“فلنبقَ الليلة معًا.”
“…….”
ما الذي يقصده…؟
اتجهت عينا دانا المرتبكتين إلى طرف شفتي إدوين الأنيق.
بدا شفاهه الحمراء جذابة على نحو خاص ذلك اليوم.
هل يمكن أن يكون… إغواءً؟
رغم أنها لم تسبق لها تجربة الحب، كانت دانا تعرف ما يكفي.
وأخذت أفكارها تنسج سيناريوهات بعيدة.
“إ، إدوين! أنا….”
“نقضي الوقت معًا بالدردشة، وتناول الطعام اللذيذ، ونمرح قليلًا.”
“آه….”
ما الذي كنت أفكر فيه!
احمرّ وجه دانا خجلًا.
وكأن لمسةً واحدة قد تترك بقعةً وردية على بشرتها.
‘هل من الممكن أنه كشف أفكاري…؟’
نظرت إلى إدوين بحذر، فكان لا يزال محتفظًا بهدوئه المعتاد.
حاولت دانا أن تتحدث بصوتٍ واثق عن قصد.
“ح، حسنًا! فلنمضِ الليلة معًا.”
لقد وافقت بلا تفكير من شدة ارتباكها.
دون أن تدرك أن ذلك ربما كان موعدًا غراميًا من طرفه.
وفي تلك الأثناء وصلا إلى قسم علم الجرعات السحرية.
فتح المسؤول عن غرفة الترتيب الباب وقال.
“مهما فكرت في الأمر، تبدو كمية الطلبات كبيرة جدًّا… هل تستطيعان إنهاء الترتيب؟”
“بالطبع، لا بأس.”
ابتسمت دانا ابتسامة مصقولة بخبرتها الاجتماعية.
غادر المسؤول وهو ما يزال يبدو قلقًا.
“إدوين، أعطني المستندات من فضلك.”
فتح إدوين المستندات بعناية وسلّمها إليها.
نظرت دانا إلى الكمية باستغراب.
‘بالفعل الأمر مريب. لم يحدث شيء غير عادي، ومع ذلك زادت كمية الطلبات…’
يبدو أن شعورها بالريبة لم يكن مختلفًا عن إدوين.
طرح إدوين سؤالًا بنبرة هادئة:
“هل من يحدد الكمية المطلوبة هو رئيس القسم، لايتن، وحده؟”
“نعم، في الغالب. ويرفع تقريرًا للإدارة العليا مرة في الشهر.”
“ومن الذي يقوم بتقديم التقرير؟”
“نحن من نكتبه، ولايتن هو من يرفعه.”
إذًا، يمكن التلاعب بالأمر بسهولة.
أكمل إدوين تحليله للموقف بسرعة.
وفي تلك اللحظة، بدأت نبرة دانا تتغير إلى الجدية.
“في الحقيقة، هناك شيء مريب. الجرعات تُستهلك بسرعة غير طبيعية من المخزن.”
“هل تشكّين به؟”
“قد لا يكون لايتن تحديدًا، لكن…”
بكلماتٍ أخرى، الشبهات تدور حوله بدرجة كبيرة.
إدارة الجرعات كانت من اختصاص القصر الإمبراطوري بشكل حصري.
وتهريبها أو بيعها خارجه يُعد جريمة كبرى.
“يبدو أنه من الضروري التحقيق في الأمر.”
“لا جدوى.”
تنهدت دانا بعمق..
“الرئيس المباشر، توني، سينحاز دومًا إلى لايتن. وإذا أردت رفع تقرير إلى أعلى، فلا بد أن يمر من خلال لايتن نفسه.”
“إذًا، فلنُراقبه.”
“مراقبة…؟”
“لدي صديق في قسم إدارة الأدوات السحرية. بإمكانه أن يعيرنا جهاز تسجيل سحري.”
“واو.”
كم هو جريء هذا المستجد!
تقديم طلب لأداة سحرية كهذه يتطلب عادةً إذنًا ملكيًّا، أو الانتظار لثلاثة أشهر على الأقل.
وهو سيستعيرها فورًا بواسطة صديقه؟!
‘يا لقوة العلاقات!’
في تلك اللحظة، لمعت عينا دانا ببريق خاص.
“انتظر، أداة سحرية قلت؟…”
ارتسمت ابتسامة مائلة على طرف فمها.
ثم قالت لإدوين.
“هل يمكنني استعارة واحدة أنا أيضًا؟”
“بالطبع.”
“شكرًا، أرغب في تقديم هدية جميلة لأخي.”
رافق صوتها نبرةٌ غريبة من الحماس.
