“ ميلكي الذي كان يقول إنه يغار من اعتمادك على ليانا ، غيّر رأيه في غضون ساعة واحدة فقط كيف استطعتِ إقناعه يا ترى؟”
إقناعه، يقول؟ أهذا حقاً تعبير يليق بلسان الإمبراطور؟ سؤال تبادر إلى ذهني، لكني لم أشِر إليه.
“لم أفعل شيئاً، يا مولاي إنما سموّ الدوق ذو قلب عطوف، فأبصر موقفي الصعب وأراد أن يراعيه.”
هذه الناحية، كان الدوق حقاً وريثاً يبعث على الطمع، ولهذا أفهم تماماً سبب اهتمام الإمبراطور به ، فوارث بهذه الصفات يستحق أن يُغدق عليه بكل شيء دون أدنى شعور بالخسارة.
“هاها أهذا تواضع منك، أم أن هذه الصفة بالذات هي ما لامس قلب ميلكي؟ على كل حال، حسنًا.”
نقر الإمبراطور على الكوب المملوء بالماء لقد قال إنه لا حاجة للشاي، لكني قدّمته على كل حال لأجل المظهر فقط.
“لقد قلتُ لك آنذاك، إن أحسنتِ الأداء، فإن لدي ما أقدّمه لك.”
“لقد نلتُ من عطاياكم ما يكفيني، يا مولاي.”
كنتُ قد عرفتُ كيف أبني علاقة ودّية مع الدوق، كما أن الإمبراطورة الأم ورياّنا كانتا تبديان محبةً صادقة نحوي غير أن الإمبراطور ظلّ دائماً خصماً عسيراً عليّ.
فإن كان لا بد من نيل عطاء، فليكن من الآخرين، لا منه لم أشأ أن أوثق صلتي به أكثر.
“لكن، ماذا عن أمور يعجز ميلكي عن القيام بها لأنه صغير، أو تعجز ليانا لأنها ساذجة، أو تعجز الإمبراطورة الأم لأنها متعالية؟”
وكأنه لم يجلس على العرش مصادفة، إذ سرعان ما أصاب مكمني الضعيف.
“لا أقول إنك ستحتاجين هذا الآن، لكن في نظري، أنتِ شديدة النزعة السياسية ومع مرور الوقت، ستحتاجين إلى وسائل لا تكون ناصعة البياض دوماً ─وحينذاك، استعيني بيدي.”
ما أحتاجه؟ نعم، كان هناك ما أحتاجه قوة تخصني وحدي، منفصلة عن الأسرة الإمبراطورية.
مكاني كله قائم الآن على عطفهم ورضاهم، وهو في جوهره ليس إلا مكافأة على كوني * لطيفة وظريفة * كأنهم يضعون قلادة من الجواهر على عنق كلب مدلل.
حتى إي باي ليان، الذي بلغ منصب الصدارة وامتلك أراضي واسعة في الشمال، أُقصي بسهولة فكم أسهل أن يُقصى شخص مثلي، بلانش؟
لهذا، كنت أرغب في أن أملك ورقة أمان أخرى إلى جانب العطف الإمبراطوري، ورقة أستطيع الاعتماد عليها حين يحين الوقت.
لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق الآن مهما فكرت حتى لو استخدمتُ تولا كوكيل عني، فلن يكون ذلك ممكناً قبل أن أبلغ الثانية عشرة أو الثالثة عشرة على الأقل.
…حسناً لا حاجة لي بها الآن، لكن ربما يحين يوم أضطر فيه إلى طلب عون الإمبراطور نفسه لن يضرني أن أترك خياراً إضافياً مفتوحاً لذا، خفّضتُ بصري بأدب وأجبت
“إنما يغمرني الامتنان بقولك هذا، وسأحفظ هذه النعمة في ذاكرتي.”
وكنت أعني: “سأذكرها جيداً حتى يحين وقت استخدامها.”
ويبدو أن المعنى وصل، إذ ابتسم الإمبراطور ابتسامة راضية.
“ولهذا، سيكون عليكِ أن تجري حديثاً آخر مع ليانا فميلكي و ليانا يتناقشان الآن في تغيير مضمون المكافأة.”
