استفيقي، دانا هارتوين. يا لكِ من مغفلة.
هؤلاء الناس لا يرونكِ كعائلة.
‘أنا الغبية التي أدركت الحقيقة متأخرة جدًا.’
أزاحت دانا أفكارها بسرعة وتنهدت.
لو غيّرت موقفها فجأة هنا، لن تجلب إلا الشكوك.
“جيمي، هذه آخر مرة. أرجوك، أنجح ولو لمرة واحدة.”
“قلت لكِ فهمت! اهتمي أنتِ فقط بتحضيرات الزواج!”
يا لهذا الأحمق! كادت الشتائم أن تفلت من شفتيها لكنها أمسكت نفسها.
لو انفجرت غضبًا هنا، فسيكون العقاب من نصيبها وحدها كالمعتاد.
كان الأفضل أن تهرب قبل أن تستشيط غضبًا.
هزّت دانا رأسها وهي تنظر لأخيها ثم خرجت من غرفة الطعام.
“أرأيتم؟ تلك الفتاة انتهى بها الأمر باتباع كلامي كما توقعت.”
“صحيح، ابننا ذكي بالفعل.”
تبادل أفراد العائلة النظرات وكأنهم واثقون أنها ستذعن كعادتها.
فدانا دائمًا ما كانت تنفجر غاضبة، ثم ترضخ لطلباتهم رغمًا عنها.
خطوةً تلو الأخرى، كانت دانا تسير بثقل وغضب، ثم التفتت فجأة.
ليس من العدل أن أترك كل شيء هكذا.
‘بما أن الأمر كذلك، فلتفشلوا شر فشل. أمي، أبي، وأنت أيضًا، أخي.’
ابتسمت دانا ابتسامة مشرقة وفتحت فمها.
“آه، جيمي.”
“ماذا الآن؟”
“بما أنك ستستثمر، فلتأخذ كل ما يمكنك. استنزفه تمامًا.”
“حقًا، من هو زوج أختي المستقبلي ليمنعني؟ سيكون مستعدًا لفعل أي شيء.”
هل قلتَ شيئًا منطقيًا أخيرًا؟
ضحك جيمي بارتياح. أخيرًا أصبحت دانا، تلك الفتاة الصريحة والمثالية، ذات فائدة.
نظرت إليه دانا ببرود، ثم بدّلت تعابير وجهها.
“بالمناسبة، متى ستعرّفني على اللورد هامبرن؟”
“في مهرجان تأسيس الإمبراطورية القادم، أثناء حفل الرقص في القصر الإمبراطوري.”
مهرجان التأسيس… كانت تلك آخر فرصة لها للهروب من هذا المنزل.
“اللورد هامبرن لا يحب النساء الجامحات. تصرفي برزانة كما الآن، فهمتِ؟”
أنهى جيمي كلامه وعاد لشربه.
يريد زوجة ثالثة، ومع ذلك يشترط أن تكون العروس متحفظة.
ضحكة ساخرة تسللت من بين شفتيها.
صعدت دانا بهدوء إلى غرفتها.
في أعلى الطابق، كانت غرفتها الصغيرة المهترئة تنتظرها.
جلست على السرير المتهالك، وبدأت تسترجع الماضي.
كانت حياة دانا استغلالًا كاملًا.
في طفولتها، كانت تقوم بعمل الخادمات، وعندما كبرت أصبحت وسيلة لكسب المال.
لكن لماذا…؟
أمالت رأسها بحيرة.
‘لماذا كنت أتحمل كل ذلك دون مقاومة؟’
ما السبب وراء هذا القرار المفاجئ؟
حتى بالنسبة لها، بدت هذه التغيرات مفاجئة.
لكن شعورًا بالخفة خالجها، وكأن لعنة قديمة زالت عنها.
***
“دانا، بشأن جدول الإحصاءات الذي أعددته سابقًا…”
اقتربت كيرا من دانا في صباح يوم العمل بحذر.
ثم نقرَت على زاوية التقرير بإصبعها.
كان هناك ورقة صفراء مطوية نصفين ملتصقة هناك.
‘كيفية منع القروض باسم العائلة.’
بهذه السرعة؟
تلألأت عينا دانا تأثرًا.
فبعد هراء جيمي بالأمس، لجأت إلى كيرا طلبًا للعون.
فأخت كيرا محامية بارعة.
