“بعد وفاة ريكليف، أصبحت الورشة تُدار على يد ابنته وتلاميذه، صحيح أن الأسلحة التي تصنعها ورشة ريكليف لا تزال مذهلة، لكن لا شيء يُضاهي التحف التي صمّمها ريكليف بنفسه، هذا المسدس تحديدًا، هو واحد من آخر الروائع التي صنعها في أواخر حياته، واضعًا اسمه كحرفي على المحك.”
“يُطلق على هذه السلسلة اسم إرث ريكليف، ولهذا السبب يحمل هذا المسدس الترقيم “النموذج رقم 11 من إرث ريكليف.”
“إنه تحفة صنعت خصيصًا لهواة الجمع ممن يعرفون قيمته جيدًا، والدك يملك النسخ رقم 3 و5 و8 و11 و16 من هذه السلسلة!”
“أبي…”
“ليلي، المسدس رقم 11 الذي اخترتِه، هو الأشهر بين السلسلة بتصميمه الأنيق ونقوشه الرائعة، يُقال إنه يشبه سيدة نبيلة ترتدي فستانًا فضيًا، ولهذا سُمي بـ سيلفرغريس إيّ ‘نعمة الفضة’ يحتوي على أسطوانة سداسية الطلقات، وسبطانته مصنوعة بالكامل من الميثريل، ذلك المعدن المعروف بين الأقزام باسم كنزهم المدفون.”
“لهذا السبب، يُعد هذا المسدس الأخف وزنًا بين كل قطع إرث ريكليف، لدرجة أنكِ تشعرين وكأنك تمسكين بمروحة لا بمسدس! وفوق ذلك، حتى ضغط الزناد…”
“أبي!!”
بصعوبة، تمكن ليونهارت من مقاطعة حديث الدوق الذي بدا بلا نهاية.
“إلى متى ستستمر في الشرح؟ هذه التفاصيل ليست ضرورية حتى.”
“هممم… صحيح. آه، آه.”
أدرك الدوق فجأة مدى حماسه، فصحّح نفسه بسعال خفيف ووجه احمرّ قليلاً، تنفّس ليونهارت بعمق، ونظر إلى ريتا باعتذار صامت.
“ريتا، افهمي الأمر، أبي لا يستطيع كبح نفسه عندما يبدأ الحديث عن الأسلحة…”
لكن وجه شقيقتهم لم يكن مصابًا بالارتباك كما توقع، بل كانت عيناها تتلألأ بلمعة غريبة.
“تنحّ جانبًا ليون أوبّا، أبي، إذن ما المختلف في ضغط زناد سيلفرغريس؟”
“أوه، أووووه…! كما هو متوقع من ابنتي! هاهاها! انظري هنا، انظري جيدًا إلى هذا الزناد! بما أنه من النماذج الأخيرة في إرث ريكليف، فقد طُبّقت فيه أحدث التقنيات آنذاك، التقنية التي كانت بالكاد قد بدأت بالظهور… حتى انحناءة الزناد صُممت بعناية لتناسب الإحساس الدقيق عند طرف الإصبع، بأناقة تامة…”
بدأ الأب وابنته يتأملان المسدس الفضي الصغير سويًا، رأساهما متقاربان وهما يتبادلان الحديث بحماسة ومرح.
كان ليونهارت يراقب هذا المشهد بإحباط، وإلى جانبه، رفع ريهارت كتفيه بلا مبالاة وقال:
“الآن فهمت لماذا أنا وأخي لم نُبدِ اهتمامًا بالأسلحة… ريتا ورثت كل هذا الذوق الغريب لوحدها، لم تترك لنا شيء.”
“…الآن بعد أن أفكر بالأمر، ريتا كانت مهتمة بمسدس أبيها منذ أن كانت صغيرة جدًا.”
“أجل، أذكر ذلك، ولأنها أبدت اهتمامًا، أعطاها والدي المسدس وهي لا تزال في الرابعة! كادت أمي أن تفقد وعيها وقتها، أظن أنهما كادا ينفصلان، أليس كذلك؟”
“هاها…”
اكتفى ليونهارت بضحكة فارغة.
رغم أن المشهد كان محرجًا بعدة نواحٍ، إلا أن رؤية الأب وابنته الصغيرة منسجمَين وسعيدَين معًا، كان مشهدًا جميلاً بحق.
استغرق الحديث الحماسي بين الأب وابنته وقتًا طويلاً، حتى انتهى أخيرًا.
أعادت ريتا مسدس سيلفرغريس إلى جرابه الجانبي بحركة هادئة.
نظر إليها الدوق بعينين مفعمتين بالرضا، ثم فجأة، تنهد من أعماقه وكأن شيئًا أثقل قلبه.
“ليلي… بالنسبة لي، كان سيلفرغريس مجرد تحفة توضع في الخزانة لأتأمل جمالها من بعيد.”
“لكن حين تكون في يدك… تتحوّل إلى سلاح مذهل، يفوق الوصف.”
“هل تفضّل أن تبقى تحفة فنية؟”
“لا، مهما كان المسدس فنّيًا فهو في النهاية سلاح، أليس من الأفضل أن يُستخدم سيلفرغريس حسب غرضه الطبيعي؟ أشعر أنها سعيدة لأنّها وجدت أخيرًا مالكًا مناسبًا لها فقط…”
أظهر الدوق ابتسامة مُرّة.
“فقط أنني بدأت أدرك حقًا أنكِ… نشأتِ وأنتِ تحاربين الوحوش.”
ثم أضاف.
