1
‘يا له من حظٍ عظيم في امتحان التخرّج!’
تلألأت عينا أداماس الخضراوان بفرحٍ واضح.
-السؤال الأول: اكتب عن الطريقة التي يمكن بها إنقاذ مقاطعة الماركيز مانو التي سقطت عام 623 من التقويم الإمبراطوري.
كان مقرر “فهم التاريخ” أحد المواد الإلزامية التي يتعين على الجميع اجتيازها للتخرج من أكاديمية فرانسيسكو.
ولأن السؤال الأول تناول فجأةً تاريخ منطقةٍ نائية لم يتوقعها أحد، فقد ارتسمت الدهشة على وجوه الطلبة جميعًا.
وبالطبع، كان ذلك السؤال محبوبًا للغاية لدى أداماس.
‘أُهدي هذا المجد كله لوالدي الراحل في السماء، الذي كان يحدثني كل ليلة عن مقاطعة مانو وسافيروس.’
ابتسمت أداماس بخفة، وبدأت تكتب أول جملةٍ دون تردد،
-يجب إنقاذ مانو سافيروس الذي قُتل في معركة أوشي-باران السادسة عشرة عام 620 من التقويم الإمبراطوري.
***
“هذا غير ممكن! أنا….أنا أحصل على 12 نقطة فقط؟!”
لو كان الأستاذ عاقلًا لما منح مثل هذا التقييم. فهرولت أداماس مسرعةً للعثور عليه.
“إجابتكِ لم تتضمّن أي طريقةٍ لإنقاذ المقاطعة.”
قال الأستاذ ذلك بوجهٍ خالٍ من الانفعال وهو ينظر إليها.
“سافيروس كان سيد السيف. ولو كان حيًا، لما سقطت مقاطعة مانو أصلًا.”
“السؤال يطلب التفكير الواقعي اعتمادًا على التاريخ. كلامكِ لا يختلف عن القصص الخيالية!”
“لقد كتبتُ عن مانو بشكلً صحيح. الجميع لا يعرف حتى أين كانت تقع المقاطعة أصلًا.”
“حسنًا، الشيء الوحيد الذي يمكنني مدحه هو معرفتكِ الجيدة بجغرافيا تلك المنطقة.”
“أستاذ!”
“كفّ عن إزعاجي وغادري حالًا!”
لوّح الأستاذ بيده بعصبية وهو يصرخ.
وما إن خرجت أداماس من المكتب حتى سمعت خلفها صوت نقر لسانٍ مستهزئ.
“تسك، تسك….هؤلاء المتعصبون. طفلٌ لا يرد ذكره في الكتب إلا في سطرين، ومع ذلك يصرّون على تلميعه وتسميته بالعبقري الفذ! سيد السيف، يا للمهزلة.”
عادت أداماس إلى السكن الجامعي وهي تشعر بحرقةٍ في عينيها.
كانت غاضبة، والدموع التي انهمرت من عينيها فجّرت حزنها دفعةً واحدة.
“لماذا أبكي هكذا؟ يا لي من حمقاء….كنتُ أعلم. كنتُ أعلم جيدًا أن شعب الإمبراطورية يكرهون ماركيزية‘مانو’.…”
قبل نحو مئة عام، سقطت مقاطعة الماركيز مانو في أقصى جنوب إمبراطورية فرانسيس بعد اجتياح مملكة لوبيانا.
ومع تدفق اللاجئين، تفاقمت مشكلات الأمن والغذاء والبيئة.
اتهم الإمبراطوريون الفقراء القادمين من الأطراف بأنهم يخربون حياتهم، واضطهدوا لاجئي مانو بلا رحمة.
“كل هذا بسبب سافيروس. كان عليه ألا يموت.…”
تمتمت أداماس وهي تدفن نفسها تحت بطانية الشتاء الثقيلة.
مانو سافيروس. قائد الجيش وقائد فرسان مقاطعة مانو، الذي مات في معركة أوشي-باران السادسة عشرة.
