الحلقة الثالثة.
“ما هذا؟! متى جئت؟!”
انتفضت ريتا، وقد ارتسمت الدهشة على وجهها، وهي تهمّ بالنهوض، عيناها تتوهجان بغضب، ومدّت يدها بسرعة نحو السلاح الذي انتُزع منها.
“أعد إليّ مسدسي!”
ثم رمقته بنظرة حادة وأضافت بسخرية لاذعة:
“منذ متى أصبحتَ تتقن فن التسلل كإيثان؟ لا أنت تملك قدراته، ولا مهاراته، ومع ذلك تظهر دومًا كالشبح بلا صوت ولا أثر!”
أما هو، فقد عبس بقوة، حتى بدت حاجباه المرسومان كما لو أن يدًا خبيرة خطّتهما وكأنهما انطبقا فوق عينيه.
حدّق بالمرأة التي ترتدي نظارة، عاقدًا ساعديه بجمود.
تلك المرأة، أشارت بذقنها نحو ريتا قائلة بنبرة باردة:
“لو لم أوقفه، كان سيفجر جسدها بدلًا من هذا السلاح، أفلا يكون من الأفضل أن أرفع القيود بدل أن نحصي أشلاءها لاحقًا؟ الى جانب ذلك الطبيبة سيرا التي فحصتكِ بنفسها قالت الشيء ذاته.”
صمت ثقيل خيّم، ثم تنفّس الرجل بعمق وزفر زفرة طويلة أثقلت الأجواء، أعاد إليها سلاحها، لكن صوته كان مشوبًا بظل كآبة وهو يتمتم:
“ريتا… أتعلمين؟ كلما هاجت أعصابك وانفجرتِ كما تفعلين، أشعر وكأن عمري يُنتزع مني قطعة قطعة.”
“من فضلك، كُفي عن تعريض نفسك للخطر هكذا.”
ارتفع حاجبا ريتا، وشهقت بتهكّم، فشفتاها انفرجتا بابتسامة ساخرة، وقالت:
“ومن يتكلم؟! ألم تقتحم أنت بنفسك الحواجز وكدت تودي بحياتك، لولا أني كنت هناك وأنقذتك؟!”
ردّ عليها بنبرة حاول أن يُخفي فيها ارتباكه، لكنه فشل، فخرج صوته جافًا:
“ذاك… كان اختراقًا استراتيجيًا، وليس تهورًا كما تفعلين.”
فاقتربت منه بخطى خفيفة، لكن عينيها كانتا تتقدان بوميض متحدٍّ:
“آه، إذًا، قائد العملية الجريئة، السيد جيد باسكال… أخبرني، لو لم أكن أنا هناك، هل كان سيخرج حيًا من تلك المعركة، أم كان سيُدفن مع خططه العبقرية؟”
غرزت المسدس في الحزام عند خاصرتها بحركة خفيفة، بينما كانت تبتسم بخفة، كمن يداعب خصمًا مألوفًا.
جاي، الذي كاد يطحن أسنانه من الغيظ زمجر معترفًا:
“تبًا… نعم، كنتِ السبب في نجاتي وقتها.”
ضحكت ريتا ضحكة قصيرة، ثم لوّحت بيدها كأنها تصد عنه عبثًا:
“إذن، بدلاً من القلق عليّ، ركّز على وضع خطة محكمة، هيا، لا وقت لدينا.”
جذبت ذراعه برفق، تبتعد به عن بقية الرجال الذين يُدعون باسكال، كأنها تستعيد سيطرة خفية على الموقف.
وهما يشقّان طريقهما نحو البرج الوحيد الذي بقي سليمًا في هذا الحطام الكئيب، خفّضت ريتا صوتها وسألته، وعيناها تلمعان بترقّب:
“هل عاد إيس من مهمة الاستطلاع؟”
أومأ جيد بثقل:
“عاد منذ قليل… ولهذا جئت أبحث عنك.”
أخذت ريتا نفسًا حابسًا، ثم نظرت إليه جانبًا وسألت بنبرة حذرة:
“هل الأخبار طيّبة… أم سيئة؟”
لم يُجب بكلمات، بل رفع ثلاث أصابع بصمت.
