رأت دانا حلماً.
ظهر في الحلم الشمال الذي عانت فيه الأمرّين على مدار عام كامل.
ذلك المكان الذي تهاجم فيه الوحوش عدة مرات في اليوم، والمكان الذي يفوح فيه دم وألم لا ينتهي، كانت دانا تتولى فيه مهام الإسعاف.
كانت تسمى مهمة طبية، لكن العلاج الجوهري كان من اختصاص الأطباء.
أما عمل دانا فكان غسل المناشف الملطخة بالدماء، وتغيير الضمادات للمرضى.
وفي أحد الأيام، وبينما كانت تذهب كعادتها لرمي الضمادات البالية، اقترب منها دخان أسود فجأة.
كان دخاناً كثيفاً خانقاً كأنه ناجم عن حريق.
لكن الغريب أن دانا لم تشعر بالخوف من ذلك المنظر.
بل على العكس، شعرت بالراحة وابتسمت تلقائياً.
سألها الدخان.
“لماذا تضحكين؟”
“لا شيء.”
“إلى أين تذهبين؟”
“للتخلص من الضمادات الملطخة بالدماء.”
“…..”
وقبل أن تتابع السير، سمعت من خلفها صوتاً خشناً:
“… احترسي.”
ضحكت دانا بصوت عالٍ لتلك الكلمة.
ثم تعثرت بحجر لأنها لم تكن تنظر أمامها.
أوه… هاه؟
كانت جبهتها على وشك أن تصطدم بالأرض.
“آه!”
استفاقت دانا من حلمها بفزع.
وقد نهضت بسرعة فسقط عنها الغطاء الذي كان يغطيها.
“هل أنتِ بخير؟”
ارتجفت دانا عند سماع الصوت المفاجئ.
وعندما نظرت إلى جانبها، كان إدوين يحدّق بها بقلق.
‘آه، صحيح، أنا كنت في دوام ليلي.’
وحين أدركت الموقف، خفَّ شعورها بالخوف.
اقترب إدوين منها ووضع يديه بلطف على وجهها.
“يبدو أنكِ رأيتِ كابوساً.”
وبينما يسأل إن كانت بخير، أخذ يتفقد وجهها هنا وهناك.
كانت دانا تشعر منذ فترة أن إدوين يُربِك من أمامه فجأة.
‘إنه قريب جداً…!’
كان يقرّب وجهه الوسيم فجأة دون أي إنذار.
“أنا بخير، لا تقلق.”
قالت دانا وهي تدفع كتفه برفق.
لكن إدوين، وكأنه لا يزال غير مطمئن، أزاح خصلات شعرها المبعثرة.
ثم مرّر يده على ظهرها بخفة.
رمشت دانا بعينيها.
‘هل لديه الكثير من الإخوة؟ لماذا هو لطيف إلى هذا الحد؟’
ولأن وجه إدوين الذي يتفقدها بدا جاداً، بدأت تحكي له عن حلمها.
“لم يكن شيئاً مهماً، كنت أودّع دخاناً أسود وتعثرت بسبب ذلك.”
“…. دخان أسود؟”
“نعم، فجأة تذكرت عملي في منطقة ظهور الوحوش…”
“…..”
ضحك إدوين بصوت خافت عندما سمع محتوى الحلم.
“إذن لم يكن كابوساً.”
“هاه؟”
“بل كان حلماً جميلاً.”
وكان وجهه مشرقاً وهو يقول ذلك.
ضحكت دانا بدورها وأجابت.
“صحيح، كانت ذكرى جميلة لن أنساها ما حييت.”
“…..”
سكت إدوين للحظة.
ذكرى لا تُنسى….
وكأن نسمة دافئة من ربيعٍ داخلي هبّت على صدره.
شعور دافئ وغامر ومؤلم في الوقت ذاته.
وحدقت عيناه الحمراوان نحوها بعمق أكبر.
وازداد عطشه إليها أكثر من أي وقت مضى.
