كان حجر الفيكسبايت الذي يشغل أكثر من نصف أحد خدّي أداماس أكبر وأغلى جوهرةٍ تملكها.
ثلثا الإرث الذي تركه لها والدها أُنفِق على شراء تلك الجوهرة، لكنها لم تندم على ذلك.
“على كل حال يا سافيروس، يبدو أنكَ لستَ غير مبالٍ بي!”
ارتعش خدّ أداماس ارتعاشةً لطيفة من شدة السرور.
“ذ، ذلك يمكن معرفته حتى من دون اهتمام، فذاكرتي جيدة.”
“أوه؟ حقًا؟”
“بالطبع!”
آه، والآن وقد فكّرت في الأمر، كان سافيروس كذلك منذ أول لقاءٍ بينهما، حين جزم بأنها “شخصٌ لم يسبق له أن رآها في إقطاعية الماركيز”.
“قل لي، هل تحفظ وجوه جميع من يعيشون في الإقطاعية؟”
“طبعًا، أنا قائد فرسان هذه الإقطاعية، كيف لا أعرفهم؟”
قطّب سافيروس حاجبيه وكأنه يستغرب سؤالًا بديهيًا كهذا.
‘همم، لا يبدو أنه يكذب.’
بل في الأصل ليس من طبيعته الكذب أو التباهي.
وبعد تفكير، تحدّثت أداماس بملامح حازمة.
“….سافيروس، أغمض عينيكَ قليلًا.”
“ماذا؟ الآن؟”
“هيا! بسرعة! الأمر مهم!”
“آه، حسنًا.”
وأمام سافيروس المغمض العينين، لوّحت أداماس بكفّها عدة مرات، ثم نقلت خاتم الزمرد من الإصبع الوسطى في يدها اليمنى إلى البنصر في يدها اليسرى.
“حسنًا، انتهينا! افتح عينيكَ الآن.”
إن كنتَ حادّ الملاحظة فعلًا، فستلاحظ هذا على الأقل، أليس كذلك؟
“هل تغيّر شيء؟”
مالت أداماس بجسدها نحوه بعينين تلمعان ترقّبًا.
“ها؟ ماذا؟ ما الذي تغيّر برأيكَ؟”
“تراجعي قليلًا وتكلّمي، الجو حار.”
قال سافيروس ذلك وهو يميل بجسده إلى الخلف وهو جالسٌ على الكرسي.
“لا، انظر إليّ جيدًا!”
“أنتِ أنتِ، ما الحاجة للنظر بتدقيق؟”
“….تسك. دعنا من هذا، أي ذاكرةٍ وأي شيء.”
قالت أداماس ذلك وهي تنظر إلى الشمس التي كانت تميل خلف برج الجرس.
“ما رأيكَ أن نعود إلى خيمة الحكّام؟”
“حسنًا.”
أومأ سافيروس برأسه ووقف إلى جانب أداماس.
“بالمناسبة، أنا فعلًا أملك ذاكرةً قوية، أحفظ جميع أهل الإقطاعية.”
“آه نعم نعم.”
“أقول لكِ الحقيقة.”
“أجل، أجل، مفهوم.”
“ألا لا تثقين بي؟”
“لا، أبدًا، كيف ذلك؟ أنتَ أعظم قائد فرسانٍ في الإقطاعية.”
حتى بعد عودتهما إلى خيمة الحكّام، لم يتوقف سافيروس عن التأكيد.
“عليكِ أن تُصغي إلى كلامي أكثر.”
‘يا له من شخصٍ عنيدٍ فعلًا.’
نبشت أداماس أذنها بلا اكتراثٍ وأجابت.
“آه، فهمت. انظر، ذاك المنظّم يناديكَ، اذهب.”
وبينما كانت ترى كايرن يبحث عن سافيروس من بعيد، نقرت أداماس لسانها متذمّرة.
“حسنًا! كايرن! أنا قادم!”
أجاب سافيروس بصوتٍ عالٍ، وربّت بخفةٍ على رأس أداماس.
“حقًا، أنتِ أول من يتجاهلني إلى هذا الحد. آه، وبالمناسبة، أبقي الخاتم في يدكِ اليسرى، فخاتم الخطوبة يُلبَس أصلًا في اليسرى.”
قال ذلك ثم ركض نحو الفارس الذي كان يناديه.
“ما، ما هذا الكلام! وهو أصغر مني أصلًا! ثم يتفوه بكلامٍ طفوليٍ كهذا!”
