تنقسم رتبة السّاحر وفق مستوى التّمرّس إلى: “أساسيّ <Major>” ثمّ “عامّ <General>” ثمّ “خبير <Expert>” ثمّ “ماستر <Master>” ، و أخيرًا المرتبة التي تُمنح لقب “السّاحر العظيم <Legend>”.
لوسفيل هو ساحرٌ من رتبة الماستر.
يمتلك موهبةً عبقريّة في فرع النّار ، و قد نال تقييمًا منذ أن كان في الخامسة عشرة من عمره بأنّه وصل إلى رتبة الأسطورة في مجال سحر الهجوم فقط.
كان يركّز أبحاثه و تجـاربه على القوّة التّدميريّة ، لكن بعد تراجع ملك الشّياطين ، دخل في فترة راحة طويلة.
لقد اختفى اختفاءً كاملًا ؛ لم يُعثر على أيّ نتيجة بحثٍ واحدة ، ولا حتّى سجلّ لتجربة واحدة.
و بعد خمس سنوات ، استأنف نشاطه حين شارك في أعمال إنشاء السّاحة الكبرى.
و منذ ذلك الوقت ، ركّز أبحاثه على السّحر العملي ، خصوصًا في مجال البناء ، و قد جرى تسويق نصف ما اخترعه من ابتكارات.
يملك الماستر لوسفيل إجماليّ 117 براءة اختراع. و الأرباح الّتي جناها منها تكفي لإعالة ثلاثة أجيال لمدّة 1000 عام ، و من أشهر ابتكاراته: “الرّشّاش <Sprinkler>”.
— هذا مقتطف من <لقد أصبحتُ القدّيسة الّتي تُنقذ العالم>.
***
“أووه ، يبدو أنّكِ تعرفين أيضًا يا دوقة. نعم ، الماستر لوسفيل هو الّذي يتولّى دروس أساسيات السّحر”
“……!”
ماذا؟ لوسفيل يدرّس الأطفال؟ لوسفيل الكلب المجنون؟
“سمعتُ أنّ شخصيّته لا تناسب وظيفة أستاذ … هذا مفاجئ”
“ههه ، صحيح أنّ البروفيسور لوسفيل عبقري ، لكن ليس لديه أيّ موهبة في التّدريس”
“هل تقدّم الماستر لوسفيل بنفسه ليصبح أستاذًا؟”
“ليت الأمر كذلك ، لكن في الحقيقة لم نتمكّن من تركه وحده ، فاضطررتُ لجرّه جَرًّا”
“……؟”
قبل أن أُظهر استغرابي ، فتح أوزوالد باب الفصل بهدوء و همس: “تفضّلوا بالدّخول”
دخلتُ إلى قاعة التّدريس.
لقائي مع ريونهايت كان فوضويًّا ، لكن مع لوسفيل … لا بدّ أنّه سيكون بخير.
كان قلبي يخفق بعنف.
“……?”
لم يكن في القاعة سوى الأطفال ، و لم يكن لوسفيل موجودًا في أيّ مكان.
سأل أوزوالد الأطفال بوجهٍ جادّ: “تشيس ، أين ذهب البروفيسور لوسفيل؟”
“البروفيسور لم يأتِ بعد”
“ماذا؟ مجددًا؟”
رفع أوزوالد صوته غاضبًا ، ثمّ التفت إليّ بابتسامة مصطنعة: “آه ، لا بدّ أنّه ما زال في المختبر. أحيانًا ينسى المرء الوقت و هو يجري أبحاثه ، هه هه!”
“نعـم؟”
“كـ ، كح! سأذهب للمختبر لأراه ، لا تُحدثوا ضوضاء و انتظروا هنا”
يا سيدي … تمثيلك سيّء للغاية.
أيّ أمرٍ عظيمٍ يجعلهم يخفون كون ساحرٍ تأخّر عن درسه؟
‘هل هو في منتصف تجربة ما؟’
إنّ تركيز لوسفيل شيءٌ مرعب.
أصلًا السّحرة كذلك ، لكن لوسفيل أكثرهم سوءًا.
حالما يبدأ تجربة ، ينسى العالم تمامًا.
