🖤 الفصل الرابع عشر 🖤
“… فلنحوّلها إلى حصّة سحر”
“جيّد. إذًا فلتتناولي كوبًا من الشّاي إلى أن تبدأ الحصّة. سأُرافقكم إلى مكتب العميد. فياشير ، هل تمسكين بيد العمّ؟ أخشى أن يتعثّر”
أومأتُ للطفلة الّتي نظرت إليّ مرّة أخرى ، إيماءة تعني السّماح.
عندها فقط احمرّت وجنتا فياشير بشدّة ، و أمسكت بأصابع أوزوالد بإحكام.
في تلك اللحظة ، بعثت أونديني برسالة تخاطريّة و هي تختبئ في الهواء.
[آديلا ، ذلك الإنسان العجوز يُحرّك المانا الآن. أعتقد أنّه يستكشف فياشير]
يريد أن يرى ما إذا كانت تملكُ مانا.
[لا يبدو أنّه ينوي الهجوم. هل نراقبه فحسب؟]
تظاهرتُ بأنّني أنظر حولي ، و هززت رأسي قليلًا.
لم يكن هناك سبب لمنع أوزوالد. ففياشير لا تملك مانا أصلًا.
“أحسنتِ. هيّا يا فياشير ، هل نذهب مع العم؟”
“نـــعـــم …”
***
كان المبنى من الدّاخل جميلًا و مريحًا.
عادةً ما يتخلّى الطّراز القوطي عن بعض الجوانب العمليّة ، لكنّ الأكاديميّة لم تكن كذلك أبدًا.
أوّلًا ، كانت درجة الحرارة مثاليّة.
‘هل يضبطونها بالسّحر؟’
لم يكن حرّ الخارج محسوسًا على الإطلاق.
لم تُلطَّخ الجدران الدّاخلية الفاخرة ولا نوافذ الزّجاج الملوّن ببصمة واحدة.
حتّى لوحة السّقف الضّخمة الّتي ملأت القبو لم يكن فيها خدش واحد.
كان واضحًا أنّ كلّ المرافق تُدار بعناية فائقة.
‘لا عجب أنّ العجوز يفتخر بها’
كنت أهمس إعجابًا في داخلي مرارًا بينما أحدّق في لوحة السّقف ، حين وصلتني رسالة تخاطريّة ممتلئة بالانزعاج من أونديني.
[لماذا يحدّق كلّ أولئك الأطفال بكِ؟]
‘هاه؟’
حين أنزلت رأسي ، وجدت أن أكثر من نصف الأطفال في الطّابق الأوّل ينظرون إليّ.
وجوههم كلّها فاغرة الفم.
و بدأ الأطفال الّذين لم ينتبهوا لي بعدُ يُركّزون نظرهم نحوي.
‘واو. ما هذا البريق!’
‘من هذه؟’
‘هل هي أستاذة جديدة؟’
‘أوه! سمعت أنّها تشبه الدّوقة!’
‘يقولون إنّها الدّوقة إيفرانتي!’
‘الأستاذ الجديد هو الدّوقة إيفرانتي!’
‘وااااه!’
انتشرت هويّتي بين الأطفال في لحظة. و خيّم الصّمت على الطّابق الأوّل.
[تشه! يعرفون الجمال على الأقل. هؤلاء البشر دائمًا كذلك]
‘انظري إلى ذلك الّذي يبكي هناك. هذا بالتّأكيد ليس إعجابًا’
… كنت أودّ قول ذلك ، لكن بما أنّني لا أملك قدرة إرسال التّخاطر مثل أونديني ، ففكّرت به فقط.
الأطفال لم ينظروا إليّ لأنّني جميلة.
في البداية ، لا بدّ أنّ شيئًا لامعًا دخل المبنى فشدّ أنظارهم من غير قصد.
و كان ذلك منطقيًّا. ففستاني كان ، صراحة ، أكثر فخامة من المبنى نفسه تقريبًا.
ثمّ لا بدّ أنّهم ارتعبوا بعد أن عرفوا هويّتي.
‘لكن لماذا يخاف منّي الأطفال أيضًا؟ كلّهم يرونني لأوّل مرّة’
أيعقل أن أمّهاتهم و آباءهم اغتابوني أمامهم؟
بما أنّ جميع الموجودين أبناء نبلاء ، فهذا مُحتمل جدًّا.
لاحظ أوزوالد الجوّ المتجمّد ، فابتسم بافتعال.
“يبدو أنّ بعض الأطفال ما زالوا يتذكّرون المحاضرة الخاصّة الّتي ألقتها الدّوقة. هاهاها”
أأدريان قدّمت محاضرة؟ ماذا فعلت بالضّبط لتجعل الأطفال هكذا؟
“همم! فلنصعد. فياشير ، تعالي إلى غرفة العم و تناولي وجبة خفيفة ، ثمّ سننزل لأريكِ المكان ، حسنًا؟”
“نعم …”
صعدت فياشير الدّرج و هي تسترق النظر في كلّ الاتّجاهات.
كانت عيناها الزّرقاوان تتلألآن فضولًا و دهشة.
ستتعثر بهذه الطّريقة.
“فياشير ، انظري أمامكِ”
“آه! حاضر!”
حين دخلنا مكتب عميد الطّابق الخامس ، أعدّ أوزوالد الشّاي بنفسه.
و امتلأت الغرفة بالعطر فورًا.
“تفضّلا”
شربتُ الشّاي بوضعية لا غبار عليها.
متكبّرة لكن أنيقة. و بملامح تقول: “هذا مقبول نوعًا ما”
و في تلك الأثناء ، كان أوزوالد يُحاول استمالة فياشير بكلّ جهده.
“رأيتِ قبل قليل ، أليس كذلك؟ الطّابق الأوّل فيه مطعم و مرافق عديدة ، و من الطّابق الثّاني إلى الرّابع توجد الفصول”
“نـــعـــم …”
“مكتب العميد و غرف الأبحاث في الطّابق الخامس. بما أنّ هنا غرفة العمّ ، فيمكنكِ زيارتي متى أردتِ ذلك أثناء الدّراسة”
“أوه …”
“ساحة تدريب السّيف و ميدان التّطبيق السّحري خلف المبنى الرئيسي. لكنّ الذهاب وحدكِ خطير ، لذا سنذهب سويًّا لاحقًا. حسنًا؟”
“… عـ ، عمّي ، هل ، هل يمكن أن آتي ، آتي مجدّدًا؟”
“بالطّبع! العمّ يريدكِ أن تأتي كلّ يوم ، لا مرّة واحدة فقط. و أنتِ ، يا فياشير؟ هل ترغبين في الدّراسة هنا؟”
“أنا …”
رغم أنّ فياشير بدت واقعة في غرام الأكاديميّة ، إلّا أنّها لم تُجب فورًا.
كانت تعتقد أنّ عليها أخذ إذني أوّلًا.
فهم أوزوالد تردّدها على الفور ، فتظاهر بالدهشة.
“ألم تسمعي؟ الدّوقة قالت إنّها ستسمح لفياشير بفعل ما تريد. ألم تعلمي؟”
“حـ ، حقًّا؟”
استدارت الطّفلة نحوي بسرعة.
كانت عيناها المستديرتان مليئتين بالسّؤال.
هل حقًّا ستسمحين لي؟ هل أستطيع الذهاب إلى الأكاديميّة كما قال العم؟
‘لقد سقطتِ تمامًا في الفخ’
لم يكن أوزوالد يستميل فياشير فحسب ، بل كان يستميلني عبرها.
فبمجرّد دخول فياشير إلى الأكاديميّة ، تصبح الأكاديميّة مدعومة باسم إيفرانتي.
و بما أنّ إقناعي مباشرةً مستحيل ، كان من الطّبيعي أن يُهاجم عبر فياشير.
طبعًا ، لا شكّ أنّه أحبّها أيضًا.
‘كنت أظنّ أنّ تولّيه منصب العميد غريب ، رغم أنّه ساحر من رتبة خبير …’
لكنّ مراقبته جعلتني أفهم.
كان أوزوالد بارعًا بقدر مذهل.
و على عكس ما يُعرف عن السّحرة ، كان كلامه سلسًا مقنعًا.
