3
“أي خاتمٍ تقصد؟ لدي الكثير.”
فهزّ أداماس كتفيه.
“السبابة في اليد اليمنى. خاتم الزمرد.”
“آه، هذا؟ إنه إرث والدي.”
“حقًا؟ يا للصدفة، يشبه بشكلٍ غريب الخاتم الذي فقدته قبل شهر. ولم يكن خاتمًا عاديًا أيضًا.”
“ماذا؟ لا، هذا بالتأكيد ليست سرقة.…”
شعرت بالارتباك. فلم يكن معقولًا أن يتهمها سافيروس، بطل عالمها، بالسرقة بسبب خاتم واحد.
و المشكلة أن شكل هذا الخاتم لم يكن شائعًا أبدًا.
“هل تتصرفين هكذاً دوماً؟ تسرقين جوهرةً ثم ترتديها بكل جرأة؟ لستِ قليلة الجرأة حقًا.”
ارتجفت حدقتا أداماس بسرعة. فلم تتوقع هذا الاتهام أبدًا، وفوق ذلك من سافيروس نفسه.
‘يا لها من كارثة!’
“لا، لحظة! أنا لستُ سارقةً حقًا! صدقني. لقد كان كل شيءٍ رائعًا عند النهر. لو كنتُ سارقةً فهل كنت سأساعدكَ هناك؟”
أصرّت أداماس على براءتها. فنظر سافيروس إلى الخاتم مرة، ثم إلى وجه أداماس مرةً أخرى، قبل أن يزفر زفرةً كبيرة.
“سأتجاوز الأمر مؤقتًا. استعدي لعبور النهر بهدوء. سنصل قريبًا إلى منطقةٍ ضحلة.”
قال سافيروس ذلك بنبرةٍ هادئة وهو يربّت على سيفه الطويل.
مـ.…ما هذا؟ هل يصدقني فعلًا؟
و نظرت أداماس إلى مؤخرة رأس سافيروس الذي كان يسير أمامها وهزّت رأسها متسائلة.
‘ألم يكن يتوقع مني الكثير منذ البداية؟’
صحيح، لم يحدث يومًا أن تلقى مساعداتٍ تُذكر من أحد. إنه قائد فرسانٍ نشأ يتيمًا.
وإن كان قد تلقى عونًا في حياته، فربما من الماركيز مانو كونتشايت الذي اختاره في البداية فقط.
لكن مانو كونتشايت مات قبل بدء هذه المعركة بعامين، والماركيز الحالي هو ابنه مانو هيدينايت….
أوقفت أداماس الخيط الطويل لأفكارها وراحت تتفحص ما حولها.
“لا، نحن يجب أن نصل إلى جزيرة بارانتو.”
“لماذا؟ صحيحٌ أن المياه تقل كلما صعدنا للأعلى، لكن جبال رايد تقطع الطريق وتجعله وعرًا. لا داعي للذهاب حتى جزيرة بارانتو.…”
“يجب أن نصل إليها مهما كان.”
لم يُجب سافيروس. فأكملت أداماس بصوتٍ متوسل،
“لقد أنقذتكَ، أليس كذلك؟ فقط ثق بي مرةً أخرى.”
فتنهد سافيروس بخفة كمن يستسلم أخيرًا.
“تقدمي. لم نعد نملك وقتًا.”
سمعت أداماس وقع خطى سافيروس خلفها وهما يمشيان. و كان قلبها ينبض بجنون.
‘لا تقلقي يا أداماس. كل شيءٍ سيكون بخير.’
فرفعت رأسها بثبات وشدت قبضتها بقوة.
***
بووم—
مرت كرة نارية فوق رأسي أداماس وساقيروس وسقطت بالقرب منهما.
“أوه….تف!”
فتناثر الرمل على وجهيهما فوراً.
“اعبري النهر وحدكِ!”
قال سافيروس وهو يصد كرةً نارية أخرى قادمة.
“لا!”
و بصقت أداماس الرمال بسرعة ثم أمسكت بثياب سافيروس.
“اذهب الآن. إن لم نصدّهم فسوف يعبرون النهر. يجب أن نخفض عددهم ولو قليلًا.”
كان أعلى نهر باران محاطًا بالغابات. وفي مركزه جزيرةٍ صغيرة من الرمال المتراكمة، جزيرة بارانتو.