في المكان الذي مرّ به سافيروس. ظلت أداماس تعبث بشعرها بلون القمح بلا معنى. بينما كان وجهها محمرّ.
***
“ماذا سنفعل بشأن ستيفان، سيدي القائد؟”
“بشأن ماذا؟ لقد انسحب.”
أجاب سافيروس بفتور على سؤال كايرن.
“لكنها كانت معركة حُسمت نتيجتها عمليًا.”
“الانسحاب انسحاب.”
استحضر سافيروس في ذهنه للحظة صورة مبارز الرمح ذو الذراع الواحدة الذي رمى رمحه نحوه.
“ذلك الأحمق ذو الوجه الوسيم فقط….”
“عفوًا؟”
“لا شيء، هل كان هذا سبب مناداتكَ لي؟”
“آه، نعم، لقد كان الأمر يزعجني منذ قليل.”
عندها انفجر سافيروس صارخًا.
“ماذا؟! أنتَ، ألم تفعل الشيء نفسه قبل قليل؟!”
“هاها، إن أشعلتَ نارًا كهذه في قلب أعزب مسنّ، فستقع كارثةٌ عظيمة قريبًا.”
“قم بعملكَ في التقديم فحسب.”
“أقول لكَ لا تقلق أبداً.”
غمز كايرن بعينه، فنفخ سافيروس بازدراءٍ وغادر الساحة الدائرية بخطواتٍ غاضبة.
وهو يراقب ظهره، صاح كايرن بصوت عالٍ.
“والآن، في هذا المكان الذي نشعر فيه بحرارة حماسة الفرسان المتدرّبين، تبدأ مباراة نصف النهائي الثانية بعد ستين ثانية!”
“أوه، يا له من تقديم.”
صفّقت أداماس بيديها مشيدةً بإدارة كايرن، فعبس سافيروس الذي كان قد عاد لتوّه من لقائه.
“كايرن أعزبٌ مسنّ، ميزته الوحيدة أنه يجيد الكلام.”
“حقًا؟ حسنُ الكلام جذّاب جدًا. ألا يملك حبيبة؟”
و أراد سافيروس أن يسأل أداماس إن كان رجلٌ كهذا يعجبها.
“بالمناسبة، في غيابكَ جاء بعض الناس سرًّا ليسألوا….ما هي جاذبيتكَ الحقيقية.”
“أ، أكان ذلك؟ لا بد أنكِ وقعتِ في حرج. آسف.”
“ولِمَ تعتذر؟ كنتُ بخير.”
‘كان من الجميل أن أشعر بنفسي أن جميع أهل إقطاعية الماركيز مهتمّون بكَ.’
“وماذا قلتِ لهم؟”
“أنا؟ هاهاها.”
ابتسمت أداماس وهي تُزيح خصلات شعر سافيروس الملتصقة بالعرق خلف أذنه.
“قلتُ أنكَ وسيم، وأن وسامتك هي جاذبيتكَ.”
عند اللمسة المفاجئة التي دغدغته، احمرّ طرف أذن سافيروس دفعةً واحدة.
و حاول تهدئة قلبه الخافق، وصرف بصره على عجل نحو ساحة القتال.
“….أداماس.”
“نعم؟”
“كنتُ أتساءل منذ قليل….هل توجد أحجارٌ كريمة تُصدر رائحة؟”
“لا، لم أسمع بشيءٍ كهذا من قبل. لماذا؟ هل هناك ما يشبهها؟”
سألت أداماس وعيناها تتلألآن.
“لا، لا شيء. مجرد فضول.”
“حقًا؟ حسنًا، لنركّز الآن على عمل لجنة التحكيم.”
قالت أداماس ذلك كعادتها. من دون أن تجرؤ على النظر إلى وجه سافيروس المحمرّ كأنه على وشك الانفجار، ولا إلى أذنيه المتوهّجتين.
وكانت مواجهة نصف النهائي الثانية، كالأولى، مثيرةً للغاية. إذ جمعت بين روبين تيزور، الابن الثاني لكونتية روبين المجاورة، والمبارز الأعرج بانثيون.
“يبدو أن علاقة الابن الأكبر والابن الثاني في تلك العائلة سيئة.”
“….ماذا قلتِ؟”
استفاق سافيروس من شروده ونظر إلى أداماس.