***
في نفس الوقت، داخل نادي الفيكونت هامبرن…
“بما أن الأمور وصلت إلى هذا الحد، أرجو أن تثق في شقيقتي وتزيد الاستثمار قليلًا فقط.”
كان جيمي، شقيق دانا، يتوسّل إلى الفيكونت بهيئة مذلّة.
ضيّق هامبرن عينيه وقال.
“ألم يكن هذا حالك في المرة الماضية، والتي قبلها؟ ولم أسترد شيئًا حتى الآن.”
“لكن هذه المرة الاستثمار مضمون مع شركة تجارية موثوقة!”
همم. لعق الفيكونت شفتيه بلسانه الممتلئ.
هذا النادي أسّسه الفيكونت بنفسه.
رغم أنه بُني لتوطيد العلاقات بين النبلاء الذكور، إلا أنه في الحقيقة لم يكن إلا دار قمار مموَّه.
وكانت علاقته بجيمي قد بدأت من هنا.
“سمعت أن أختكَ جميلة، أليس كذلك؟”
عند سماع ذلك، أومأ جيمي بسرعة.
“نعم، قد تكون متحجرة بعض الشيء، لكن شكلها لا بأس به.”
“ومن المؤكد أنها لم تجرّب الحب من كثرة انشغالها.”
“بالضبط، بالضبط!”
“نعم، يجب أن تكون المرأة محتشمة بطبعها.”
ويبدو أن جواب جيمي راق للفيكونت، فأمر أحدهم.
سرعان ما وُضعت شيكات ومستندات على الطاولة أمامه.
“فقط وقّع هنا، وستحصل على المال.”
“شكرًا جزيلًا!”
وقّع جيمي من دون حتى قراءة المحتوى.
ضحك الفيكونت بسخرية وسأله.
“هل قرأت محتوى المستند؟ المال ليس لأختك، بل لك أنت.”
“ماذا تقصد؟”
“أنت المسؤول عن إحضارها إلى حفل الزفاف، وإلا فستتحمل المسؤولية أنت، جيمي هارتوين.”
“آه، لا تقلق! تلك الفتاة تطيع عائلتها طاعة عمياء.”
ابتسم جيمي بابتسامة شرهة.
***
بعد أن ألصقوا الملصقات على الجرعات المعبّأة في الصناديق وتحقّقوا من الكمية ورتّبوها، كان وقت الانصراف قد حلّ بالفعل.
“سينباي، هل نغادر الآن؟”
“نعم.”
ما إن خرجوا إلى الخارج، حتى ارتفعت نظرات دانا نحو السماء.
كان وقت المساء المبكر، والضوء الأزرق لا يزال عالقًا في الأفق.
وكانت الجموع من حولها مكوّنة من موظفين أنهوا دوامهم وغادروا.
‘يا لهذا المنظر… لم أشاهده منذ وقت طويل.’
لطالما كانت سماء دانا على حالتين فقط.
سماء الصباح أثناء الإسراع إلى العمل، وسماء الليل الحالكة بعد ساعات العمل الإضافية.
وبينما كانت دانا تغرق في تأملها، سَمعت فجأةً صوت إدوين.
“سينباي، هل ترغبين في القيام بشيء اليوم؟”
“لا أعلم.”
هي غادرت العمل مبكرًا، لكنّها لا تعلم كيف تستمتع أو ماذا تفعل.
ابتسم إدوين بهدوء، وكأنّه يطمئنها.
“إذن، ما رأيكِ أن نبدأ بالعشاء؟”
لكن المكان الذي قادها إليه لم يكن المنزل، بل الساحة.
أطفال يضحكون بفرح، وروائح لذيذة تتصاعد من عربات الباعة، وعروض موسيقية في الشارع…
انساقت دانا مع المشهد النابض بالحياة بكل حواسها.
في تلك اللحظة، ناداها إدوين.
“اليوم، سأترك كل شيء بيدكِ، سينباي.”
“ماذا تعني؟”
“أعني أن تفعلي ما تشائين اليوم. دون أن تقلقي بشأن شيء، دون حسابات أو تردد.”
كانت هذه أول مرة تُعطى فيها حرية الاختيار منذ زمن طويل.
فحياة دانا أصبحت مقلوبة منذ سنوات.
وبينما ترددت لوهلة، سمعت صوت إدوين الحنون يهمس.
“ليس عليكِ القلق. فقط اتبعي قلبكِ. ودعي قدميكِ تقودانكِ.”
“…حسنًا.”
الغريب أن كلماته لامست قلبها بلطف.
وشعور منعش بالتشوّق دبّ في أوصالها.