كان قد وعدني أن أنتظر فحسب، دون أن أبذل جهداً، وها هو متمسك بوعده إن مجرد الانتظار حتى يُملى عليّ الاتجاه أمر مغرٍ حقاً، لكني لم أستطع أن أمنع عن نفسي شعوراً بالذنب تجاه ليانا ، التي ستتأثر بدوري مع الدوق.
“أعتذر إن سببتُ لها قلقاً أما أنا، فالحقيقة أنه لا بأس لو سُحبت مني المكافأة.”
“لا يصحّ ذلك، لأنه سيبدو في نظر الناس كأن الوعود المقدّمة لك قابلة للنقض في أي وقت.”
أما أنا، فما كان يهمّني سوى أن يتجنّب أصحاب النفوذ هذا الظن، لكن الدوق و ليانا ربما لا يرون الأمر كذلك.
“لذلك، من الأفضل أن تصارحي ليانا بخططك.”
لم أجب لم أحرّك رأسي فجأة، ولم أغيّر مجرى أنفاسي، ولم أشيح بوجهي كل ما فعلت هو أن عقدتُ حاجبيّ قليلاً، كأن كلامه غامض عليّ، وأملتُ رأسي في استغراب.
فليس من شأن الماهر أن يرتبك مع كل كلمة توجه إليه، كما يرفس السمك إذا أُخرج من الماء.
“آه، لا تفهميني خطأ اقتراحي لا بأس أن يبقى مؤجلاً حتى تحتاجيه فعلاً.”
ثم مدّ يده إلى الكوب لأول مرة.
“هي مجرد نصيحة ليانا تحب الصراحة ولها حاسة قوية إن كذبتِ عليها واكتشفت، فستنهار الثقة التي بنيتِها لذا، قولي لها بصراحة ما تريدينه فهي لا تخذل من يدخل في كنفها.”
كان هذا في جوهره تحذيراً من مغاضبة ليانا وكلامه صحيح: لقد بنيتُ علاقة ودّ معها، فلا مصلحة في هدمها لذا، انحنيتُ برأسي ممتنّة.
“أشكرك على نصيحتك يا مولاي.”
“فلنستمر هكذا دائماً، أليس كذلك؟ وحينها ستحصلين على كل ما ترغبين به.”
لم يكن كلامه خاطئاً ما يقدرون على منحي إياه من مال ونعيم لم يكن بالهيّن لو رغبتُ، لحييتُ حياةً تفوق حياة معظم نبلاء الإمبراطورية.
لكن المشكلة الوحيدة أنني كنت قد ذقتُ سلطة أعظم من ذلك بكثير.
ها قد مرّت ستّ سنوات على ولادتي من جديد، ومع ذلك لم تفارقني بسهولة ذكريات حياتي السابقة، فحبستها داخلي وابتسمت.
“إن كان بمقدور جسدي الضئيل هذا أن يُفيد، فسيكون لي شرفٌ عظيم.”
جاءني استدعاء من الدوق بعد شهر، ثم لقاءٌ مع الإمبراطور لأول مرة منذ ثلاث سنوات وبسبب ما تلا ذلك من أحداث شعرت أن طاقتي قد استُنزفت تمامًا كنت أفهم أن جسدي قد أُنهك، لكن ما لم أفهمه هو: لماذا ضعُفت قواي النفسية أيضًا؟ أليس من المفترض أن تحتفظ قواي العقلية بصلابتها كما كانت في حياتي السابقة؟
فكّرت في هذا الأمر العجيب وأنا لا أزال مستلقية على الكرسي دون أن أتحرك، حتى دخلت تولا وهي تبتسم بهدوء
“هل لي أن أستأذن للحظة؟”
“ألن أكون ثقيلة؟”
“الأميرة دائمًا ما تكون خفيفة كالريشة.”
لم أظن قط أن هناك ريشةً بهذا الثقل، لكن، وبما أنني فكرت في الأمر، كان من الضروري أن أُعلّم تولا فنون السيف أيضًا نعم، سأعتبرها تمارين تقوية لها هكذا أقنعت نفسي، ثم رفعت ذراعيّ بصعوبة لأسمح لتولا بأن تحملني.
“هل ستعودين لانشغالك من جديد؟”
“نعم.”
“يؤسفني سماع ذلك كنت سعيدة برؤيتك ترتاحين في الآونة الأخيرة.”