ارتجف فمها بابتسامة مرّة، كمن تذوّق مرارة قبل أن يُنطق بحقيقتها:
“ثلاثة أخبار سيئة دفعة واحدة؟ اللعنة… ما هي؟”
قال بهدوء، وقد فتح لها باب البرج كما يفعل النبلاء، بإيماءة تُخفي وراءها جديّة قاتمة:
“سنتحدث في الداخل، فهذه أمور يصعب مناقشتها مع أي شخص غيرك، أحتاج رأيك، ريتا.”
رفعت حاجبها بمرح مصطنع، وكأنها تحاول أن تخفف من وطأة القلق المتراكم:
“يا لقائدنا العزيز، أما زلت تعتمد عليّ بهذا الشكل؟ ماذا ستفعل لو لم أكن هنا؟”
توقّف جيد برهة، ثم ابتسم ابتسامة باهتة وهو يتمتم كمن يُلقي بحقيقة لا تقبل الجدل:
“أما زلتِ لا تدركين، ريتا؟”
ثم أضاف، وصوته هذه المرة كان ألين، وأقرب للاعتراف:
“لن أستطيع العيش من دونك.”
***
“رأيتُ في منامي حلم، كان ذلك اليوم الذي متُّ فيه.”
فتحت ريتا عينيها.
وفي اللحظة ذاتها التي استيقظت فيها من الحلم، انتفضت واقفة، جسدها كله متوتر، مستنفر كما لو أن خطرًا يترصّدها.
نظرت حولها، لم يكن هناك أي أثر للأصوات المألوفة لرفاقها.
لا همسات، لا حركات… لا شيء.
مكان غريب، والأكثر غرابة هو أنها نامت فيه بهذا القدر من الراحة، لم تصدق نفسها.
تحسست خاصرتها بحذر، وعيناها تتلفتان بحذر، تستطلعان كل زاوية.
لكن، المسدس السحري، الذي كان دومًا مخبأ بخاصرتها ، لم يكن هناك.
ما شعرت بهِ بأصابعها كان شيئًا آخر… خصلة ناعمة، طويلة، انزلقت بين أناملها.
رفعتها أمام عينيها، تتفحصها بدهشة.
خصلات الشعر تلك، التي تلمع تحت خيوط الشمس المتسللة من النافذة، تألقت كالذهب المصفى، كأنها نسيج من خيوط الحرير.
لكن هذا اللون… لم يكن ذاك اللون البني المحمر، الذي اعتادت عليه طوال حياتها
كان ذهبًا صافيًا، بوهج يبعث على الذهول.
“هذا ليس جسدي.”
قالتها في داخلها، كمن يُقر بحقيقة مرعبة.
بقيت في حالة تأهب، وهي تنزلق من على السرير بهدوء.
السرير… يا للغرابة، كم بدا وثيرًا! لم تعتد ريتا على شيء كهذا؛ فهي التي قضت عمرها تنام على أرض من التراب، أو ما هو أسوأ من التراب.
كان ملمس هذا السرير ناعمًا بشكل غريب، كأنه يغوص تحت ثقل جسدها.
شعرت بجسدها ينجذب إلى النافذة، حيث تسللت أشعة الصباح.
ما رأته هناك أسكت أنفاسها للحظة.
حديقة مُعتنى بها بعناية، تفيض بالأزهار المتفتحة.
وراء السور المغطى بعروق وردية، تمايلت أشجار البتولا البيضاء، وقد اكتست بأوراق خضراء فاتحة، كأنها تتراقص تحت الضوء.
كان مشهدًا لم تعرفه إلا من خلال الصور؛ فتاة نشأت في عالم رمادي، بالكاد ترى فيه نبتة صغيرة تنمو، والآن، أمامها تجلّى ربيع كامل، حي ونابض.
ولم يتوقف الأمر عند هذا…
فعلى امتداد الأفق، انبسطت سماء صافية زرقاء كالصفاء ذاته.
لا غبار، لا عتمة، ولا تلك الغيوم الكئيبة التي اعتادت أن تحجب الشمس.
“سماء بهذا الصفاء؟”
همست ريتا لنفسها، مشدوهة.
فتحت النافذة، وكأن قوة خفية دفعتها لذلك.
