لقد كان هذا هو الأسبوع الثاني بالفعل.
“يداكِ ترتخيان يا أداماس.”
“لا، لحظة….هذا ليس عدلًا! آه!”
صرخت أداماس مذعورةً بينما كانت عصا التدريب الخشبية تلمع وهي تمر أمام عينيها.
“إن لم تركّزي ستتعرضين للأذى.”
“أعرف! وأنا أعرف هذا أفضل منكَ!”
“بماذا تفكرين بالضبط؟”
“كنتُ أفكر أنه….لو أصابتني هذه العصا جيدًا، قد يطير رأسي حتى لو كانت خشبية….أه! وجدتُ ثغرة!”
“لا يُصدق.”
ابتسم سافيروس ابتسامةً خفيفة ثم أرسل عصا أداماس الخشبية بعيدًا في الهواء بكل بساطة.
وبينما كانت تنظر إلى عصاها ترتفع نحو السماء، فكرت أداماس بيأس.
‘مهما فكرت، فلا بد أنني اقترفتُ خطأً فادحًا بحق سافيروس.’
“أنا آسفة….لقد ارتكبتُ خطأً كبيرًا بحقكَ.”
“ماذا تقولين؟”
“أنا آسفة لأنني شتمت وجهكَ العبوس أمام صاحب المخبز. متى سمعتَ ذلك؟”
“هل شتمتني فعلًا؟”
“أاااه! ما الذي يحصل أصلاً منذ الصباح! لقد مر أسبوعان من هذا!”
فانهارت أداماس جالسةً على الأرض تنهج. و وقف سافيروس أمامها ممسكًا العصا الخشبية وتردد قليلًا،
“….لأنني ممتن.”
“ماذا؟”
“فقط….هذا ما لديّ لأقدمه. المهارة الوحيدة التي أجيدها هي السيف. تعلمه مفيد. وأنتِ ساحرةٌ تعانين من ضعف في اللياقة. وظننتُ أنه سيكون جيدًا لو تعلمتِ شيئًا عن السيف بما أنكِ ستكونين حكماً في بطولة المبارزة.”
بمعنى آخر….كان يفعل هذا لأجلها. ليعلمها.
‘يا لكَ من رجلٍ يعاني من نقص فادح في المهارات الاجتماعية….هل تدرك كم فكرةً مجنونة دارت في رأسي طوال الأسبوعين الماضيين؟’
“قل مثل هذه الأشياء بوضوحٍ وبأسلوب لطيف! لا تحضر عصوين منذ الصباح وتقول لي: اتبعيني إلى الساحة!”
“….فهمت.”
عندها فقط التقطت أداماس أنفاسها ونهضت.
“حسنًا….بما أنكَ تُصر على تدريبي، فسأتعلّم.”
قالت وهي تهز كتفيها.
كانت بالفعل تفكر في حاجتها إلى تقوية نفسها. فهذه الإقطاعية ليست مكانًا آمنًا إطلاقًا. هناك حرب، وهناك غولِم، والمخاطر في كل مكان.
وفوق ذلك….إنها فرصةٌ نادرة لتتعلم السيف مباشرةً وعلى انفرادٍ من عبقريٍ حقيقي. سيكون هذا مفيدًا بالتأكيد.
‘لو كان شرح الأمر من البداية فقط….لكن لا بأس. الآن تبدأ الجدية.’
“سأتعلّم جيدًا، صدقني.”
فقد قالت أول ملكة مرتزقة في التاريخ “نيكستينا”: السيف هو الثقة بالنفس!
“خذ هذا يا سافيروس….سيفي المليء بالثقة!”
صرخت أداماس واندفعت نحوه بعصاها.
وبعد خمس دقائق….كانت ملقاةً على الأرض تمامًا.
“انهضي.”
“هـ….هااه….أنتَ….حقًا.…”
‘كيف يمكن ألا يراعيني ولو مرةً واحدة؟’
نيكستينا….لا بد أنكِ كنتِ عبقريةً أيضًا. لهذا تكلمتِ عن الثقة وما شابه….
“آااه! هذا يزعجني! تبًا للعباقرة!”
“ما الأمر؟ هيا، انهضي وهاجميني مجددًا!”
“قلت لكَ أنني استسلمت.”
“و قلت لكِ أنكِ لستِ مخطئة.”
“بل أنا مخطئة! بالتأكيد هناك خطأٌ ما لديّ!”