“يا إلهي، هل أنجزتَ كل هذا بنفسك؟”
في تلك اللحظة، صوت دانا العذب أزاح الضباب عن عقله.
أغمض إدوين عينيه بإحكام ثم فتحهما.
وسرعان ما ارتسمت على وجهه ابتسامة ناعمة كأن شيئاً لم يكن.
“نعم، حدث ذلك فجأة.”
“آسفة حقاً، لقد نمت طوال الوقت.”
اعتذرت دانا بصدق.
أخذ إدوين يعيد ترتيب الأوراق وكأن الأمر لا يهم.
“أنا على العكس، استمتعت بالأمر.”
“استمتعت؟”
لأنني استطعت النظر إلى وجهكِ ملياً…
كتم إدوين ذلك الكلام، وابتسم بخفة.
“استمتعت لأنني تعلّمت المهام جيداً.”
“موظف جديد متحمس، هوه.”
أومأت دانا برأسها.
“ستغادر الآن، صحيح؟ فلنخرج معاً.”
أطفأ المصباح السحري.
في المكتب المظلم تماماً، أخذت دانا تتحسس الجدران.
فإذا بها تشعر بدفء يلامس ظاهر يدها.
وفي عتمة لا يُرى فيها شيء، مرّت أصابع إدوين على يدها.
“أمسكي بيدي.”
أمسكت يده الكبيرة واللطيفة بيدها برفق.
شعرت أن اللمسة المفاجئة غريبة ودغدغتها قليلاً.
وفي المكتب الهادئ الموحش، لم تشعر دانا سوى بحرارة جسد إدوين.
تقدّم إدوين ببطء خارج المكتب.
وبفضله، استطاعت دانا أن تنهي دوامها الليلي بسهولة.
“…..”
“…..”
ولم ينطق أي منهما بكلمة حتى وصلا إلى البوابة الجانبية للمقرّ.
راحت دانا تراقب إدوين بنظرات جانبية.
‘لماذا لا يترك يدي؟’
خارج المكتب، كان الضوء خافتاً على عكس الداخل.
وكانت مجموعة من النجوم تتلألأ فوق السماء الحالكة.
وعلى امتداد الطريق من الحديقة إلى القصر، كانت المصابيح السحرية تضيء السبيل.
“أه، إدوين؟ أظن أنه يمكنك ترك يدي الآن…”
“حقاً؟ لكن لا يزال الجو مظلماً.”
ومع تلك الكلمات، أرخى إدوين يدها برفق.
لكن دانا لم ترَ الحزن الذي بدا على وجهه وهو يترك يدها.
هل مشينا كثيرًا؟ تساءل إدوين في نفسه.
‘أين العربة، على وجه الأرض؟’
لم تظهر أي عربة جاءت لتأخذ دانا.
كان من الخطر أن تتجول آنسة نبيلة وحدها في وقت متأخر من الليل.
بما أنها تعمل لوقت متأخر كل يوم، فقد اعتقد أن عائلتها سترسل لها عربة بالتأكيد….
‘أليس هذا إهمالًا شديدًا من والديها؟’
شعر إدوين بالغضب من والديّ دانا، رغم أنه لم يرهما يومًا.
كبح غضبه وقرر أن يسألها بلطف.
ربما كان يفترض فقط، وقد يكون مخطئًا.
‘لكن كيف أسألها؟’
إدوين، رغم كونه من العائلة الإمبراطورية، لم يكن ماهرًا في الحديث الإجتماعي.
فهو لم يهتم يومًا بمراعاة مشاعر الآخرين.
‘ما الذي يفعله والداكِ حتى لا يرسلا لكِ عربة؟’ هل يصلح هذا؟
لا، يبدو عدائيًا جدًا.
‘هل تحبين المشي؟’ هل هذا أفضل؟
لا، قد يُفهم على أنه سخرية.
بينما كان إدوين يجهد نفسه لأول مرة في حياته ليصوغ جملة بشكل مناسب، فتحت دانا فمها.
لقد وصلا إلى مفترق طرق.
