرف شفتيه وسأل:

“هل تعتقد أنّك كنت ستقبل بذالك؟”

ربما أنا وحدي من يشعر أنّ أسلوب كلام تابعي بدأ يشبهني أكثر فأكثر. لا، هذه مجرد وهم. نعم، وهم. لو تحوّل حتى هو مثل دوراجي، يمكن لقلعة مارون الدفاع عن الإقطاعية بفمه فقط.

لا فائدة من التحدث مع سريل طويلاً، سيزداد سوء مزاج تابعي فقط، فلوّحت بيدي أمامه:

“على كلٍّ، اذهب من هنا.”

“هايلي، ملك نيفي أرسل خطاباً إلى رؤساء كل العوائل. لمضاعفة مراقبة حدود المنطقة الملوثة، سيتم استدعاء القوات. جرانديس مدينة حدودية، والمناطق السفلى ستبدأ فيها الهجرة القسرية.”

“إذن؟”

“من الأفضل أن تبقي في قلعة مارون لبعض الوقت. لا أعلم لماذا وصلتِ إلى هنا، لكن عودي بسرعة.”

ما هذا؟ لماذا يقلق بشأنّي؟

أمعنت النظر في وجه سيريل الذي ينصح بعدم الخروج من المنزل، ثم خطر لي سؤال:

“صحيح، أنت المسؤول عن منطقة نيفي، أليس كذلك؟”

“……”

“هل ستهاجمنا؟”

أه ها! كان أنت إذن.

لا أحد يمكنه الآن اختراق ضباب الماغي والوصول إلى قلعة مارون. لذلك يمكنني التجول خارجاً وترك تابعي هنا بأمان.

سيريل، بصفته المسؤول عن نيفي، سيقيم في جرانديس مع القوات المستدعاه من كل عائلة لمراقبة المنطقة الملوثة. يا لها من غرابة في هذا العالم.

“مهلاً.”

“إذاً سأذهب…”

هزّزت جميع التصاريح التي منحني إياها، فابتسمت ابتسامة خبيثة.

.

.

.

.

رغم أنّ نيفي تُروّج كمدينة عريقة شاركت في تأسيس المملكة وتاريخها، إلا أنّ الحقيقة عكس ذلك.

أصبح من فاز في حرب العوائل ملكاً، وأصبحت أراضي عائلته هي العاصمة. لذلك، تاريخ المدينة هو الأقصر بين عواصم الممالك الثلاث.

“واو، إنها مدينة كبيرة.”

مع ذلك، بالنسبة لي القادمة من البادية، كانت أشبه بعالم جديد كلياً.

طرق واسعة، حشود متحركة، مبانٍ شاهقة لا تكاد ترى قمتها إلا برفع الرأس.

“كيف تُبنى هذه المباني الطويلة والمعقدة؟ لا يوجد حفارات ولا رافعات هنا. هل باستخدام السحر فقط؟”

“حفارات؟ رافعات؟ ما هذا؟”

“اختراع لعالم متحضر لا يمكنك حتى تخيله.”

“وأنتم كنتم تستخدمون فقط الحجر المصدّر…”

ضحك ريكارت مستهزئاً، ونظراته المائلة لم تعجبني. فكرت كيف أشرح له عظَمة سيول في القرن الحادي والعشرين، ثم تراجعت.

لو قلت له أي شيء مجنون، سيظن أنّني فقدت صوابي، أو ربما سيذهب ويشي للسيّد عن جنوني. خصوصاً أنّ فاطمة مؤخراً تتحدث كثيراً عن هيبة النبلاء، وكنت أخشى أن أضطر لدراسة آداب هذا العالم الخيالي.

“لنبدأ بالبحث عن متجر للملابس.”

لا يمكن الذهاب للملابس المفصلة، ولا يمكنني أخذ دوراجي معي. وحتى لو قلت إننا جئنا لشراء ملابس للجنيّ، قد يُشتبه بنا.

كانت الشوارع مزدحمة للغاية. اخترنا الرصيف لتجنّب العربات، لكن التصادم مع المارة كان لا محالة.

“انظري أمامك.”

“دعنا نتفرج قليلاً!”

“أنت تجعلين حياتي مستحيلة.”

كان ريكارت يمسك بيدي، ويقودني على جانب الطريق، فجأة أصبحت الشوارع مزدحمة أقل ازدحاماً.

“هناك، هذا المكان مناسب.”

بعد مشي قليل، وصلنا إلى منطقة التسوّق الفاخرة. اخترت متجراً مزخرفاً بالحجر الأحمر ودمى الجنود، ودخلت، وأطلقت الجملة التي حلمت بها أثناء مشاهدة الدراما:

“من هنا إلى هنا.”

أشرت بأصبعي إلى قسم الملابس المخصصة للأولاد.

“جهّزوا كل شيء للتغليف.”

“أهلاً وسهلاً!”

ابتسمت الوجوه فور رؤيتي. رغم وجود زبائن آخرين، كان الموظفون يركزون عليّ فقط.

الزي الوردي، المعطف الأسود، القبعة البيج مع الحجاب، كلها جعلتني أبدو كنبيلة من الخيال:

“سأدفع هنا.”