فاندفع إليها نسيم عليل، تفوح منه رائحة الأزهار، نافذًا إلى أعماق صدرها، يطرد كل ما اعتادته من هواء خانق وثقيل.
وصوت العصافير، ذلك الغناء البهيج، انغرس في أذنيها كخنجر من الذكريات المنسية.
وفجأة، رأت الشمس…
ليست تلك الشمس الكئيبة، التي بالكاد تلمحها خلف ستار الغبار، بل شمس حقيقية، مشرقة، تبهر العين من شدّة وهجها.
وهنا، ضربها الإدراك كصفعة قاسية على مؤخرة رأسها.
“ما رأيته بالأمس لم يكن وهمًا… هذه ليست الأرض التي عشتُ فيها، هذا عالم آخر تمامًا.”
تدفقت الذكريات إلى سطح وعيها ببطء، كمن يغوص في أعماق ماء بارد ثم يصعد
كانت تظن أنها ماتت…
ثم استيقظت لتجد نفسها تحت الماء. وهناك، قابلت رجلاً، ادعى بلا تردد أنها شقيقته الصغرى، تلك التي اختفت قبل عشر سنوات.
“قلت له بوضوح… أنا لستُ أختك، بل شخص آخر.”
تذكرت نظراته، لم يكن يصدقها، لا كليًا على الأقل.
وكانت الصدمة حين أدار لها ظهره، بلا حذر، وكأنها ليست غريبة عنه.
بالنسبة لريتا، التي نشأت في عالم لا يثق فيه أحد بظلّه، كان هذا التصرف ضربًا من الجنون.
ومع ذلك، قررت أن تمنح الرجل فرصة.
وحين حملها على ظهره، وجدت نفسها تحدق في ما حولها؛ الغابة، أشجار البتولا، والبحيرة التي تلألأت تحت ضوء المغيب…
كل شيء كان جميلًا على نحو موجع، حيًا لدرجة أنها نسيت حذرها، وسمحت لنفسها بالانبهار.
ثم، وصلت إلى ذلك القصر الضخم، كريمي اللون، بزخارفه المبهرة…
وبعد ذلك… لا شيء.. ذاكرة مبتورة.
“فقدت وعيي في هذا المكان الغريب؟”
راحت تسأل نفسها، تستعرض جسدها بعين خبيرة.
“لا، لم أفقد الوعي بفعل ضربة، ولا يبدو أن أحدهم دسّ لي شيئًا، هل… هل يعقل أنني فقط… نمت؟”
نمت هكذا؟ بلا حذر؟ ريتا باسكال، التي لا تنام إلا وسط رفاقها، وسلاحها بجانبها؟
كيف سقطت في نوم عميق، وكأنها طفلة لا تعرف الخطر؟
“حتى ملابسي تغيّرت… هل يعقل أن أحدهم بدّل ثيابي بينما أنا غارقة في نومي، دون أن أشعر بشيء؟”
شعرت بقشعريرة باردة تزحف على طول عمودها الفقري.
“يا إلهي… كم من الساعات قضيتُ غارقة في هذا الضعف؟ بلا أي دفاع؟”
وفي خضم هذا الرعب الذي انتفض في جسدها، دوى صوت طرق خفيف على الباب.
لكن ما صدمها لم يكن الطرق بحد ذاته، بل إدراكها المتأخر.
كيف لم تستشعر اقتراب شخص منها حتى صار قريبًا بما يكفي ليطرق الباب؟
كانت هذه الفكرة وحدها كفيلة بأن تجمد الدم في عروقها.
“حواسي تبلدت… هل لأن هذا الجسد ليس جسدي؟”
جسدها الآن كان ضعيفًا، لم يخضع لأي تدريب، لا يمتلك القوة ولا الحساسية التي عاشت تعتمد عليهما.
حتى طاقتها الداخلية، الأود، التي لطالما استدعتها كما يتنفس الإنسان، لم تشعر بوجودها على الإطلاق.
كلا، لا يمكن أن تسمح لنفسها بأن تظل بهذا الضعف، في مواجهة مجهول لا تعرف نواياه، حتى لو بدا الخارج هادئًا، والداخل فخمًا ومترفًا على نحو خادع.