“أنا سأتابع السير من هنا حتى المنزل. وأنت، إدوين؟”
كان هذا يعني أنهما سيفترقان إن كان الطريق مختلفًا.
‘إذاً، كانت تنوي المشي فعلاً.’ تجهم وجه إدوين.
ندِم لأنه لم يرسل أحدًا لحمايتها سرًا.
‘أم يجب أن أرسل لها عربة؟’
سارع إلى إخفاء تعابير وجهه الكئيبة.
“يبدو أننا نسلك الطريق نفسه.”
“حقًا؟ إذاً، يمكننا أن نعود سويًا كلما تأخرتَ في العمل!”
ابتسمت دانا بشدة ونظرت إليه..
كلمة “سويًا” اخترقت قلب إدوين بعمق.
‘المشي معها كل ليلة… لا يبدو أمرًا سيئًا.’
وهكذا اختفت كل أفكار الحماية والعربات من رأسه.
أما دانا…
‘يبدو أنه من طبقة اجتماعية قريبة من طبقتي.’
أضافت دانا معلومة جديدة عن إدوين.
فكلما ارتفعت رتبة النبلاء، كان سكنهم أقرب إلى القصر الإمبراطوري.
أما العائلات النبيلة ذات الرتب الأدنى، فغالبًا ما تعيش بعيدًا عنه.
لكن إدوين رافقها حتى قرب منزلها.
“هل منزلكَ قريب من هنا أيضًا؟”
“نعم، لكنني سأتابع السير أكثر.”
وأشار إدوين إلى ما وراء الطريق.
تنفّست دانا الصعداء بعد سماع ذلك.
كانت قد خافت أن يكون هذا الموظف الجديد اللطيف قد رافقها فقط لإيصالها.
“إذاً، سأدخل الآن. نم جيدًا ونلتقي غدًا!”
“تصبحين على خير.”
لوّحت دانا بيدها ودخلت منزلها.
نظر إدوين إلى ظهرها المبتعد وتمتم بخفوت.
“تصبحين على خير، دانا.”
***
في صباح اليوم التالي، عند الفجر.
استيقظ إدوين مبكرًا كعادته، فهو لا ينام كثيرًا.
نهض من سريره في جناح الأمير، وأكمل تدريباته على السيف، ثم فتح كتاب طبخ.
“…….”
لكن حتى بعد تصفح مئات الوصفات، لم يشعر بالرضا.
كل الأطعمة بدت أقل من مستوى دانا.
‘يجب أن أسأل رئيس الطهاة.’
كان إدوين من أولئك الذين ينفذون فورًا ما يفكرون فيه.
دون تردد، توجه إلى مطبخ القصر الإمبراطوري.
فتح الباب فجأة، فشهق الطاهي الرئيسي من المفاجأة.
“هِيـيك… ن… نهاركم سعيد؟”
لم يعبأ إدوين بالتحية الغريبة، بل سأل مباشرة:
“أريد طعامًا بسيطًا، فاخرًا، ولذيذًا.”
“…….”
بدأ الطاهي يفكر بسرعة.
“ماذا عن عجة طازجة؟”
عندها شمّر إدوين عن كُمّيه.
ثم بدأ يطهو بهدوء حسب تعليمات الطاهي، وألقى عليها سحر الحفظ لتبقى دافئة.
ولم ينسَ عصير التفاح الطازج أيضًا.
تخيل دانا وهي تأكل وتهمهم بسعادة، فشعر بأن ذهنه أصبح أكثر صفاءً.
وهكذا، دخل إلى قسم السحر ومعه صندوق غداء.
كان متحمسًا لرؤية دانا هارتوين بسرعة.
وقبل أن يدخل المكتب مباشرة، خرجت دانا إلى الردهة.
كانت برفقة زميلتها كيرا.
ابتسم إدوين وكان على وشك مناداتها.
لكن كلمات كيرا أوقفته.
“دانا، هناك شاب أود أن أعرّفكِ عليه.”
تجمد الهواء المحيط بإدوين فجأة..
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"