0
— الفصل 0: المقدّمة —
مات زوجي بعد يومٍ واحد فقط من زفافنا.
كان من السخيف أصلًا أن أخلع فستان الزفاف لأرتدي ملابس الحداد فورًا، لكنّني وجدت نفسي الآن جالسة على عرش الإمبراطورية، أُواجه الوحوش الثلاثة.
“جلالتكِ، الإمبراطورة.”
“تحدّث، دوق زيرنيا.”
“أعلم أنّكِ مررتِ بالكثير منذ وصولكِ إلى بيلباتور، لكنني واثق بأنكِ مدركة تمامًا لصعوبة الموقف الذي تمرّين به حاليًا.”
دوق ليان زيرنيا، ذو الشعر الأشقر الذهبي والعيون البنفسجية العميقة، تكلّم بصوتٍ مواسٍ.
يقولون إنه يملك لسان أفعى، وقد كادت ابتسامته اللطيفة وكلماته الناعمة أن تُحرّكني.
وكما قال، كنتُ في موقفٍ شديد الصعوبة.
وكانت هناك أسبابٌ كثيرة لذلك، لكن السبب الأبرز كان متعلقًا بالوحوش الثلاثة التي قام زوجي الراحل بتربيتها.
وحوش إمبراطورية بيلباتور الثلاثة:
آيدن تيلندر، الكلب الوفي الذي حمى الإمبراطور.
ليان زيرنيا، الأفعى التي أدارت شؤون الإمبراطورية بدهاء.
وفيترين كيدميلان، النسر الذي راقب حدود الإمبراطورية بعينين لا تنام.
يُقال إنّهم ساعدوا العائلة المالكة “لومينال” على تأسيس الإمبراطورية منذ العصور القديمة، وكانوا بمثابة أذرع الإمبراطور، وحماة المملكة جيلاً بعد جيل.
وكان ذلك ممكنًا فقط طالما بقي الإمبراطور – الممسك بأطواقهم – على قيد الحياة.
رأس عائلة لومينال كان يمتلك قوةً خاصّة تُخضع الوحوش الثلاثة، وكانت تلك القوة بمثابة إثبات لحقّه في وراثة العرش، وأيضًا الدليل الوحيد على انقياد الوحوش له.
بعضهم قال إن أحد الوحوش قد يكون القاتل الحقيقي للإمبراطور.
والبعض الآخر قال إن قوة القسم التي تُقيدهم تمنعهم من إيذاءه أصلًا.
في كل الأحوال، كان الموقف واضحًا:
ما لم يُثبت الخيانة بشكلٍ قاطع، كان عليّ أن أتشبث بأيديهم.
فلا يمكنني إدارة إمبراطورية بيلباتور بدون تعاون العائلات الدوقية الثلاث.
بل ولأتمكّن من تمرير العرش بأمان إلى الأميرة الوريثة لوتانيا، كان عليّ أن أكون في أقصى درجات الحذر.
فطالما أنّ سيدة القسم لم تستيقظ بعد، فإنّ الوحوش الثلاثة كانوا عمليًا وحوشًا غير مروّضة.
لم أجب دوق زيرنيا، بل بدأت أتفحّصهم واحدًا تلو الآخر.
لم أكن أعلم أي نوع من الخطط يحيكونها، لذا وجب أن أكون حذرة.
اقترب دوق زيرنيا بخطوة من العرش وأكمل حديثه:
“رغم أنكِ فقدتِ زوجكِ بعد ليلة الزفاف، إلا أن الزواج المقدّس بركة من الآلهة.
جلالتكِ الآن هي إمبراطورة بيلباتور، وأنتِ الوحيدة التي تستطيعين ممارسة سلطة الإمبراطور لحين مجيء خليفة للعرش.”
“يبدو أنكَ نسيت أمر الوريثة الشرعية، الأميرة لوتانيا.”
“الأميرة لوتانيا لا تزال في الثانية عشرة من عمرها.
هل تنوين أن تحمّلي طفلة لم تستيقظ بعد قوة القسم مسؤولية بهذا الثقل؟”
سألني بابتسامة خفيفة.
وبينما هو يتحدث، وقف الدوقان الآخران – تيلندر وكيدميلان – بعد أن كانا راكعين.
رمقا زيرنيا بنظرة تحذير، ثم التفتا إليّ.
حاولت ألا أرتجف من نظراتهم، تلك النظرات التي قد تبني الإمبراطورية أو تفترسها، ثم أجبتهم بهدوء:
“لذا، أحتاج مساعدتكم.