“وأيضًا فهمتِ أن لا حاجة لأي مُرشد أو ما يشبهه، وأن الحيوانات البرية ليست خطرًا عليكِ…”
“…هل يعني هذا أنه بإمكاني الآن الصيد بمفردي؟ لقد اشتقت لأستخدام المسدس بحرية بعد فترة طويلة.”
“بالطبع، ولكن كوني حذرة.”
“نعم.”
ابتسمت ريتا قليلًا، ثم خطت نحو الغابة، وشعرها الأشقر مربوط بخيط، يتمايل مع خطواتها، لحظة اقترابها من الأختفاء بين الأشجار، أشار ليونهارت بعينه، فتبعه ريهارت بسرعة.
حتى ولو اختفت، لا يمكن السماح لشقيقتهم الصغرى بالذهاب وحيدة بعد عودتها من الغياب، ريتا فهمت سبب تبعه، فلم تعترض، لكنها سألت فجأة.
“بالمناسبة، هل اكتشفتم لماذا ظهر الوايفرن في المدينة فجأة؟”
“لا، نعلم فقط أنه كان يعيش في الغابة السوداء، ربما تسلل عبر ثغرات الحراسة، فقمت بتقوية الطاقم الأمني.”
ريتا، التي نشأت في بيئة تتعرض لهجمات الوحوش، اكتفت بذلك، وسحبت مسدسها وأطلقت طلقة واحدة على جانب، ثم أعادت المسدس إلى الحافظة، ريهارت، مذهولًا، سأل:
“على ماذا أطلقتِ؟”
“ثعلب.”
تابعت ريتا آثار الطلقة في الأدغال، وبعد فترة ظهرت جثة الثعلب، فهتف ريهارت مذهولًا.
“كيف…؟ لم أستطع حتى استشعار ذلك…”
حاولت ريتا رفع جثة الثعلب، ثم توقفت ونظرت إلى ريهارت.
“ساعدني في رفعه.”
“أوه؟”
“لأنه ثقيل.”
نظر ريهارت إلى ذراعها النحيلة، فابتسم بخفة.
“حقًا، سيكون ثقيلاً عليك، لكن لا بأس، سيأتي الصيادون ليجمعوه.”
أخرج شريطًا أصفر من جيبه، وعلّقه على غصن قرب جثة الثعلب كعلامة، بعد لحظة، قالت ريتا.
“ريهي أوبّا…”
“نعم.”
“أريد أن أتدرب على تحسين لياقتي، هل تساعدني؟”
في الحقيقة، لم تكن بحاجة للمساعدة.
لقد تدربت من قبل في ميدان القتال، وعرفت طرق التدريب البسيطة من خبرتها في الجيش.
علاوة على ذلك، كان بيكون مسؤولاً عن تدريب المتدربين الجدد في فترة قبول أبناء باسكال، لذا فَهي تعرف طريقة التدريب جيدًا.
ولكن إذا تدربت مع ريهارت، فالأفضل أن يتم الأمر بهذه الطريقة.
‘الزملاء القدامى يعرفون جيدًا إنجازاتي… لكن بالنسبة لريهي أوبا، أنا مجرد أخت صغيرة، بغض النظر عن مدى إيمانهم بكلامي، لن يدرك الأمر تمامًا.’
رغم أنني عرضت فن استخدام المسدس للتو، إلا أن الرماية تعد مجالًا مختلفًا قليلًا عن فنون القتال العادية، رأيت من قبل كثيرًا كيف يشكك من تدربوا على القتال القريب في قوتي أو يرفضون التعلم مني.
‘لكن بمجرد أن أواجههم وجهًا لوجه وأهزمهم، فقط حينها يصبحون مطيعين.’
لذا التدريب مع ريهارت سيكون أفضل، لأنه سيعطيها فرصة لتقييم قدراتها بنفسه، إذ ربما لا يصدق مدى قوتها من مجرد حديثها.
ما عدا ربط الشريط كعلامة، لم يكن هناك شيء آخر.
“مالذي حصل مع حدود نطاق الأستشعار بالضبط…؟ حتى لو كانت تقنية اكتسبتها من عالم آخر، هذا غير منطقي إطلاقًا…”
ثم فجأة، توقفت ريتا عن المشي وعبست حاجبيها.
“……..”
“ما الأمر؟”
لكنها لم تُجب على سؤال ريهارت، بل غيرت اتجاهها بصمت، وسرعان ما أدرك ريهارت سبب عبوسها.
انتشر رائحة عفنة.
“يا للهول”
كانت جثة ممزقة لرجل، قديمة وممزقة بشكل بشع، الأطراف مبتورة جزئيًا والأمعاء مكشوفة، والديدان تغلي في الدم اليابس.
حتى ريهارت، المعتاد على رؤية الجثث بصفتة فارسًا، وجد الأمر صادمًا.
حاول إخفاء نظره، لكنه وجد ريتا جاثمة بلا تعبير بجانب الجثة.
“بحالة الديدان، يبدو أنه مات منذ ثلاثة أو أربعة أيام، رجل في الأربعين، على ما يبدو صائد…”
“ري… ريتا؟”
“نعم؟”
“هل أنت بخير؟”
“«بخير، ماذا هناك؟”
“أن… أن تكوني بخير بعد رؤية… هكذا…”
ابتسمت ريتا بخفة، وكأن الأمر طبيعي.
“رأيت أسوأ من هذا، أنت تعرف بما كنت أفعله.”
صمت ريهارت، مدركًا أن المشاهدة الواقعية تختلف عن مجرد الاستماع.
‘الحرب… تجعل المرء معتادًا على رؤية مثل هذه الجثث؟’
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 38"