“شكرًا لكِ حقًا، كيرا…”
“تقول أختي إن هذه الطريقة هي الأضمن.”
همستا بهدوء داخل المكتب.
هل يعقل أن يكون هذا هو المَخْرج من كومة الديون التي راكمها أهلها؟
فتحت دانا الورقة المطوية بعناية.
<أيتها المسكينة، أنشئي عائلة جديدة.>
“……”
هاه؟ أهذا كل ما فيها…؟
نظرت دانا مذهولة وأزالت الورقة.
تفقدت الجهة الخلفية، وأعادت طيّها باحثة عن سطور أخرى.
لكن كيرا، وقد شعرت بالإحراج، أمسكت يديها وأوقفتها.
“هذا كل شيء. لكنه مضمون.”
“أن أنشئ عائلة جديدة يعني…”
“الزواج فقط، دانا.”
الزواج؟ الزوااااااااااج؟
ساعدت كيرا دانا المرتبكة على الوقوف وخرجتا سويًا.
مررن عبر الممر الطويل حتى وصلن إلى نافورة الحديقة الخلفية، دون أن تنطق دانا بكلمة واحدة.
وحين تأكدت كيرا أن لا أحد يراهما، صرخت بقوة.
“استفيقي! ماذا يمكننا أن نفعل تجاه هذا القانون الإمبراطوري؟!”
“أجل… تبا لهذا القانون …”
قبل سنوات، اجتاحت الوحوش العاصمة بعد أن كانت تسكن فقط حدود الشمال.
لم يعرف أحد السبب.
لكن المؤكد أن حياة الناس انهارت تمامًا.
فتحت إمبراطورية هيدرون أبوابها للمساعدات وأطلقت سياسات جديدة.
من أشهرها سياسة القروض منخفضة الفائدة.
(القروض منخفضة الفائدة: لما تقترض من البنك وتجي ترجع المال بعدين، بترجع معه فائدة ، يعني فلوس اكثر من الي اقترضته (طبعا هذا الشي حرام وهي ربا)، والقروض منخفضة الفائدة، يعني الفلوس الي تزيدها لما تجي ترجع الي اقترضته تكون قليلة)
فأقبل الناس إلى البنوك مدفوعين بالإغراء.
لكن طوابير الانتظار الطويلة كانت تحول بينهم وبين الحصول على شيء.
وحين تصاعدت شكاوى الشعب، تم تسهيل الإجراءات.
وصار من الممكن التقديم على القرض إذا توفّر فرد واحد من العائلة بضمان مالي.
بل وحتى باستخدام بطاقة هويته فقط!
ومن شدة الفرح، اقترض أفراد عائلة هارتوين مبالغ طائلة باسم دانا.
‘ازدادت حياتي سوءًا…’
مرّرت دانا يديها على وجهها كمن يغسل الهم.
ثم عقدت عزمها.
“كيرا، كلامكِ صحيح. لو بقيت في هذا المنزل البائس، فلن يبقى مني حتى العظام.”
“بالضبط! فكّري فيه كزواج يجب الانتهاء منه بسرعة!”
اسحقيهم كلهم! راحت كيرا تضرب الهواء بقبضتها.
كيرا، هل كنتِ تقصدين زواجًا أم قتالًا؟
وقفت دانا وأمسكت بيدي كيرا بإحكام.
“شكرًا لأنكِ وقفتِ إلى جانبي.”
“هذا أقل ما يمكن بين الصديقات!”
تسلط ضوء الشمس على ضفائر كيرا البرتقالية المتقنة.
كانت صديقة وفية بالفعل.
وفي الخلفية، كان صوت النافورة يسري بلطف.
وطارت بعض العصافير المغرّدة من حين لآخر.
يا له من مشهد مسالم بالفعل…
“ماذا تفعلان هنا؟!”
– السلام انكسر.
لقد قاطعهما صراخ لايتن، رئيس قسم إدارة الجرعات.
“ما الأمر، سيد لايتن؟”
هي تعرف أنه متحجّر الرأس، لكن أن يُعترض حتى على استراحة قصيرة…؟
‘لقد استهلك وقت الغداء لثلاث ساعات كاملة!’
نظرت دانا إلى لايتن بنظرة غير لطيفة.
“بول دايمن سيأتي! سكرتير وزير قسم السحر!”