لا يأكل ، لا ينام. لا يدرك أنّه جائع. و لو مات أحد بجانبه لما لاحظ.
و مع ذلك ، لم يكن أحد يراه أمرًا خطيرًا.
لم يسأل أحد إن كان من الطبيعي أن يخرج من التجربة و هو أشبه بهيكل عظمي.
السّاحر إنسان أيضًا.
و لهذا كنتُ أنا الّتي تسحبه من مختبره.
لكي لا يموت جوعًا. و لكي يستحمّ مرّة في اليوم. و لكي يحصل على الحدّ الأدنى من النّوم.
<فـيل ، دعنا نذهب لشرب الجعة مع البقية>
<ألا ترين أنّي في منتصف تجربة؟ و قلتُ لكِ لا تناديني بتلك الطّريقة!>
<لوس ، أتريد أن تشرب جعة؟>
<فقط … لا تناديني أصلًا. أرجوكِ توقّفي عن الكلام معي!>
<إيييه ، مع أنّكَ تحبّ التّحدث معي>
<… هل جننتِ؟>
<لم تأكل أيّ وجبة اليوم ، صحيح؟ هل أحضر لك شيئًا؟>
<كليه بنفسك!>
<لا يمكنك التّحدث بلطف؟ وجهك الجميل يضيع هكذا>
<هه! يا لِتفاهتك>
<هل يمكنني مشاهدة التّجربة لاحقًا؟>
<لا! تظنّين أنّي لا أعرف أنّك ستجبرينني على النّوم مجددًا؟>
<فـيل ، هل كان محرجًا عليكَ أن أراك و أنتَ نائم؟ لا تقلق. أنتَ لا تشخر و تنام بهدوء>
<… أنتِ و أنا سنُنهي الأمر اليوم. انتظريني هناك>
<سنذهب نحن أوّلًا للحانة. خذ وقتك في غسل وجهك>
<عودي إلى هنا! ياااا!!!>
كنتُ أجرّ لوسفيل للخروج من المختبر بالقوّة ، و في كلّ مرة كان يصرخ و يزبد لكنّه يخرج في النهاية.
و بعد شجارات لا تنتهي … أصبحنا قريبين. قصّة مألوفة.
و الآن ، بما أنّه لا أحد يزعجه ، فلا بدّ أنّه عاد لعادته القديمة.
‘لكن طالما أصبح أستاذًا ، فعليه الالتزام بوقت الدّرس’
التفت إليّ أوزوالد و هو يحكّ مؤخرة رأسه.
“أعتذر ، سأذهب إلى مختبر البروفيسور لوسفيل لوهلة. هل تنتظرون هنا يا دوقة؟”
[المرحلة 3: (بنظرة: أنت لتلك الدرجة تجرؤ على إزعاجي؟) مزعج ، خصوصًا و هو أستاذ. سأذهب معك]
تنفّستُ بعمق و أنا أقرأ تعليمات السّيناريو.
“مزعج ، خصوصًا و هو أستاذ. سأذهب معك”
كنتُ أصلًا أنوي مرافقته.
لوسفيل لو كان غارقًا في تجربة ، فلن يستطيع أوزوالد إخراجه وحده.
التفتُّ إلى فياشير.
“فياشير ، ابقي مع لونا في القاعة. ستلتقين بهؤلاء الأطفال كثيرًا لاحقًا ، فالأفضل أن تتعارفوا مسبقًا”
أمسكت فياشير طرف ثوبي بخجل و قلق.
“… هـ ، هل ، هل يمكنني الذّهاب مـ ، مـ ، مع الدّوقة أيضًا؟”
“لماذا ، هل تخافين من الأطفال؟”
“لـ ، لا … لكنّني … لا أستطيع … التّحدث جيدًا …”
[المرحلة 1: (ببرودة) لقب إيفرانتي يضيع عليكِ]
تجمّد وجهي بقسوة.
و بمجرّد تغيّر الجوّ ، تجمّدت فياشير بالكامل.
