أطلقت النار على جيّد، الذي انخفض على الفور غريزيًا وأغلق الباب.
ارتطمت الطلقة بالباب الحديدي للغرفة للقبو كما توقعت.
في الوقت نفسه، قامت بمعالجة الهالة حول النجم الذي في يدها، محوّلة كل الطاقة إلى شيء يشبه البارود.
تغيرت القوة الغريبة كما أرادت.
وكان الأمر أسهل مما توقعت.
اهتزت يدها بِفعل القوة الهائلة.
بدأت أصابعها تتمزق وتتفجر، لكنها شعرت بالرضا.
بهذه القوة، ستموت كل الوحوش في السطح، بينما سيبقى أعضاء الفرقة في الغرفة القبو أحياء.
“حتى لو لم يصل النجم إلى الشمس، سيبقى الجميع على قيد الحياة.”
وجهت يدها النازفة نحو الشمس المحترقة والمغطاة بالرماد، والهالة المضيئة تحوم حولها كالراية.
النجم كرصاصة، الهالة كالبارود، وأودها زناد، وجسدها البندقية.
ستكون قوة الارتداد هائلة، قادرة على اجتياح المنطقة بالكامل.
رأت جيد يغلق الباب للحظة لِيَصد الرصاص ثم يفتحه مرة اخرى على الفور.
“توقفي! تبا، لا تفعلي ذلك!”
سمعت صرخته المليئة باليأس، لكنها أطلقت النار قبل أن يُفتح الباب بالكامل، قبل أن يفوت الأوان، نحو الشمس.
“ريتا!”
كانت تلك آخر صورة له، وجه يائس ومضطرب، ثم انفجر الضوء فجأة.
غطت النيران كل الرؤية، احترقت كل الوحوش من حولي ، شعرت كأن أطرافي تُمزق.
ارتفع النجم نحو السماء، متجهًا نحو الشمس المليئة بالرماد.
“لقد نجحت.”
كان ذلك حدسها الأخير، وشعرت بالفرحة.
كانت تلك آخر ذكرياتي.
***
عندما فتحت عينيها مرة أخرى، وجدت نفسها غارقة في بحيرة بجسد غريب، عائدة إلى جسد ليليتا، وعالمها.
لم تخبرهم ريتا عن كل ما عاشته، اقتصرت على تلخيص الأحداث، مع تجنب التفاصيل الشخصية، لكن 12 سنة من الأحداث جعلت القصة طويلة جدًا.
“أتمنى أن يكون الجميع بخير.”
استحضرت اللحظات الأخيرة، وكانت قلقة على زملائها، رغم اعتقادها أنهم نجوا، فلم ترَ النتيجة بعينيها.
حتى لو لم يصل النجم إلى الشمس، فقد قتلت الانفجارات الوحوش بالتأكيد، وعاد الجميع سالمين إلى خط الدفاع الأخير.
ربما أصبح فريق بيكون رمز الأمل، ينذر بنهاية الحرب، وربما يعمل البشر على جمع النجم وإنهاء الحرب.
“حتى لو لم أرَ ذلك… أنا محظوظة بعودتي إلى هذا العالم، إلى وطني.”
ربما لن تلتقي بزملائها مرة أخرى، لكنها تمنّت لو جاءوا جميعًا إلى هنا.
تخيلت كيف سيكون شعورهم.
أُولي سَتستمع بكل الكتب المنتشرة.
سيرا ستُعجب بالملابس والإكسسوارات.
إيس سيغرق في مراقبة الزهور.
لوكا سينشغل بالطعام.
إيثان، ربما سيحب النجوم في السماء.
“وجيد…”
تذكرت الحديث عن وصفات الحلوى القديمة، وابتسمت.
“انظري إلى هذا يا ريتا إنه كتاب طبخ قديم! كل ما فيه يتعلق بالحلويات.”
“ما الفائدة من النظر إلى هذا؟ إنه يزيدني جوعًا.”
“إذا بذلنا جهدًا، فقد نتمكن من تقليد بعضها يومًا ما أيّها يبدو ألذّ برأيك؟”
“هذا؟ أتساءل ما طعمه.”
“شُو كريم؟” (كعكة بالكريمة)
“يبدو كالبسكويت، لكنه طري وحلو كما يقولون ، لكن البسكويت يكسر الاسنان.”
“هذا صحيح.”
“لماذا مزقتَ تلك الصفحة؟”
“سأحاول صنعه يومًا ما عندما أحصل على المكونات.”
…كان مهتمًا بشكل غريب بالحلوى.
لو أتى جيد إلى هذا العالم المليء بالوفرة، قد يتعلم صنع الحلويات فعلًا.
“واو، لا أستطيع تخيله أبدًا… جيد يصنع الحلوى؟”
…ومع ذلك، أود أن أراه يفعل ذلك.
“…..”
جيد، أولي، سيرا، إيس ، إيثان، والأصغر في الفريق لوكا…
أولئك الذين قاتلوا وظهورهم متلاصقة، والذين ناموا وكتفهم يلامس كتفها.
أولئك الذين كانوا معها، كما لو كانوا أنفاسًا تتقاسمها، حتى وسط الدماء والطين.
…لكن، حتى لو لم أتمكن من رؤيتهم مجددًا، لا بأس.
فالموت هناك لا يعني بالضرورة أنهم سيعودون إلى هنا مثلي…
أن يكونوا بخير في ذلك العالم هو أفضل بكثير.
لابد أن الجميع قد نجا، وهم الآن يكتبون تاريخًا جديدًا…
ريتا قررت أن تصدّق ذلك.
لأنها، إن لم تصدّق، فلن تتمكن من الحفاظ على سلامة عقلها.