في كل الأحوال، إن متُّ، فسأرتاح إلى الأبد، أليس كذلك؟ كدت أن أنطق بهذه المزحة التي لازمتني في أواخر حياتي السابقة، لكنني تراجعت فحتى الموت لا يعني الراحة الأبدية — على الأقل، لم تكن كذلك بالنسبة لي.
“نعم، ومن المؤسف أنك أنتِ أيضًا ستزدادين انشغالًا قريبًا.”
“يا إلهي وماذا سأتعلّم الآن؟”
“السيف.”
“السيف؟”
“نعم، أظن أنه من الأفضل لك أن تتعلمي بعض فنون الدفاع عن النفس.”
لا زلت لم أقرر بعد ما هو النوع من القوة الذي ينبغي أن أمتلكه لكي أنفصل عن العائلة الإمبراطورية.
إن فكّرتُ في حياتي السابقة، فتنظيم جيشٍ خاص كان الخيار الأسهل، لكن كوني أميرة من دولة أجنبية، فإن قيادة قوة مسلّحة أمرٌ شبه مستحيل أما الخوض في المجتمع الأرستقراطي، رغم أنه الخيار المتاح حاليًا، فهو ليس مجالًا أتمتّع فيه بأي موهبة تُذكر.
لذا، لم أتخذ قراري بعد بشأن نوع القوة التي يجب أن أمتلكها، وهو ما يعني أنه من الضروري أن أستعد جيدًا.
ولهذا، إن قدّر لي أن أُواجه أحدهم كعدو، فلا بد أن أُجهّز تولا لتدافع عن نفسها، كي لا تكون أبدًا رهينة في يد أحد.
ولذا، تمامًا كما أنني أتلّقى تدريبًا على يد ليانا ، يجب على تولا أيضًا أن تتعلّم فنون السيف.
“سأبذل قصارى جهدي!”
قالت ذلك بحماس، رغم أنها لا تعرف السبب الحقيقي، ويا لها من طفلٍه رائعه فطوّقت عنقها بذراعيّ وربّتُّ على ظهرها برفق.
“نعم، دعينا نبذل جهدنا سويًّا.”
قال لي الإمبراطور إن عليّ أن أكون صريحة مع ليانا ، لكن في الوقت الحالي، هذا غير ممكن فإن أخبرتها فقط أنني أحتاج إلى قوّة خاصة بي، فستسألني حتمًا إن كنت أشعر بالسخط من معاملة العائلة الإمبراطورية.
لذا، سأتذكّر نصيحة الإمبراطور، لكنني سأُرجئ تنفيذها إلى حين أقرر نوع القوة التي سأمتلكها.
والآن، كل ما عليّ فعله هو التركيز على تدريبات السيف، وتقوية تولا.
بناءً على هذا القرار، أوقفت تفكيري وأرحت ذهني قليلًا.
“يا للأسف هل نمتِ بالفعل؟”
لأنني انشغلت في التفكير وسكتُّ، ثم أغمضت عيني، ظنت تولا أنني غفوت، ولامست ضحكتها الهادئة جبهتي برقة.
لم أكن نائمة حقًّا، لكنني لم أجد ضرورة للكلام، فبقيت عينيّ مغمضتين وفمي مغلقًا، وتركتها تسيء الظن.
على أية حال، تولا ستُبدّل ثيابي وتغطّيني باللحاف كما تفعل دائمًا.
***
جاءت ليانا إلى قصر جاسبر بصحبة مدرّبة التدريب البدني التي ستساعدني في تقوية جسدي.
“ها هي، بلانش هذه هي المدرّبة التي طلبتِها ستقوم بتقويم جسدك حتى تكوني مستعدة لتعلُّم فنون القتال.”
كانت المدرّبة امرأة في منتصف العمر، قد ظهر الشيب في رأسها ربما تكبر الإمبراطورة الأرمله بقليل.
“لقد ساعدتني عندما بدأتُ تعلُّم السيف للمرة الأولى إنها بارعة للغاية، وستكون عونًا كبيرًا لك.”
“صاحبة السمو الأميرة قد بدأت متأخرة بعض الشيء في تعلُّم السيف، لكن ما دامتِ لا تسعين إلى طريق الفروسية الاحترافية، فلا بأس إن بدأنا من الآن، فستتمكنين من حمل السيف فعليًا خلال عام أو عامين .”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات