🖤 الفصل السادس عشر 🖤
“هذا الأحمق …”
‘و لِمَ يكون ذلك ذنبك! عدمُ قدرتك على إنقاذي كان مقصودًا من المؤلّف ، ليس خطأك!’
“قد يكون الأمر مُزعِجًا ، لكن من الأفضل أن تُراقبي درسًا آخر اليوم. درس السّيف ربما … آه ، و بعد قليل هناك درس العمارة أيضًا”
> لوسفيل سدَّ الدّاخل بحاجز. أظنّ أنّه يمكنني اختراقه باستخدام المانا … لكن عندها سيتنبه ذلك العجوز. ماذا نفعل؟
‘هل هو فعلًا يُجري تجربة؟’
كان لوسفيل يملك عادة نصب حاجز قبل أيّ تجربة ليضمن بيئة مثاليّة.
‘… لكن الأصوات ستصل على أيّ حال ، أليس كذلك؟’
هل السبب أنّي سمعت أنّ لوسفيل يُعاني من تأنيب الضمير؟ لقد خفق قلبي بخفّة مزعجة.
في الماضي ، كلّما شعرت بهذا ، كان أحدهم يتأذّى أو يقع أمر سيّء …
في تلك اللحظة ، ظهرت رسالة الإرشاد.
[المرحلة 3: (بملامح مُنتقِصة) إذن ، لْتكن العمارة]
كان اختياري لدرس السّحر من البداية بسبب أمر ذلك “المؤلّف الفاشل”.
و كانت زيارة المختبر أيضًا بإرشاده.
‘و لكن … لماذا يطلب التغيير فجأة؟’
كبر في صدري نذير شؤم لا يمكن كبحه.
لم أعرف السبب.
فقط خطر ببالي فجأة: هل يحتاج ظهور شخصية من الجزء الأول إلى الظهور أيضًا في الجزء الثاني؟
و كأنّها تحذير ، ظهر الإرشاد ثانية.
[المرحلة 3: (بملامح مُنتقِصة) إذن ، لْتكن العمارة]
أمسكتُ بذراع أوزوالد قبل أن يلتفت و يمشي.
و بدأت العقوبة فورًا.
شعرت بألم فادح جعل أنفاسي تنقطع لوهلة.
“أوه!”
تماسكت بصعوبة قبل أن يذهب وعيي.
لو فقدتُ الوعي هنا فسيتعرّض لوسفيل للخطر. لم يعد حدسًا ، بل يقينًا.
“افتح … الباب”
“نعم؟”
“حطّم هذا الباب حالًا!!!”
انقاد أوزوالد لصراخي دون تفكير ، و شرع بتلاوة التّعويذة.
“فاير بول!”
كوووواااااااه!!
تحطّم الباب بصوت يصمّ الآذان.
شَققتُ الدخان الخانق و اقتحمت الداخل.
“……!”
كان لوسفيل معلّقًا بحبل.
لم يكن قد نصب الحاجز للتحكّم ببيئة التجربة.
بل شيء آخر.
‘هذا الوغد المجنون’
“فـيل!”
فتح لوسفيل عينيه المُطبَقَتين.
عيناه الميتتان السوداوان تتنقّلان بيني و بين أوزوالد.
“أ ، أستاذ لوسفيل! لماذا تفعل شيئًا كهذا …!”
أسرع أوزوالد و رفع ساقَي لوسفيل.
احمرّ وجهه المتجعّد و تورّم عرق جبينه.
بلعتُ الدّم المتجمّع في حلقي و صرختُ.
“ماذا تفعل! اقطع الحبل!”
“آ ، نعم ، صحيح!”
ألقى أوزوالد التّعويذة.
في اللحظة التالية ، انقطع الحبل الّذي كان لوسفيل معلّقًا به.
كوانغ!
“أوه!”
سقط الاثنان متشابكين على الأرض.
“أهغ! هـه ، هـه! كح!”
“تبا لك … سـ— أنزل عني بسرعة …”
كادت ركبتاي تخونانني.
عضضت لساني و اعتدلت واقفة.
ثم اقتربت من لوسفيل الّذي كان جالسًا فوق بطن أوزوالد.
رفع لوسفيل رأسه يلهث بأنفاس مضطربة.
و حين التقت عينانا ، رفعت يدي و صفعته بكل قوتي.
تراااك—!
تورّد خدّه الشاحب فورًا.
تراااك—!
و ظهرت بصمة يدي الأخرى على الخد المقابل.
أوزوالد وحده كان يتخبّط بينهما بلا حول ولا قوّة.
“يا إلهي! يا دوقة ، تمالكي نفسكِ. أستاذ لوسفيل ، هل أنت بخير؟”
تحسّس لوسفيل خده ببطء دون أن يرد.
هو ليس شخصًا يصبر إن ضُرب.
عادةً كان سيصرخ بالشتائم و يطلق تعاويذه على الفور.
لكن الآن ، لا أثر للغضب ، ولا لهيب شخصيته القديمة.
كانت عيناه البنّيتان الحادّتان ميتتين ، و شفته باهتة متشقّقة.
و خدّاه غائران ، و جلده باهت جاف كالرمال.
اختفى الساحر الشرس ذو الطبع الأقذر من شكله.
لم يبقَ إلّا جثّة فاقدة الحيويّة.
شعرتُ خانقةً بالغمّ المنبعث منه.
كخيطٍ مشدود على وشك الانقطاع.
عضضت طرف لساني.
خيانة؟ خيبة؟ غضب؟ لم أعرف ما هو هذا الشعور.
كان صدري يغلي حتى يكاد ينفجر.
و رغم العقوبة ، استطعت تحمّل الألم دون إغماء ؛ هكذا كان الغيظ.
ابتلعتُ الدماء الحارة المتصاعدة و قلت: “أن تفعل شيئًا كهذا في مكان يوجد فيه أطفال … هل جننت ، أستاذ لوسفيل؟”
“يا دوقة! أستاذ لوسفيل ليس من هذا النوع! لا بدّ أنّ هناك سوء فهم …”
“سوء فهم؟ أتقول إنّني كنت أتوهّم ما رأيته بعيني؟”
و حين لم يجد أوزوالد طريقة للتغطية ، التفت يوبّخ لوسفيل.
“أستاذ لوسفيل! اعتذر للدوقة! حالًا!”
“لِمَ … كح! كح! هه—”
انفجر لوسفيل في سعال خانق. بعد ما حدث ، كيف لصوته أن يخرج طبيعيًا؟
“يا بني! هل أنت بخير؟ دعني أرى. هه؟”
انقلبت ملامح أوزوالد إلى قلق فوري.
قبل لحظة كان غاضبًا ، و الآن يغطيه الهلع.
دفع لوسفيل يد أوزوالد بصوت مبحوح.
“ابتعد ، يا أستاذ”
“ما … ما هذا يا ولد؟ أنا الآن … هـم! أستاذ لوسفيل ، يبدو أنّ حالتك سيئة ، و العميد يريد فحصك بنفسه. ارفع رأسك قليلًا”
إذن كانا تلميذًا و أستاذًا.
لا عجب أن أوزوالد يدلّله هكذا.
“دعني أرى كم تأذّيتَ ، أيها الشقي!”
“كفى”
تحرّك لوسفيل مبتعدًا و هو يحرّك شفتيه.
قد لا يلاحظ أيّ شخص عادي ، لكنّي عرفت ما فعله للتوّ.
لو دقّقت النظر ، اختفت آثار الحبل من عنقه.
لم يكن شفاءً ، بل نقلًا للسٍّمة إلى مكان آخر من جسده.
‘لابد أنّه نقلها إلى ساعده’
كان يدلّك ساعده السليم حين شهق فجأة.
“ألا تشمّون رائحة دم؟”
“……!”
هل شمّ الدم الّذي يخرج من فمي؟ أطبقتُ شفتيّ و أدرت جسدي بخفوت.
“ماذا؟ دم؟ هل أنت مُصاب؟”
“لا”
“ماذا تعني؟ لا يوجد هنا من يمكن أن ينزف غيرك!”
“تلك المرأة هناك”
“م— امرأة! راعِ لسانك. هذه هي الدوقة أدريان إيفرانتي!”
“أدريان؟”
“هيه! لا تُنطق ألقاب الدوقة هكذا!”
“…….”
كنت أعلم أنّ لوسفيل لن يتعرّف إلى أدريان.
فهو لا يهتمّ بأيّ شيء خارج دائرة اهتمامه.
‘لم يتغيّر هذا الجزء فيه على ما يبدو’
و بينما كنت أبتسم بمرارة ، صرخ أوزوالد فجأة: “أستاذ لوسفيل! ما هذا السلوك! لقد أخفتَ الدوقة بسببك! أهذا وقت الوقاحة؟!”
و رغم صراخه ، كان يغمز للوسفيل بمحاولة تهدئة الوضع ، و كأنّه يتحايل عليه كي لا أفتك به قبل أن يُنهي الأمر بنفسه.
“آمرك بصفتي عميدًا. اعتذر للدوقة حالًا!”
و رغم نبرته الحازمة ، انسكب القلق و الحبّ من عينَيه تجاه لوسفيل.
فالطالب الّذي ربّاه حتى أصبح ساحرًا من رتبة الماستر و بطلًا هزم ملك الشياطين ، يستحق أن يُدلّل.
و الآن و قد سقط في اكتئابٍ قاتل ، كيف لا يقلق عليه؟
من الواضح أنّه استدعاه إلى الأكاديمية ليحميه.
‘كيف تفعل شيئًا كهذا و هناك أستاذٌ كهذا بجانبك ، لوسفيل؟’
كان يمكنني تفهّم حزنه على موتي.
و يمكنني تقبّل شعوره بالذنب أيضًا. و إن كنتُ أغلي غيظًا.
‘لكن ليس هكذا! لستُ شيئًا يستحق أن تُضحّي بحياتك من أجله ، يا غبي!’
ذلك المتغطرس الّذي كان يرى نفسه فوق الجميع!
هممتُ أن أصرخ عليه ، لكنّي خشيت أن تزداد رائحة الدم فالتفتُّ بعيدًا.
ارتعشت أطراف أصابعي. لم يسبق أن ضربت صديقًا من قبل.
و لكن إن كان هذا سيعيد عقل لوسفيل ، فكنتُ على استعداد لركله حتى يتحوّل عجينًا.
‘هاه …’
حين هدأ غلياني قليلًا ، خطر لي سؤال.
‘أيّها المؤلّف الفاشل ، بماذا كنتَ تفكر؟’
هل أراد إنقاذ لوسفيل ، أم قتله؟
أم أنّه أراد اختبار مدى التزامي بالأوامر حتى في الظروف الحرجة؟
‘على كل حال ، لقد أنقذته الآن. و الباقي أن أعيده إلى رشده’
ضممتُ أصابعي المرتجفة و التفتُّ أتفحّص المكان.
‘شيء يُرثى له’
لوسفيل المُصاب بالوسواس لا يتحمّل الفوضى.
خصوصًا في تجارب السّحر ، حيث يؤثر ذرّة غبار واحدة في النتيجة ، لذا كان يحافظ على نظافة صارمة.
لكن المكان الآن؟
فوضى تامّة.
الأوراق مبعثرة على الأرض ، و الكتب غير مرتّبة في الرفوف.
المكان نظيف لأن أحدهم ينظّفه ، لكنه فوضويّ لدرجة يصعب الوقوف فيها.
‘و لماذا هذا المكان مظلم هكذا؟’
الستائر المعتمة حجبت ضوء النوافذ الكبيرة.
و الإضاءة كانت خافتة.
لم تكن الأجواء عابقة بالدفء ، بل خانقة و موحشة.
‘سيُصاب أيّ شخص طبيعي بالاكتئاب لو بقي هنا’
انقبض صدري.
أن يترك لوسفيل مختبره هكذا—
أن يستسلم لدرجة تقبّل هذا الوضع—
و الأسوأ … أنّ كلّ هذا بسببي.
[المرحلة 3: (و هي تسدّ أنفها بمنديل) هل يستخدم الأستاذ لوسفيل مختبره هكذا؟]
حسنًا. رائحة الدم كانت تزعجني أصلًا.
أخرجتُ منديلًا من الحقيبة اليدويّة و غطّيت أنفي و فمي.
“هل يستخدم الأستاذ لوسفيل مختبره هكذا؟”
التعليقات لهذا الفصل " 16"