“ما اسمكِ”
“نعم؟”
“قلتُ ما اسمكِ”
“… فـ ، فياشير”
“هل هذا كلّ شيء؟”
“لـ ، لا … أنا فيا ، فياشير إيـ ، إيفـ … إيفرانتي”
[المرحلة 1: (بسخرية) تعلمين و مع ذلك تتصرفين هكذا؟]
“أجل ، أنتِ فياشير إيفرانتي. أتعلمين ما معنى ذلك؟”
“أ ، أعتذر … لا … لا أعلم”
[المرحلة 2: (بصرامة) لا أحد في هذا الفصل يملك أن يقلّل من شأن إيفرانتي]
“معناه أنّه لا أحد هنا يجرؤ على احتقاركِ”
رفعتُ عيني فقط نحو الطّلّاب.
“و أظنّ أنّ الأطفال هنا يعرفون هذا جيّدًا. و إن لم يعرفوا … يمكنني أن أعلّمهم بنفسي”
أدار الأطفال رؤوسهم بسرعة ، و قد بدأت شهقات مكتومة تظهر.
يبدو أنّ صوتي المخيف و عيني الثّلاثيّة أرعبتهم.
نظرتُ إلى فياشير مجددًا.
“ما زلتِ تريدين المجيء معي؟”
“… لـ ، لا. سـ ، سأبقى هنا. عـ ، عودي بسرعة”
“لونا ، ابقي قرب فياشير”
“نعم ، سيّدتي”
خرجتُ مع أوزوالد من القاعة و صعدنا مجددًا إلى الطّابق الخامس.
طرق أوزوالد باب مختبر لوسفيل.
طَرق— طَرق—
“بروفيسور لوسفيل ، هل أنت بالداخل؟”
طبعًا لم يأتِ أيّ صوت.
طَرق— طَرق— طَرق— طَرق—
“هل نسيت الدّرس؟ لوسفيل! أعلم أنّك في الداخل ، أجب!”
ظلّ المكان صامتًا.
راح أوزوالد يطرق الباب بعنف و يرفع صوته.
دَق—! دَق—! دَق—!
“لوسفيل! ماستر لوسفيل! لوسفيل! أيّها الأحمق! … هم؟ هل هو غير موجود فعلًا؟”
بعد أن كاد يكسر الباب من شدّة الطّرق ، توقّف أوزوالد فجأة.
“ظننتُ أنّه في المختبر ، لكن يبدو أنّه خرج. يا للخجل … كيف سأواجه الدّوقة الآن؟”
في تلك اللحظة ، اخترق رأسي صوت أونديني.
> أأذهب لأرى إن كان في الداخل؟
نظرتُ إلى أوزوالد ثمّ أومأت مرّة.
زفر أوزوالد تنهيدة طويلة و قد بدا محرجًا.
“سأكون صريحًا. في كلّ عام ، خلال هذه الفترة … يصبح البروفيسور لوسفيل … أمم … قليلًا مكتئبًا. لهذا يتغيّب عن الدّروس أو يتأخّر”
الاكتئاب … و لوسفيل؟؟
هذان كالزّيت و الماء.
أيّ لوسفيل؟ ذاك الإنسان الّذي لو صُنع تمثالٌ لكبريائه لَسُمّي باسمه.
كان دائم الثّقة بنفسه. ما يزعجه كان يزيله بدلًا من تجاهله.
مشاعره أولويّة قصوى ، ولا ينظر لأحد.
إن غضب ، اشتعل غضبه. و إن فرح ، ضحك عاليًا. دون أيّ اعتبار للوقت أو المكان.
‘أيّ كارثةٍ حدثت له … ليصبح هكذا؟’
أخفيتُ قلقي و سألتُ ببرود مصطنع: “هل حدث أمرٌ سيّء للبروفيسور لوسفيل؟”
“أديلا هيلسنغتون توفّيت في مثل هذا الوقت ، ألم تسمعي؟ يبدو أنّ الصّدمة كانت كبيرة عليه”
“… ماذا؟”
“كان بالقرب منها و مع ذلك لم يستطع إنقاذها. ظلّ يلوم نفسه قائلًا إنّ موت أديلا خطأه. و لم يستطع استعادة هدوئه ، فاضطررتُ لأخذه للأكاديميّة. كان تركه وحده أمرًا مقلقًا للغاية”
التعليقات لهذا الفصل " 15"