6
أونيكس روميل. قبل أن تُستكمل حتى معالجة فظائع معركة أوشي باران، أعلن أونيكس روميل، سيد أسرة أونيكس، بيانًا رسميًا واحدًا.
كان البيان يطالب بالاعتراف بابنته زوجةً شرعية لسافيروس المتوفى، بحجة أنها كانت على علاقةٍ عاطفية به.
والدليل الذي قدّمه أونيكس روميل هو خاتم الزمرد العائد لأسرة الماركيز مانو، زاعمًا أن مانو سافيروس قدّمه لابنته رمزًا للحب.
كانت قصةً غير معقولةٍ تمامًا. فمهما كان السبب، لا يمكن لميتٍ وحيّ أن يعقدا زواجًا.
وبالفعل، أُشيع أن الماركيز مانو تجاهل بيان أونيكس روميل دون تردد. وعندها، انفجر أونيكس روميل غضبًا، فجمع التابعين المقرّبين منه وأشعل تمردًا إقطاعيًا.
بعد أن كادت الحرب الخارجية تُسوّى، إذا بالوضع ينقلب إلى حربٍ أهلية.
وانتهى تمرد أونيكس روميل بمنحه حق إنشاء فرقة فرسان خاصةٍ به، وسُجّل هذا الحدث لاحقًا كأحد أبرز الأمثلة على عجز الماركيز مانو هيدينايت.
انتظر قليلًا، أليس هذا خاتم الزمرد نفسه الذي في يدي الآن؟ ثم إن سافيروس لا يملك حتى حبيبة في الوقت الحالي!
‘يا لتهوّري….’
أنقذت سافيروس كما توقعت.
كانت تظن، بغرورٍ دفين، أن معرفتها بالمستقبل كافية، وأنها في أمانٍ حتى لو لم يكن هذا حلمًا بل واقعًا.
‘آه، ماذا أفعل من الآن؟ كيف أعود؟ بمن يجب أن أتحالف لأضمن سلامتي؟ هل أهرب من هذه الإقطاعية أولًا؟’
فكّري، مارنو أداماس. لا يمكن أن تموتي بهذه السهولة!
حياةٌ لم تُدوَّن في كتب التاريخ، ولا تعرفين عنها شيئًا. إقطاعيةٌ مثقلة بالمشكلات، مقدَّر لها أن تزول بعد ثلاث سنوات.
‘وفي قلب كل ذلك، كنتِ أنتِ.’
“نجوتَ بالكاد، أليس كذلك؟ ألم أقل لكَ منذ البداية؟ في النهاية، أنتِ مجرد أداة استهلاكٍ أنيقة. تسك تسك.”
قال الرجل ذلك وهو يمسح يده بمنديل حريري أخرجه من صدره، موجّهًا كلامه إلى سافيروس.
كان تصرّفًا فظًا، وكأن أداماس غير موجودة، ومع ذلك لم يجرؤ أحدٌ في قاعة الوليمة على الاعتراض.
“لو أنكَ أمسكتَ بيدي لكان أفضل. لكن أن تتخذ امرأةً مجهولة النسب؟ يبدو أنكَ التقطتها بمهارة من مكانٍ ما.”
راح روميل يتفحّص أداماس وسافيروس بسخرية لاذعة، وكان يشبه في هيئته ضبعًا يتشمم فريسة.
“سيد أونيكس.”
قال سافيروس ذلك بصوتٍ منخفض.
“أرجو أن تضبط ألفاظكَ. إنها المرأة التي أحبها.”
ثم أمسك يد أداماس بشكلٍ طبيعي.
الحب؟
احمرّ وجهها بحرارة. فضغطت أداماس على وجنتيها المتّقدتين براحتيها.