لا مجال للثقة هنا، ولا للحظة من الغفلة.
بحثت بعينيها بسرعة عن أي شيء قد يصلح كسلاح.
أي شيء… حتى ولو كان شظية زجاج.
ومن خلف الباب، جاء صوت أنثوي متردد:
“آنسة… هل لم تستيقظي بعد؟ سـ… سأدخل، أرجوكِ عذرًا.”
وحين لم تسمع الخادمة أي رد، فتحت الباب بحذر، تطل إلى الداخل.
لكن ما إن وقع بصرها على السرير الفارغ، حتى اتسعت عيناها رعبًا.
“آه…الآنسة ليليتا… التي عادت بعد عشر سنوات… اختفت مجددًا؟!”
شهقت، وجهها شحب، ثم فتحت فمها لتطلق صرخة تستنجد بالآخرين.
لكن صرختها لم تخرج قط.
“اصمتي.”
همسة باردة، خطيرة، انطلقت خلفها، تزامنت مع شعور بالبرودة الحادة عند عنقها.
كانت قطعة من مرآة مكسورة، تلمع كحد شفرة، تضغط على بشرتها برفق، مهددة بكسر هذا الرفق في أي لحظة.
“تصرخي ، تموتي ، إذا فهمتِ، أومئي برأسك.”
الكلمات خرجت من بين أسنان ريتا، ببرود قاتل.
ارتجفت الخادمة بعنف، وراحت تومئ، والدموع تترقرق في عينيها.
ريتا، بعد أن تيقنت من استسلامها، أبعدت يدها ببطء، وفي تلك اللحظة، وقعت عيناها على خصلات شعر الخادمة.
“بنيّ مائل للحمرة… تمامًا مثل شعري القديم.”
لكن ما أن رفعت عينيها إلى وجه الفتاة، حتى رأت اختلافًا واضحًا؛ الملامح، لون العينين، كل شيء آخر كان مغايرًا.
ضغطت ريتا على الشظية مجددًا، وبدأت التحقيق:
“أين أنا؟”
تلعثمت الخادمة، بالكاد استطاعت إخراج الكلمات من بين شهقاتها:
“فـ… فـ… في قصر دوق لاسكايل، يا آنسة…”
رفعت ريتا حاجبها، عينيها تلمعان بحدة:
“وأين يقع هذا القصر؟”
“مـ… ماذا؟ إنه… إنه في مقاطعة الدوق، في الشمال… ألا… ألا تتذكرين؟”
زمّت ريتا شفتيها ببرود:
“كلا، اشرحي المكان بدقة أكبر.”
بلعت الخادمة ريقها، وبصوت مرتجف راحت تتحدث كالببغاء:
“قصر لاسكايل… يقع في السهول الشمالية، في كورنو، بإمبراطورية كايرام، تحديدًا في قلب مقاطعة الدوق، بجانب نهر هيندر، حيث يحيط به قصر البتولا…”
أسماء، كلها غريبة على أذنها.
كما توقعت، لا شيء في هذا العالم يمت بصلة لعالمها القديم.
ابتلعت ريتا أنفاسها بصعوبة، ثم سألت بصوت منخفض، لكنه لم يخلُ من الحدة:
“وأنتِ… من تكونين؟”
أجابت الخادمة، وهي بالكاد تسيطر على ارتجاف جسدها:
“أنا… أنا هانا، خادمة عائلة الدوق، وقد… كُلفتُ بخدمة الآنسة ليليتا، بدءًا من اليوم…”
ضاقت عينا ريتا، ثم باغتت الفتاة بسؤال آخر:
“هل كنتِ أنتِ من بدّل ملابسي؟”
لم تنتظر الخادمة لتُسأل مرة أخرى، فقد سارعت تجيب، وعيناها تلمعان بالدموع:
“نـ… نعم! لقد… لقد أمروني بذلك، يا آنسة…!”
ريتا شدّت على قبضة يدها، بينما لمست بأصابعها أطراف الثوب الفضفاض، الطويل، الذي كان يجرّ على الأرض.
لم يكن هذا هو زيّها الممزق، المبتل، الذي كانت ترتديه البارحة.