ما الذي يفعله هذا الشخص هنا؟
قسم إدارة الجرعات كان يعتبر من أقسام وزارة السحر الطرفية، بل ويُوصف أحيانًا بأنه قسم النفايات.
قال لايتن بحماس بالغ وقد علا وجهه التوتر:
“لا بد أن لديه رسالة مهمة من الوزير! كترقية، مثلاً… أو ترقية أخرى…”
كان لايتن، عديم الكفاءة، قد وصل إلى منصبه هذا بفضل التملق والمراوغة.
ومع ذلك، لم تهدأ رغبته في الترقية ولو لحظة.
“على أي حال، أسرعا بالحضور! الجميع طُلب منه التجمع!”
لم يكن هناك وقت للشعور بالتأثر، فاضطرت دانا وكيرا إلى اللحاق بلايتن بسرعة.
كان مكتب دانا ملاصقًا لباب غرفة المكتب.
قررت دانا أن تستغل الوقت حتى وصول بول لإنهاء الأوراق المتراكمة، فالتقطت قلمها.
“أوه، لقد وصلتم!”
تعالى صوت مضطرب أرج أرجاء المكان.
وما ظهر بجانبها كان…
‘ما هذا المؤخّرة؟’
كان مؤخرة لايتن المنحني وهو يتملق.
في مثل هذه اللحظات، كانت تلعن مكان مكتبها المجاور للباب.
‘يا لي من منحوسة، إنه الصباح وأنا أشهد هذا القرف.’
تراجعت دانا قليلًا وتجنبت مؤخرته قبل أن تنهض من مقعدها.
اقترب لايتن من بول وهو يفرك يديه بتملق.
“ما الذي جاء بك إلى هنا… هل لدى الوزير رسالة لنا أو شيء من هذا القبيل…”
“أعتذر عن الإزعاج في وقت العمل.”
قاطع بول كلامه، ووجهه لا ينم عن أي اعتذار.
“لقد أتيت لأعرّفكم على موظف جديد انضم إلى قسم الجرعات.”
بدأ الجميع يتهامسون، فالموظف الجديد أمر نادر الحدوث.
عندها ظهر من خلف بول رجل متألق.
شعر ذهبي باهر، وجمال يفوق ذلك الشعر تألقًا…
لم يكن هناك شك. لقد كان الملاك الذي رأته بالأمس.
بسبب ملامحه التي لا تُنسى، تذكرت دانا على الفور أنه إيدوين.
لم يستطع الموظفون الآخرون إخفاء إعجابهم حين رأوه.
أما كيرا اللطيفة، فقد قامت بلطف بإغلاق أفواه الجميع المندهشة.
وكان الوحيد الذي بدا هادئًا هو إدوين نفسه.
فقد كانت نظراته موجهة فقط نحو دانا.
وحين التقت أعينهما، ابتسم لها بهدوء.
هز بول رأسه وكأنه رأى مشهدًا لا يُحتمل، ثم بدأ بتقديم الموظف الجديد.
“اسم الموظف الجديد هو إدوين… لامبرت. أرجو منكم أن تراقبوه جيدًا كي لا يسبب الفوضى.”
ما هذا الأسلوب؟ وكأنه يقدّم وحشًا مفترسًا في قفص!
قال لايتن بوجه خالٍ من الحماس.
“….هذا كل شيء؟ ألم تنتهِ التعيينات الشهر الماضي؟”
آه… نظر بول إلى إيدوين بطرف عينه.
كان وجهه يقول: حتى عناء الكذب لا أريده.
“هذا… الشاب كان مريضًا، لذا لم يتمكن من الحضور حتى الآن.”
وبعد هذه الكلمات، غادر بول المكتب على الفور.
وكأن شبحًا يطارده، خرج بخطوات مسرعة ومرتبكة.
أما إيدوين، فقد ظل يحدق في دانا دون انقطاع.
ارتبكت دانا قليلاً، وابتسمت له بخجل.
لكن عينيه انفتحتا على مصراعيهما.
عيناه الحمراوان اشتعلتا كالنار.
أما دانا، فكان انطباعها الأول مختلفًا تمامًا…
‘يبدو أنه رجل ضعيف البنية.’
هكذا كان أول انطباع دانا عن الموظف الجديد، إيدوين.
وقد تسببت كذبة بول في ترسيخ ذلك الانطباع الخاطئ.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"