الحلقة واحد.
العودة…
كان آل لاسكايل من أعرق وأغنى الأسر النبيلة في البلاد.
كان دوق ودوقة لاسكايل يحبّان بعضهما حبًا صادقًا، وأطفالهما كانوا طيبين ولامعين.
كانوا أسرة مثالية، ينعمون بالسعادة الكاملة…
حتى جاء ذلك اليوم الذي اختفت فيه فجأة أصغر ابنائهم، ليليتا.
***
في طرف الحديقة الخلفية لقصر دوق لاسكايل، كان هناك ركن دائري تتوسطه أحواض الزهور.
وفي قلب تلك الأزهار، بدا كما لو أن حجرًا صغيرًا دُفن بين بتلاتها، لكن من يقترب أكثر سيدرك أنها شاهدة قبر.
كانت جديدة، لم يمضِ على صنعها سوى أيام قليلة، وكان الاسم المحفور على رخامها الأبيض يلمع بوضوح:
ليليتا ديل نيسا لاسكايل
1751 – 1760
والآن، نحن في العام 1770.
مرَّ عشر سنوات كاملة على اختفاء الابنة الوحيدة لدوقية لاسكايل.
على مدار تلك السنوات، لم يدّخر آل لاسكايل وسعًا، حشدوا كل مواردهم، واستنفدوا كل ما لديهم بحثًا عن تلك الطفلة الصغيرة.
لقد فتشوا القارة بأكملها كما لو كانوا يجتاحونها عاصفة…
لكن رغم كل شيء، لم يعثروا على شيء.
لا أثر، لا بصيص أمل، سوى ما عُثر عليه في الليلة الأولى لاختفائها:
قطعة قماش ممزقة وملطخة بالدماء، وبعض خصلات الشعر الذهبي التي عُثر عليها قرب الغابة المجاورة.
قال الناس آنذاك إن ليليتا كانت قد وقعت فريسة لوحش مفترس، ونصحوهم أن ينسوا الأمر… أن يستسلموا أخيرًا للحقيقة.
لكن آل لاسكايل لم يستسلموا.
ظلوا على مدار عشرة أعوام كاملة يرفضون التصديق، يقاتلون يأسهم بلا كلل.
حتى مؤخرًا فقط… اعترفوا، على مضض، بموتها، وأوقفوا البحث.
الشاهدة الصغيرة التي نُصبت في الحديقة لم تكن سوى إعلان رسمي بهذا الاعتراف المرير.
صُنعت قبل ثلاثة أيام فقط.
أما التابوت الصغير المدفون تحتها، فقد كان فارغًا تمامًا.
عندما رأوا هذا التابوت الخالي تحت التراب، بكى الدوق بحرقة، كما لو كان يُشيّع قلبه نفسه.
أما الدوقة، فقد أغشي عليها من شدة الألم، وانهارت بين ذراعي خادماتها.
ولم يحضر الابن الثاني، ريهارت، الجنازة أصلًا.
أما الابن الأكبر، ليونهارت، فقد استُدعي صباح اليوم التالي مباشرة من إحدى الحانات، حيث تلقى خبرًا أن شقيقه الأصغر قد عُثر عليه هناك، فاقدًا للوعي.
ذهب بنفسه ليحضره، وحين حمل ريهارت على ظهره عائدًا إلى القصر، كان الشاب يهذي بكلمات مبعثرة، يرددها كمن فقد صوابه:
“قالوا لي إن ليلي ماتت، يا أخي…
قالوا إن عليّ أن أعترف بهذا الآن، أن أقبل الحقيقة بعد عشر سنوات…”
“يقولون إن الوقت قد حان لأن أنسى، وأنت، يا أخي، هل نسيت؟
أنا لا أستطيع… لا أستطيع أن أنسى.”
“نحن حتى لم نرَ جثتها!
أتصدق أن تلك الفتاة الطيبة، الهادئة، ذهبت وحدها إلى الغابة في منتصف الليل؟
هل تصدق هذا؟ لأني… لا أستطيع أن أصدق.”
“أخي… ليون… أتدري ما الذي همست به لي ليلي في الليلة التي سبقت اختفائها؟”
قال وهو يهذي:
“قالت لي إنها رأت حلمًا غريبًا، حلمًا أفزعها… ولهذا استيقظت في منتصف الليل.”