كان شيئًا آخر… شيئًا ملكيًا، يقيّد حركتها بدلًا من أن يمنحها الحرية.
كانت ترتدي الآن منامة جديدة، تصل حتى عنقها، أنيقة لكنها غريبة عنها، تخنق حركتها كقيد مخملي.
“نـ… نـ… نعم! أ… أنا من بدلت ثيابكِ الليلة الماضية، يا آنسة…”
قالتها هانا وهي ترتجف، رأسها يهتز بعنف مع كل كلمة، كأنها تحاول بحركته أن تقي نفسها من الخطر الداهم.
ريتا، وفي قلبها شعلة صغيرة من الأمل، شدّت على أسنانها وسألت، صوتها حاد كالسيف:
“حين بدّلتِ ملابسي… هل رأيتِ ممتلكاتي؟”
رمشت هانا وعيناها تهتزّان بتوتر:
“مـ… ماذا؟”
ريتا تابعت بلهجة سريعة، تكاد تلهث:
“خنجر صغير، أو شارة تعريف، أو حزام بحقيبة صغيرة… قلادة، أو بوصلة… أي شيء؟”
الخادمة بلعت ريقها، ثم هزت رأسها بقوة، كمن يحكم على نفسها بالعقاب:
“لـ… لا، لم يكن هناك شيء… لم يكن بحوزتكِ أي شيء، آنستي…”
تجمّدت تعابير ريتا، وكأن الكلمات صفعتها على وجهها.
“كما توقعت.”
كانت تعلم، منذ لحظة استفاقتها، أن لا شيء مما كانت تملكه بقي معها.
ومع ذلك، قلبها الساذج ظل يرفض التصديق حتى الآن.
ضغطت شفتيها بقوة، حتى تبيّنت علامة بيضاء حول فمها، ثم تنفست ببطء، محاوِلة كبح شعور المرارة الذي بدأ يتصاعد في صدرها.
وفتحت فمها لتسأل سؤالها التالي:
“إذًا، أخبريني… ماذا حدث بالضبط الليلة الماضية؟”
لكن قبل أن تنطق الخادمة بحرف، قاطعها صوت رجولي، عميق، خرج من ناحية الباب:
“دعيني أنا أجيبكِ على هذا.”
شهقت ريتا، قلبها ارتجف بعنف.
مرة أخرى، لم تشعر باقتراب أحد حتى صار قريبًا بما يكفي ليُسمع صوته بوضوح.
استدارت بسرعة، عضلاتها مشدودة كوتر، وحين التقت عيناها بعينَي القادم، اتسعت حدقتاها بدهشة ثانية.
كان هو نفسه الرجل الذي حملها على ظهره بالأمس… ذلك الأشقر الغريب.
وقف هناك، عند عتبة الباب، جسده الطويل يملأ الإطار بثقة، وعيناه تراقبانها بنظرة ثابتة لا تخلو من الحذر.
ريتا، وهي تراقب تفاصيله، لم تستطع إلا أن تلاحظ شيئًا غريبًا:
لون شعره الذهبي كان مطابقًا تمامًا للون شعرها الجديد، ذاك الذي رأته يلمع تحت شمس الصباح كخيوط الذهب.
حتى لون عينيه… ذاك البريق المألوف الذي لمحته في المرآة حين كسرتها، كان نسخة طبق الأصل من عينيها.
والملامح… رغم صدمتها، لم تستطع إنكار التشابه.
“إنه يشبهني… يشبه هذا الجسد على الأقل.”
فكرت، وهي تتذكر تلك اللحظة الأولى حين رأت انعكاسها في ماء البحيرة.
“نعم، لا شك… نحن شقيقان، هذا الرجل وهذا الجسد الجديد.”
الرجل تقدم ببطء نحو الداخل، خطواته واثقة، وصوته حين نطق كان هادئًا، لكن يحمل نبرة أمر لا يقبل الجدال:
“تعالي، لنتحدث على انفراد، ريتا.”
ثم ألقى نظرة سريعة على الخادمة المرتجفة، وأكمل بنبرة أكثر صرامة:
“واتركي هذه الفتاة البريئة، فقد كفت عن ذنبها.”
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 3"