وسارت دانا في الساحة دون أي همّ أو قلق.
شاهدت الزهور في الأكشاك، واستمتعت بعزف الفرقة الموسيقية في الشارع.
أما إدوين، فقد مشى بصمت متناسقًا مع خطواتها.
وفي نهاية المطاف، وصلا إلى مطعم صغير.
كان يبدو وكأنه بيت صغير تم تحويله إلى مطعم، ومليء بالزهور، ربما من ذوق المالك.
الأزهار تملأ الحديقة، وتغطي حواف النوافذ، وحتى حواف السطح.
وبينما كانت دانا تنظر إلى الحديقة بوجه مشرق، سألها إدوين.
“يبدو أنكِ تحبين الأزهار.”
“نعم، أشعر بأنني أستمدّ القوة عندما أكون محاطة بالنباتات.”
ابتسمت دانا بلطف.
“قد يبدو غريبًا، لكنني أشعر بانسجام مع النباتات.”
“حقًا؟”
“الغريب أن الزهور التي تذبل، تستعيد حيويتها حين ألمسها. لهذا السبب أنا من يتولى العناية بالنباتات في المكتب.”
في تلك اللحظة، هبّت نسمة ربيعية.
وتساقطت بتلات الزهور تحت شجرة وردية اللون.
تنشّق الاثنان عبير الربيع المنعش ودخلا إلى المطعم.
كان المكان هادئًا، والزبونان الوحيدان هما دانا وإدوين.
وعندما استقبلهم صاحب المطعم، قدّم لهما شاي زهور عطري.
أمعنت دانا النظر في الأزهار الموضوعة في منتصف الطاولة، وابتسمت.
“لقد كان يومًا شاقًا، أليس كذلك؟ ترتيب الجرعات قد يبدو بسيطًا، لكنه ليس كذلك.”
بينما كانت دانا تتجوّل بعينيها في المطعم، كان إدوين لا ينظر سوى إليها.
ثم قال:
“وأنتِ كذلك.”
“هاه؟”
“لقد صمدتِ بشكل رائع اليوم أيضًا. بكل إخلاص، وبهدوء.”
“……”
كانت هذه أول مرة يُقدّر فيها أحدهم يومها بشكل إيجابي.
سواء كان رؤساؤها أو عائلتها، لم يكونوا يرون سوى ضرورة بذل المزيد من الجهد.
وربما لهذا السبب، شعرت دانا بشيء يثقل صدرها إثر كلماته.
قالت بابتسامة مُصطنعة.
“شكرًا، كلامك لطيف جدًا يا إدوين.”
“لكنه حقيقي.”
أمال رأسه قليلًا وهو يقولها.
وكانت عيناه الحمراوان تسطعان باتجاه دانا.
“قد يبدو الأمر مغرورًا، لكن…”
قال بوجه جاد.
“لقد بذلتِ اليوم جهدًا لا يُستهان به. لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك.”
“..…”
“لذا، من الآن فصاعدًا، عليكِ أن تمنحي بعض الوقت لنفسكِ فقط.”
ثم ابتسم مجددًا بمزاح خفيف.
كانت مجرد كلمات من شخص لم يمضِ على معرفته بها سوى بضعة أيام، لكنها تركت صدى عميقًا في قلبها.
‘يبدو وكأنه شخص دافئ.’
شخص دافئ وحنون… ليتني أتزوّج شخصًا كهذا…
بينما كانت دانا تفكر بذلك، شهقت فجأة بدهشة.
‘ما هذا التفكير؟ مع موظف جديد؟’
رمشت بعينيها سريعًا تطرد أفكارها.
عندها، اقترب إدوين منها.
وبينما جلس قبالتها، انحنى بجسده ومدّ يده نحوها.
ما إن لامست يداه أذنها، حتى اهتزّ جسدها قليلاً وتشنّجت.
كانت رائحة الشاي العطري تُخدّرها، ولمسة إدوين على وشك أن تمسّ خدها…
شعرت برأسها يدور، رغم أنها لم تشرب شيئًا.
تصلّبت دون أن تتنفس.
“إدوين، انتظر…”
“أمسكتُ بها.”
ابتعد عنها إدوين قليلًا.
وبين أصابعه، ظهرت بتلة زهرة وردية.
“كانت عالقة في شعركِ.”
“آه….”
لابد أنها سقطت عليها من تلك الشجرة الوردية في الحديقة.
وفي خجلٍ، ارتشفت دانا الماء بسرعة.
عندها، سألها إدوين:
“سينباي، هلاّ تخرجين في موعد معي غدًا أيضًا؟”
بففف! بصقت دانا الماء من فمها.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"