رغم أنّ كل الناجين من المقاطعة وصفوه بالعبقري الذي لا يُجارى، فإن مؤرخي الإمبراطورية أنكروه تمامًا.
فلا يمكن—بحسبهم—لفارس صغير السن مثل مانو سافيروس أن يصبح قائد فرسان المقاطعة، وحتى لو كانت أرضهم في طريقها إلى السقوط، فمن غير المعقول أن يكون قائد الحرب شابًا في السابعة عشرة.
وهكذا، نُكرت قدراته وإنجازاته، ولم يُذكر اسمه إلا في ذيل كتاب التاريخ الحديث كفارسٍ تعيس الحظ.
مسحت أداماس دموعها وهي تتذكر سافيروس.
“أبي….أفتقدكَ كثيرًا. أنا حقًا متعبة.”
انتهت سلسلة الأفكار السوداوية بظهور وجه والدها الراحل في ذهنها.
كان والدها أول من أخبرها عن سافيروس.
“كان عبقريًا حقيقيًا….سيد سيفٍ رائع….هل كنتَ فقط تريد تصديقه يا أبي؟ هل كنتَ تهرب من الواقع؟”
ورغم أنّ الحياة لم تكن لطيفة دائمًا، فإن أداماس كانت ذا شخصيةٍ قوية.
بالنسبة ليتيمة فقدت والديها باكرًا….وكانت عائلتها من لاجئي مقاطعة مانو….ولمبتدئةٍ في دائرة السحر الأولى….كان مستقبلها سيشرق بمجرد تخرّجها من الأكاديمية.
لكن بعدما أساء أداء امتحان التخرج، تبخر ذلك الأمل.
غرفتها الصغيرة كانت أشبه بقفص دجاج. حتى ارتجاج النافذة مع الرياح الباردة بدا كأنه يبكي معها.
فانكمشت أداماس في فراشها.
‘لقد وعدتُ والدي أن أصبح ساحرةً عظيمة….’
ولم تستطع مقاومة النوم بينما كان هناك وميضٌ أخضر صغير يلمع في يدها اليُمنى.
***
رأت أداماس في الحلم آخر لحظات والدها.
“آسف يا صغيرتي….ليس لدي ما أتركه لكِ سوى هذه الخاتم. اعتنِ بهِ بنفسكِ….أرجوكِ.…”
بصعوبة مدّ الرجل يده النحيلة وألبس أداماس خاتم الزمرد الأخضر في إصبعها الوسطى، ثم لفظ أنفاسه الأخيرة.
“لا….أبي! افتح عينيكَ! أرجوكَ!”
تقلّصت أداماس في الحلم حتى عادت طفلةً صغيرة تجلس فوق ركبتي أبيها ترفسه بقدميها.
“سافيروس كان فارسًا خارقًا. تقول الأساطير أن هالته الزرقاء كانت تلمع كلما وقعت المقاطعة في خطر، تمامًا كلون عينيه الزرقاوين.”
“واو….لا بد أنه كان جميلًا جدًا! إذاً، عندما أكبر سأتزوج روس!”
“هممم….هذا صعب يا صغيرتي.”
“لماذا؟! سأتزوج روس!”
وكيف لا يكون صعبًا؟ إنه شخصٌ عاش قبل مئة عام.
حتى داخل الحلم، ابتسمت أداماس لذلك.
كم اشتاقت لوالدها وهو يحاول تهدئتها في طفولتها.
كان سافيروس أول حبٍ في حياة أداماس. فقد كان والدها يكثر الحديث عنه ويمتدحه دائمًا….ولذا كان من الطبيعي تمامًا أن يتعلق قلبها به.
“شش! صغيرتي، هذا سرّ بيننا. في الحقيقة، مار….هو….”
وفجأة دوّى صوت انفجارٍ مكتوم. و امتلأت الرؤية بضوءٍ قوي خاطف.