“وتوسلت إليّ، قائلة: “أرجوك، ابقَ معي فقط حتى أستطيع أن أنام مجددًا… أنا خائفة جدًا.”
“لكنني… أنا…!”
ارتجف صوته، وكأن الكلمات تخنقه.
“أنا… لماذا فعلتُ ما فعلتُ؟ لماذا لم أبقى معها؟
إنه خطئي، أخي… كل هذا بسببي، أنا وحدي السبب.”
“لو أنني فقط… لو أنني بقيت بجانبها في تلك الليلة…”
لقد كان ليونهارت قد سمع هذه القصة مرارًا.
كررها ريهارت عشرات المرات، ومع ذلك، لم يتوقف عن جلد نفسه، حتى بعد أن حاول شقيقه الأكبر بكل الطرق أن يقنعه:
“ليس ذنبك.”
لكن لا شيء كان يوقف سيل تأنيب الضمير في صدر ريهارت.
أما ليونهارت فقد أسند أخاه السكران إلى سريره، وبدأ يعالج الفوضى التي خلّفها هذا اليوم الكئيب.
والده، الدوق، كان شبه غائب عن الوعي من شدة انهياره، بعد أن أغمي على الدوقة في الجنازة.
فاضطر الابن الأكبر إلى تحمل مسؤولية إدارة كل ما هو عاجل.
ولم يذق طعم النوم منذ الجنازة… مضت الآن ثلاثة أيام وهو في دوامة من المهام الثقيلة، بلا لحظة راحة، ولا حتى دقيقة ليهدأ قلبه أو يرتب أفكاره.
والحق يُقال، إن ليونهارت لم يكن مستعدًا أصلًا لتقبّل موت أخته الصغيرة.
لم يستطع أن يسلّم بفكرة أنها غادرت إلى الأبد.
ولهذا السبب، كان يقف الآن، في هذا الصباح الباكر، أمام شاهدة قبرها، وكأنه يبحث عن طريقة لملامسة طيفها الغائب.
لكن لم يكن وحده.
فقد وجد هناك شخصًا آخر، زائرة سابقة له…
كانت والدته، دوقة لاسكايل، تجلس أمام الشاهدة، عيناها زائغتان، كأن روحها تاهت في مكان بعيد.
كانت تمسك بإطار صورة صغير، وتُمرر أصابعها على زجاجه مرارًا، بلا توقف، كما لو كانت تحاول أن تلامس مَن في الصورة بأطراف أناملها.
وفي الصورة، بدت ليليتا تلك الطفلة المشرقة، تبتسم ابتسامة ملائكية، بريئة كضوء الشمس.
من الواضح أن الدوقة، بدورها، لم تستطع أن تودّع ابنتها.
وربما، كما خطرت الفكرة لـ ليونهارت مرارًا، لن تستطيع يومًا أن تعترف بأن ابنتها ماتت حقًا.
أجل، لو أنهم فقط عرفوا كيف ماتت…
لو أنهم فقط رأوا جسدها، حتى وإن كان بارداً… لكان بإمكانهم أن يحزنوا حزنًا كاملاً وينتهوا.
كرر ليونهارت هذه الفكرة في عقله، مرة أخرى، كما فعل عشرات المرات من قبل
ثم أدار وجهه عن والدته، التي كانت ما تزال جالسة هناك، غارقة في ألمها، لا تتحرك.
كان الفارق في العمر بين الأشقاء الثلاثة كبيرًا.
حين وُلدت ليليتا كان ليونهارت في الثامنة، بينما كان ريهارت في السادسة.
وكلا الشقيقين كانا قد ورثا قامة آل لاسكايل العريضة وبنيتهم القوية التي اشتهرت بها العائلة.
لكن ليليتا كانت شيئًا مختلفًا تمامًا.
منذ ولادتها، كانت ضعيفة؛ ولدت قبل أوانها، بعد مخاض عسير كاد يودي بحياة والدتها.
وكان جسدها الصغير هشًا، ناعمًا كزهرة تحت رحمة الرياح.