“هراء! هل تسقط المرأة التي تحبها فجأةً من السماء بين ليلةٍ وضحاها؟”
‘واو، هذا الرجل قال شيئًا صحيحًا فعلًا. كيف عرف أنني سقطتُ هنا فجأة خلال ليلةٍ واحدة؟’
“أخفيتُ الأمر عن الناس، لكنني أحببتها طويلًا. وهذا الخاتم دليلٌ على ذلك.”
“كذب! خاتم الزمرد هذا.…!”
توقّف روميل لحظة، ثم راح يحدّق في سافيروس وأداماس وهو يزمجر.
“حتى لو كانت من أصولٍ وضيعة، كيف لقائد فرسان أسرة الماركيز الحاكمه أن يتزوّج امرأةً مجهولة النسب وحقيرةً كهذه!”
“ليس أمرًا يعنيكَ.”
“تسك. هكذا هم مجهولو الأصل، بلا تهذيب.”
كان استفزازًا صريحًا.
رأى هذا الرجل أن لقب أداماس “مارنو”، فظنها يتيمة لا قيمة لها، وكان في كلامه أيضًا استخفاف بسافيروس الذي ارتقى إلى منصب قائد الفرسان رغم أصوله اليتيمة.
“أنتَ تهين قائد فرسان مانو الوحيد إهانةً بالغة.”
قال سافيروس ذلك وهو يضع يده على مقبض سيفه.
‘يا إلهي، هذا الفتى يضع يده على سيفه عند أدنى شيء.’
مهما كره روميل، لا يمكن السماح له بسحب سيفه في حفلٍ مكتظٍ بالناس كهذا.
“روس، كفى. أنا بخير.”
هزّت أداماس رأسها ونظرت إلى سافيروس، ثم عدّلت شعره وهمست عند أذنه.
“أرخِ يدكَ، أيها الأحمق.”
“ماذا؟”
تظاهرت أداماس باحتضان ذراعه، لكنها قرصته بقوة.
“استعراضٌ علني للمشاعر. يبدو أن المتشابهين يتزوجون فعلًا.”
“زواجي شأنٌ يخصني. زواجٌ لا يتدخل فيه حتى الماركيز، و تدخّل السيد أونيكس فيه أمرٌ يزعجني.”
قال سافيروس ذلك وهو يرمق أداماس بنظرةٍ حادّة خفية.
“الماركيز يترك الأمر فحسب. كيف له أن يهتم بكل أداة استهلاكٍ على حدة؟”
حدّق روميل بعينيه الواسعتين في سافيروس وأداماس، وهما أقصر منه برأس كامل.
“آه، ذلك الحجر القبيح….حين يُخفى هكذا، يصبح منظره أفضل.”
سخر وهو ينظر إلى سيف سافيروس.
كان سيف سافيروس في تلك اللحظة ملفوفًا بالقماش عند موضع النصل، لأن الجوهرة المثبّتة أسفل الحدّ قد تحطّمت حين استعملتها أداماس أثناء المعركة.
وخوفًا من أن تتساقط شظايا الجوهرة المتشققة، قام سافيروس بربط موضعه بقماش أبيض.
‘حجرٌ قبيح؟ بل كان حجرًا سحريًا رائعًا بلا شك.’
حجرًا أنقذ سافيروس وجيش مانو فران معًا.
“كلامكَ تجاوز حدّه كثيرًا-”
عندما همّت أداماس أخيرًا بالرد على رومِل، تقدّم سافيروس بهدوءٍ ليمنعها.
“لا تهتمي. إنه سيفي، وشأني أنا.”
“ها! افعل ما تشاء. ستندم يومًا ما ندمًا عميقًا لأنكَ لم تمسك بيدي.”
ما إن غادر روميل قاعة الوليمة حتى تبعه معظم الحضور وهم يتلفتون بحذر. وفي لحظات، خلت القاعة واتسع فراغها.
ثم مسح سافيروس وجهه بكفه. كان منظره وهو يكبت غضبه مؤلمًا للنظر.
فأمسكت أداماس يده بصمت وخرجت به من القاعة، تقوده إلى الحديقة الخلفية المتصلة بقصر الماركيز.