وفي اللحظة التالية، كانت أداماس تقف حافي القدمين في قلب ساحة معركة، مرتديةً قميص نوم وبنطالًا قطنيًا سميكًا.
***
بوم، بوم—.
مرت كرةٌ نارية فوق رأسها مباشرة. و تهشّمت العربة السحرية بصوت “كواجيك”.
‘هل بلغ ضغط الامتحانات بي هذا الحد؟ لم أحلم يومًا بحلم عنيف بهذه الطريقة.’
شششش—. دووم-
انفجرت كرةٌ نارية أخرى وسقطت في النهر.
‘هل خيالي جيدٌ إلى هذا الحد؟ أين أنا بحق؟’
وفي تلك اللحظة—
“تحركوا بسرعة! اعبروا النهر! الجميع إلى نهر باران!”
صرخ رجلٌ بصوتٍ يملأ الأرض.
شابٌ يلوّح بسيفه الرفيع الطويل بلا تردد. بشعره الأسود المبتل بالعرق، والهالة الزرقاء الساطعة التي تلمع من بعيد.
أهذا….سافيروس؟
‘يا له من حلمٍ مذهل.’
تمتمت أداماس في نفسها.
“اعبروا نهر باران!”
كان صوته قد أصبح خشنًا من كثرة الصراخ. و استمعت أداماس لصوته القوي وهي تمرّر يدها بين شعرها بعصبية.
لكن ملمس خصلات شعرها بين أصابعها بدا واقعيًا أكثر مما يجب.
لماذا يبدو هذا الحلم حقيقيًا إلى هذا الحد؟ هل يعقل أنني….متّ فعلًا؟
في تلك اللحظة، ومضةٌ خضراء مرت على يدها اليمنى.
ضوءٌ أخضر؟
نظرت بسرعة إلى ظاهر يدها. و من بين كل الخواتم، الخاتم الأخضر الوحيد كان في إصبعها الوسطى.
خاتمٌ بيضاوي من حجر الزمرد الطبيعي الأخضر المعتم. كان إرثًا تركه لها والدها.
‘لا، لا….لا بد أنه مجرد حلم. حلمٌ فقط. أنا لا أؤمن بهذه الأشياء. السفر عبر الزمن ما يزال مجرد فرضية.’
حتى العلماء الذين يؤمنون بإمكانية حدوثه لم يتفقوا يومًا.
وفوق ذلك، لم يعد أحدٌ قط ليخبر بقصته.…
كووووم—.
هزّ الأرض انفجارٌ هائلٌ آخر.
“آاااه!”
فغطّت أداماس أذنيها وجلست على ركبتيها وهي تغمض عينيها بقوة.
“إنه حلم….لا بد أنه حلم.”
‘لا يمكن لإرث أبي أن يكون فيه قوة سفر عبر الزمن! لو كان كذلك لقال لي ذلك!’
“هيا، استيقظي الآن! واحد، اثنان، ثلاثة!”
لكنه مهما فتحت عينيها وأغلقهما، لم يتغيّر شيء.
“انهضوا بسرعة! اعبروا النهر! إذا عبرتم فستنجون!”
ترددت صرخاتٌ يائسة في أذنيه.
معظم الجنود أطاعوا كلام سافيروس وبدأوا يشقّون مياه النهر سباحة.
و الآن، لم يبقَ أحدٌ حيًا من جيش مانو فران خارج النهر سوى سافيروس وحده تقريبًا.
‘لا، هذا ليس منطقيًا حتى لو كان حلمًا!’
هل يظن حقًا أنه سينجو بمجرد عبور النهر؟
ضغطت أداماس على شفتيها ونهضت واقفة.
‘يا له من حلم بائسٍ في أسوأ وقتٍ ممكن!’
“اعبروا النهر! سأتولى أمرهم هنا!”
‘لا، أنتَ أول من يجب أن يعبر!’
