لمّا لم يعُد الإمبراطور يحتمل لغط المجتمع الأرستقراطي، بحث عن مصدر الشائعات وكان المصدر هو الدوق الأكبر ميلتشزيدك راندولف شقيق بيركن.
قال بيركن: “هل هناك أمر ما، يا ميلكي؟”
كان ميلتشزيدك متمدّدًا على الأريكة، وهزّ رأسه بوجهٍ فاتر
“ولِمَ تظن أن هناك أمرًا ما؟”
لكن العكس كان هو الغريب، إذ لم يفهم بيركن لماذا يتظاهر شقيقه بعدم وجود مشكلة لذا أجاب بصراحة
“منذ عيد ميلاد ليانا، لم تَعُد تلتقي بالأميرة بلانش على الإطلاق.”
تنهد ميلتشزيدك وأغلق الكتاب الذي كان يقرأه
“الناس يحبون الثرثرة، كالعادة.”
“وهل كنتَ تجهل ذلك؟”
قال بيركن وهو يجلس على ذراع الأريكة، وبدأ يمسّد شعر شقيقه فقد كان الأخوان متشابهان جدًا في الشكل، باستثناء ترتيب ملامحهما لذلك، فإن شعر ميلتشزيدك كان من حيث اللون والملمس مطابقًا تمامًا لشعر بيركن.
“هل لا تعجبكِ الأميرة بلانش؟”
أجاب ميلتشزيدك بصوت خافت، بينما استسلم للمسحة على رأسه
“ليس الأمر كذلك.”
“إذًا، لماذا؟”
لكن ميلتشزيدك لزم الصمت فلو كان سيقول ما في نفسه بمجرد أن يُسأل، لما انتظر بيركن حتى يأتي ويسأله بنفسه.
كان ميلتشزيدك ، رغم صغر سنه، يفهم خبايا المجتمع الأرستقراطي فهماً عميقًا، رغم أنه لم يدخل المجتمع رسميًا بعد.
قال بيركن بهدوء “ميلكي، إن لم تكن الأميرة بلانش تروق لك، فلا داعي لبقائها بقربك يمكنني استبدالها متى شئت.”
فمنذ البداية، لم يكن بيركن مهتمًا ببلانش إلا لأجل ميلتشزيدك .
صحيح أن ليانا ولاشيا تهتمان بها الآن، لكن يمكنها أن تبقى محبوبة الإمبراطورة والملكة الأم فحسب وليس من الضروري أن تبقى صديقة لميلتشزيدك لتنال ذلك.
لكن ميلتشزيدك هزّ رأسه وهو مغمض العينين
“ليس هذا هو السبب فقط… حدث أمر أثار مشاعري قليلًا وأردت بعض الوقت للتفكير وحدي الأميرة بلانش لا ذنب لها.”
شهرٌ كامل فترة كافية لتنتشر الأحاديث بين الناس، لكنها كذلك فترة يمكن أن تُنسى بسرعة إذا عاد ميلتشزيدك لمرافقة بلانش سيظن الناس أنها مجرد مشاجرة عابرة بين أطفال.
وكان هذا ما يتمناه ميلتشزيدك من بيركن — أن يعتبر الأمر خلافًا بسيطًا بين الأطفال وينتهي.
لكن بيركن لم يكن ممن يستسلم بسهولة.
“حتى لو لم يكن الخطأ خطأها،”
قال بيركن بصوت ناعم وهو يواصل تمسيد شعر شقيقه — لمسة لا يمنحها سوى لشخصين فقط في هذا العالم —
“فأنت لا يجب أن تتحمل شيئًا يزعجك، يا أخي العزيز.”
فتح ميلتشزيدك عينيه وحدّق في وجه أخيه، الذي كان يقول كلمات رقيقة بصوت يحمل الكثير من القسوة.
فكّر: إن قال الآن إنه لا يرغب بها، فماذا سيحدث للأميرة بلانش؟
لو لم تكن على صلة ميلتشزيدك منذ البداية، لما كانت مشكلة أما الآن، فلو فقدت مكانتها كمرافقة له، فلن يراها نبلاء الإمبراطورية سوى كلعبة لدى ليانا.