وحين هدأت الفوضى من حولهما، رفعت صوتها.
“حجرٌ ضخمٌ وقبيح؟ إنه يهذي من دون أن يفهم شيئًا. هل تسمح له بالكلام هكذا؟ إنه لا يهينكَ وحدكَ، بل يهين الماركيز الذي أهداك ذلك السيف.”
“إنها قصةٌ معروفة. أنا مجرد من يقف في ساحة الحرب نيابةً عن الحاكم.”
“نيابةً؟ مجرد الوقوف؟ ما هذا الكلام.…”
“الماركيز لا يملك موهبةً في استخدام السيف، وصحته ليست على ما يرام. أنا أمثل بيت الماركيز مانو في ساحة القتال، لكن التابعين القدامى لمانو لا يرون فيّ سوى يتيمٍ مجهول الأصل، لا يفعلون سوى الهمس من خلفي.”
“هذا.…”
“مع ذلك، لا يهمني الأمر. إخلاصي لن يتغيّر. ما يزعجني هو أن الناس يسيئون إلى الحاكم. حسنًا، و صحيحٌ أن حجر سيفي ليس من الدرجة العليا.”
“ماذا تقول! أنتَ تعرف بنفسكَ قوة ذلك السيف.”
هزّت أداماس رأسها بحزم وهي تنظر إلى سافيروس الذي ابتسم ابتسامةً واهنة.
قد يبدو الحجر، للوهلة الأولى، معتمًا قليلًا فيُظن أنه رديء، لكن الحقيقة كانت مغايرةً تمامًا.
لولا ذلك الحجر السحري، لما نجا سافيروس، وربما تحوّلت أجزاءٌ من الإقطاعية الآن إلى أرضٍ محروقة.
“لا تهتم بكلام الآخرين. الماركيز منح أفضل فارسٍ لديه أفضل سيفٍ استطاع أن يقدّمه.”
“حين تلقيتُ هذا السيف، لم أسمع شيئًا خاصًا عن الحجر السحري. لعل كونه حجرًا سحريًا مجرد مصادفة.”
“وهل هذا يعني أن تتجاهل إخلاص الماركيز الذي سلّمك السيف؟ لا تتزعزع. مهما قالوا، صدّق ما رأيته بعينيكَ.”
فتذكّر سافيروس المركيز هيدينايت. نظراته الداعمة وهو يرى سافيروس يمسك بالسيف، نبرته الدافئة في كل مرة.
حين فكّر في الأمر، أدرك أنه كان محل ثقةٍ دائمة.
“أريد أن أكون تابعًا يُشكّل قوةً للحاكم.”
“ستكون! بالتأكيد!”
قالت أداماس ذلك وهي تقبض يدها بعزم.
حين استرجعت ذكرياتها، كان والد أداماس، دوس، رجلًا ضعيف البنية. بشرته شديدة البياض، جسده النحيل، كان دائمًا يبعث على الشفقة.
ومع ذلك، امتلك قدرةً معيشية مدهشة على نحو غريب.
كان يضع خطةً سنوية، ويسجّل نفقات المعيشة في الدفاتر أسبوعًا بأسبوعٍ كل شهر، وكانت حساباته دقيقةً ومفصّلة على نحوٍ يثير الدهشة.
كان يسجّل حتى أدق التفاصيل، كثمن الكتب المدرسية عند بداية العام، أو معطف الشتاء، أو توقيت تفصيل زيّ مدرسيٍ جديد، مع احتساب معدل التضخم وهامش الخطأ.
كان الأمر مرهقًا، لكن الحقيقة أن أداماس استطاعت الصمود لعامين بفضل قوة والدها.
‘نعم، لو أنني اشتريت عددًا أقل من الأحجار السحرية، لكان المال الذي تركه أبي كافيًا لتخرّجي.’
وفوق ذلك، كانت أكاديمية فرانشيسكو تعتمد نظام السكن الداخلي الإجباري.