“اعبروا! إن عبرتم النهر فسينجو الجميع!”
‘لا، سيموت الجميع. إن لم تعبر أنتَ.’
هكذا كان التاريخ.
اندفعت أداماس حافية القدمين نحو سافيروس.
“انحّوا جانبًا! هيّا! ابتعدوا جميعًا!”
و صرخت أداماس. فحتى لو كان حلمًا، لا يمكنها السماح بموت هذا الرجل أمامها.
وحين بات سافيروس قريبًا منها، زفرت أداماس نفسًا عميقًا. و سريعًا، مسحت بنظرها وضع سافيروس.
كان ينزف من كل مكان. لا خوذة، ولا درع، ولا أي حمايةٍ حقيقية. حتى الجلد الداخلي لدرعه الجلدي الملطّخ بالدماء مكشوفٌ تمامًا.
‘يا رجل….على الأقل ارتدِ واقيات للساقين وحذاءً معدنيًا! هذا انتحار!’
وكان أخطر الجروح في كتفه اليسرى.
‘يا للعجب….ما زال قادرًا على حمل الخنجر بيده اليسرى.’
أما يده اليمنى التي تمسك بالسيف، فهي بالكاد ثابتة، مشغولةٌ فقط بصدّ الضربات التي تهوي عليه.
الهجوم؟ مستحيل.
‘يا أحمق….أنتَ على وشك أن تموت وتظل تصرخ بهذا الشكل! بما أن هذا حلم، لماذا لا أكون في قاعة حفلة راقصة؟ لماذا حرب؟!’
كتمت أداماس غضبها، ونزعت سريعًا خاتم الياقوت الوردي من خنصر يدها اليسرى وقبضت عليه بقوة.
“كان من الجميل أن نكون معًا يا أندالوسايت (اسم الخاتم). لقائي بكَ في السوق الليلي كان ضربة حظ.”
توقد الحجر الوردي العتيق بلونٍ أحمر ساطع.
“وهذه لكم! أيها الأوغاد القذرون!”
ورمت الخاتم نحو جندي لوبيانا الذي كان ينقضّ على كتف سافيروس.
“تلقّ هذا! كرة نار يد الجحيم اليسرى!”
انفجرت الكرة النارية بصوتٍ مدوٍ، فتراجع جندي لوبيانا خطوة.
وفي تلك اللحظة، غرس سافيروس سيفه في بطنه بدقةٍ مذهلة.
“واو!”
بالنسبة لأول رمية في حياتها، كان التنسيق بينهما رائعًا.
‘أحسنتَ يا عبقري الفرسان!’
يا للروعة حقًا.
ابتسمت أداماس ابتسامةً واسعة وهي تصرخ نحو سافيروس،
“لماذا تقف هكذا كالأبله؟!”
“….هاه؟”
“اهرب بسرعة!”
________________________
هااااااي ذي روايه جديدة كومديه خفيفه وحرب وطاخ وطيخ
الصدق اول مره اترجم احداث حرب بس اشوف الاجانب يقولون ماركزت على الحرب مره كثر تركيزها عالشخصيات🤏🏻
هذولا الابطال أداماس رجعت بالزمن لدولتها الأصلية يسمونها ماركيزيه لأنها صغيره ماتصير حتى مملكة؟ او انها مفاطعه تابعه للامبراطوريه الي يكرهونهم؟ المهم اجدادها هم من الناجين
وعشان ماتفهمون غلط البطل مب من اجدادها😂
هي. من مانو واسم عايلتها مارنو اما البطل لأنه فارس سيد سيف ومستشار اسمه مانو سافيروس
المهم البطل اصغر من اداماس بس بسنتين بسسسسسسس مع اني ما احب البطل اصغر بس عنا ارحم دامها بلا سنتين 🤏🏻
ها عساها تعجبنا 😘
وذي حساباتي: انستا: dan_48i توتر: Dana_48i تلقرام: dan_xor
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 1"