وضعت فنجان القهوة الفارغ عند قدميها،
ثم نظرت إلى عائلتها الجالسة معها في غرفة المعيشة.
الدوقة كانت شبه مغشي عليها.
الدوق صامت، مستند على ذقنه.
ليونهارت تجمّد في مكانه وقد أصبح وجهه شاحبًا كأنه فقد كل دماءه
ريهارت يحاول السيطرة على عينيه المرتجفتين، وتلعثم في الكلام.
“إذن، ليلي… أنت بدأت التدريب في العالم الآخر بعمر 10، والتحقت بالجيش بعمر 12، وعشت تلك الأحداث الرهيبة، قاتلت الوحوش طوال الحرب والخراب، وفجرت نفسك في سن 22… ثم عدت إلى هنا؟”
“نعم، لقد لخصت الأمر جيدًا، ريهارت أوبا.”
“يا للهول!”
أطلق ريهارت شتيمة قاسية وهو يمرّر يده بعنف بين خصلات شعره.
بدأ يتمتم بكلمات مثل…”مجانين… حمقى… هل كانوا يريدون قتلها؟” دون وعي، غارقًا في الصدمة.
نظرت ريتا لعائلتها، ولاحظت دهشتهم الشديدة.
من الطبيعي أن يتفاجئوا، بالنسبة لي،
حياتي في ذلك العالم كانت عادية، لكن هنا كانت حياة لا يمكن تخيلها.”
حتى الجنود الأحرار أو المرتزقة لن يعيشوا مثلما عاشت.
عاشت حياتين: عالم مليء بالموت والوحوش، وعالم هادئ حيث يعتبر الموت حدثًا كبيرًا.
ذكرياتها المأساوية كـ باسكال حيث خانها أهلها، وموتها المفزع، وكل شيء اختلطت مع ذكريات ليلي، الطفلة التي نشأت هنا محاطة بالحب… كلها كانت تتصادم داخل رأسها.
لكنها لم تُظهر شيئًا مما كان يدور في أعماقها. وبهدوء، فتحت فمها وبدأت بالكلام.
“أليس هذا غريبًا؟”
“ماهو الغريب؟”
سألها ليونهات ووجهه بلا دماء، شاحب تمامًا.
ليليتا، ريتا ارتسمت على وجهها ابتسامة مريرة.
“أنا.”
“ماذا تعنين؟”
“أنا لم أعد ليلي التي كنتَ تعرفها.”
انكمش وجه ليونهارت وكأنه تألم من كلماتها. وقبل أن يتمكن من الرد، سارعت ريتا بالكلام.
“لكن هذه هي أنا الآن، كنتُ ليلي من قصر شجرة البتولا ، لكنني أيضًا ريتا باسكال من فرقة بيكون، ولا يمكنني أن أنكر السنوات التي عشتها كريتا…بل، لا أريد أن أنكرها.”
أخفضت عينيها، تتجنب النظر إلى وجوه أفراد عائلتها، وبدلًا من ذلك، حدّقت في كوب القهوة الفارغ الذي لطخته بقع قديمة.
ثم واصلت الحديث..
“حتى لو كان الأمر غريبًا وغير مألوف… لا يمكنني تغييره، لقد مرّت عشر سنوات… ولا يمكنني التصرّف وكأن شيئًا لم يحدث.”
“ما أعنيه هو… أن ليلي تلك، من ذلك الزمن، لا يمكن أن تعود كما كانت.”
لقد أخبَرتهم كم عدد الأشخاص الذين قَتلتهم،
وفي أي ظروف مروعة كانت تعيش.
ما كان يومًا جزءًا طبيعيًا من حياة ريتا، بدا غريبًا تمامًا من منظور ليلي.
وبالطبع، لا بد أن الأمر بدا كذلك أيضًا لعائلتها.
عالمٌ كان فيه الموت والاختفاء أمرًا معتادًا لدرجة أنه لا يُعد مشكلة،
مقابل عالمٍ يُعد فيه موت شخص واحد حدثًا جللًا.
عالمٌ يأكل فيه الناس بعضهم بعضًا للبقاء،
وعالمٌ يُربّى فيه الماشية لتُؤكل.
وحتى في ذلك العالم القاسي، كانت تُنبذ وتُعامل كوحش،
فكيف يمكن أن يُنظر إليها هنا؟
من الطبيعي أن يُشعرهم هذا بالغربة.
ومن الطبيعي أيضًا ألا يعاملوني كما كانوا يعاملون ليلي سابقًا…
أنا لم أعد تلك الفتاة.
فكيف يمكن أن أتوقع أن يحبوني كما أحبوها؟
بدأت ريتا تتخيل كيف سيتعامل أفراد عائلتها معها من الآن فصاعدًا.
ربما سيشعرون بالارتباك… أو سيبقون على مسافة منها.
ربما ستبدو لهم غريبة.
ولكن لو لم يستخدموها كسلاح أو يخونوها ويتخلوا عنها،
فهذا بحد ذاته يكفي.
لحسن الحظ، هي تعرف أن عائلتها ليسوا من هذا النوع.
لن يخونوها.
…لكن، وإن حدث ذلك حتى وإن خذلوها، فستكون بخير.
من البداية، لم تكن تتوقع أن تستعيدهم.
ولن تُصاب بخيبة أمل.
لقد تعلمت، مرارًا وتكرارًا، كم هو حُمق أن تثق بالبشر…
وأن تتوقع شيئًا منهم.
لذا، واصلت تهدئة نفسها حتى لا تنهار.
وفي تلك اللحظة…
“ليليتا.”
أخيرًا، نطق الدوق باسمها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 30"