لهذا لا يجب التعلم من العباقرة أبداً.
كانت أداماس تود أن تصفع وجهها قبل خمس دقائق، حين تحمست لتعلم فن السيف.
“أعتقد أنه من الأفضل أن أبدأ من الأساسيات. ربما….أبدأ بوضعية ركوب الخيل؟”
“ولمَ تحتاجين ذلك؟”
‘على الأقل هذا أفضل من القتال هكذا مباشرةً معكَ بعصا واحدة!’
“ألا تعتقد أن البداية من الأساسيات أفضل؟ مثل تنظيف المنزل أولًا؟”
“أنتِ تريدين تعلم السيف….فلماذا سننظف المنزل؟”
“لا أعلم….أشعر أنه عندما أبدأ شيئًا، يجب أن أرتب ما حولي أولاً. كما أنه يساعد في بناء اللياقة البدنية.”
“وإذا بدأنا ببناء لياقتكِ شيئًا فشيئًا، متى ستستخدمينها؟ الغولِم لن ينتظر حتى تنهي تنظيف منزلكِ.”
‘….كلامه ليس خاطئًا تمامًا.’
“لا….كنتُ فقط أفكر….هل يُفترض بشخصٍ مجهولٍ مثلي أن يتعلم مهارات قائد فرسانٍ عظيم؟ هاها.”
“ليست مهاراتٍ مميزة كما تظنين. لقد تعلمتُ فقط كي أعيش. السيف يعتمد على القتال الحقيقي. هيا، خذي وضعية الهجوم وهاجميني.”
قال سافيروس ذلك بجدية.
‘تعلم ليعيش….نعم، هذا منطقي.’
سافيروس فارسٌ يتيم. فاز في بطولة المبارزة وهو في العاشرة، واعتُرف به، وأصبح فارسًا تابعًا لبيت الماركيز.
ولكن….لو لم يمتلك جسدًا قويًا ومهاراتٍ حقيقية، هل كان طفلٌ مثله سيبقى حيًا في هذه الإقطاعية المهددة؟
‘مع ذلك….أليس هذا عمليًا أكثر من اللازم؟ هل يعتقد أن الجميع مثله؟’
“حسنًا يا أداماس. اقتربي مني أولًا.”
“هكذا؟”
“لا. لا تقفي إلى جانبي. قفي أمامي ووجهي سيفكِ نحوي.”
“آه، هكذا؟”
“الأساس هو الشعور بالإحساس الذي ينتقل عبر السيفين حين يلتصقان. عليكِ القتال من مسافةٍ قريبة لتحمي جسدكِ وتسيطري على خصمكِ. لا تخافي….اقتربي أكثر.”
“لكن.…”
كيف لي ألا أخاف؟!
“لا تركزي ضرباتكِ في اتجاهٍ واحدٍ فقط. إذا اعتمدتِ على القوة أو السرعة وحدهما، فسيسخر خصمكِ من سيفكِ، وحينها ستظهر ثغراتكِ. استخدمي الجانبين على نطاقٍ أوسع.”
“اليمين واليسار؟ كيف!”
“لا تحرّكي رأسكِ. لسنا نرقص هنا. عليكِ أن تراقبي خصمكِ.”
“لكن كيف أستخدم اليمين واليسار بدون أن أنظر؟”
“إذا شددتِ القوة أكثر من اللازم فسيميل مركز الثقل إلى جهةٍ واحدة. فكري في التحول البنيوي.”
‘تحول بنيوي….ما هذا بالضبط؟’
هل يقصد الأمام والخلف بدل اليمين واليسار؟
قال لي أن أقف بمواجهته وأنا ألامس سيفه.…؟
محاولةً لفهم كلام سافيروس، اندفعت أداماس بسيفها الخشبي نحو جسده بشكلٍ متهور.
“أداماس! إن اقتربتِ هكذا فجأة!”
وجهاهما أصبحا قريبين لدرجة أن أنفاسهما تكاد تتلامس، وأجسادهما التصقت ببعضها.
و عند أنفاسها الخشنة الخارجة من شفتيها الورديتين الممتلئتين، ارتبك سافيروس ودفعها بلا وعي.
“أوه؟ آاااه.…!”
مع صوت “بَك!” سقطت أداماس على الأرض وارتطمت بمؤخرتها.
“يا هذا!”
“ا….آسف.”