والآن، السؤال: هل كانت تصرفات بلانش مزعجة إلى هذا الحد؟
فكر ميلتشزيدك بجدية، ثم توصّل إلى نتيجة.
“حتى بعد التفكير، لا… ما زلت أراها صديقة محبوبة فقط…”
تردد للحظة شعر أن ما سيقوله سخيف، مما أثار كبرياءه.
“أنا من عرض عليها أن أُحضِر لها معلّمًا في المبارزة لكنها طلبت ذلك من زوجة أخي، وهذا ما أزعجني قليلًا لكن، لم أكن أنوي تعليمها بنفسي، ولم يكن لدي مُعلّم محدد أريده لها، فليست مشكلة كبيرة حتى لو تُرك لي القرار، كنت سأختار نفس الشيء لذا فالمسألة تتعلق بمشاعري فقط.”
توقفت يد بيركن فجأة شعر ميلتشزيدك بالإحراج، فغمض عينيه بقوة.
لكن بدلًا من أن يلقى استهزاءً، سمع صوت ضحك.
“إذًا، كنت تغار؟”
فتح ميلتشزيدك عينيه فورًا، وردّ بعصبية
“لم أكن أغار!”
لكن بيركن تجاهل ردّه وقال مبتسمًا
“هاها، كنتُ أظن أن تواصلكما سطحي بعض الشيء، لكن يبدو أنكما أصبحتما مقرّبين فعلًا؟ لقد أحسنت الاختيار إذن يبدو أنني أملك نظرة صائبة.”
لم يذكر ميلتشزيدك أخاه بأنه لم يكن يعرف بلانش أصلًا قبل أن تخبره ليانا عنها.
فثمة أمر أكثر إلحاحًا الآن.
“قلت لك، ليست غيرة ليست بيني وبين الأميرة بلانش علاقة تستدعي الغيرة.”
“حسنًا، حسنًا، كما تقول.”
“لا، ليس كما أقول، بل—”
كان ينوي أن يقول إنه ليس كحبهما العميق منذ كانا في الخامسة من العمر، مثل بيركن وليانا، لكن تغيّر تعبير بيركن جعله يغير رأيه.
“ما أقصده هو أن الأميرة بلانش تعرف جيدًا موقعها قد تحب زوجتك أكثر، لكن ليس لدرجة أن تنسى أن أولويتها هو أنا إنها ليست حمقاء إلى هذا الحد تعلم جيدًا أنني مركزها الأول، فكيف أغار؟”
أن تكون محبوبة من قبل ليانا أو لاشيا أمر ثانوي.
الذي يصنع من بلانش نجمة المجتمع الأرستقراطي القادمة هو قربها من ميلتشزيدك
لذلك، بلانش ستحرص دائمًا على وضع ميلتشزيدك أولًا.
ولو طلب منها التوقف عن تلقي دروس من ليانا، فستطيع.
يعلم ذلك تمامًا، فبأي منطق يشعر بالغيرة؟ مستحيل.
لكن بيركن أجاب “الغيرة لا تعني فقط الخوف من فقدان المركز الأول أحيانًا نخشى أن يقل نصيبنا من اهتمام شخص ما وهذا أيضًا نوع من الغيرة، يا ميلكي.”
“……فلنقل إن الأمر كذلك، جدلًا.”
فقد أدرك ميلتشزيدك أن أي شيء سيقوله الآن سيُعتبر عناد طفل.
ولم يعد هناك من يريد أن يشرح له سوء الفهم.
“إذًا، اذهب وأخبرها.”
“أخبرها بماذا؟ إنها مجرد مشاعر شخصية.”
“ألم تقل إن بلانش تعرف موقعها جيدًا؟ إذًا، لو شعرت بأنك منزعج منها ولكنك لم تخبرها السبب، فكيف ستشعر؟ ما الأفضل لطفلة في السادسة من عمرها تعرف موقعها جيدًا؟ أن تُترك في الظلام أم أن تُخبر بالحقيقة؟”
صمت ميلتشزيدك وفكر.