وعلى مدار طفولتها، عانت من أمراض كثيرة.
لكن، رغم الألم، لم تكن تشتكي، ولم تكن تبكي أو تتدلل كما يفعل الأطفال عادة.
حتى حين كانت تتناول الدواء المر، كانت تبتسم وتقول:
“إن شربتُ الدواء، سأحصل بعدها على الحلوى، أليس كذلك؟
إذًا، من الآن فصاعدًا، لن أقول إنه وقت الدواء… بل وقت الحلوى!”
كانت كالشمس، تبعث الدفء في القلوب أينما حلّت.
ولذا، كان الجميع في الأسرة، من الكبير إلى الصغير، يدللها كأنها جوهرتهم النفيسة.
ليونهارت تابع سيره مبتعدًا عن الشاهدة، حتى وصل إلى الباب الخلفي للحديقة.
كان بابًا حديديًا غُلف بالكامل بسلاسل صدئة، ملتفة حوله بإحكام، مغلقة بقفل ثقيل.
ذلك الباب، كان يفتح ذات يوم على غابة أشجار البتولا.
غابة كانت جزءًا من ممتلكات آل لاسكايل، حافظوا عليها جيلاً بعد جيل، وكانت تُعرف بجمالها وأمانها.
لكن، منذ أن عُثر هناك على الثوب الملطخ بدماء ليليتا ، أمر الدوق شخصيًا بإغلاق البوابة، ووضع السلاسل عليها، كأنما ليحكم الإغلاق على الماضي.
ومع ذلك، كان ليونهارت يتذكر تلك الغابة جيدًا.
يتذكرها كما لو كان يراها الآن…
لم يكن فيها أي وحوش مفترسة.
بل كانت موطنًا للغزلان التي كانت تتراقص بين الأشجار، والأرانب التي كانت تقفز في مرح،
وصوت الطيور كان يملأ الأرجاء بألحانها العذبة…
كان صوت الطيور لا يزال يُسمع هناك، مختلطًا بحفيف الأوراق، وإذا ما مشى المرء قليلاً على الدرب المتعرج وسط الغابة، يصل إلى بحيرة صغيرة.
كان ليونهارت قد اعتاد أن يمسك بيد أخته الصغيرة، ويأخذها إلى ضفاف تلك البحيرة في نزهات هادئة.
وحتى الآن، لا يزال يشعر بوضوح بملمس تلك اليد الطرية الصغيرة… كأن دفئها لم يغادر كفه بعد.
كانت تلك الغابة ضمن أسوار أملاك لاسكايل.
ولهذا، كان القصر يُلقب بـ«قلعة أشجار البتولا»
مكان آمن، بلا خوف، بلا خطر.
فكيف، بحق خالق الجحيم ، يقال إن ليليتا قد قُتلت هناك، على يد وحش لا وجود له أصلًا؟
وفوق ذلك، يقولون إنها خرجت ليلاً، وحيدة، من القصر الكبير، دون أن يراها أحد…
طفلة صغيرة، في العاشرة من عمرها؟
ليليتا، التي كانت بالكاد تستطيع التنفس إذا ركضت قليلًا،
التي كان جسدها يخذلها كلما حاولت أن تتجاوز حدود قوتها الضعيفة؟
ليونهارت شدّ على أسنانه.
لا… هذا مستحيل… مستحيل!
كأن صوته يهدر في صدره.
ثم جاءته الفكرة القديمة، التي لطالما ترددت في عقله:
“أحدهم أخذها، أحدهم جرّها خارجًا في تلك الليلة.”
قبض بيده لا إراديًا، وأحس بأن عظام كفه تكاد تتحطم من شدة قبضته.
كان الغضب يتصاعد بداخله مثل بركان، لدرجة أنه شعر برغبة عارمة، مظلمة، في أن يمزق بيديه صدر ذلك الشيء الذي أخذها… كائن مجهول، وجهه غامض، لكنه كان يراه في كوابيسه، ويشعر بحاجة وحشية لقتله.
تنفس بعمق، محاولًا تهدئة ذلك الغليان.
وعندما رفع نظره، لمح ظل جسد واقف خلف الباب المغلق بالسلاسل.