كانا أداماس وسافيروس يعبران قربها. وكان الفجر على وشك البزوغ، لكن الأعداء لم يوقفوا هجومهم.
“هذا ما حصل لأنكِ سحبتهم إلى الأعلى! تحركي بسرعة!”
صرخ سافيروس، فردّت أداماس بغضبٍ مماثل.
“ماذا؟ لقد أنقذت حياتكَ وهذا ردكَ؟!”
“لا وقت للجدال! اعبري فورًا!”
“قلت لكَ لن أذهب!”
قبضت أداماس على يد سافيروس بقوة. و كانت يده المليئة بالجروح تثير الشفقة، مما جعلها غير قادرة على تركه.
“إنهم ألف، ونحن اثنان. الهرب هو الحل. اذهبي الآن.”
أشاح سافيروس بنظره بعيدًا وهو يحاول دفع يد أداماس عن يده. فعضّت أداماس شفتيها محاولةً حبس دموعها.
“لو سأهرب، لنهرب سويًا!”
“هذا مستحيل.”
كانت أداماس تشد قبضتها أكثر كلما حاول سافيروس إبعادها.
لم يتجاوز السابعة عشرة بعد. وكان سافيروس في هذه اللحظة أصغر منها بسنتين. ورغم ذلك، كان هذا الشاب يختار الموت لينقذها.
‘نعم….هكذا أنتَ دائمًا.’
يا لها من نعمة حقًا. لأنني التقيت بكَ، ولأنكِ الشخص الذي تخيّلته تمامًا.
شكرًا لك. لأنكَ أثبتَّ لي أن والدي، وأن شعب مانو….لم يكونوا كاذبين.
قالت أداماس ذلك في نفسها وهو تمسك بيدَي سافيروس بكلتا يديها المرتجفتين.
“يا لورد سافيروس….يجب أن تبقى حيًا. ابقَ حيًا….واحمِ المقاطعة.”
تلاقت نظراتهما في الهواء. و ارتجفت عيني سافيروس، وذقنه المشدود من فرط توتره—كل ذلك انعكس بوضوح في عيني أداماس.
ثم صرخت أداماس بصوتٍ كأنه عهد،
“وبالمقابل، سأحميكَ أنا!”
***
رغم أنهم في وضعٍ ضعيفٌ جدًا، كان هناك ما يفيد أداماس وسافيروس أيضًا.
فالطريق الجبلي الموحل بفعل موسم الأمطار جعل السحرة—ضعيفي البنية—فريسةً للتعب. والخيل لم تستطع الحفاظ على تشكيلها في تلك الطرق الوعرة.
“يا لورد سافيروس، هل تعرف كيف تربح حربًا رغم قلّة العدد؟”
“ما الذي تهذين به الآن؟”
“إن لم تكن تعرف، فتعلمْها. في مثل هذه المواقف….نستخدم البيئة لصالحنا.”
“ولِمَ صرتِ تتكلم بقلّة احترامٍ فجأة؟ أنتِ! ماذا تنوين أن تفعلي؟”
ضحكت أداماس بخبثٍ وهي تركل الرمل تحت قدميها.
ثم خلعت خاتم العنبر من إصبعها البنصر.
“عنبر….شكرًا لكل ما قدمتِه لي!”
وعندما ركّزت طاقتها في راحتها، انشقّت الجوهرة بفرقعةٍ خفيفة. فألقت أداماس بقطعة العنبر عند قدميها.
وفجأةً حدث أمرٌ مذهل— ارتفعت الأرض الرملية تحت أقدام أداماس وسافيروس إلى ارتفاعٍ يمنع وصول كرات النار التي يطلقها جنود لوبيانا.
“….مذهلٌ فعلًا، لكن….هل تنوين الصمود هكذا حتى تصل قواتنا؟”
سألها سافيروس وهو يتعجّب مما يحدث.
“لا. هذه ليست تعويذة قوية، ولن تدوم طويلًا.”
فأخرجت أداماس كلّ حبات اللؤلؤ من قربتها، و قلّبتها قليلًا بين يديها، ثم رمتها نحو الأسفل—
بالضبط نحو أقدام السحرة. فارتفعت سحابةٌ كثيفة من الغبار حين ارتطمت اللآلئ بالأرض.
