“إذا كانت بلانش كذلك، فلا بأس… حسنًا، الشاي يكون بخوخ، والحلوى بالتوت الأزرق ماذا عن اللون الرئيسي؟ بنفسجي؟”
“بنفسجي؟ آه، بسبب التوت الأزرق؟”
شدّت الآنسة مارتينا صدرها بكبرياء.
“أوَه، ألم تعلمي؟ بلانش تحب اللون البنفسجي.”
لم أكن في الحقيقة أحب اللون البنفسجي، ولكن تمامًا كما لم أعترض عندما قيل إني أحب الخوخ، آثرت أن ألزم الصمت ذلك لأنني لم أرَ حاجة لإغضاب الآنسة مارتينا.
“هكذا إذن، لقد كنتِ تحبين البنفسجي.”
أجاب الدوق الكبير بتروٍّ على قول الآنسة مارتينا، ثم ارتشف جرعة شاي وحوّل الحديث إلى موضوع آخر.
“حسنًا، فباسم من سترسل الدعوة إلى القصر الإمبراطوري؟”
“ها؟”
كنا ما نزال في طور تحديد تفاصيل الحفل وفجأة طرح مسألة الدعوات، فبدت الآنسة مارتينا وكأنها لم تفهم مجرى الحديث، فرمشت بعينيها.
“الدعوة أعني هل سترسلينها إليّ، أم إلى الأميرة بلانش؟ على أي حال سنذهب معًا، فلا حاجة إلى إرسال دعوتين.”
“آه… ستأتي إذن؟”
كان رد فعل الآنسة مارتينا مطابقًا تمامًا لدهشتي سيأتي إذن.
أن يقوم بدور شريكي في حفلات القصر يكفيني تمامًا، فلا حاجة أن يرافقني أيضًا في هذه الحفلات الصغيرة التي تقام في البيوت.
“هل يمكن أن لا أذهب بينما صديقة لعبي ذاهبة؟”
بل ومن طريقة كلامه بدا وكأنه لا يقصد هذه المرة فقط صحيح أنّ مرافقة الدوق لي تعزز من موقعي، لكن… لماذا؟
ومهما كان شكي، استمر الحوار بين الدوق الكبير والآنسة مارتينا.
“لذلك أرجو أن تولي عناية خاصة باختيار المدعوين فأنت تعلمين جيدًا أنني لا أحب الضوضاء.”
هل هو يضغط عليها الآن؟ على طفلة في التاسعة؟
“كنت أنتقي بالفعل أصدقاء قد يحبون بلانش، وأحرص أن أختار بعناية.”
وبينما كنت أرتعد من الدهشة، إذ بتلك الطفلة ذات التسع سنوات تردّ بحدة على طفل في الثامنة.
“لا تتكلم وكأنك أنت الذي يعتني ببلانش أكثر من الجميع!”
أي حوار هذا بحق السماء؟ لا، صحيح أنهما طفلان، لكن ألا يُفترض أن أبناء البيوت النبيلة ليسوا أطفالًا عاديين؟ فكيف إذا كانا: دوقًا كبيرًا وابنة دوق؟
“وإن لم أكن أنا من يعتني بالأميرة أكثر، فمن إذن؟ إنها صديقة لعبي.”
“وهي صديقتي أنا أيضًا!”
رفع الدوق الكبير فنجانه بابتسامة هادئة.
“هاها، ومن الأرجح أن يتذكر الناس لقب صديقه الدوق الكبير أكثر من صديقه ابنة الدوق.”
“هذا غش…!”
هنا شعرت بضرورة التدخل لو تركتهما على هذا الحال لتشاجرا حقًّا.
“الآنسة مارتينا.”
ما إن هززت كُمّها قليلًا حتى التفتت إليّ سريعًا وقد احمرّت وجنتاها من الغضب، وكانت ملامحها لطيفة حقًّا أيعقل أن يهوى الدوق الكبير مشاكستها؟ يكفي أن يقال إنها لطيفة فحسب.