“هل دفعتَني للتو؟”
“لـ….لا! لم أفعل ذلك عن قصد.…”
اعتذر سافيروس على عجل وهو يمد يده نحوها.
“آآآه! لا! انتهى الأمر! افعل ما تشاء!”
وكأنها انتظرت هذه اللحظة، رمت أداماس السيف الخشبي واتكأت على الأرض. فتنهد سافيروس بعمقٍ وهو ينظر إليها بنظرةٍ مليئة بالشفقة.
“من الذي يرمي سيفه لمجرد أنه متعب؟ لو كانت هذه ساحة معركة لكنتِ متِّ بالفعل، أداماس.”
“صحيح. متُّ. فلنحترم دفء جثمان أداماس المسكينة وننهي هذا.”
‘دفء.…؟’
فتذكر سافيروس الشفتين الوردتين اللتين كانتا أمامه قبل لحظات. واشتعل وجهه دفئاً، حتى أنه لم يعد يدرك تماماً ما يقوله وهو يصرخ بها.
“أ….أنا في الحقيقة كنتُ أعرف. عندما رأيتكِ تزينين جسدكِ بتلك المجوهرات أدركت منذ ذلك الحين….أنكِ لن تفهمي هذا العالم الجميل والعميق المسمى بفن السيف.”
“تنفّس ثم تكلم. هل التحقتَ بأكاديمية الكلام السريع؟ هل دفعتَ مالاً لتتعلم هذا؟”
“لم أدفع مالاً لأتعلم الكلام. اكتسبته طبيعياً.”
“يا للغرور.”
“أنا لستُ متفوقاً إطلاقاً.”
“بل أنتَ كذلك! متفوقٌ جداً أيضاً! وجهكَ جميل، بشرتكَ رائعة، وأنتَ أفضل مبارزٍ في الإقطاعية!”
“حـ….حقاً؟”
“نعم! ولذلك! لننتهِ من هذا ونذهب لنتناول الإفطار؟ حسناً؟ روس؟”
“هُمم.”
احمرّ خدّا سافيروس وهو يجمع السيوف. وكانت يداه ترتجفان قليلاً وهو يلتقطها.
‘يا للخير….لحسن الحظ أنه ضعيفٌ أمام المديح.’
فنهضت أداماس مسرورةً ونفضت الغبار عن ملابسها.
“آه، أداماس. فطور اليوم خبز القمح وحساء لحم الضأن.”
“ممم، يبدو لذيذاً. سآكل كثيراً. أنتَ أنهِ الترتيب وتعال على مهل.”
وبينما كانت عائدةً نحو الكوخ الخشبي، وجدت نفسها تبتسم بلا سبب.
لأن حياتها اليومية مع سافيروس كانت عاديةً….وممتعة.
***
مع دخول الأسبوع الأخير من أغسطس، عمّت الفوضى قصر الماركيز. فقد كانوا يستعدون لمهرجان الحصاد، ويعززون أيضاً جهود استخراج أحجار السحر.
وبدأت أداماس أخيراً العمل بجدية.
فرز أحجار السحر عن المعادن العادية. ثم تصنيف أحجار السحر مجدداً حسب درجتها. وفي النهاية نقش الدرجة عليها وتحديد نطاق معالجتها.
وكان هذا عملاً لا يستطيع القيام به في الإقطاعية سوى أداماس.
ثم جاء اليوم الذي يسبق مهرجان الحصاد مباشرة. و الأحجار التي فُرزت الأسبوع الماضي خرجت اليوم لأول مرةٍ على شكل منتجاتٍ جاهزة. ومنها سيفٌ فضي صُنع كأحد جوائز بطولة المبارزة.
غمد السيف ذي التصميم الفريد، المختوم بقرن ثور الماء، كان يعكس ضوءاً غامضاً يتغير حسب الزاوية.
وكذلك مقبض السيف المصنوع من جلد ثور الماء الأسود، كان مُطرزاً عليه بخيوطٍ ذهبية شعار عائلة الماركيز مانو: الزمرد.
شدّ سافيروس قبضته واستلّ السيف الفضي.
و في المكان الهادئ سُمع صوتٌ كنسمة ريح. و انعكست عيناه الزرقاوان على نصل الخنجر الفضي الحاد الذي خرج بسلاسة.
وقد شعرت أداماس أن تلك الحِدّة الزرقاء بدت….مخيفة قليلاً.