قدمت الشيك الذي أخذته من سيريل. كل ما سأشتريه سيدفعه بيت فانديسيون.

“يا للعجب، زائر كريم! هل هذه زيارتكم الأولى لمتجرنا؟ تفضّلوا، الملابس المعروضة جديدة هذا الربيع، لكن الشمال لا يزال بارداً، هل أريك ملابس أكثر دفئاً؟”

“لا حاجة، أريّني الأحذية والقبعات فقط.”

“كم عمر الشخص الذي سيأخذ هذه الملابس؟ يمكننا معرفة القياسات؟”

العمر لا أستطيع القول، والقياسات تقريبية. لو كنت أعلم، كنت سأأخذ قياسه عندما طلبت فاطمة. كان خطأ أن أشتري سرًا وأفاجئه.

“الطول بهذا القدر، والكتف بهذا القدر؟”

قد يكون عمره نحو ثماني سنوات إذا حسبناه بالبشر. تذكرت كيف كنت أحضنه عند الأرق، فقيّمت الطول وعرض الكتفين وأضافتُ:

“لقد نما مؤخراً بهذا القدر.”

فَرَّقَ الإبهام والسبابة مسافة نحو سنتيمترين.

كان الموظف محترفًا. فهم شرحي المتواضع على الفور، وبدأ يحضر كل شيء: الملابس، القبعات، الأحذية، بطريقة متقنة.

“إلى أين نرسل الطلب؟”

آه، إذن سيتم التوصيل.

لا يمكنني أن أطلب أن يُرسل إلى قلعة مارون، ففكرت للحظة، ثم خطر لي وجه سيريل الذي أعطاني الشيك، فضحكت بخفة.

“إلى سيريل فانديسيون في قاعدة جرانديس.”

“ماذا؟”

“ألم تعرف بعد؟ تلك الساحرة الشريرة هايلي تعيش داخل المنطقة الملوثة. لذلك تقرر أن تتواجد قوات المراقبة في جرانديس، والمسؤول هناك هو سيريل فانديسيون. أرسله إليه.”

“آه، فهمت!”

“وإذا كان بالإمكان، ضعوا بعض القمصان أو البنطلونات أو الجوارب أكثر قليلًا. طفلنا ما زال صغيرًا ويحب اللعب بالطين.”

“حسنًا، بالتأكيد.”

“اكتبوا البطاقة أيضًا: ‘إلى جنّي الحبيب’ هكذا.”

“يا إلهي، جنّي؟ هل هذا لقب؟ كم هو لطيف!”

إنه جنّي حقيقي، ويعرف حتى الشتائم.

حسنًا، دوراجي لطيف بالفعل.

بعد الانتهاء من التسوّق، بدأنا بجولة في المدينة. أصبحت قلعة مارون ملاذًا كاملًا، لكنّها المدينة الكبيرة الأولى التي أزورها، فلم أستطع العودة دون أن أستمتع، فطلبت من ريكارت ركوب عربة سياحية.

“ما هذا المبنى؟ إنه مجنون!”

“معبد.”

“واو، وما هذا؟ مذهل فعلاً.”

“معبد.”

“هذا ليس صحيحًا، إذا كان كل شيء معبدًا، فلا تسموه نيفي، بل قولوا دولةً مقدسة.”

“إنه القصر الملكي.”

ضحك ريكارت وقال:

“على الأقل أقل من هولت، هناك عدد المعابد أكثر من نقاط التفتيش.”

“سيفعل ميكيلان كل شيء بحلول العام المقبل.”

“وكيف تعرفين ذلك؟”

“رأيته في الحلم.”

رفع ريكارت حاجبيه باستغراب.

الناس لا يعرفون ما يريده ميكيلان حقًا.

بعد أن أصبح ملك هولت، أظهر ميكيلان موقفًا متعاونًا مع الطائفة. هذه المرة، في نيفي وكاسناتورا تم وضع سيريل وأستا كمسؤولين، لكن ميكيلان أراد أن يتدخل بنفسه كملك.

أنا أعلم السبب.

“رغبته هي توحيد الممالك الثلاث.”

“ماذا؟”

صرخ ريكارت فجأة في العربة:

“هل جن جنونه!”

“أعتقد أنّه قادر على ذلك.”

“وكيف ذلك؟”

“ألم تلاحظ؟ سيحاول استخدام الطائفة لصالحه.”

في الرواية الأصلية، كانت أستا تعمل كحاجز ضد جنون ميكيلان، لكن الآن لم يعد هناك من يمنعه، وسيحاول ميكيلان تحقيق رغبته.

خصوصًا مع الأحداث الاستثنائية الحالية، ظهور هايلي والشيطان، وولادة قوة عسكرية تابعة لتحالف الممالك الثلاث.

سأل ريكارت:

“هل كان ميكيلان يعرف كل ما فعلته الطائفة حتى الآن؟”

“ليس كل شيء، لكن على الأقل بصورة تقريبية.”

“هل يمكن قتله؟”

♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪

حسابي على الإنستا:@empressamy_1213 

حسابي على الواتباد: @Toro1316

ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