و رغم أنّه يستغلّني علنًا ، لم أشعر بالاستياء.
ربّما لأنّ نيّته لم تكن أنانيّة أو طمّاعة.
‘أعجبني هذا العمّ. يبدو مناسبًا لرعاية فياشير’
و أصلًا ، حسب القصّة ، كان من المُتوقّع أن تلتحق فياشير بالأكاديميّة مستقبلًا.
و كنت أفكّر فيما لو لم تعجبني الأكاديميّة ، فماذا أفعل …
‘لكن يبدو أنّه لا داعي للقلق الآن ، و هذا جيّد بالنّسبة لي’
[المرحلة الثانية: (تتنهّد) هل ما زلتِ لا تفهمين بعد أن أحضرتكِ بنفسي إلى الأكاديميّة؟ بالطّبع ستدرسين هنا!]
نظرتُ إلى فياشير بعين باردة.
“ألا تفهمين سبب إحضاري لكِ إلى الأكاديميّة؟ لقد جئتُ بكِ لأنّ الخيار خياركِ”
“آه …”
فكّرت فياشير طويلًا ، ثمّ سألت بخجل: “هل ، هل يمكنني ، الـ ، الــمجيء كلّ يوم؟ يا ، يا دوقة ، هل ، هل هذا مسموح؟”
“افعلي ذلك”
جلست فياشير مصدومة لثوانٍ ، ثم قفزت واقفة.
“… أه! حـ ، حقًّا؟”
“إن لم يعجبكِ ، فلا بأس”
“لا ، لا! ليس كذلك! أهه … شـ ، شكرًا لكِ ، يا دوقة. حقًّا!”
رفعتُ فنجاني لأحجب وجهي.
كان وجه فياشير محمرًّا بشكل قد يجعلني أضحك بصوت عالٍ.
و ازداد وجه أوزوالد إشراقًا.
و بينما كان يُقشّر قطعة سُكّر بنفسه و يُطعمها لفياشير ، قال: “لقد حان موعد بدء الحصّة. فياشير ، هيّا لنذهب مع العمّ إلى الحصّة”
“نعم!”
و أثناء نزولنا إلى الطّابق الثّالث حيث تُقام حصّة السّحر الأساسي ، أخذ أوزوالد يفاخر.
“لقد ارتفعت شعبية حصّة السّحر الأساسي كثيرًا مؤخرًا. حتّى الّذين لا يملكون موهبة في المانا يحضرونها”
هل هو جيّد في التّعليم؟ مستحيل.
فالسّحرة لا يجيدون فعل شيء اسمه التّعليم.
إذ يولدون عباقرة ، فلا يستطيعون فهم حقيقة أنّ: “ليس كلّ النّاس يفهمون المبدأ من أوّل نظرة”
‘على الأقلّ ذلك السّاحر الوحيد الّذي أعرفه كان كذلك … ربّما يوجد سحرة طبيعيّون؟’
“هل مهارته في التّعليم جيّدة؟”
“ليست مسألة مهارة … قبل فترة قصيرة ، انضمّ أستاذ جديد. إنّه من رتبة ماستر”
“آه …”
في إمبراطوريّة فيليو ، لا يوجد سوى ثلاثة سحرة من رتبة ماستر.
و أنا لم أرَ سوى واحد منهم.
ولا يهمّ إن كان الماستر سيّئًا جدًّا في التّعليم.
فالاسم وحده يكفي.
‘لا عجب أنّ الطّلبة كُثُر’
فالسّحر الأساسيّ بسيط بما يكفي ليحضرَه العامّة ، و فوق ذلك هو فرصة ذهبيّة لبناء علاقة مع ساحر من رتبة ماستر.
“حين تسمعين الاسم ستعرفينه فورًا ، يا دوقة. فهو مشهور جدًّا”
“طبعًا مشهور. فهو ماستر”
“ليس لهذا فقط ، بل لأنّه أحد الأبطال الثلاثة الّذين هزموا ملك الشياطين مع آديلا هيلسينغتون”
توقّفت عن المشي فورًا. و اهتزّ صوتي قليلًا.
“أهو … لوسفيل …؟”
التعليقات لهذا الفصل " 14"