وكان كلام بيركن منطقيًا.
في ذلك اليوم، كانت بلانش قد شعرت فعلًا بأنه منزعج منها وها قد مرّ شهر منذ قال لها ألا تشغل بالها.
ورغم نضجها، فهي لا تزال طفلة، ولا بد أنها قلقة.
“حسنًا، سأخبرها لكن ليس لأنني أريد منها شيئًا فقط لأني أظن أن معرفتها بالحقيقة ستجعلها ترتاح أكثر.”
ثم أضاف بسرعة، مدركًا لطبيعة أخيه
“سأتحدث إليها بنفسي. لذا، لا تضع عليها ضغطًا إضافيًا، مفهوم؟”
“بالطبع.”
قال بيركن مبتسمًا ابتسامة لا توحي بأي مصداقية.
“سألقي بالكلمة على ليانا فقط هذا لا بأس به، أليس كذلك؟”
لم تكن الإجابة مرضية، لكنها أفضل المتاح.
فليانا لن تتصرف قبل أن تعرف القرار النهائي، ولن تضغط على بلانش قبل الأوان.
“حسنًا، فلنفعل ذلك.”
تحرك ميلتشزيدك نحو بلانش ، وتحرك بيركن نحو ليانا.
وهكذا توصّل الشقيقان إلى اتفاق، وانطلق كلٌّ منهما في طريقه.
***
كان ميلتشزيدك في الأصل يعتزم الذهاب للقاء بلانش مباشرة.
لكنّه بعد تفكير تراجع عن الفكرة، إذ مضى شهر كامل دون أن يزورها، ومن الطبيعي أن بلانش اعتقدت أنّه لن يأتي ورتّبت جدولها وفق ذلك لذا، قد تكون الآن في لقاء مع شخصٍ ما.
لذلك وضع ميلتشزيدك رسالة في قصر جاسبر، يطلب فيها منها أن تأتي إليه وقتما استطاعت ومع ذلك، وعلى عكس توقعه بأنّه سيرى وجهها ربما غدًا، جاءت بلانش على الفور، وكان ذلك عند الغروب تقريبًا.
“مر زمن طويل لم أراك ، يا سيدي.”
بعد شهر لم يتغير شيء كبير، كانت بلانش كما في آخر صورة في ذاكرته: صغيرة الحجم، جميلة كالدمية، وبلا أي تعبير عاطفي واضح شعر بالارتياح لأنه لم تبدُ متألمة كما كان يخشى.
“نعم، مضى وقت طويل هل كنتِ بخير؟”
“بفضل اهتمامك ، كنت بخير.”
“هذا مطمئن.”
كما كان الحال حين تحدث مع بيركن، شعر ميلتشزيدك بالحرج حين حاول التعبير عن شعوره غير المفهوم بالكلام، فكان فمه يجف من شدّة التوتر.
لكنه شعر أنّه من الضروري تقديم تفسيرٍ ولو قليل بعد أن تركها دون أي حديث طوال شهر كامل فأخذ رشفة من كأسه وفتح فمه بالكلام.
“هل تتذكرين آخر حديث بيننا قبل شهر؟”
“أتذكر كل حديث بيننا، مهما كان الوقت، يا سيدي.”
ضحك ميلتشزيدك دون وعي عند ردّ بلانش الفوري.
لو قالت ذلك بمكرٍ أو تدّعي، لكان أمرًا عاديًا، لكنّها قالت ذلك بوجهٍ جاد، وكان في ذلك شيء ممتع بالنسبة له.
“حسنًا، حينها تلعثمت في كلامي، وبعد أن طال وقت ترتيب أفكاري شعرت أنّه من الضروري أن أشرح، لذا دعوتك.”
جلست بلانش مستمعةً له بوجهٍ جادٍ هادئ كما اعتادت.
وابتلع ميلتشزيدك ريقه وقال بصراحة
“لا أحبّ أن تعتمدي على أختي.”
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 41"