كان الدوق، والده، واقفًا هناك، في منتصف الدرب بين أشجار البتولا،
يداه خلف ظهره، رأسه مائل قليلًا، كما لو كان ينتظر خطوات خفيفة…
خطوات طفلة، تعود إليه، راكضة، من عمق الغابة.
ليونهارت مد يده إلى القضبان الحديدية للباب، ووضع قدمه فوق السلاسل السميكة، وقفز فوق الباب، متجهًا نحو والده.
الشعور بالثقل في قلبه لم يتزحزح.
التفت الدوق عندما سمع وقع خطواته
.
“ليون…“
نطق اسمه، كان صوته مبحوح، متعب.
“أبي…“
أجابه ليونهارت دون أن يجرؤ على طرح السؤال الذي ظل عالقًا في صدره:
“ما الذي تفعله هنا، أبي، واقفًا عند هذا الدرب، في هذا الصباح؟”
وكما لم يسأله الابن، لم يسأله الأب أيضًا:
ولماذا جئت أنت إلى هنا، يا بُني؟
وقفا جنبًا إلى جنب، صامتين، عيونهما معلقة عند نهاية الممر،
حيث لم يظهر أحد.
لا فتاة خفيفة الخطى، ولا روح شبحية.
لا أحد يعود من الغياب.
ثم، ببطء، التفت الدوق نحو ابنه،
وربت على كتفه، ربتتين خفيفتين، كأنما يشكره بصمت.
قال:
“ثلاثة أيام وأنا ومُترك كل شيء بين يديك، ومع ذلك، كل شيء سار على ما يرام، لقد تعبت يا بُني.”
فأجاب ليونهارت، فورًا، وبصوت فيه شيء من الحزم:
“كلا ، لا بأس يا أبي.”
قال الدوق، وعيناه تتفحصان ملامح ابنه المُنهكة:
“ارجع إلى الداخل، ونَم جيدًا هذه الليلة، لا بد أنك لم تذق طعم النوم منذ أيام.”
فقال ليونهارت وهو يخفض رأسه احترامًا:
“حسنًا، سألحق بك قريبًا.”
ثم استدار الدوق، وغادر عائدًا إلى القصر،
يخطو ببطء، كأن كل خطوة تسحب معه جزءًا من روحه المُثقلة.
أما ليونهارت فلم يتحرك.
بقي واقفًا، جامدًا، كأنما جذوره قد غرست في الأرض.
ثم، بعد لحظة، بدأ يمشي وحده، ببطء، على نفس الدرب الذي كان يجره شوقه إليه.
ومع كل خطوة، بدأ اللون الأبيض لأشجار البتولا يتراجع، وظهر أمامه بريق أزرق…
إنها البحيرة،
سطحها يعكس ضوء الشمس الآفلة، التي ألقت على الماء خيوطًا طويلة من النور، تشبه شالًا حريريًا مذهبًا ينساب برقة فوق الأمواج.
وفي تلك اللحظة، ارتجف قلبه، إذ سمع في أعماق ذاكرته صوتها…
ليليتا، بصوتها العذب، الطفولي، تهمس بالقرب من أذنه:
“ليو، انظر… الشمس تُغادر السماء، وتُنزل شُعيراتها الذهبية على الماء… كأنها ترمي فرشاة من حرير… أليس هذا جميلًا جدًا؟“
ارتعش جسده من الذكرى.
نظر إلى البحيرة،
وفي عينيه، لم يعد يرى إلا ملامحها…
خدّاها المتوردان كزهر الربيع،
عيناها البنفسجيتان، اللامعتان كجوهرتين، تتسعان دهشة كلما لمعت الشمس،
وشعرها، خفيف كنسمة، يطير مع الريح، كأنما كان يحاول أن يلمس السماء…وخصلات رقيقة من الشعر الذهبي…
وفي تلك اللحظة بالذات،
فجأة، انبثق من سطح البحيرة شعر ذهبي مبتل،
كأنما شقَّ الماء شقًّا وصعد إلى الأعلى.
تناثرت قطرات الماء كالجواهر حوله،
تناثرت في الهواء وبَرَقت تحت ضوء الشمس المتراجع، كأنها ماسات صغيرة تتراقص.