أؤمن بأنكم ستستمرون في حماية العائلة الملكية والإمبراطورية بإخلاص، حتى تكبر الأميرة لوتانيا، وتستيقظ قوة القسم، وتتسلّم العرش.”
فور أن أنهيت كلامي، سمعت ضحكة خافتة وساخرة.
لكن لم تكن من دوق زيرنيا، الذي استمرّ في الابتسام بلطف، ولا من كيدميلان، الذي لم يُبدِ أي تعبير.
بل كانت من تيلندر… صاحب الشعر الأسود القاتم والعينين الحمراوين المشتعلتين.
الرجل الذي يسيطر على كلّ القوة العسكرية في العاصمة “برينسيا”.
الكلب الوفي الذي كان يحرس الإمبراطور… نظر إليّ الآن بعيني ذئبٍ قد كسر قيده.
“ما دامت الأميرة لم تستيقظ، فلا شيء يُجبرنا على الولاء، جلالتكِ.
الثقة وحدها… لا تشتري شيئًا.”
كان الأمر أشبه بمواجهة كلب ضالّ في زقاقٍ مغلق.
الكلب المروّض يحميك… لكن الكلب الشارد أكثر خطرًا من أي وحش.
حدّقت بعينيه الحمراء، أخذت نفسًا عميقًا.
عند ترويض الوحوش… لا يُسمح بإظهار الخوف.
قرّرت أن أرى دوق تيلندر كـ كلبٍ أسود ضخم.
يُظهر أنيابه أمام الغرباء… لكن عندما يُروّض، يهزّ ذيله ويكشف بطنه بلُطف.
أما زيرنيا، فهو أفعى جميلة ذات أنماطٍ صفراء لامعة.
و كيدميلان، نسر مهيب وأنيق.
حين فكّرت فيهم بهذه الطريقة… لم يعودوا مرعبين كما كانوا.
نظرت إليهم مجددًا بهدوء، كانوا يتظاهرون بالتركيز عليّ، لكنّهم في الحقيقة كانوا يراقبون بعضهم البعض.
فالوحوش التي تُحبس في قفصٍ واحد… نادرًا ما تتوافق، خصوصًا إن كان الفريسة واحدة.
حينها… بدأت أرى الطريقة المناسبة لترويضهم.
“حسنًا إذًا، تريدون صفقة؟
لكنني لست كالإمبراطور.
لست وعاءً يسع ثلاث وحوش.
سأراهن بكل ما أملك لعقد صفقةٍ مع أحدكم فقط.”
نظراتهم التقت، ثم انصرفت بسرعةٍ بانزعاج.
ابتسمت في داخلي.
بهذه الاستراتيجية، أصبحت اليد العليا لي.
فإعلاني عن التحالف مع أحدهم فقط، أخلّ بالتوازن بينهم، وجعلهم يتنافسون على كسب ولائي.
وبينما ينشغلون بمراقبة بعضهم… ستكون لوتانيا قد كبرت.
يقال إنّ الاستيقاظ قد يبدأ في سن الثالثة أو الرابعة عشرة… لذلك كلّ ما أحتاجه هو شراء الوقت حتى تضع الأميرة أطواقهم مجددًا.
أغمضت عيني بلُطف، ونظرت إلى الوحوش الثلاثة الوقحة.
كانوا يتظاهرون بالتركيز عليّ، لكن أعينهم لا تزال مُنشغلة ببعضها.
الوحوش المترقّبة… دائمًا تتنازع.
تكلّم زيرنيا أولًا، وهو يبتسم ببريقٍ مبالغ فيه:
“جلالتكِ، أنتِ أذكى مما كنا نتوقع.
وبصراحة، أجد عرضكِ جذّابًا للغاية.
وأرغب في أن تقف عائلة زيرنيا إلى جانبك.”
“أرحب بنيّتكَ كثيرًا.”
“لكن…”
تعمّقت ابتسامته.
ثم قال بصوتٍ مُتفجّر:
“للتغلب على هذين الاثنين، فإنّ الفتات الذي ستمنحينه لي لا يكفي.
لو فقط… نعم، لو كنت أملك قوة الإمبراطور، قد يكون الأمر ممكنًا.