كان ذلك سيفاً صُنع بعناية في الحدادة الوحيدة في الإقطاعية. حتى أداماس، التي ليست خبيرةً في السيوف، رأت أنه مُتقنٌ بالفعل.
“هل يعجبكَ، يا سيدي الماركيز؟”
سأل الحداد العجوز ذو الشعر الأبيض بحذر وهو يتفحص تعابير سافيروس والماركيز بعينيه القلقتين.
تفحص سافيروس السيف من عدة زوايا، ثم أومأ برأسه بقوةٍ للماركيز، وبعدها التفت بهدوء نحو أداماس،
“أعتقد أن شيئاً بهذا المستوى سيكون مناسباً لكِ أيضاً. هل أطلب لكِ واحداً؟”
“هاه؟ ماذا قلتَ؟”
“خفيفٌ، وطوله غير مبالغٍ فيه. بما أنكِ ساحرة، فسيكون مناسباً كسيفٍ مساعد.”
“هاهاهاها.”
“لماذا تضحكين؟”
“لا شيء….فقط لأنني سعيدة.”
‘فكرة أنكَ تريد أن تهديني سيفاً….هذا يشبهكَ تماماً.’
أومأت أداماس بقوةٍ دون أن تُظهر ما في قلبها.
كانت فكرة تثبيت حجرٍ سحري في السيف فكرة أداماس. فقد استوحتها من السيف الخاص بسافيروس.
أسلوب “السيف الإمبراطوري” المنتشر حالياً يعتمد على سيفٍ رئيسي وسيف مساعد.
و سافيروس أيضاً كان يستخدم سيفاً رئيسياً، وخنجراً كسلاحٍ مساعد.
وبما أن المشاركين في بطولة مهرجان الحصاد سيكون لدى كل منهم سلاحه الرئيسي، فقد رأت أداماس أن خنجراً عملياً كسلاح مساعد سيكون الخيار الأفضل، وقد وافق الماركيز على رأيها.
“هذا انتهينا منه. متى تنتهي صيانة سيفي؟”
“آه، سيكتمل قريباً. نحن نصهره بالكامل ونصنع منه سيفاً طويلاً جديداً.”
منذ مدة وسافيروس قد سلّم سيفه للحداد، وكان يحمل سيفاً حديدياً عادياً بدلاً عنه. فلم يكن من اللائق أن يحمل قائد فرسان الإقطاعية الوحيد سيفاً ملفوفاً بالأربطة البيضاء.
كما أن الماركيز نفسه نصحه بذلك. فقد أصبح سافيروس على وشك بلوغ الثامنة عشرة وفق عمر الإمبراطورية، أي عتبة البلوغ. ومع تحسن قوته الجسدية، اقترح عليه الماركيز أن يحوّل سلاحه إلى سيفٍ طويل.
“سيف سافيروس سيكتمل بعد غد.”
“حسناً.”
نظر سافيروس إلى خصره ولعق شفتيه دون وعي.
بعد انتهاء مهرجان الحصاد، سيكون لديه سيفه الطويل الخاص. فغمره شعورٌ لا يمكن وصفه اجتاح جسده.
عندها تذكر أن البداية ستكون مهرجان الحصاد.
استعاد في ذاكرته أيام طفولته، عندما شارك لأول مرة في بطولة المبارزة الخاصة بالمهرجان. كان في العاشرة من عمره، يحمل سيفاً حديدياً صدئاً وجده في مكب نفايات.
المشاركة كانت مجانية، لكن مجرد الوصول إلى نصف النهائي يمنح صاحبه كيساً كبيراً من قمح الشتاء.
وفي تلك البطولة….كان سافيروس آخر من بقي واقفاً.
تحت شمسٍ حارقة، وقف الفتى حتى النهاية، ومنذ تلك اللحظة التصق السيف بيده.
والآن….
كان المرشحون لأن يصبحوا فرسان الغد يتوافدون إلى الإقطاعية، حاملين طموحهم للفوز غداً.
____________________
وناسه سافيروس متحمس صدق توه مابلغ ذاه
يله كلها كم شهر يبلغ وينزوج اداماس هاااااااهاهاعاعا
المهم تدريبهم يضحك هو يدريها يحسبه يرد معروف وهي تحسبه يعذبها😭
بعدين شقومهت قاعده تسب وجهه للخباز شوي شوي على زوجس
وسافيروس ادري انه تسوندري بس طلع خروف عند المدح 😂🤏🏻
Dana
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 15"