كان الشعر، رغم ابتلاله، يلمع بوميض أخّاذ،
تمامًا كما كانت ليليتا، يومًا، تلمع.
ثم ارتفع من الماء جلد أبيض، ناعم، كالعاج المصقول.
وشعر طويل، طويل، كأنه لم يُقص يومًا.
ومن بين تلك الخصلات اللاصقة بالوجه،
لمعت عيون… بنفسجية، عميقة، تبرق تحت شعاع الغروب.
كانت هناك فتاة… لا، كانت هناك امرأة تنهض من أعماق البحيرة،
تشبه ليليتا تمامًا.
كأنما لو أن أخته الصغيرة لم تختف،
وكبرت بسلام حتى صارت شابة في العشرين،
لكانت الآن تشبه هذه المرأة الواقفة أمامه بالضبط.
ليونهارت ظل متسمِّرًا في مكانه، لا يعرف أهو حيٌّ أم في حلم.
ما الذي أراه؟ هل هذا… ممكن؟
لقد فتشوا قاع هذه البحيرة مئات المرات،
جالوا تحت الماء صيفًا وشتاءً، ولم يجدوا شيئًا…
فكيف؟
وفيما هو مدهوش، عاجز عن الحركة،
رأى تلك المرأة الغامضة تترنح للحظة،
ثم تستعيد توازنها وتبدأ بشق طريقها خلال الماء، متقدمة نحو الضفة.
وسمعها تشتم، بصوت منخفض، وكأنها تتحدث إلى نفسها:
“اللعنة… ما الذي حدث بالضبط؟ أفتح عيني فأجد نفسي وسط الماء؟!”
وعندما وصلت إلى الضفة،
رفعت يدها بعصبية، ورتبت شعرها الذهبي المبتل، كمن يحاول أن يسترد كرامته أمام موقف محرج.
وحين التقت عيناها بعيني ليونهارت
تبدل وجهها على الفور؛
انخفض جسدها قليلًا، واستقامت ركبتها الخلفية، كمن يستعد للهجوم،
وبسرعة، امتدت يدها نحو خاصرتها،
كأنها تبحث عن خنجر أو سلاح تخفيه هناك بحكم العادة.
لكن يدها عادت خالية.
لا شيء.
لا خنجر، لا سلاح.
ظهر الارتباك واضحًا على ملامحها الجميلة.
ثم نظرت إلى نفسها، وكأنها تكتشف الآن فقط ما ترتديه.
“ما هذا بحق الجحيم؟!”
تمتمت، وعيناها تتفحصان ثوبها.
كانت ترتدي قميص نوم أبيض، مزين بدانتيل رقيق،
وهو نفس الثوب الذي كانت ليليتا ترتديه ليلة اختفائها.
لكن الفارق كان في الجسد؛
ذلك الثوب، الذي كان ينسدل حتى كاحلي الطفلة،
صار الآن لا يكاد يغطي فخذي هذه المرأة،
وكأن الزمن قد جرف الجسد وكبره،
لكن الثوب بقي بحجمه القديم، شاهدًا على الفارق الغريب.
كان أحد أطراف الثوب ممزقًا،
نفس الجزء الذي وُجد منه في الغابة ملطخًا بالدماء قبل عشر سنوات…
الجزء ذاته تمامًا.
رفعت المرأة بأصابعها الدقيقه ذلك الطرف المبتل الممزق،
وتجعد وجهها الجميل بانزعاج واضح،
كأنها اشمأزت من ملابسها ومن وضعها برمته.
“ما هذا الثوب الثقيل؟ أي معتوه مريض الذوق ألبسني هذا؟!”
قالتها بنبرة ساخرة حانقة،
لكن ليونهارت لم يكن يسمع.
أذناه كانتا تصفران، صدره ضاق كأنه لا يجد الهواء.
حتى كلماتها التي تمتمت بها، لم تصل إلى أذنه بوضوح.
كان كل كيانه يرتجف، وكان صوته بالكاد خرج، خافتًا، متحشرجًا،
بين الشك والرجاء، بين الحلم والكابوس:
“…ليلي؟”
ترجمة هاذي الرواية مقدمة هدية لصديقتي سلمى💗
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 1"