فما رأيكِ، جلالتكِ… أن تتزوّجيني؟”
“…ماذا؟”
“لا يوجد سابقة، لذا يجب النظر في الأمور القانونية…
لكن زوج الإمبراطورة هو الإمبراطور،
وحاليًا لا يوجد وريث شرعي، ولا قانون يمنع انتقال العرش عبر زواج الإمبراطورة.”
هل هذا الأفعى قد جُنّ؟!
طلبتُ منه حماية لوتانيا حتى تكبر، فيريد أن يصبح الإمبراطور بنفسه؟ عن طريق الزواج بي؟!
“دوق زيرنيا! جنازة الإمبراطور انتهت للتو، ألا ترى أنني لا زلت أرتدي الحداد؟!”
صرختُ بوجهه ببرود، لكنّه استمرّ بالابتسام.
“ألستِ من طلب مني حماية جلالتكِ ولوتانيا؟
سأحميكما حتى تستيقظ الأميرة.
في المقابل، ولوقتٍ قصير فقط، سأؤدي دور الإمبراطور.
وسأتولى أمر هذين الوحشين الخطيرين.”
“العرش يعود للوتانيا، يا دوق.”
“حالما تستيقظ الأميرة، سأصبح خادمها.
سواء تنازلتُ أو طُردت، فذلك قرارها.”
عينيه البنفسجيتين أضاءتا… وكأنّه خرج للتوّ بخطة عبقرية.
كنت مذهولة لدرجة أنني لم أستطع الرد.
ثم… ابتسم كيدميلان ساخرًا:
“لأول مرة، لسانكُ المسموم قال شيئًا منطقيًا.”
“توقّف عن العبث يا دوق كيدميلان، ابتعد.”
“مستحيل.
جلالتكِ… تزوّجيني أنا.
سأكون درعكِ الذي لا ينكسر.”
يا إلهي… لقد فقد عقله هو الآخر.
عيناه الزرقاوان كانتا صادقتين… لكن كلماته كانت مجنونة.
ثم… سمعتُ ضحكة خافتة أخرى.
تيلندر ضحك، كما لو لم يصدق ما يجري، ثم حكّ رأسه وتنهد بعمق.
رفع رأسه، وشعره الأسود يتمايل، ثم نظر إليّ بعينيه الحمراوين مباشرة:
“جلالتكِ، سأكون كلبكِ الوفي.
خذي يدي.”
هؤلاء الوحوش المجانين!
حتى للوقاحة حدّ!
أن يتقدّموا لي بطلب الزواج بعد أسبوع واحد فقط من موت زوجي؟!
لم أكن أعرف حتى كيف أوبّخهم.
لكن حينها، فُتحت أبواب قاعة العرش بعنف، ودوّى صوتٌ حاد:
“أمنع ذلك!”
كانت لوتانيا، ترتدي فستانًا أسود، وشعرها البلاتيني ينساب كضوء الشمس المنصهر.
ركضت نحوي.
الفتاة التي بكت بحرقة بعد أن فقدت والدها…
مددتُ يدي لأحتضنها، لكنها وقفت أمامي، تحميني من الوحوش الثلاثة، وصرخت:
“توقفوا عن مخططاتكم القذرة ضد جلالتها الإمبراطورة!”
تلك الطفلة الرقيقة، التي أصبحت ابنتي الغالية خلال أسبوعٍ واحد، تحدثت للمرة الأولى بنبرةٍ غاضبة وحادّة.
فقال لها تيلندر مبتسمًا:
“هذا أمرٌ بيننا وبين جلالتها. لا يحق لكِ التدخل، أيتها الأميرة.”
“اصمت! أيها الوغد الوقح!
أتظن نفسكَ أهلًا لجلالتها؟
أنت لست إلا وحشًا حقيرًا!”
ابنتي، التي فقدت والدتها منذ الصغر، ثم والدها منذ أسبوع،
والتي كانت تتشبّث بيدي المرتجفة بخوف… أصبحت الآن درعي.
اسمي سيونا رينكل لومينال.
وأنا الآن إمبراطورة مملكة بيلباتور… المملكة التي يعجّ فيها الوحوش.
الترجمه : غــيـو…
التلي:
https://t.me/gu_novel
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 4 - ,,,, دموع الوريثه 2025-07-01
- 3 - - اللقاء مع الوحوش الثلاث 2025-07-01
- 2 - كيف تروض الافاعي ب ابتسامه 2025-06-30
- 1 - - كيف تتعاملين مع عروض الوحوش 2025-06-30
- 0 2025-06-30
التعليقات لهذا الفصل " 0"