“ثمة أشياء كثيرة يجب أن نقررها، الأمر صعب أيمكن أن نؤجل الباقي إلى وقت لاحق؟”
كان كلامًا غير منطقي فما الذي حُسم أصلًا؟ لكنني أرخيت حاجبيّ وأظهرت ملامح المتعب، فصدّقتني بسهولة الأطفال يسهل خداعهم فعلًا.
“آه، كان الأمر كثيرًا بالفعل، أليس كذلك؟ لا بأس، لا بأس أردت فقط سماع رأيك، وليس أن تحسمي كل شيء إن أردتِ فسنقرر نحن الباقي.”
احتضنتني الآنسة مارتينا وربتت على كتفي كمن يواسي ولم يكن يهمّني كثيرًا أي الخيارين أفضل، لكن أن تبذل طفلة في التاسعة جهدها لأجلي هكذا جعلني لا أطيق ترك كل شيء على عاتقها مع أن التحضير الحقيقي سيتولاه بطبيعة الحال الكبار في بيت الدوق.
“هلّا دعوتني إلى منزلك في المرة القادمة؟ سأبذل جهدي حتى ذلك الحين.”
“نعم، فلنفعل ذلك لا حاجة أبدًا للاستعجال، فلتسِر الأمور بتمهّل.”
مع أن الأمور لا ينبغي أن تسير بتمهّل، إلا أنني اكتفيت بالإيماء برأسي، مدركة أن قولها لم يكن سوى بدافع القلق عليّ.
“إذن أستأذن بالانصراف.”
قالت الآنسة مارتينا ذلك بنبرة فيها شيء من الضيق، لكنّها كانت مؤدبة على طريقتها فردّ عليها الدوق الكبير بجلسة متراخية
“لن تبتعدي كثيرًا على أية حال.”
أليس حريًّا بمن يقول ذلك أن ينهض على الأقل ليوصلها إلى الباب؟ لقد بقي جالسًا ولم يتحرك من مكانه كدت أضغط لساني غيظًا، لكنني تماسكت وخرجت لأودع الآنسة مارتينا بدلًا عنه.
“ما بال الدوق الكبير هكذا؟”
من جناح جاسبر حيث أقيم وحتى البوابة الرئيسية حيث تنتظر عربة أسرة مارتينا، كان الطريق طويلًا نسبيًا.
وربما كان بالغًا ليقطع المسافة مشيًا بسهولة، لكن بهذا الجسد الصغير قد يستغرق الأمر يومًا كاملًا، لذا ركبنا العربة المخصّصة للتنقل داخل القصر.
وما إن صعدنا إليها حتى بدأت الآنسة مارتينا بالحديث بسوء عن الدوق الكبير كنت أتفهم شعورها، فاكتفيت بابتسامة متكلّفة.
أجل، لقد انتظرت حتى نُصبح في مكان مغلق ومعزول قبل أن تبوح بما في قلبها لقد فكرت في الأمر فعلًا.
“ألم يقطع زيارته شهرًا كاملًا؟ ثم فجأة يلتصق بنا هكذا، ما الذي يريده؟”
“سمعت أنه كان مشغولًا…”
مع أنه لم يقل ذلك، لكن لم يكن بوسعي مجاراتها في ذمّه، ولا التصدي لها بصرامة، فاخترت أن أموّه وإذا حوّلت مجرى الحديث قليلًا، فستتشوش وتنسى ما كانت تود قوله.
“مشغول بماذا؟ إنه طفل لا يفعل شيئًا.”
مع أن قولها صحيح، إلا أن الغريب أن يتفوّه به طفل لا يفعل شيئًا أيضًا.
“على كل حال، المرة القادمة تعالي من دونه إنه لا يجلب سوى الإزعاج ولا يقدم أي نفع.”
وقد كنت أوافقها الرأي يكفيني أن أساير شخصًا واحدًا في الوقت نفسه، فما بالك باثنين ولم أكن أصلًا أنوي لقاءهما معًا، لكن الدوق اقتحم المكان فجأة، فاضطررت إلى الجلوس معهما.
ثم أخذ يتشاجر مع طفلة! لا أعلم ما الذي يريده أصلًا.