“الآن وقد حجبتُ رؤيتهم….حتى أمهر السحرة لن يصيبونا بدقة.”
ثم استدعت أداماس كرةً نارية صغيرةً جدًا.
“كرة نارية.”
كانت كرةً صغيرةً للغاية. مقارنةً بكرات النار التي يطلقها جيش لوبيانا، بدت هذه هزيلةً وضعيفة. لكن أداماس أطلقتها فوق الجبل.
و كررت الفعل ثلاث مرات، ثم ظهر العرق على جبينها.
“والآن….لننتظر.”
“ننتظر ماذا بالضبط؟”
“حتى يبتلّوا.”
“لا تقولي لي….أنكِ فجّرتِ باران!”
“ماذا؟ بالطبع لا! إنه بعيدٌ جدًا، وكرات النار هذه ضعيفة. ما فجّرته هو السدود الصغيرة.”
كان هناك سدّ باران الكبير في أعلى النهر، وتحته ثلاثة سدودٍ صغيرة لرفع مستوى الماء لأجل الزراعة والشرب.
“لكن كمية الماء تلك لن توقف جيشًا كاملًا.…”
“أكيد. أنا لا أريد إغراقهم. أريد فقط أن يبتلّوا.”
لم تكن أداماس تخطط لشنّ هجوم مائي كامل.
وبعد دقائق، اندفع الماء من السدود الثلاثة مرةً واحدة—كان الماء كثيرًا بفعل الأمطار الطويلة، لكنه لم يكن كافيًا لاجتياح جيش لوبيانا.
“حسنًا، الآن أعطني هذا.”
مدّت أداماس يدها نحو سافيروس—بل نحو السيف الذي يحمله.
منذ اللحظة التي رأت فيها ذلك السيف، كان تعرف سره.
“هل جننتِ؟ تطلبين من مبارز أن يعطيكِ سيفه؟!”
فصرخ سافيروس.
“حسنًا، حسنًا….صوتكَ مرتفع. إذًا دعنا نفعلها هكذا. لا تتحرك!”
تنهدت أداماس ثم وقفت خلف سافيروس واحتضنته من الخلف. فانتفض سافيروس بدهشة، لكن أداماس قالت له بحدة: “ابقَ ثابتًا!”
ورغم أنها لم تُظهر ذلك، كان قلب أداماس نفسها يرتجف.
أن تحتضنه بهذه الطريقة….كان يشبه الحلم.
لكن المهمة أهمّ من الحلم.
ضمّت أداماس الشاب ذا السبعة عشر عامًا بين ذراعي فتاةٍ تصغره بعامين، ثم رفعت يده اليمنى التي تمسك بالسيف.
ربّت أداماس على ظهر يد سافيروس المتشنجة من التوتر. ثم نظرت إلى الزمرد الكبير المثبّت عند قاعدة مقبض السيف—
زمردٌ كبير، مسطح، غير لامع، غريب….وكأنه عديم القيمة سوى بحجمه.
“ألم تفكر يومًا أنه غريب؟”
“ماذا تقصدين؟”
“ألا ترى أنه….عندما تنظر إليه جيدًا….يبدو كأنه مليءٌ بالغيوم السوداء؟”
“غيومٌ سوداء؟”
أغمضت أداماس عينيها ببطءٍ وركّزت.
رائحة ماء، ورائحة احتراق خافتة….ورائحة دمّ وعرق….كلها دخلت أنفها.
وما إن وضعت يدها فوق جوهرة السيف— حتى انشقّ الزمرد بصوتٍ حاد.
وفي ثوانٍ، انبعث ضوءٌ أزرق ساطع كاد يعمي البصر، واهتزّت الأرض كلها تحت قدميهما.
ثم دوّى صوت الرعد—قصف، قصف—
وكان المشهد….مذهلًا بحق.
______________________
اهااااا عشان كذا كان تبي رطوبه عشان تمطر عليهم😂
المهم يضحك كلهم مستحين عشانها ضمته طيب ياهوه تراكم وسط حرب على فكره😭
هي طبيعي تستحي بطلها وهو عشانها اكبر منك؟ ونوسه شكله بيوقع اول
الصدق ما احب البطل أصغر بس ذولا بس سنتين صوح؟ وقد جربت روايه البطل اصغر وحلوه لأنه بسسسسسسسس سنتين لو انها اربع كنسلت😂
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 3"