‘ظننت أنه أرسلني إلى هناك بدافع شغفه بالعلم….’
لكن الحقيقة أنه أراد أن يوفّر لها غرفةً آمنة ودافئة ذات سقف، من أجل مستقبل ابنته التي ستعيش تحت سماءٍ بلا أب.
نعم، كانوا يقولون أن أبي، رغم كونه من العامة، كان بارعًا في الحساب.
أومأت أداماس برأسها وهي تستحضر وجه الماركيز مانو هيدينايت، الذي كان يشبه والدها كثيرًا.
الآن فقط فهمت. لم يكن إطراؤه المتكرر لسافيروس بلا سبب.
“لننقذ إقطاعية مانو. ولنبدأ أولًا بأونيكس روميل، ذلك العجوز المشؤوم، ما رأيكَ أن نطيحه؟”
قالت ذلك بعزم.
“كلامكِ ليس سيئًا، لكن لا أريد أن أضع الماركيز في مأزق-”
فقاطعت أداماس حديث سافيروس بسرعة.
“طبعًا، يجب ألا يتعرض سموّه لأي حرج.”
فحدّق سافيروس في المرأة أمامه طويلًا.
“ثق بي! أنا مارنو أداماس! أي دليلٍ أوضح من هذا داخل إقطاعية مانو؟”
“أرى….مانو* إذاً.”
*أداماس أصلاً مانو بس شكلهم مع الزمن حطوا اسم مارنو؟ المهم في النطق نفس الشي واحسن كذا عشان ماتصير هي وسافيروس نفس الاسم
“بالطبع، ثم إنني أداماس!”
الطفلة الأقوى على الإطلاق.
“أداماس” أصلها من كلمة الماس، وتعني ما لا يُقهر.
فأنزلت أداماس رأسها ومسحت خاتم الزمرد. فهذا الخاتم هو من قادها إلى هنا.
إلى المكان الذي يوجد فيه أكثر شخصٍ تودّ رؤيته، وإلى المكان الذي يمكنها فيه إنقاذ أكبر عددٍ من “مانو”.
وبفضله، تقف الآن على أرض إقطاعية مانو الحيّة، وإلى جوار سافيروس، بطل مانو.
بعكس البداية، حين كانت تتمنى الاستيقاظ من الحلم، شعرت الآن بالامتنان لأنه بدا كحلم.
و في إحدى زوايا الحديقة الخلفية لقصر الماركيز، عقدت أداماس عزمها. ما دامت قد وصلت بالفعل، فستبذل كل ما لديها لتنهض بإقطاعية مانو.
مع هذه الإقطاعية، ومع هذا الرجل الذي يجب عليها حمايته.
نعم، هذا هو معنى هذا الانتقال عبر الزمن.
فمدّت أداماس يدها،
“لنعِد إقطاعية مانو إلى مسارها الصحيح. أتشرف بالتعاون معكَ، يا حبيبي!”
ظلّ سافيروس يحدّق طويلًا في اليد الممدودة، وفي خاتم الزمرد الذي يزيّنها.
“يا لكَ من محرج، لماذا تحدّق هكذا؟ صافحني على الأقل. أو….تقدّم لخطبتي!”
قالت أداماس ذلك ضاحكة. وبكلماتها، مدّ سافيروس يده.
ثم، بعد لحظة، انحنى ببطءٍ على ركبةٍ واحدة.
_____________________
ويت بيخطبها صدق؟😭😭😭
ادري فيه تصنيف علاقة تعاقدية بس حسبت انها بتمثل انها حبيبته بس وكذا
بس عادي كذا وناسه اذا خطبها وحلوا بعض بعدين يمدي يتزوجون بسرعه وخلاص مابه خطبه قبل هااااهاهاهاعاها
المهم اداماس تضحك مشرقه مره على طول تقبلت ذا الشي
ودي تروح لهيدنايت ذاه وتقوله جدي 😂
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 6"