كان نصف السبب خوفي من أن يسمع الحارس الواقف في الخارج، أما النصف الآخر فكان حسابًا منّي أن الآنسة مارتينا، التي لا تكبرني سوى بثلاث سنوات، قد تجد في ذلك شيئًا من اللطف.
ويبدو أنّ الأمر قد نجح، إذ توقفت الآنسة مارتينا عن التذمّر وابتسمت ابتسامة مشرقة قبل أن تعانقني.
“بلانش، بلانش، ألستِ تحبينني أكثر من الجميع؟”
لم أفهم في الماضي ولا الآن، لماذا يصرّ الجميع على مسألة “الأكثر” و”الأفضل” تلك لو كانت الآنسة مارتينا تكبرني عشر سنوات أخرى لشرحتُ لها أنّ ترتيب المشاعر بهذا الشكل ليس إلا عبثًا لكنّها لم تكن سوى طفلة في التاسعة.
هاه… لقد أصبحتُ رقيقه حقًّا في الماضي، حتى لو كان الطرف الآخر في التاسعة، ما كنتُ لأتساهل معه شعرت فجأة بمدى ما أصبحت عليه من لين، وهمست للآنسة مارتينا
“نعم، أنا أحبّكِ أكثر من الجميع.”
“وأنا أيضًا، أنا أحبّ بلانش أكثر من أي شيء في العالم!”
كان تصريحًا طفوليًا بريئًا، وفي الوقت نفسه مستحيل التصديق كما أفعل دائمًا مع كلمات الأطفال، تركتها تمرّ دون أن أوليها وزنًا كبيرًا.
بعد أن أوصلتُ الآنسة مارتينا إلى البوابة وعدتُ، وجدتُ الدوق الكبير ما يزال بانتظاري ومن إبريق الشاي الجديد بدا أنه قد بدّله بعدما برد الشاي.
“أن تُتركي ضيفك ينتظر… أي ضيافة رديئة هذه.”
وبما أنه كان يبتسم، فقد بدا أنه يتصنّع.
لذلك لم أقدّم تبريرًا، بل سألته مباشرة
“هل كان يطيب لك أن تفعل ذلك مع طفلة صغيرة؟”
فأجابني بابتسامة ثابتة
“ألا تعلمين أنّ الآنسة مارتينا هي الأكبر سنًّا بيننا نحن الثلاثة؟”
لقد قالها بمهارة، مع أنه هو نفسه، على الأرجح، شخص وُلد من جديد.
“لكنها لا تكبرك سوى بعام واحد فقط.”
“وبينك وبينها ثلاث سنوات.”
كنتُ على وشك أن أجيبه: وما جدوى ذلك مع اختلاف أعمارنا العقلية؟ ثم تذكّرت أنه لا يعرف أنني أُبعثت من جديد، فصمتُّ.
منذ البداية، كان سبب يقيني بأن الدوق الكبير مثلي، أو سبب كوني لم أندهش عندما أدركت للمرة الأولى أنني بُعثت من جديد، هو أنني رأيت بعيني شخصًا آخر بُعث قبل ذلك لذلك لم يكن مستغربًا ألّا يكتشف الأمر حتى بعد مرور ثلاث سنوات.
هل أبوح له؟ ترددت قليلًا، لكنني سرعان ما ألغيت الفكرة فلو كشفت له أن البعث ممكن، فقد يتحفظ مني أو يضع بيننا حواجز، وذلك سيكون مزعجًا ربما كان ودّه نحوي قائمًا على اعتقاده أنني مجرد طفلة عادية.
“…كونها تكبرني لا يغير شيئًا حتى مع ذلك، فهي ما تزال صغيرة هل كان من الضروري أن تستفزها؟”
لم أستطع تفسير تصرفه إلا على أنه استفزاز متعمّد فقد لمّح أولًا إلى أنه يعرفني جيدًا، ثم لما ردّت مارتينا بنفس الأسلوب، بادر فورًا إلى إظهار أنه هو الصديق الرسمي للأميرة بلانش كان تصرفًا دنيئًا وغير ناضج أبدًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات