الحلقة الثامنة والعشرون.

لم تقل ريتا لجيد أي شيء عن المستحيل، لأنه بدا لها أن ما يمكن أن يفعله جيد، يمكن أن يكون ممكنًا.

بعد لحظة من التفكير، قالت بصراحة.
كلا، أريد فقط أن ننهي الأمر عند عدم طاعة أوامر القيادة أكثر من ذلك.

“ألا تريدين الانتقام؟”

قبضت ريتا قبضتها بإحكام، وخرج صوتها المبحوح، لكنها أجابت بهدوء.

” أريد، لكن… الحرب مع الوحوش وحدها تكفيني، إذا قاتلنا القيادة، قد يُخترق خط الدفاع الأخير، وسيموت الكثير من الناس عبثًا.”

” إذن، ماذا تأملين أن يحدث بعد ذلك؟”

” أتمنى أن تنتهي هذه الحرب، وأن ننجو جميعًا، لنعيش في عالم بلا وحوش، بسلام.”

“نعم.”

” لا يعني أنني سأغفر للقيادة على ما فعلته، ولا أن أترك هؤلاء الأوغاد كما هم، فقط…”

” أعلم ما تعنين، المسألة ترتيب أولويات، أليس كذلك؟”

“نعم، بعد انتهاء الحرب مع الوحوش… سيأتي عالم جديد، عالم لا يحتاج لخط الدفاع الأخير ولا للقيادة.”

مد جيد يده نحوها، يده الخشنة المليئة بالندوب مسحت خدها برفق، وابتسم بخفة.

” حسنًا، إذا كان هذا حلمك، فليكن حلمي أيضًا.”

” ألم يكن حلمك مختلفًا من قبل؟”

“قليلًا، لكن لا يهم.”

سألت ريتا عن حلمه الأصلي، لكنه بدلًا من الإجابة، طرح سؤالًا جديدًا.

” ريتا، هل تعتقدين أنه يمكننا إنهاء هذه الحرب؟ حرب مستمرة منذ قبل ولادتنا بكثير؟”

” أليس أنت أفضل من يعرف؟ لدينا خريطة من استكشاف الأنقاض، وأسباب تتبعنا لتلوث الطاقة السحرية.”

نظرت إليه وأضافت.

“انتَ تحاول تتبع إتجاه تلوث الطاقة السحرية اليس كذلك؟ إذا تتبعنا ذلك التيار عكسًا، فقد نجد هناك شيئًا ما كان السبب في اندلاع حرب الوحوش السحرية… ربما يكون هو نقطة البداية لتلوث السحر.”

” …أنت رائعة حقًا، ريتا.”

“فقط… أعرفك منذ زمن طويل.ة

ضحكت بخفة وسألته بدورها.

” جيد، هل يمكننا حقًا العثور على طريقة لإنهاء هذه الحرب؟”

ابتسم جيد بخفة، وأدركت ريتا أنه يفكر بنفس ما تفكر به.

” سنجدها ونعلن نهاية الحرب، باسم “بيكون” كما يليق.”

كان ذلك في شتاء عامهم التاسع عشر، حين غطت الثلوج الباردة القبور، والوفيات العابرة أضيفت إليها طبقة بيضاء.

وضعت ريتا مع جيد هدفًا جديدًا، ووافق الناجون من الزملاء على قصتهم وأهدافهم القادمة.

بعد ذلك لم تقبل بيكون أي مبتدئين جدد. أنجزوا كل شيء بستة أعضاء فقط.

لكن، استثناءً واحدًا من قاعدة عدم قبول المبتدئين كان موجودًا.

” أنا مجرد سلاح، يمكن استخدامي عند الحاجة فقط”

” أدائي جيد، إذا أخرجتموني سأقاتل جيدًا.”

وجدت أولي صبيًا، أثناء قيامها بمهمة لِكبار المسؤولين في المدينة، كان لوكا باسكال محبوسًا داخل صندوق زجاجي كبير، معروض بشكل جميل وسلاحًا حيًا، دون ان تعلم انه كان نصف مجنون.

” القفازات؟ لأنني قضمت أظافري كلها، جعلوني أرتديها.”

“الندوب على جبيني… كنت أضرب رأسي بالحائط، لا أعرف كيف حدث ذلك.”

” هل يمكنكِ محادثتي قليلًا؟ منذ وقت طويل لم أتحدث هكذا، أنا سعيد…”

اشترت أولي الصبي من السادة، وأخرجته من الصندوق لتبدأ إعادة التأهيل على يد سيرا، بينما دربه ريتا وإيثان. 

وهكذا أصبح لوكا باسكال العضو السابع في بيكون.

في عمر العشرين، أصبحوا فرقة مستقلة، يديرون الوحوش بعدد لا يحصى، ويقاتلون وحوشًا بارزة باسم قائدهم جيد، الذي أُطلق عليه لقب الملك. 

أصبحت سمعتهم مشهورة، وظهرت ألقاب للأعضاء الآخرين.

لم تتمكن القيادة من التحكم في فرقة بيكون، فكان عليهم أن يتعايشوا مع نجاحات الفرقة، رغم رفضهم تلقي الأوامر.

مع مرور عامين، قتلت بيكون الوحوش البارزة مثل ، ريد كوين، ماليفيك، كرولر، دوبلغانجر، الفرقة الأسطورية المكونة من سبعة اعضاء فقط.

ثم توجهوا إلى أعماق لم تصل إليها البشرية، حيث تتجمع الوحوش البارزة بلا أسماء. 

في هذه المرحلة، التقوا بِـ كبير السحرة باسكال، لأول مرة منذ تخرجهم.

لم يتغير عما كان عليه منذ عشر سنوات.

” هل تعرفون إلى أين تتجهون؟”

“إلى مصدر تلوث الطاقة السحرية، مصدر خلق الوحوش.”

سأل جيد.

“هل تعرف ماذا يوجد هناك؟”

“……”

ظل رئيس السحرة صامتًا لبعض الوقت قبل أن يجيب بإيجاز.

” نعم.”

ثم التفت إلى ريتا وقال.

” إنها أنتِ.”

كان تصريحًا غريبًا، عَقدت حاجبيها وقبل ان تنطق تقدم جيد أمامها ليحميها.

لم يُبدِ باسكال أي رد فعل تجاه هذا السلوك. اكتفى بإخراج رزمة من الأوراق من جيبه وناولها لهم.

“هذه هي الأشياء الموجودة هناك.”

“كُنتَ محقًا جيد ، من هنا بدأت الكارثة.”

“أتمنى لكم النجاح.”

بعد ذلك، اختفى رئيس السحرة فجأةً كما لو أنه لم يكن موجودًا أصلًا، احتوت رزمة الورق التي تركها خلفه على رسومات لمشاهد مما بدا أنه أطلال، بالإضافة إلى خريطة بسيطة للأطلال.

وصلت فرقة بيكون إلى الأطلال، قاتلوا الوحوش البارزة، وتجاوزوا التلوث الكثيف، ووصلوا إلى المكان.

كانت الأطلال داخلها خالية من الوحوش، مما سمح لهم بالراحة، لكن الوضع لم يكن مطمئنًا، فالمكان محاصر بالكامل.

أثناء استراحة الأعضاء، قام إيثان باستطلاع المكان بالاستدعاءات، وأخبر جيد بنتائجه، فمد جيد ثلاثة أصابع نحو ريتا، قائلاً.

” لدينا ثلاث أخبار سيئة، ما هي؟”

“أولًا: استكشفنا الداخل بالكامل، ولم نجد شيئًا مميزًا، فقط مطابق لما رسم باسكال ، لا طعام ولا موارد للبقاء.”

“ثانيًا: الوحوش خارج الأطلال ازدادت كثيرًا، ولا يمكننا الخروج الآن.”

“ثالثًا: تلوث الطاقة السحرية في الداخل يرتفع بسرعة، وإذا استمر بهذا المعدل، لن يستطيع أي منا التحمل بعد 48 ساعة.”

كانت جميع النتائج تشير إلى العزلة والموت المحتمل.

صمتت ريتا، ثم مدت يدها إلى جيد.

  أعطني كل الرسومات التي أعطاها باسكال.

أقامت الطاولة الرخامية، فرشت الخرائط، ورتبت الرسومات وفق المواقع التي حددها إيثان.

لاحظ جيد على الفور.

” إنه شكل سداسي”
“قد يكون نجمة سداسية، أيًا كان.”

ربطت ريتا الست رسومات كنقاط، وحددت مركز التقاء الخطوط.

” لنفحص هنا.”

كانت حديقة صغيرة في زاوية القلعة، كل الزهور والأشجار ذبلت، وتم تحطيم التماثيل المزخرفة.

“انتظر، النمط على هذا التمثال… لقد رأيته!”

وضعوا التماثيل الست في أماكنها الصحيحة وفق الخرائط، وفجأة انبعث ضوء خافت، وظهرت دائرة سحرية، وفتح باب يؤدي إلى تحت الأرض.