“كونتية روبين ثرية، وعلاقتها بالحكومة المركزية جيدة، وداخل الكونتية نفسها مناصب ممتازة كثيرة. فلماذا جاء إلى هنا تحديدًا؟”
“همم، لا أدري. هذه أول مرةٍ يشارك شخصٌ من إقليم روبين في بطولة مبارزة. لكن ما يلفت انتباهي أكثر هو خصمه.”
“تقصد الرجل الذي يعاني من ساقه.”
“أسلوب سيفه نظيفٌ ومتقن. لا بد أنه تلقّى تدريبًا على يد معلّمٍ جيّد. لكن الأهم أنه شقيق مبارز الرمح ذو الذراع الواحدة.”
“صحيح، الشقيقان كلاهما لافتان.”
مبارز الرمح الأعسر ذو الذراع الواحدة ستيفان، وبانثيون الأعرج الذي يعاني من قدمه اليمنى.
“الأعرج هو الأخ الأكبر.”
“إذا كان الأخ الأصغر بهذه المهارة، فكون الأكبر كذلك يجعل العالم غير عادلٍ حقًا. وعلى أي حال، من المؤكد أن الشقيقين وسيمان.”
لمعت عينا أداماس وهي تقبض على قبضتها، فحدّق بها سافيروس بنظرةٍ غير راضية.
“أنتِ….منذ قليل وأنتِ لا تتوقفين عن الحديث عن الوسامة.…”
“وفوق ذلك، أشعر أن ملامحه مألوفة. مهما نظرتُ إليه، يبدو كأنني رأيته في مكانٍ ما.”
‘أين رأيتُه؟’
مالت أداماس برأسها وهي تفرك ذقنها.
“يبدو من أبناء العاصمة، هل مرّ بي صدفة؟ أم لأنّه وسيمٌ فحسب؟”
فتحدّث سافيروس وهو ينظر إلى طلب المشاركة بامتعاض.
“يا إلهي، هل تعرفين كم عدد الناس في العاصمة؟ ثلث الإمبراطورية من سكان العاصمة.”
“لهذا قلتُ: مرّ بي صدفة.”
“نعم، نعم، مرّ بكِ صدفة.…”
‘وكيف يمكن ذلك أصلًا!’
“سافيروس، ما اسم ذلك الرجل وعمره؟”
“بانثيون، اثنان وعشرون عامًا. وللعلم، أخوه الأصغر، مبارز الرمح ستيفان، عمره عشرون.”
هذا يزيد الأمر غرابة.
‘أنا عدتُ بالزمن مئة عام إلى الوراء. فلماذا أشعر أنني رأيتُ هذا الرجل من قبل؟’
ظلّت أداماس تحدّق في بانثيون شاردةً طويلًا، وكأنه شعر بنظرتها، فالتفت نحوها. فتلاقت العيون.
شَعرٌ أشقر أشعث، وعيون ذهبية أعمق لمعانًا من الذهب نفسه، وقد ابتسم هذا الوسيم كأنه لوحة مرسومة.
“….الشقيقان يتلاعبان معًا، إذاً.”
“ها؟ ماذا قلتَ يا سافيروس؟”
“قلتُ أنهما مريبان.”
قال سافيروس ذلك بوجهٍ متجهّم وهو يتنقّل بنظره بين أداماس وبانثيون.
“آه، نعم. مريبان. بالمناسبة، ما لقب ذلك الرجل؟”
“لا يملك لقبًا.”
“تباً.”
“ما بكِ يا أداماس؟”
“سافيروس، راقِب ذلك الرجل جيدًا.”
تحدّثت حاسّة أداماس الحادّة.
“ذلك الرجل….رائحته مثل رائحتكَ.”
“ها؟ رائحة؟”
وحين همّ سافيروس أن يشمّ ثيابه، أوقفته أداماس قائلة.
“نعم، نفس رائحتكَ.”
رجلٌ يقف على أرض الحلبة مستندًا على ساقه غير المريحة. ومن ذلك الرجل كانت تنبعث الرائحة نفسها التي يحملها سافيروس.
رائحة الموت القوية.
_____________________
هاه؟ مفروض انه يغطس اجل؟
بس يضحك يوم التفت لأداماس وابتسم😂 ما الومك يرجال
المهم سافيروس ايه بالله خلك غيران كذا عساه يستوعب بسرعه بعد ههههعععععهههه
وكأنه اعجبه انها غيرت مكان الخاتم؟ وناااسه
Dana
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 18"